57 مليون ناخب تركي يختارون اليوم هيئاتهم المحلية في استفتاء جديد على شعبية اردوغان

إسماعيل جمال
حجم الخط
0

إسطنبول ـ «القدس العربي»: يتوجه اليوم الأحد أكثر من 5​7 مليون مواطن تركي يحق لهم التصويت إلى صناديق الاقتراع لاختيار هيئاتهم المحلية في انتخابات بلدية تحمل أهمية استثنائية وتعتبر بمثابة استفتاء جديد على شعبية الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وحزبه الحاكم الذي يعاني من آثار أزمة اقتصادية تعتبر الأصعب منذ وصوله إلى الحكم قبل 17 عاماً.
وبعد أقل من عام على فوز حزب العدالة والتنمية الحاكم والرئيس اردوغان في الانتخابات البرلمانية والرئاسية، يخشى الحزب من تراجع أصواته في الانتخابات المقبلة، حيث تتركز المعركة الانتخابية في العاصمة أنقرة ومحافظة إسطنبول الأكبر في البلاد.
وتجري هذه الانتخابات المحلية لأول مرة وفق نظام التحالفات الانتخابية التي ظهرت على الخريطة السياسية التركية في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الماضية عقب التعديل الدستوري الأخير الذي أتاح للأحزاب التي لم تعد قادرة على حسم الانتخابات بمفردها خوض الانتخابات من خلال التحالفات.
وتتركز المعركة الانتخابية بين تحالفين رئيسيين الأول هو «تحالف الجمهور» الذي يضم حزبي العدالة والتنمية الحاكم والحركة القومية المعارض، والثاني «تحالف الأمة» الذي يضم أحزاب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة والسعادة و»الجيد» وبدعم جدلي غير معلن من حزب الشعوب الديمقراطي الكردي.
ومع تأكيد استطلاعات الرأي استحالة فوز العدالة والتنمية بمفرده في الانتخابات المقبلة، جدد اردوغان تحالفه السابق مع حزب الحركة القومية مع توسيعه ليشمل قرابة 51 محافظة تركية من أصل81 في عموم البلاد، وبموجب هذا التحالف سيتلقى مرشحو العدالة والتنمية في المحافظات الكبرى كإسطنبول وأنقرة وازمير دعم ناخبي الحركة القومية، في حين سيدعم العدالة والتنمية مرشحي الأخير في محافظات أخرى أقل أهمية كأضنة ومرسين وعثمانية وغيرها.
في المقابل، حافظت أحزاب المعارضة على تحالفها السابق دون تغيير، حيث توافقت أحزاب الشعب الجمهوري والسعادة و»الجيد» على مرشحين موحدين لرئاسة بلديات المحافظات الكبرى، إلى جانب تحالفات غير معلنة تضمن حصولهم على دعم ناخبي حزب الشعوب الديمقراطي الكردي في إسطنبول وأنقرة وازمير.
ويسيطر الملف الاقتصادي على اهتمامات الناخبين والحملات الانتخابية لا سيما الأحزاب المعارضة التي تتهم اردوغان بجر البلاد إلى أزمة اقتصادية حادة بسبب سياسات خاطئة، في حين يؤكد اردوغان في خطاباته اليومية أن ما تشهده البلاد «مؤامرات اقتصادية خارجية وداخلية» معتبراً أن الانتخابات المقبلة هي «معركة بقاء» وهو ما تعتبره المعارضة «تضليلاً للناخبين».
وخلال الأشهر الأخيرة، فقدت الليرة التركية أكثر من 30 في المئة من قيمتها، كما ارتفعت نسبة البطالة لمستويات غير مسبوقة في ظل وصول نسبة التضخم إلى أكثر من 20 في المئة وسط ارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية ما ولد غضباً شعبياً على سياسات الحكومة الاقتصادية.
