«تايمز» لولي عهد السعودية: إعدام ناشطة لمجرد كلمة أو صورة لن يبني مملكة رقمية مفتوحة على القرن الـ21

حجم الخط
2

لندن- «القدس العربي»: نصحت صحيفة «تايمز» البريطانية ولي العهد السعودي بالإستماع والتحاور مع من يرغبون بتغيير حال الدولة للأحسن. وقالت إن بناء الأمير محمد بن سلمان الجدران وقمع المعارضة والتظاهر بأن هناك دعماً له لا يجدي في مشروعه لتحقيـق رؤية 2030.
وجاءت افتتاحية الصحيفة في معرض انتقادها لمطلب محامي الادعاء السعوديين إعدام ناشطة سعودية شيعية مسجونة منذ عامين لمجرد مشاركتها في احتجاجات في مدينة القطيف في المنطقة الشرقية. وأكدت الصحيفة أن استمرار القمع سيفقد الإصلاحات مصداقيتها. وذكّرت ولي العهد بإجراءاته الإصلاحية الجذرية ضمن ما طرحه من شعار «الإسلام المعتدل» وتبني قضية الإصلاح الإجتماعي. وكان من أهم القرارات التي حظيت باهتمام الإعلام هو السماح للمرأة بقيادة السيارة حيث قالت إحدى السعوديات اللاتي ذقن طعم الحرية «أشعر أنني حرة مثل العصفور». إلا ان الناشطة إسراء الغمغام لم تتحرر ولم تنتفع بأي تفسير من التفسيرات للقانون الإسلامي، فهي في السجن منذ عامين وتنتظر مع أربع ناشطات مصيرهن.
وتقول الصحيفة إن الإعدام سيكون مريعاً خاصة إن صدر بسبب المشاركة في تظاهرة أو إطلاق الهتافات أو نشر لقطات فيديو للمتظاهرين على وسائل التواصل الإجتماعي. وتضيف «لو كان ولي العهد يريد إظهار قيادة واثقة مستعدة لتبني الإصلاح فعليه التفكير مرتين بقرار إعدام ناقدة عادية».
وتشير الصحيفة إلى أن المشكلة التي تواجه السعودية أن ولي العهد حدد شكل الإصلاح وأنه من الأعلى للأسفل. وكان هذا واضحاً في الطريقة التي خفف فيها القيود على سياقة المرأة للسيارة.
فالنساء اللاتي كافحن وطالبن بهذا الحق وجدن أنفسهن في السجن وكأنهن يمثلن تهديداً على المجتمع مع أن بعضهن افرج عنهن لاحقاً. وكان هذا من أجل منعهن المطالبة أو التطلع لتغيير قانون وصاية الرجل على المرأة الذي يحد من استقلاليتها ويجبرها على طلب إذن الرجل في كل الأمور الروتينية.
وكان اعتقال الناشطة الغمغام ضمن حملة قمع ضد محتجين في مدينة القطيف في المنطقة الشرقية والتي يعيش فيها تجمع شيعي كبير. واشتكى السكان الشيعة ولسنين من المعاملة التمييزية والإضطهاد. ويزعم القادة السعوديون ان النشاطات المطالبات بحقوق الإنسان نيابة عن الأقلية الشيعية هي جزء من محاولات إيران زعزعة استقرار الدولة. وعلى ما يبدو فما دعا للإحتجاجات لم يكن نشاطات مؤذية من إيران بقدر ما هي احتجاجات ضد سياسات القمع التي تمارسها قوات الأمن على السكان.
وتعلق الصحيفة قائلة «لو أراد ولي العهد أن يكون قائداً للجميع وتحديث المجتمع بدون أن يظهر ضعف السعودية أمام أعدائها فعليه أن يكيف استراتيجيته لاستيعاب مبادرات من الأسفل. فقد وعد بتحويل السعودية إلى مجتمع رقمي للقرن الحادي والعشرين لكنه يخشى على ما يبدو من دور وسائل التواصل الإجتماعي في نشر المعارضة». وأضافت أن هذه التناقضات تثير حيرة الشركاء الغربيين، فعندما انتقدت وزيرة كندية في تغريدة حقوق الإنسان بالسعودية وطالبت بالإفراج عن ناشط وناشطة في مجال حقوق الإنسان طردت السعودية السفير الكندي في الرياض.
وطلبت من المبتعثين السعوديين في الجامعات الكندية العودة إلى بلادهم وعلقت مشاريع الإستثمار الجديدة بين البلدين و «على ما يبدو لا يرتاح ولي العهد للنقد في الداخل والخارج». وتختم بالقول: «عاجلاً أم أجلاً فيستقبل حقيقة أنه لن يستطيع بناء جدران واستخدام قوانين الأمن القومي ضد ناشطي حقوق الإنسان ويزعم في الوقت نفسه انه يحظى بدعم دولي لفتح مجتمعه.
فالقيادة القوية تعني الإستماع والتحاور مع الذين يريدون تغيير المملكة للأحسن».

«فورين بوليسي»: لعبة الاعتماد على الذات وطلب الدعم الخارجي المزدوجة لا تخدم الأردن
«الدين العام وصل إلى حوالي 40 مليار دولار»

تحت عنوان «لا يمكن للأردن مواصلة لعبته المزدوجة» كتب آرون ميغيد في مجلة «فورين بوليسي» مناقشاً فكرة دعوات المسؤولين الأردنيين للاعتماد على الذات ومواصلة الطلب من الغرب تقديم العون الاقتصادي.
وبدأ الكاتب بالإشارة إلى ما قاله ولي العهد الأردني الأمير حسين بن عبدالله الشهر الماضي أمام تجمع من خريجي جامعة جورج تاون حيث قدم الأمير الشاب / 24 عاماً / رسالة واضحة «نحن نعيش في عصر الاعتماد على الذات» مما يعني أن الأردن لا يمكنه مواصلة الاعتماد على الدعم الخارجي. وكلام الأمير لا يختلف عما قاله رئيس الوزراء المستقيل هاني الملقي في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي عندما كان البلد يتجه نحو أزمة مالية: « يجب علينا الاعتماد على أنفسنا» «فقد كانت الدول المانحة واضحة في كلامها وهي أنها لن تساعدنا طالما لم نتخذ الإجراءات لمساعدة أنفسنا».
وكانت إصلاحات الملقي تتضمن قانون ضريبة جديداً صادقت عليه الحكومة في 21 أيار (مايو) وأرسل إلى البرلمان للمصادقة عليه بشكل كان سيخفض الدخل السنوي للعائلة من 34.000 دولار إلى 25.000 دولار. وبناء على هذا فالقانون سيستثني نسبة 90% من الأردنيين. ولكنهم عبروا عن غضبهم واندلعت التظاهرات ضد القانون الكريه وانتهت التظاهرات باستقالة رئيس الوزراء.

خطاب مزدوج

ويعلق ميغيد أن تصريحات الأمير حسين فيها الكثير من الحساسية لكنه كغيره من المسؤولين الأردنيين يلعب لعبة مزدوجة وصارت معروفة في الخطاب الرسمي. أي ضرورة الاعتماد على الذات في حديثهم مع الأردنيين ولعب دور الضحية على المستوى الدولي. وفي الوقت الذي زادت فيه الحكومة من دعواتها للاعتماد على النفس في الداخل إلا أن عمان صعدت من اعتمادها على الدعم الخارجي، حيث بحثت في زمن الأزمة عن دعم من الرياض وواشنطن. وسمحت هذه الإزدواجية في الخطاب للناشطين الفرصة لاستغلال ما يرونه «نفاقاً» في خطاب الحكومة وتعميق الشك بسياساتها بين السكان بها.
وهو ما يجعل من الصعوبة بمكان على الحكومة تنفيذ سياساتها الداعية للاعتماد على الذات. ويعتقد الكاتب أن هذا النموذج لا يمكن الحفاظ عليه ويمثل مشاكل لأهم حليف للولايات المتحدة في المنطقة.
وفي مقابلة أجرتها شبكة «سي أن أن» مع وزير الخارجية أيمن الصفدي أكد أن الأردن ليس ملاماً على المشاكل التي يواجهها وألقى باللائمة على النزاعات في فلسطين والعراق وتدفق اللاجئين السوريين. وقال إن «الأردن يمر بمرحلة اقتصادية صعبة جداً جداً» و «لا علاقة لهذا بفشل داخل البلد». وفي الوقت الذي هاجم فيه المتظاهرون سوء الإدارة والفساد اكتفى الصفدي بالقول إن الإقتصاد الأردني توقف بسبب «الوضع بالمنطقة»، ولم يكن هناك حديث عن الاعتماد على الذات وفي الحقيقة كان حديث الصفدي، حسب ميغيد مناشدة للمساعدة حيث طلب زيادة نسبية في الدعم الخارجي « لماذا لا نرى الدعم الضروري لمساعدتنا».
ولم تختلف رسالة الصفدي الذي أصبح الممثل الرئيسي للأردن في الإعلام الغربي عندما تحدث مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) «على المجتمع الدولي القيام بواجبه». وبعد تصريحات الصفدي إلى «سي أن أن» و «بي بي سي» بأيام حصل الأردن على بـ 2.5 مليار دولار من دول الخليج. وفي الوقت نفسه وصل الدين العام إلى نسبة 95% من الناتج المحلي العام واضطرت عمان في الشهر نفسه القبول بقرض من صندوق النقد الدولي لمنع الإقتصاد من الإنهيار والتأكد من ثقة المستثمرين بالإستقرار المالي الأردني.
وجاءت هذه المكاسب في وقت قررت فيه الإدارة الأمريكية في آذار (مارس) زيادة المساعدات للأردن ولمستويات عالية. وبلا شك وحتى قبل حزمة المساعدات الخليجية وصندوق النقد الدولي كانت مجلة «إيكونومست» قادرة على الحديث عن حصول الأردن على مساعدات للتنمية بمستوى الضعفين لما يحصل عليه الفرد في أفغانستان وهاييتي من مساعدات.

ثمن كبير

والمشكلة في الخطاب المزدوج من الاعتماد على الذات من جهة وطلب الدعم الخارجي من جهة هو أن القبول بالدعم الخارجي يأتي بثمن محلي. ففي حزيران (يونيو) هاجم المتظاهرون رئيس الوزراء الذي سيخرج من منصبه، لقبوله الدعم من صندوق النقد الدولي. بل وشعر بعض المتظاهرين بالجرأة لانتقاد الملك وقبوله الدعم من صندوق النقد الدولي أو حكمه حسبما هتفوا في 6 حزيران (يونيو).
ويعلق الكاتب هنا أن الأردنيين ليسوا مخطئين من أن الدعم الأجنبي يأتي بضغوط. فحزمة الدعم الخليجي جاءت بمطالب ضمنية كما لاحظ المحلل السابق في وكالة الإستخبارات الأمريكية (سي آي إيه). فبعد أيام من توقيع الصفقة أعلن الأردن في 15 أيار (مايو) أنه لن يعين سفيراً في طهران. وفي اليوم نفسه كتب الناشط الأردني محمد شما أن «السياسة الخارجية الأردنية هي سوق مفتوح أعطنا المال نعطك الولاء».
وبعد ذلك طلب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان دعم الأردن في الخلاف مع كندا التي انتقدت معاملة المملكة لناشطي حقوق الإنسان. ورغم عدم وجود علاقات للأردن بالنزاع إلا أنه اتخذ جانب السعودية في بيان صدر 7 آب (أغسطس). وشعر الكثير من الأردنيين بالقلق من الموقف المتشدد الذي اتخذته الحكومة الأردنية وأشاروا للإفتتاحية التي نشرتها صحيفة «جوردان تايمز» المقربة من الحكومة.
وقال داوود كتاب مدير إذاعة «بلد» في عمان بتغريدة «من المؤسف بيع الأردن لروحه ويعارض أقوى حلفائه». كما أن علاقة الأردن بالولايات المتحدة أكبر مانح له معقدة أيضاً. فرغم معارضة الملك عبدالله، مثل بقية الحكام العرب قرار الرئيس دونالد ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس إلا أنه اتخذ موقفا ليناً من خطة السلام التي يعدها فريق ترامب ودعا البقية منح الأمريكيين فرصة.
وحتى الصفدي تجنب انتقاد ما يطلق عليها «الصفقة الكبرى» مقارنة مع رفض الرئيس الفلسطيني الحازم لمبادرة ترامب. وعلى مستوى الرأي العام ونسبة الأردنيين من أصل فلسطيني العالية فالمعارضة للأمريكيين كبيرة وخرج المواطنين للتظاهر بعد قرار السفارة وهتفوا «الموت لأمريكا»، وعلينا أن لا نندهش من عدم رغبة عمان بمعارضة واشنطن والسبب كما قال مسؤول أردني بارز في حديث خاص «هناك 1.6 مليار دولار وهي كافية لأن تكون صديقاً للولايات». وفشلت الحكومة الإلتزام بمبدأ الاعتماد على النفس وزادت من جهودها للحصول على الدعم الخارجي فيما يشعر الأردنيون بعدم الراحة لأن المساعدات تأتي بشروط.
ويعتقد ميغيد أن الحكومة وضعت نفسها في الزاوية فهي لم تفتح نفسها لاتهامات النفاق بل عقدت من المهمة على الأردنيين للقيام بالعمل الذي يفضي للاعتماد على الذات. وحتى اليوم فلا تتجاوز نسبة الأردنيين الذين يدفعون الضريبة 4%. وكان قانون الضريبة الذي طرحه الملقي مهما لزيادة عوائد الحكومة وتقليل الإدمان على الدعم الخارجي والحد من الدين العام الذي وصل إلى حوالي 40 مليار دولار.

الوضع القائم

وبعد التظاهرات التي أطاحت بالملقي قام رئيس الحكومة الجديد عمر الرزاز بإلغائها حيث ظل الوضع القائم. ويقول ميغيد إن الأردنيين سينظرون في السنوات القادمة للحاضر بنوع من النوستالجيا. فمعظم الزيادة في الدعم الخارجي جاء من أجل مساعدة الأردن على استيعاب موجات اللاجئين من سوريا. ومع توقف حمام الدم فلا يوجد ما يضمن من استمرار مستوى المساعدات الحـالى على ما هـو.
ولو لم تزد فستصبح مشكلة الدين الأردني سيئة، وحتى لو عاد اللاجئون السوريون إلى بلادهم فإن النفقات العالية على القطاع العام والدفاع ستظل أكثر من موارده. ومن أجل تخفيف الاعتماد على الدعم الخارجي فسيضطر الأردن لزيادة الضريبة بشكل سيدفع بتظاهرات جديدة. وفي النهاية فأردن ضعيف لن يكون في مصلحة المنطقة، فقد ساهمت الحكومة في القتال ضد تنظيم الدولة واستقبل أعداداً كبيرة من اللاجئين العراقيين والسوريين وتبنى سياسة دينية متسامحة حيث سمح لحركة الإخوان المسلمين بالمشاركة النيابية. وفي الوقت الحالي يواصل الأردن تخبطه، فبعد قرار الولايات المتحدة نقل السفارة إلى القدس هدد بقطع الدعم عن الدول التي صوتت لصالح قرار الأمم المتحدة ضد الخطوة الأمريكية. وحتى الآن فتهديداته مجرد كلام. ولو لم يكن فالأردن في مشكلة. وفي ضوء الطبيعة الغامضة لترامب فمن الأفضل أن يغير الأردن طرقه الآن قبل فوات الأوان.

«تايمز» لولي عهد السعودية: إعدام ناشطة لمجرد كلمة أو صورة لن يبني مملكة رقمية مفتوحة على القرن الـ21
«القيادة القوية تعني الاستماع والتحاور مع من يريدون تغيير المملكة للأحسن»
إبراهيم درويش

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سمير:

    بعد إعدامه الثورات العربية السنية ها هو يعدم مواطنين على اختلاف مداهبهم…و لكن الربيع العربي عراهم جميعا

  2. يقول أبو عمر. اسبانيا:

    أعتقد أن النصيحة لهؤلاء مضيعة للوقت. ما الذي يمنع قتلة الأطفال من قتل إسراء لا سيما و أن هناك جيش من شيوخ البلاط الذين يجهزون الفتوى حسب الطلب. فك الله أسر أهل الحجاز شيعة و سنة.

إشترك في قائمتنا البريدية