من الضرورة بمكان مقاربة هذين المفهومين لاستيعاب ديناميكية الحراكات في المجتمعات العربية والاسلامية في المرحلة الحالية التي يمكن اعتبارها ‘ما بعد الصحوة الاسلامية’. فعلى مدى ثلاثة عقود متواصلة كان ‘الاسلام السياسي’ هو الظاهرة التي فاجأت الغربيين في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، خصوصا بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران في 1979 التي كانت اولى انجازات مرحلة الصحوة التي كانت قد بدأت في مطلع ذلك العقد. يومها اعتبرت الظاهرة تحديا للغرب ليس على الصعيد الحضاري فحسب، بل حتى على المستوى السياسي والتوازنات الاستراتيجية القائمة. ولذلك شنت الحملات ضد تيار الصحوة وتجلياته التنظيمية والسياسية. ووضعت مصطلحات عديدة لتوصيف تلك الظاهرة، فانتشرت مقولات ‘الاصولية الاسلامية’ و’الظاهرة الخمينية’ وطرحت تسمية ‘الاسلاميون’ لوصف المحسوبين على التيار.
لقد كان هناك رفض مطلق لصعود ظاهرة الاسلام السياسي خصوصا لارتباطها في اذهان العالم بما حدث في ايران والزخم الجماهيري المتناغم مع الطرح الاسلامي. ولذلك كانت مرحلة الثمانينات من اشد الحقب ضغطا على الحركات الاسلامية المحسوبة ضمن ظاهرة ‘الاسلام السياسي’. يومها كانت الحركات توصف بالتطرف من قبل الغرب. بينما كان حكام المنطقة يسعون لربطها بالارهاب. واعتقلت قيادات الحركات في بلدان عديدة: تونس ومصر وليبيا والمغرب والبحرين والعراق وغيرها، واطلق عليهم ‘الخمينيون’ واتهموا بالعلاقة مع ايران. يومها طرحت، للمرة الاولى في التاريخ المعاصر، المسألة الطائفية كسلاح ضد انتشار الظاهرة الاسلامية، ومنع وصول رياح التغيير التي اطلقتها ثورة ايران الى العالم العربي. وهرع حكام الخليج في 1981 لتشكيل منظومة امنية سياسية باسم ‘مجلس التعاون لدول الخليج العربية’، في الوقت الذي كانت ايران فيه تخوض حربا شرسة فرضت عليها لإلهائها وإسقاط نظام حكمها الذي يعتبر تجسيدا عمليا لمشروع ‘الاسلام السياسي’. وفتحت السجون والمعتقلات في كافة الدول العربية وزجت كوادر الحركة الاسلامية فيها بدون رحمة، كل ذلك ضمن حرب سياسية ونفسية وأمنية استهدفت مشروع ‘الاسلام السياسي’ الذي كان يعتبر أخطر تحد لمنظومة الحكم في العالم العربي، وللنظامين الرأسمالي الغربي والاشتراكي في الشرق.
في هذه الاثناء حدثت تطورات عديدة ساهمت في بروز ظاهرة اخرى موازية اصبحت تعرف بـ ‘الاسلام الجهادي’. اول هذه التطورات خروج السوفيات من افغانستان وما تلاه من تصدع منظومة الاتحاد السوفياتي الاشتراكية. ثانيها: توفر اعداد كبيرة من الشباب الذين انخرطوا في مشروع الجهاد الافغاني ضد السوفيات، جاءوا من بلدان عربية عديدة اهمها السعودية التي التحق شبابها بالمجاهدين الافغان طوال عقد الثمانينات ومن بينهم اسامة بن لادن. ثالثها: بروز بؤر توتر عديدة وفرت فرصا جديدة للمزيد من التدريب والاعداد لهذه المجموعات ‘الجهادية’ مثل البوسنة والهرسك والصومال والشيشان، الامر الذي سهل انتشار هؤلاء وتوسع مجالات تدربهم. وهنا لا يمكن فصل دور المخابرات السعودية في خلق تلك الظاهرة وادارتها واعادة توجيه الملتحقين بها. ولم يعد سرا القول بان السعودية مولت الجهاد الافغاني وسلحت مقاتليه وشجعت الشباب المسلم من بلدان شتى للالتحاق بـ ‘الجهاد’ لمواجهة الشيوعية التي كانت العقيدة السياسية للاتحاد السوفياتي.
وتعاونت معها الاستخبارات الباكستانية والامريكية لتأسيس المجموعات ‘الجهادية’ ومنها تنظيم ‘القاعدة’. ثم جاءت أزمة الكويت لتخلق واقعا جديدا في المنطقة، ولتوفر مناخا جديدا لتفريخ ظاهرة الارهاب المنظم الذي تمثل القاعدة ابرز تجلياته. فقد توفرت لمن كان يسمون ‘الافغان العرب’ فرصة للملمة صفوفهم والانخراط في مجموعات منظمة تتبنى ‘الجهاد’ مشروعا جديدا لمواجهة النفوذ الاجنبي في المنطقة. جاء ذلك في اجواء السجالات التي انتشرت في الفترة ما بين الاجتياح العراقي للكويت في الثاني من اغسطس 1990 والحرب التي شنتها قوات التحالف بقيادة امريكا في ابريل 1991. وبذلك ظهرت ايديولوجية جديدة تصدرها اسامة بن لادن وتأسس عليها تنظيم ‘القاعدة’. وفيما اكتفت الحركات الاسلامية التقليدية برفض مبدأ استقدام القوات الاجنبية لـ ‘تحرير الكويت’ من قوات صدام حسين، وجدت المجموعات ‘الجهادية’ نفسها وجها لوجه مع القوات الاجنبية التي اعتبرتها ‘غازية لبلاد المسلمين’ واعتبرت ان المرحلة تستدعي ‘الجهاد’ ضد تلك القوات التي لا تختلف، في نظرها، عن القوات السوفياتية في افغانستان. وطوال التسعينات كان ثمة مخاض ينبىء بتفاقم الاوضاع الامنية في العالم الاسلامي، خصوصا بعد ان دخلت الولايات المتحدة على الخط بهجماتها المتكررة ضد بلدان عديدة في اطار مواجهتها لتنظيم القاعدة.
وهنا يمكن تسجيل تاريخ ميلاد ‘الاسلام الجهادي’ وربطه بحرب الكويت الاولى التي وفرت تبريرا للمجموعات التي قاتلت في افغانستان لاعادة كتابة ايديولوجيتها بما يؤهلها لمواجهة ما تراه من ‘عدوان اجنبي’ على العالم الاسلامي. واذا كانت الحركات الاسلامية التي تصدرت مشروع ‘الاسلام السياسي’ قد أنشئت ضمن أطر فقهية واضحة بمشاركة فقهاء ومثقفين كبار منذ النصف الاول من القرن الماضي وتطورت بشكل متدرج بعد سقوط ‘الدولة العثمانية’ في عشرينات القرن الماضي، فان مشروع ‘الاسلام الجهادي’ تأسس في ظروف مختلفة تماما. انها ظروف الحرب التكنولوجية المتطورة، وحقبة هيمنة القطب الامريكي الواحد، وتعملق الدولة القطرية العربية المحكومة بالاستبداد والتبعية والتخلي عن ثوابت الامة والمساومة على قضاياها وتسليم السيادة عليها للاجنبي. لكن هذا ‘الاسلام الجهادي’ يتميز كذلك بانه يفتقر للتقعيد الفقهي المتين، وانه نتاج اجتهادات من طلاب علوم دينية مبتدئين نالوا تعليمهم في المدارس الدينية في نجد وباكستان.
ويكفي ان حركة ‘طالبان’ ذات الارتباط الوثيق في مرحلة تأسيسها بتنظيم ‘القاعدة’ استمدت اسمها من طبيعة مؤسسيها الذين كانوا ‘طلابا’ بالمدارس الدينية في باكستان قبل عشرين عاما. ولا يخفى دور رجال الدين في السعودية في التأسيس الفكري لاطروحة ‘الجهاد’ التي ارتبطت بهؤلاء المقاتلين. الامر المؤكد ان ‘الاسلام الجهادي’ تميز بامور عديدة: اولها انه تأسس على ايدي طلاب المدارس الدينية وليس على ايدي فقهاء وعلماء كبار من خريجي الازهر او الحوزات العلمية في النجف او قم، ثانيها: انه يختصر مهمة الشباب في المرحلة الحالية بالانخراط في العنف الذي بلغ أقصى اشكال التطرف حين حول الانسان الى قنابل موقوتة تتفجر في المدنيين والابرياء وتقتل بدون حساب. ثالثها: انه جاء ردة فعل لتدخلات عسكرية غربية كان القائمون بها في الاساس حلفاء لزعماء المجموعات المسلحة خصوصا خلال حقبة الجهاد الافغاني في الثمانينات. رابعها: ان الاسلام الجهادي يتبنى العنف كايديولوجية، وبالتالي فانه ليس محكوما بشكل فاعل بالضوابط الشرعية التي تحكم الجهاد وظروفه والتي تحمي الروح الانسانية وتمنع ازهاقها بدون ثبوت ارتكابها جرما مشهودا يستدعي القتل. خامسها: ان ربط الاسلام بالعنف اصبح مانعا من اقامة المشروع السياسي الاسلامي، ومبررا للانقضاض عليه من قبل اعدائه، سواء من الحكام المحليين ام القوى الاجنبية التي تتصدر جهود مواجهته. سادسها: ان المؤشرات المتوفرة سواء من السياقات التاريخية ام التواصل بين الفرقاء ام التصاعد المتسلسل لاعمال العنف في العالمين العربي والاسلامي تشير الى ان وجود قوى تؤمن فعلا بان ترويج ‘الاسلام الجهادي’ من اهم وسائل افشال المشروع السياسي الاسلامي. هذه القوى عمدت في الفترة الاخيرة لتصعيد العنف والارهاب في باكستان وافغانستان وسوريا والعراق والصومال ومصر وتونس وليبيا. ومن اهم اهداف ذلك التصعيد التقليل من وهج المشروع الاسلامي السياسي وحمل الجماهير على كرهه، كما حدث في مصر.
ثمة نظرية تقول ان قمع الحركات الاسلامية المعتدلة، اي المرتبطة بمشروع الاسلام السياسي، سيؤدي الى تصاعد خطر التطرف ويدفع الشباب نحو العنف والارتباط بتيارات ‘الاسلام الجهادي’. وهناك حقائق لا بد من ذكرها هنا: الاولى ان من المؤكد ان محاصرة الحركات المطالبة بالحرية والديمقراطية واقامة انظمة سياسية مؤسسة على مبدأ ‘لكل مواطن صوت’ سيؤذيها ولكنه لن يقضي عليها. فالاخوان المسلمون مثلا تعرضوا للقمع اكثر من نصف قرن، ولكن ما ان توفرت الفرصة للتنافس السياسي حتى تصدروا صناديق الاقتراع. الثانية: من المؤكد ان محاصرة الحركات الاسلامية المعتدلة ستدفع بعض عناصرها والكثير من العناصر المستقلة للانتماء للمتشددين واصحاب العنف، كردة فعل عكسية للقمع السلطوي. الثالثة: ان هناك اعمال عنف ترتكب باسم جماعات الاعتدال، بهدف تقليل الدعم الشعبي لها ولتوفير مبررات للمزيد من القمع ضدها. الرابعة: ان من السهولة بمكان التأثير على مجموعات الاسلام الجهادي خصوصا ان افرادها يعملون في الخفاء ويحتاجون الدعم المادي واللوجستي، ويصبحون بذلك بحاجة دائمة للجهات القادرة على توفير شيء من ذلك. وهنا تعمل اجهزة الاستخبارات لاصطيادهم او التأثير على برامج عملهم واختراق تنظيماتهم. فالكثير من المجموعات المسلحة في البلدان التي تشهد اضطرابات امنية وتفجيرات ارهابية مخترق خصوصا من الاستخبارات السعودية التي اصبحت توجهها بعيدا عن الاهداف التي رسمها مؤسسوها. ففي البداية كان رواد ‘الاسلام الجهادي’ يستهدفون’ الغربيين خصوصا امريكا ويتهمونها باجتياح العالم الاسلامي، وبرروا عمليات سبتمبر الارهابية بانها رد على العدوان الامريكي على العالم الاسلامي، ولكن سرعان ما أعيدت صياغة خطاب هذه المجموعات واولوياتها لتصبح ذات منحى طائفي ومشروع بعيد عما طرحه رواد مشروع ‘الاسلام الجهادي’. فكيف حدث ذلك؟ التفسير الاقرب للمنطق ان توجيه ‘الاسلام الجهادي’ لخوض معارك طائفية مشروع سعودي لابعاد هذه المجموعات عن الجزيرة العربية. والا كيف يمكن تفسير عدم حدوث اية اعمال ارهابية او تخريبية هناك؟ بينما ايران التي تتمع باجهزة امنية وعسكرية قوية لم تستطع منع المجموعات المسلحة من اختراق اراضيها وارتكاب اعمال ارهابية واغتيال مسؤولين عسكريين وسياسيين.
الاسلام السياسي كان يسعى لاقامة منظومة سياسية مؤسسة على تشريعات الاسلام في البلدان العربية والاسلامية، فكان هدفه في الاساس محليا، لا يستهدف القوى الاخرى، وتبنت هذا التوجه كافة الحركات الاسلامية المعتدلة كالاخوان المسلمين في اغلب الدول العربية وحزب الدعوة الاسلامية في العراق ودول الخليج، والجماعة الاسلامية في باكستان. هذه التوجهات اعتمدت التغيير المجتمعي السلمي اساسا لعملها، وان كان بعضها قد حمل السلاح يوما، الا انها لم تهدف للتغيير المسلح. واستمدت هذه التوجهات قوتها من قواعدها الشعبية التي احتضنت رسالتها وشعرت بالانتماء لتيار ديني بمشروع سياسي. اما الاسلام الجهادي فقد نشأ اساسا ليس لمواجهة انظمة الاستبداد في العالم العربي، بل لمواجهة النفوذ الغربي خصوصا الامريكي في العالمين العربي والاسلامي، بالسلاح. فاعلنت تلك التنظيمات انها في حرب مع امريكا، واستهدفت مصالحها بالعنف والتفجير والاغتيال. هذه التوجهات اعتمدت في البداية بعض العمليات الانتحارية، ولكنها اصبحت اليوم اكثر اعتمادا على ذلك النمط من العنف الذي اصبح سلاح دمار شامل، لا يميز في اغلب الاحيان بين المذنب والبريء. وتم وضع فقه خاص لتسويق فكرة القتل الجماعي وتبريره. وفيما التزمت تنظيمات الاسلام السياسي بنهجها السلمي بشكل عام، واتجهت لاقامة ‘الحكومة الاسلامية’ ولم تتأثر باطراف اخرى او تنحرف عن مساراتها المحددة، فان مجموعات الاسلام الجهادي تحول بعضها تدريجيا ليصبح طرفا في توازن الرعب في المنطقة. ولوحظ كذلك حدوث تصدعات عديدة في صفوف هذه المجموعات، وتعددت ولاءاتها، وتباينت مستويات تطرفها وتشددها. لقد ادركت انظمة الاستبداد العربي ان التغيير الديمقراطي لا يتحقق الا بالوسائل السلمية التي تستقطب الجماهير، اما العنف فقد يستهوي العناصر الشابة التي تعشق المخاطرة، ولكن اصحاب المشاريع التغييرية الجادة يرون في العنف مانعا من تحقيق اهدافهم. وهكذا اصبح ‘الاسلام الجهادي’ بعد ان حرف عن مساره الذي وضعه عليه منظروه ذراعا للانظمة التي ترعى الطائفية وترى في تشتت الامة درعا واقيا من حدوث وحدة تهدف للتغيير الحقيقي.
ويمكن القول ان من بين اهم نتائج ما جرى في مصر من استهداف للاخوان المسلمين تنامي ظاهرة العنف والتطرف والتشدد، خصوصا انها مدعومة بالدولار النفطي، وتلاشي مشروع ‘الاسلام السياسي’ في مقابل ‘الاسلام الجهادي’ في اطاره الطائفي الجديد. وبالتالي فليس من المبالغة في شيء القول بان هذا الطرح اصبح سلاحا فاعلا ضد مشروع الاسلام السياسي، وانه سيؤثر عليه سلبا ما لم يدرك قادة حركات الاسلام السياسي اهمية توحيد قوى التغيير الثورية من جهة، وتوجيهها لمواجهات سياسية شاملة مع انظمة الاستبداد،خصوصا الداعمة لمجموعات التطرف والارهاب والطائفية. وما لم يحدث ذلك فستصل الحركات الاسلامية التقليدية المعتدلة نهاية الطريق وتستبدل بحركات ‘الاسلام الجهادي’ التي تأسست على فلسفة ‘التدمير الكامل هو الطريق للاصلاح’. هذا ما لا تريده الامة ولا طاقة لها به.
‘ كاتب وصحافي بحريني يقيم في لندن
أيها الكاتب المحترم هل تعتقد حقاً ان هناك أمل في ان يكون الاخوان يحملون مشروعا إسلاميا معتدلا
اقرأ تاريخهم
الاغتيالات
التنظيم السري
موقفهم من حقوق المرأة
والأقليات والحرية الديبية وتلويح الزعماء منهم بتطبيق الجزية على مسيحي مصر
الاخوان حركة رجعية جهادية تمارس التقية
موقفهم من العدالة الاجتماعية وما يسمى الليبرالية الاسلامية
من وجهة نظري أنَّ اللّغة وسيلة للتفكير، وليست فقط كما يظن فلاسفة أهل علم الكلام الأوربيين من أنّها وسيلة للتعبير، كما أنَّ هناك فرق واضح ما بين الحكمة (العلم) وما بين الفلسفة (الثقافة/الفضفضة) ومن لا يستطيع التفريق بينهما شخص لا يحق أن يكون له أي علاقة بالنقد فكيف الحال إذن مع الإدارة أو الحكم بعد ذلك؟!
قالت حكمة العرب الاعتراف بالخطأ فضيلة،
ولذلك من وجهة نظري أن اعتذار الحكومة السعودية في موضوع انسحابها من مجلس الأمن بعد ترشحها في البداية، عام 2013 هو الموقف الصحيح، فنظام الأمم المتحدة الحالي خاطئ ويجب البحث عن نظام جديد لا يتعارض مع الإسلام.
وبمناسبة ذكر الإسلام فالإسلام يمثله القرآن والسنة فقط
ولا يمثله فلان أو علان بغض النظر كائنا من يكون حيث لا وجود لمفهوم الرهبنة والرهبان في الإسلام
فكل شيء ما عدا القرآن والسنة هو وجهات نظر
ويجب أن يكون تعاملنا هو أن كل انسان حر بالطريقة التي يفهم بها دينه
فهو من سيحاسب عليها يوم الدين طالما حصر هذا الموضوع في الـ أنا
بغض النظر صدر من أي جهة وبدون ذلك لن يكون هناك لا لقاء ولا يحزنون
ولا تكامل ولا تعايش سلمي بين ابناء الدولة الواحدة بغض النظر ما هي الدولة ومن يحكمها ومن أي ملة كانت طالما كانت النخب الحاكمة لا تلتزم بالحد الأدنى من الأخلاق
فالفطرة شيء والاسلام شيء آخر يا استاذ
وأي ايمان من خلال الفطرة ليس له أي علاقة بالإيمان بالدين الإسلامي والدين المسيحي والدين اليهودي والدليل على ذلك قصة نبي الله ابراهيم عليهم أجمعين ونبينا محمد الصلاة والسلام
فالفلسفة لا يمكن أن تؤدي إلى الإيمان يا استاذ
لأنَّ الفلسفة اساسها الشك في حين الإيمان اساسه اليقين
وشتان ما بين اليقين وما يمكن أن يؤدي إليه
وما بين الشك وما يمكن أن يؤدي إليه
والدليل على ذلك عندما تشك في زوجتك لا يمكن أن ترجع العلاقة بين الزوج والزوجة إلى ما قبل عملية الشك إن لم تؤدي إلى انفصال الزوجين اصلا
وبالنسبة للمسلم الحقيقة المطلقة هو القرآن والسنة النبوية،
ولكن الإشكالية عندما يكون التأويل بلا أسس لغوية أو معجمية أو قاموسية له علاقة بلغة القرآن والسنة النبوية.
هنا يصبح التأويل فاسد لأنه بلا اسس صحيحة يمكن الاعتماد عليها على الأقل لغويا أو قاموسيا أو معجميا
تماما كما هو الحال بأي نصوص أدبية تم بناءها على فكرة الحداثة والتي تنطلق من فكرة لا ابداع إلاّ بضرب الأصول اللغوية والمعجمية والقاموسية أو ما يعرف بالفلسفة بثقافة الـ لا،
الفلسفة لا تحترم الأخلاق والتي تمثل خلاصة خبرة أي مجتمع والتي تمثله معنى المعاني في القواميس والمعاجم.
وفي أي لغة هناك أصول لغوية يجب احترامها حتى تستطيع التفكير والتعبير والتواصل مع بقية أهل هذه اللغة حتى لا يتم اساءة فهمك فتحدث مشاكل
الشعب يُريد نظام أخلاقي بدل النظام العلماني/المدني/الديمقراطي للأمم المتحدة
من الواضح أنَّ ما لا يعلمه من كان اساس فكره علماني أو فلسفي هو أنَّ المسلم يجب أن يؤمن فيظهر ذلك عليه من خلال أفعاله وأقواله بأنّه لا يوجد إنسان يعلم بالنيّات إلاّ الله
في حين في دولة الفلسفة القومية وفق مبادئ الثورة الفرنسية أو نظام الأمم المتحدة هناك من يعلم بكل صغيرة وكبيرة ممثلة في جهاز الإعلام والمخابرات،
فلذلك يتم التعامل مع مواطنيها وفق مبدأ نفِّذ ثم ناقش إن سمحنا لك
ومن الطبيعي على ضوء ذلك أن يركن لها مثقفيها في ترديد ما يبثوه عليهم مثل الببغاوات
ولذلك تلاحظ ما يتعامل به أي موظف في الدولة كل شيء ممنوع ما لم يكن هناك نص قانوني يسمح به
بلا فهم ولا وعي ولا استيعاب لحجم المأساة التي هم فيها من استعباد وذل؟!
في حين أنَّ المبدأ في الإسلام هو لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق،
والأصل في الإسلام هو الحل أو الإباحة ما لم يكن هناك نص يحرّمه
فهل المسلم هو التكفيري في تلك الحالة،
أم أنَّ من كان اساس فكره الفلسفة يجب أن يكون تكفيري/إلغائي بسبب مفهوم الصراع بين الأضداد على الأقل
وعلى ضوء ذلك أقول أنَّ هذه المقالة توضح بشكل عملي مفهوم الكاتب للحرية والديمقراطية على أن يكون للكاتب حرية خلط الحابل بالنابل بشكل متناقض
وهذه تعني إن أحسنا الظنَّ بكاتب المقال فهو يوضح أنَّ هناك بشكل واضح لديه ضبابية في معنى المعاني المتعارف عليها في القواميس والمعاجم اللغوية
ما فاتك يا د.سعيد الشهابي هو أنَّ كل الأفكار المبنية على اساس أنَّ هناك خلاصة للعقل يجب أن تحفظ لها هيبتها، هذه الطريقة من التفكير تفرض عليهم أن يكون خلاصة العقل (أو النخب الحاكمة) فوق القانون أو الدستور أو النقد.
وبدون تشخيص صحيح لن تستطيع الوصول إلى الحل الصحيح، فالإختلاف في طوائف وشعوب وقبائل هو الأصل على أرض الواقع، يجب أن يكون هناك ألوان أخرى غير الأبيض والأسود التي تراها في أحلام اليقظة الفلسفية تشمل جميع ألوان الطيف الشمسي وهي في الواقع سر جمال الكون أصلا
والمسلم يجب أن يفهم الإسلام هو لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، ولكن المشكلة هناك من يفهم الإسلام على أنّه استرجاع حقوق آل البيت (ما يمثل خلاصة العقل أو النخب الحاكمة) من مغتصبيها، وهناك عدة مفاهيم للمغتصبين منها تعريف قم، ومنها تعريف النجف، وغيرهما.
الإشكالية مع هؤلاء كيف يمكن أن يحلب معك صافي، خصوصا وأنّه يفهم إن أراد أن يتقرّب إلى الله فعليه محاولة أذيّتك بأي شكل من الأشكال من أجل استرجاع الحقوق المغتصبة؟!
فلذلك يا جماعة الخير لكي نخرج من هذا المأزق يجب أن يخبرونا ما هي حصتنا من المطلوب من الحقوق حتى ندفعها ونُريحهم على الأقل.
ولتوضيح كيف أن الكاتب لم يحلب صافي في مقاله
فمثلا الإتحاد السوفيتي عندما قام باحتلال أفغانستان لم يخرج من أفغانستان بدون الجهاد والمجاهدين .
وفي بداية الثمانينات الحكومة السورية لحافظ الأسد (البعثي/العلوي) ثار الشعب في سوريا إن كان في حماة وحلب ودمشق فلم نسيت تلك المذابح؟! ألم تتدخل المخابرات الإيرانية في تلك الحالة مع النظام السوري (البعثي/العلوي)
ثم أن الخميني نفسه أتى من فرنسا على طائرة خاصة ليستلم زمام الحكم في إيران لماذا لم يتم وصفه بالعميل والخائن للغرب؟
ثم لماذا يحق لحكومة إيران (الخميني) أن تتعامل مع أمريكا واسرائيل لتستورد قطع غيار منهما في الحرب العراقية الإيرانية ما بين عام 1980-1988 ولا يجوز أن يتم وصف ذلك بالعمالة والخيانة؟
ولماذا تعاون الحكومة الإيرانية مع الحكومة الأمريكية في تسهيل عملية احتلال افغانستان والعراق ما بين عامي 2001 و2003 حسب اعتراف كل من رفسنجاني وخاتمي وأبطحي “لولا طهران لما سقطت بغداد وكابول” الذي تم ذكره في أكثر من مكان وتوقيت ولا يجوز أن يتم وصف ذلك بالعمالة والخيانة؟
لماذا التعاون مع المخابرات الإيرانية والسوفيتية والروسية والصينية لا غبار عليه في حين التعامل مع المخابرات السعودية أو الخليجية أو الأمريكية جريمة نكراء، أليس هذا تعامل بمكيالين أم لا؟ فهل في هذا أي أخلاق أو مبادئ؟
من وجهة نظري أنَّ العرب والمسلمين أضاعوا فرصة تاريخية سنحت لهم في 8/8/1988 وهو تاريخ وقف اطلاق النار ما بين العراق وإيران قام بحرقها صدام حسين في 2/8/1990 عندما نغصت عليه دول الخليج
وأصلا أمريكا والغرب من وراءه بدأ محاربة اسامة بن لادن لأنه فقط عرض أن يكون بديلا عن أمريكا والغرب في المساعدة لصد الظلم والاستبداد والاستعباد والعنجهية التي قام بها صدام حسين في الكويت والعراق كما قام بها الاتحاد السوفيتي في افغانستان.
السؤال لو وافق حكام المنطقة في حينها لنصيحة اسامة بن لادن هل كنا سنخسر ما خسرناه حتى الآن؟
متى سنتجاوز ضيق ثقافة الـ أنا (الفلسفة) إلى سعة ثقافة الـ نحن (الحكمة) لأن بدون ذلك سنبقى في بوتقة النظرة السلبية (النظر إلى نصف القدح المليء بما يتعلق بمن نحسبه من ضمن الـ أنا، في حين ننظر إلى نصف القدح الفارغ بمن لا نحسبه من ضمن الـ أنا؟) وحينها كل ما سنخرج به من نقد سيكون ليس له علاقة بالواقع كما هو حال المقالة أعلاه على الأقل من وجهة نظري
وهناك تفاصيل كثيرة لو أحببت تجدها في الرابط التالي
http://www.arabelites.com/vb/showthread.php?t=13849
ما رأيكم دام فضلكم؟