وبينما هاجمت أحزاب المعارضة سياسات اردوغان داخلياً وخارجياً وإدارته للملف الاقتصادي في البلاد وطالبت الناخبين بإنهاء 17 عاماً من تفرده بالحكم، استغل الرئيس التركي تقارب تحالف المعارضة مع حزب الشعوب الديمقراطي الكردي لاعتباره «تحالفاً مع تنظيم إرهابي» حيث يتهم الشعوب الديمقراطي بأنه الواجهة السياسية لحزب العمال الكردستاني الإرهابي.
وفي محاولة لمنع تراجع أصوات الحزب بشكل كبير في هذه الانتخابات، خاض اردوغان حملة انتخابية ضخمة زار خلالها أكثر من 60 محافظة تركية وكان يلقي في اليوم الواحد أكثر من 5 خطابات في تجمعات انتخابية مختلفة وأجرى عشرات اللقاءات التلفزيونية، ورغم الأزمة الاقتصادية اضطر لقطع وعود بتقديم خدمات وبناء مشاريع بعشرات مليارات الدولارات، إلى جانب تقديمه مرشحين «من العيار الثقيل» في المحافظات الكبرى.
وعلى الرغم من ترشيح اردوغان لوزير الاقتصاد السابق نهاد زيبكجي لرئاسة بلدية ازمير إلا أن قلعة المعارضة العلمانية في البلاد تبقى محسومة إلى درجة كبيرة لتحالف المعارضة، في حين يصعب التكهن بشكل قاطع بالنتيجة المتوقعة في إسطنبول وأنقرة اللتان ستشهدان المعركة الحقيقية في هذه الانتخابات.
وحسب آخر استطلاعات الرأي لا سيما الداخلية غير المعلنة التي يجريها حزب العدالة والتنمية تبدو النتائج «مريحة إلى درجة ما» لمرشح تحالف الجمهور رئيس البرلمان والوزراء السابق بن علي يلدريم أمام مرشح المعارضة الأقل حضوراً أكرم إمام أوغلو، حيث تعتبر إسطنبول أبرز وأهم دائرة انتخابية في عموم البلاد وفيها أكثر من 10 مليون ناخب أي ما يعادل قرابة خًمس عدد الناخبين، لكن يبقى الحديث عن احتمالات بفوز يلدريم بفارق ضئيل جداً وهو ما يصعب من إمكانية الجزم بالنتائج النهائية.
وفي أنقرة، كانت نتائج استطلاعات الرأي تعطي تقدماً لافتاً بأكثر من 5 نقاط لمرشح المعارضة القوي منصور يافاش، على مرشح العدالة والتنمية محمد أوزحسكة، لكن وبعد أن كثف اردوغان حملته الانتخابية في العاصمة وشن هجوماً سياسياً وإعلامياً غير مسبوق على يافاش بتهمة تلقي الدعم من تنظيم إرهابي وفتح القضاء التركي تحقيقاً معه بتهمة سند مزور بقيمة 600 ألف دولار، قالت استطلاعات أخرى إن حظوظ يافاش تراجعت قليلاً بالتزامن مع تعزز حظوظ أوزحسكة، لكن كافة التوقعات ما زالت تصب في خانة إمكانية خسارة اردوغان لبلدية العاصمة لأول مرة منذ وصوله الحكم في البلاد.
ومهما كانت النتائج فإنها متعلقة بإدارة البلديات ولن تؤثر على سلطات الرئيس التركي وحزبه المتفردان في السلطة حتى عام 2023 لكن خسارة محافظات كبرى وعلى رأسها أنقرة وإسطنبول سوف تعتبر بمثابة استفتاء على تراجع شعبيته ومقدمة لعمل موحد للمعارضة استعداداً لإمكانية إنهاء حكمه في الانتخابات البرلمانية والرئاسة المقبلة، لكن فوزه في أنقرة وإسطنبول سيؤكد مجدداً انه ما زال الزعيم الأبرز والأقوى رغم كافة التحديات السياسية والاقتصادية التي مرت بها البلاد.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية