إدلب السورية تعود مجددا إلى الواجهة، ليست الإعلامية ونشرات الأخبار التي تتصدرها تباعاً وبصورة يومية، بل إلى الواجهة الدولية وجدول أعمال قادة دول العالم، أكثر من الضربة الأمريكية السابقة في نسيان/ ابريل الماضي، وأكثر من أي وقت مضى.
فليس من قبيل الصدفة أن يتصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالمستشارة الألمانية السيدة أنجيلا ميركل، في مكالمة هاتفية تحت عنوان أستعداد واشنطن لشن هجوم عسكري على النظام السوري، بسبب مخاوف من تصعيد عسكري سوري قد يستخدم أسلحة كيميائية من قبل النظام، يؤدي إلى كارثة إنسانية في إدلب.
إلى ذلك ذكر متحدث رسمي عن ميركل أن روسيا مطالبة بالتصرف بطريقة معتدلة بشأن الحكومة السورية، والحيلولة دون وقوع المزيد من التصعيد. وكذلك تحرك فرنسي بدا معلنا من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على الصعيد ذاته، أن النظام السوري بقيادة الأسد يهدد بهجوم عسكري واسع يؤدي إلى كارثة إنسانية في إدلب.
وتلا ذلك بيان إلماني- أمريكي مشترك يحذر من كارثة إنسانية وشيكة في إدلب. ألمانيا في الواقع تحاول جاهدة إثناء واشنطن عن أي هجوم عسكري وشيك على مواقع عسكرية في إدلب تابعة للنظام السوري، لسبب بسيط وهو احتفاظها اَي برلين بعلاقة جيدة إن لم تكن حميمية جدا مع موسكو حليفة الرئيس السوري بشار الأسد.
إجماع أوروبي
هنالك إجماع أوروبي ودولي على وقف التصعيد في إدلب السورية، لكن هنالك أيضا خشية من تفاقم الأوضاع العسكرية والإنسانية معا هناك، وتعقد المشهد السوري، مما قد يقطع الآمال مجددا في الوصول إلى حل سياسي في اجتماع آستانة في 11-12 من أيلول /سبتمبر المقبل، وجلوس فريق المعارضة السورية مع وفد النظام السوري في طاولة مفاوضات مشتركة، تؤدي إلى الوصول بسوريا إلى حل سياسي ينهي الأزمة السورية التي طالت، ويوقف حمامات الدماء السورية، والبدء بعملية الإعمار.
معظم التطورات والمؤشرات حول الأزمة السورية والحرب هناك، تقول أن بوادر التصعيد والمواجهة المسلحة المفتوحة على كافة الاحتمالات بين حلفاء نظام الأسد ممثلا بروسيا وإيران وتركيا، وبين امريكا وفرنسا وبريطانيا، باتت أكبر من فرص الحوار ووقف التصعيد، ولا نعرف هل سوف تؤجل مفاوضات العاصمة الكازاخستانية آستانة بين المعارضة السورية ووفد النظام السوري، بعد نحو أسبوعين من الآن ام انها سوف تعقد في موعدها؟
الأمور كلها متوقفة في سوريا حول إدلب حربا أوسلماً.. ايضا آخر الأخبار تقول: أن قوات الجيش العربي السوري تجهز لهجوم واسع على إدلب من عدة محاور.. شرارة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة السورية، إذا ما اندلعت قد تجر المنطقة برمتها إلى حرب كونية ونأمل أن نكون مخطئين؟
رسائل إلى واشنطن
فهذه المناورات الروسية في البحر المتوسط التي تبدأ من الأول من أيلول/ سبتمبر المقبل وحتى الثامن من الشهر نفسه، بهذه العدد الكبير من الغواصات البحرية العسكرية في المياه السورية 25 قطعة، وثلاثين طائرة مقاتلة في الأجواء السورية، ليست نزهة أبداً، وليست لاستعراض العضلات وإنما لاختبار الجاهزية وإرسال رسائل إلى واشنطن قبل توجيه ضربة محتملة ضد أهداف عسكرية ولمراكز قيادة تابعة للنظام السوري في إدلب شمال غربي سوريا وجنوبها أيضا، فحوى هذه الرسائل أن روسيا لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه أي ضربة أمريكية على القوات السورية، ولا نستبعد ضرب القصر الجمهوري في دمشق، وايضاً تهديدات إسرائيل يجب أن تأخذ على محمل الجد، بأنها لن تسمح بقواعد عسكرية إيرانية على مقربة من حدودها.
لا نستطيع الجزم أو التكهن حول زمن أو موعد هذه الضربة الأمريكية – البريطانية – الفرنسية المشتركة، على مراكز قيادة عسكرية وسيادية تابعة لنظام الأسد. إلا أننا نجزم أنها باتت وشيكة للغاية، وما يعززها أو يؤكدها هو اعتزام روسيا إجراء مناورات عسكرية كبيرة، في البحر.
صحافي من اليمن يقيم في نيويورك
محمد رشاد عبيد