‘الجهاديون’ يستخدمون ‘تويتر’ لتأبين ‘الشهداء’ والتجنيد.. ومؤيدو الإنتفاضة يجمعون التبرعات عبر ‘سكايب’ ويديرون مزادات على منتجعات سياحية وسيارات

حجم الخط
0

لندن ـ ‘القدس العربي’ يرى مقاتلون نقلت عنهم صحيفة ‘لوس انجليس تايمز’ ان التقدم الذي حققته القوات الحكومية في مناطق الشمال يهدف لتحسين الموقع التفاوضي للحكومة السورية في مؤتمر جنيف-2 الذي يتوقع انعقاده في نهاية الشهر الحالي، مع ان كلا الطرفين يصدر تصريحات تؤكد على مقاطعته للمؤتمر ومتمسكا بشروطه، فالحكومة السورية لن تشارك في مؤتمر يناقش مسألة رحيل الرئيس بشار الأسد، حسب عمران الزعبي، وزير الإعلام السوري.
فيما تتمسك المعارضة على لسان أحمد الجربا، رئيس الإئتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة بشروطها تنحي الأسد ورفض مشاركة إيران في المؤتمر. وفي الوقت الذي تتهم فصائل مقاتلة المجلس العسكري الأعلى بحجز الأسلحة عن الفصائل المقاتلة لإجبارها على المشاركة في الذهاب لجنيف حسب متحدث باسم ‘كتائب التوحيد’ نقلت عنه الصحيفة.
ويتزامن التقدم لقوات الحكومة مع الشائعات عن عملية القلمون التي يقال أن النظام يعد لها وهي مهمة له حيث يقارن البعض بينها وبين المعركة على القصير.
وفي خضم هذه المعارك الكلامية وعدم اهتمام أي طرف بجنيف والمشاركة فيه إلا ان هناك شخصا واحدا ألا وهو الأخضر الإبراهيمي، مبعوث الأمم المتحدة لسورية يواصل الحديث عن ‘المحادثات’.
فقد أشارت صحيفة ‘نيويورك تايمز’ إلى أسلوبه التفاوضي وهو النظر والبحث أثناء المحادثات مع الأطراف المعنية عن مخرج للأزمة.
وقد نتج عن هذا الأسلوب توصل الإبراهيمي لتسويات في العراق وهاييتي ولبنان ولكن مهمته الأخيرة في سورية تبدو الأعقد.

إتهامات ونقد

الذين يقاتلون في ساحة الحرب ليسوا معنيين بالسلام ولا حتى الدول التي تدعمهم. ومشكلة الإبراهيمي أن الاطراف المعنية في النزاع سواء كانت روسيا وأمريكا أم الدول الإقليمية التي لها مصلحة في الصراع ليست متفقة على ما تريد تحقيقه في جنيف علاوة على كيفية الوصول إليها.
وعندما سئل الإبراهيمي الإسبوع الماضي عن موعد المؤتمر أجاب ‘ربما في عام 2016 أليس هذا أفضل؟’ مضيفا إلى أنه يأمل بانعقاده في الأسابيع القادمة وليس العام المقبل. وترى الصحيفة أن مشكلة المبعوث الأممي أنه لم يتوقف الحديث عن المحادثات، فقد التقى يوم أمس في جنيف مع مسؤولين روسيين وأمريكيين لمناقشة الوسائل التي يمكن من خلالها اقناع الاطراف المتصارعة للتفاوض والحديث، وبعد هذا اللقاء ستعقد الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن جلسة لمناقشة المؤتمر، يتبعها اجتماع تحضره الدول الجارة الأربع لسورية.
وفي الوقت الذي يؤكد فيه المبعوث الأممي على حضور كافة الأطراف أي الحكومة السورية والمعارضة إلا أنه يتعرض لانتقاد من الطرفين، فقد وصفته صحيفة حكومية بأنه ‘ذو العين الواحدة بأكثر من لسان’، فيما تتهمه المعارضة بتجاوز دوره عندما أكد الشهر الماضي على أهمية مشاركة حكومة الأسد ولعبه دور في المحادثات.
وفاقمت المعارضة من مهمة الإبراهيمي عندما أكدت أنها لن تذهب لجنيف إلا في حالة حدد الأسد مواعيد زمنية لتنحيه عن السلطة.
فيما رفضت السعودية، الدولة الراعية الرئيسية للمعارضة المسلحة، لقاء المبعوث الأممي أثناء جولته في المنطقة. وبالنسبة للولايات المتحدة فقد أكدت على دعمها لمهمته لكنها لم تقف وتدافع عنه ضد الهجمات التي يتعرض لها.

مزيدا من الموتى

ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي غربي قوله ‘تنظيم مؤتمر سلام لا أحد يريد الطرف الأخر ليس عملية سهلة’.
وتضيف إن المتابعين للشأن السوري يقولون أن الظروف لم تنضج بعد لعقد مؤتمر جنيف-2 ويعنون بهذا أنه حتى تنضج يجب ان يموت مزيدا من السوريين.
مع أن عدد القتلى قد تجاوز المئة ألف، اضافة لملايين المشردين داخل وخارج سورية.
وتنقل الصحيفة عن ديفيد مالون، مدير جامعة الأمم المتحدة والذي يعرف الإبراهيمي منذ سنوات ‘لأن الإبراهيمي واقعي، فأشك في أنه يعتقد أن الأمور ستتحسن قريبا’، مضيفا أن المبعوث الدولي ‘ليس عاطفيا’.
ولم يكن الإبراهيمي يريد هذه المهمة، فقد أجبر عليها بعد استقالة كوفي عنان، الأمين العام السابق للأمم المتحدة حيث عمل مدة 15 شهرا مليئة بالإحباط.
ويقول مساعد سابق للإبراهيمي أنه قرر قبولها لمعرفته أن أحدا لن يقبل بها. ويقول آخر ان ما دفعه لها هو قلقه على تمزق سورية العلمانية المتعددة عرقيا.
وفي النهاية فتحقيق السلام يظل أرثا للإبراهيمي كما هو للأمم المتحدة. ويرى مالون أن الإبراهيمي هو ‘رجل مبادىء’ ويتمتع باحترام كل من واشنطن وموسكو ولا يوجد مبعوث دولي يتمتع بالمكانة التي يتمتع بها في هاتين العاصمتين.
لكن جوشوا لانديز مدير دراسات الشرق الأوسط بجامعة أوكلاهوما أنه أصبح أسير مدخل ذي مسارين للأزمة السورية، فهو فعل ما أراده الأمريكيون، أي الدفع باتجاه الحل السياسي، ويبدو أن هذا الحل لا يجد دعما سواء من المعارضة او الدول الغربية.

المقاتلون الإسلاميون ووسائل التواصل

وكتبت صحيفة ‘واشنطن بوست’ عن ظاهرة تأبين المقاتلين الذين يقتلون في ساحات المعارك ونشر صورهم على الإنترنت و’تويتر’، وأشارت إلى عدد من السعوديين الذين نشرت صور جثثهم حيث تظهر مدمية وتركز على الوجوه التي تبدو هادئة ومبتسمة في معظم الأحيان.
وتقول الصحيفة أن هذه الطقوس قد تبدو للمشاهد الغربي على أنها مشاهد مروعة لكنها بالنسبة للجهاديين أصبحت جزءا من طقوس الاستشهاد. وتنقل ستفين ستالينسكي مدير معهد الشرق الأوسط للأبحاث في واشنطن قوله ‘يتم الإحتفال بهؤلاء الرجال ويعتبرون أبطالا بالنسبة للشباب في الأحياء، حيث ينظرون الى صورهم ويقولون لأنفسهم قد نكون مثلهم’.
وتشير إلى أن تأبين الشهداء يعتبر واحدا من الصور التي يستخدم من خلالها الجهاديون وسائل التواصل الإجتماعي منذ بداية الحرب في سورية عام 2011.
ومع أن استخدام الإنترنت ليس جديدا على الجهاديين إلا ان جهاديي سورية خاصة الأجانب منهم يتدافعون على الميديا الجديدة، ‘تويتر’، ‘انستاغرام’ و’فليكر’ كوسيلة للإعلام والتجنيد.
ويرى المقاتلون في سورية في ‘تويتر’ وسيلة ليس للتواصل بل من أجل التمويل وجمع التبرعات، بل وعقد مزادات لبيع سيارات ومجوهرات.
فيما تستخدم بعض الجماعات ‘سكايب’ لمقابلة من يرونهم متطوعين محتملين او للتشارك في الخبرة القتالية. ويرى البعض في ‘يوتيوب’ و’فيسبوك’ وسيلة لنشر بطولاتهم وانتصاراتهم في ساحات القتال.
ويرى البعض أن انتشار شعبية وسائل الإتصال الإجتماعي يدعو لاتخاذ سياسات أكثر شدة اجراءات رقابية تقوم بها الشركات الأمريكية المزودة لهذه الخدمات.
ويرى ويليام ماكنتس، الباحث في معهد بروكينغز أن ما يثير في عصر التويتر هو أن المواد المتعلقة بالثقافة الجهادية لم تعد حكرا على الإستخدام الخاص بل أصبحت متاحة للجميع كي يراها، مضيفا أن ‘المجتمع الجهادي المغلق يخرج من عزلته ويدعو الأخرين للانضمام’.

صور الشهداء

فمن أهم ملامح الحرب في سورية هي الشهادات والتأبين التي يوضع على مواقع التواصل الإجتماعي للموتى والأحياء.
ومع تزايد أعداد المقاتلين الأجانب فقد اعتمد هؤلاء على ‘فيسبوك’ من أجل التواصل مع أهلهم واصدقائهم بنشر قصص عن تجربتهم وصور أحيانا مريعة، تماما كما يفعل الجنود الأمريكيون في محاور الحرب. وقد لفتت التحيات والشهادات هذه انتباه ستالينسكي الذي اعد وفريق عمله كاتالوجا للصور والشهادات، ولكنه لم يكن قادرا على متابعة العمل بسبب كثرة الشهادات.
وتحمل هذه الشهادات صورا لمقاتلين استشهدوا وفي بعض الأحيان يبتسمون أو يؤشرون بأصابعهم للسماء.
وتكون هذه الصور مثار تعليقات مثل ‘ما الذي رأوه وجعلهم يبتسمون، أللهم ارزقنا الشهادة’.
وهناك تعليقات أخرى عن رائحة الأجساد المعطرة فقد ‘انبعثت رائحة المسك من هذا الجسد الطاهر وشمها المجاهدون’.
وتشير الصحيفة إلى أن الوسائل الاجتماعية الأخرى تستخدم لجمع التبرعات حيث تقوم الجماعات المؤيدة لسورية في الكويت بحملات تبرع ومزادات لصالح الإنتفاضة السورية، يتم فيها عرض سيارات من نوع لاند روفر، ومجوهرات ومنتجعات سياحية. كما ولا تستخدم وسائل التواصل الإجتماعي لتوزيع الصور بل ولنشر الأفكار كما تفعل جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش). وبحسب ريتا كاتز، المديرة التنفيذية لموقع ‘سايت’ الذي يقوم بمراقبة المواقع الجهادية فوسائل التواصل الإجتماعي لا تمنح الجماعات هذه وسيلة لنشر الأفكار بل وتستخدم من أجل تصحيح صورة الجماعات الجهادية وعلاقاتها العامة.
فقد اعتمدت الحركة على اليوتيوب لتقديم صورة جيدة عن نفسها غير الصورة ‘الإرهابية’ التي ربطتها الإدارة الأمريكية فيها.
وعلى العموم تسهم صور وقصص الجهاديين في جذب الشباب المسلم من كل أنحاء العالم للساحة السورية التي يرى باحثون أنها تحولت لمركز جذب للجهاديين بطريقة تفوقت على العراق وأفغانستان.
والقصة التالية لم تأت نتاجا للدعاية الجهادية ولكنها جاءت بسبب العلاقة والإنتماء، ولكنها تقدم صورة عن آثار الحرب.

رأيت الأهوال

فقد روى طالب بريطاني من أصل سوري تجربته القتالية في سورية، ووصف كيف وجد نفسه وسط مناخ لا يعرفه، حيث جاء الى سورية بدون تجربة في القتال ولا حمل السلاح.
وقال أن تجربته هناك أفقدته الشعور، ويشعر بالإرتياح أنه عاد إلى بريطانيا حيا يرزق ولكنني ‘ لم أصب إلا بجراح طفيفة ولكني أشعر بالذنب لتركي أقاربي وأهلي من السوريين، ولا تزال الندوب النفسية معي فأنا لا أستطيع النوم في الليل وأصرخ، والكثير من السوريين ليس لديهم خيار الهروب مثلما فعلت’.
وكانت عائلة الشاب قد هاجرت من سورية إلى بريطانيا في السبعينات من القرن الماضي، ويعمل والده طبيبا أما والدته فتعمل مدرسة. ويقول الشاب انه ولد عام 1993. وعلى الرغم من هجرة والديه لبريطانيا إلا أنها ظلت على علاقة مع الأهل والأقارب هناك، وكان هو نفسه يقضي العطل الصيفية معهم في دمشق. ومثل بقية السوريين الذين ولدوا في ظل البعث وهربوا من قمعه تجنب والداه الحديث في السياسة حتى بعد وصولهما لبريطانيا، خشية أن تسبب تعليقاتهما السياسية مشاكل للأقارب في سورية، فقد تداول السوريون في بريطانيا فيما بينهم قصصا عن الطريقة التي تقوم فيها السفارة السورية في لندن بمراقبة الناشطين السياسيين والناقدين للنظام في دمشق حيث كانت عائلاتهم تتعرض للمضايقة.
وعندما اندلعت الإنتفاضة في سورية شعر بالفرحة لان تغيرا سيحدث، ولكن الأحداث في سورية ظلت بعيدة عن بيته في لندن خاصة أنه كان منشغلا بالدراسة والتحضير لامتحانات دخول الجامعة. وفي أثناء هذا اختفى ابن عم له اسمه ظافر(24 عاما) كان يمشي قريبا من تظاهرة حيث اعتقل وسجن. ولم يكن عمه بقادر على تحديد مكان اعتقاله مع أنه كان متفائلا من أن شيئا لن يحدث له. وبعد اسبوع أفرج عنه ظافر ولكن كل شيء تحدث به بعد ذلك كان مختلفا. ومع استمرار الإنتفاضة وتطورها بدأت الامور تتغير، فقد بدأ المقاتلون المسلحون يظهرون في المنطقة التي تعيش فيها عائلة عمه في جنوب- شرق دمشق.
وفي أيلول (سبتمبر) من العام الماضي قتل عمه، وأصبح ظافر وشقيقه محمد أكثر غضبا حيث قالا أنهما يجدان صعوبة في الإنتقال إلى مكان أكثر أمنا في العاصمة، ومع مرور الوقت سمع الشاب أن ابني عمه انضما للمعارضة المسلحة، مع أنهما لم يكونا من النوع الذي يقبل على القتال أو المشاركة فيه ولكن لم يكن أمامهم أي خيار.

بيروت- دمشق

كما بدأت رحلة الشاب مع القتال في سورية، فبعد مقتل عمه الذي كان يحبه فقد الشاب الإهتمام بالدراسة حيث كان يدرس التصميم، حيث واعتقد أن الدراسة لم تعد مهمة، وأخذ يفكر بالإنضمام لابناء عمه اللذين حذراه من الوضع، ولكنهما وعدا برعايته إن وصل لسورية.
ولم يفلح والداه في منعه من السفر لكنه قرر وسافر إلى بيروت. وقد ساعده ابني عمه للسفر برا إلى دمشق والتي يقول أنها كانت رحلة رهيبة خاصة ما شاهده عندما وصل إلى بيت عمه الذي كان لا يزال في مكانه لكن الشارع تغير ولم يعد كما كان من كثرة من تعرض له من قصف. ومثلما تغير المكان تغير إبن عمه محمد الذي أصبح سلطويا وأخبره أن والدته واخواته قد انتقلوا إلى جنوب- غرب دمشق والتي تقع تحت سيطرة الحكومة.
ويقول الشاب أنه لم يكن يتوقع ما رأه في سورية ، ويجد صعوبة في الحديث عنه. ويبدو أنه كان يشعر أن جوازه البريطاني سيوفر له حماية في سورية، ليكتشف ان تفكيره هذا ساذج. ولم يكن وجوده في وضع الحرب هذا مفيدا بأي حال، فهو لم يخدم في الجيش الخدمة الإجبارية وفوق هذا لم يحمل بندقية في حياته.
ولهذا قضى معظم وقته في معسكر للمقاتلين كانت مدرسة في السابق. وكل ما عمله هو تعبئة وجبات الغذاء للمقاتلين ومساعدة الجرحى، والحديث مع أصدقائه الذين عرفهم من الطفولة وأصبحوا مقاتلين. وقد علمه ابن عمه كيفية استخدام البندقية لحماية نفسه أن تعرض المعسكر للهجوم، وكان يشعر بالإحباط لعدم سماح ابن عمه له بالمشاركة في القتال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية