70% منهم متجنسون والبقية من المغرب العربي وباكستان وتركيا
المخابرات الفرنسية قلقة من تنامي ظاهرة الدعاة الأصوليين بالسجون وتوصي بتعيين مرشد ديني مسلم للنزلاء70% منهم متجنسون والبقية من المغرب العربي وباكستان وتركياباريس ـ القدس العربي ـ من شوقي أمين: باتت السجون الفرنسية تشكل مصدر قلق للسلطات الأمنية بعدما ثبت وجود تنامي خطر الأصولية الاسلامية فيها وتعاظم عدد السجناء من الذين أصبحوا يتعاطون مع التيارات الاسلامية المتطرفة بشكل مفتوح.وجاء في مذكرة للمخابرات العامة الفرنسية أن 78 مؤسسة عقابية من مجموع 188 تأسلمت (من اسلام). وفسرت هذا التوجه الخطير بتنامي ظاهرة الدعوة الي الاسلام داخل السجون. وهي المرة الأولي التي تدق فيها المخابرات العامة ناقوس خطر ما اسمته الأصولية في السجون الفرنسية بطريقة مباشرة اذ كانت في الماضي تكتفي بنشر تقاريرها بشكل يوحي بأنها متحكمة في الموضوع.ورغم تحذير الادارة المركزية لها من انتشار الأصولية في السجون ووضع ذلك تحت طائل التخطيط المحتمل للعمل الارهابي في المستقبل، الا أن المخابرات العامة الفرنسية حاولت التقليل من عدد الدعاة من غلاة المتطرفين من السلفيين، بعدما راجت اشاعات في الآونة الأخيرة عن وجود أعداد هائلة من المساجين ممن يمارسون الدعوة والتبليغ .واستطاع تقرير المخابرات العامة ضبط خريطة جغرافية للسجون الفرنسية أحصت بشكل تقريبي نسبة المسلمين داخلها، فضلا عن عدد من يظهرون بشكل علني انتماءاتهم الي اسلام متطرف . وأشار التقرير الي أن سجون ضواحي باريس تشكل السواد الأعظم من الأصوليين ذوي السوابق الارهابية أو ممن كانوا علي وشك القيام بأعمال ارهابية ضمن شبكات ما تسميها الخلايا الارهابية النائمة .في مقابل ذلك، أفاد التقرير بأن 70 بالمئة من دعاة السجون يحملون الجنسية الفرنسية، والبقية هم من منطقة المغرب العربي وباكستان ويوغوسلافيا وتركيا، وتتراوح أعمارهم بين 20 و 30 سنة بينما لا يتجاوز عدد الكهول من الدعاة الـ15 شخصا. وهؤلاء جميعهم ينحدرون، حسب التقرير، من أوساط اجتماعية متواضعة بالاضافة الي أن الثلثين منهم كانوا عاطلين عن العمل أو بدون مهنة لحظة القبض عليهم، وربع هؤلاء هم اما حرفيون أو عمال بسطاء و10 بالمئة منهم طلبة أو كوادر أو كانوا يمارسون مهنا حرة.وفي سياق متصل، كشف التقرير عن فسيفساء المشهد الأصولي داخل السجون الفرنسية. واورد ان حركة الدعوة والتبليغ تتربع علي عرش الدعوة ويصفها التقرير بأنها الأخطر علي الاطلاق كونها تنشر أفكارا تحبب الجهاد وتمدح الارهاب وتدعو اليه . و الدعوة والتبليغ حركة هندية باكستانية استطاعت التوغل الي فرنسا، حسب التقرير، سنة 1972 وتأخذ معينها وفلسفتها من فكر السلف الصالح وتنسج شبكاتها وفق فكرة الانتماء الي الأمة الاسلامية الأصولية وعلي ما ينطوي ذلك من رفض كلي لنمط العيش الغربي وتبرير العنف وتشريعه . ويوضح التقرير أن 10 بالمئة من المساجين يعتنقون طروحات سلفية .وما يقلق المخابرات الفرنسية فئتان من دعاة السجون ، تتمثل الأولي في الأشخاص المحكوم عليهم بالسجن لضلوعهم في أعمال ارهابية مبيّنة . وهؤلاء، حسب التقرير، يستمدون شرعيتهم وقوة تأثيرهم من ماضيهم الارهابي الذي يسهل عليهم غسل دماغ الشباب المسجونين لاستمالة عواطفهم، خاصة الشبان الذين لا يملكون معرفة دينية أو يفتقرون الي مستوي علمي يؤهلهم لتمحيص الأمور وتبيان الغث والسمين في الدين بشكل عام .وأوضح التقرير أن مراقبة علي سلوكيات 175 من هؤلاء الشباب بيّنت ان ستة منهم مهيأون نفسيا للقيام بعمليات ارهابية .وأوصي التقرير بـ ترشيد العمل الديني داخل المؤسسات العقابية تفاديا لأي نزوح نحو التطرف مركزا علي الدين الاسلامي الذي لا يحظي بالاهتمام اللازم داعيا الي التعجيل بتسمية مرشدين مسلمين داخل السجون علي شاكلة المرشدين المسيحيين أو اليهود.وتجدر الاشارة الي انه منذ الحادي عشر من ايلول/سبتمبر وتنامي خطر العمل الارهابي، حرصت وحدة التنسيق لمكافحة الارهاب الفرنسية، وهي الهيئة التي تضطلع بالربط بين مختلف الجهات الامنية (شرطة واستخبارات عامة وأجهزة مكافحة التجسس وسلطة قضائية)، علي محاصرة التطرف الديني واحتواء العناصر التي تشكل، في نظرها، خطرا مؤكدا علي أمن التراب الفرنسي، وذلك بالتعاون مع مختلف مراكز البحوث والدراسات المهتمة بالظواهر الدينية الاجتماعية في البلاد. وكان أهم ما استفادت منه هاته الهيئة التي طورت من خلاله سبل عملها في السجون الفرنسية هو كتاب الاسلام في السجون الفرنسية الذي أكد أن الاسلام هو الديانة الأولي في السجون الفرنسية لأن المسلمين يمثلون أغلبية المعتقلين في فرنسا. واعتبر الكتاب أن السجون لا تشكل وكرا للأصولية وبأن أصحاب اللحي والقمصان يعتبرون أقلية قد تثير الانبهار أو الافتتان في أوساط بعض السجناء . ولكن ذلك لا يعني، من منظور الكتاب، أن خطر الأصولية والتطرف غير موجود داخل مجتمعات مغلقة كالسجون. وأشار الكتاب الي طريقة عمل الدعاة السلفيين في السجون تتم عادة في فترات الفسح اليومية حيث يعملون علي الاتصال بزملائهم خاصة في القاعات المخصصة للرياضة ويقومون بتوزيع نسخ من القرآن الكريم أو شرائط كاسيت، ويحثون السجناء بشكل الزامي علي ممارسة الشعائر الدينية وصيام رمضان والامتثال لقواعد الاسلام واجتناب الرذائل والحياة الفانية . من جهة أخري، كانت مذكرة سابقة لـ وحدة التنسيق لمكافحة الارهاب أوضحت أن قلقها نابع من ادراك الاسلاميين لسياسة فرنسا الداخلية والخارجية مشيرة الي أن فرنسا أصبحت أكثر البلدان المنتقَدة بشدة من قبل الحركات الاسلامية في العالم لأسباب متنوعة . وحسب تلك المذكرة، ، مازال ينظر الي وجود القوات العسكرية الفرنسية في أفغانستان بعين ساخطة وعلي أنها حليفة مباشرة لأمريكا، فضلا علي تصديق هيئة الأمم المتحدة علي قرار 1559 ضد سورية الذي جاء بمبادرة أمريكية فرنسية. وأوضحت المذكرة أن هذه النقطة بالذات هي من بين النقاط المركزية التي دفعت التنظيمات الارهابية الي استهداف فرنسا. من زاوية أخري، تبدو عملية احصاء دقيق لعدد الاسلاميين المعتقلين صعبة للغاية رغم اجتهاد السلطات الأمنية في وضع يدها علي من تعتبرهم مصدر التطرف والغلو لأن ثمة فئة من معتنقي الاسلام من المسيحيين وغيرهم ممن ليسوا في أجندتها، علاوة علي أن القانون الفرنسي يمنع سؤال السجين عن ديانته ومعتقداته وذلك منذ سنة 1911.