إن المنطقة العربية برمتها ظلت عبر حقب تاريخية مختلفة رهينة السيطرة والتبعية، فمعظم دول المنطقة وما أن حصلت على استقلالها السياسي حتى انشغلت بقضايا جانبية استنزفت مواردها وإمكانياتها لسنوات طوال فإنخرطت في الصراع العربي الإسرائيلي، وبدأت بالتوازي مع ذلك معارك الخلافات الحدودية التي أتقن الإستعمار رسمها مما انعكس سلبا على معدلات النمو الإقتصادي نتيجة توظيف كل الطاقات نحو الإنفاق العسكري والتأهب للحروب بدلا من إستثمار تلك الطاقات في حقول التنمية.
لقد راهنت قوى العولمة القديمة على إقحام الكثير من الدول الأقل نموا ومن بينها الدول العربية في خلافات سياسية أو صراعات إقليمية أنهكت قدراتها الإنمائية مما جعلها تخسر قدرا هائلا من مواردها الإقتصادية والبشرية، وكان في مقدمات هذه الصراعات: الصراع العربي – الإسرائيلي والهند وباكستان والخلافات الحدودية بين فيتنام وكمبوديا.. وليبيا وتشاد والعراق وإيران والإمارات العربية المتحدة والعراق والكويت والنزاع الحدودي (وقد تم حسمه) بين قطر والبحرين وغيرها الكثير.
كما سعت القوى العالمية القديمة والجديدة الى اجهاض كل المبادرات الهادفة الى ايجاد تكتل اقليمي عربي فاشتعلت تبعا لذلك أزمة الخليج اثر اجتياح العراق للكويت في الثاني من اب/اغسطس 1990 وكانت ضربة قاصمة لهذا التكتل اهدرت فرص المصالحة العربية في المدى المنظور، وأتاحت للقوى الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية الفرصة لإستخدام القوة والتدخل بشكل سافر، وعلاوة على النفقات المالية الباهظة التي تحملت الدول العربية الخليجية تكلفتها فإن تداعيات هذه الأزمة ما زالت قائمة من خلال حالات التجزئة والتفكك التي تعيشها المنطقة العربية برمتها بما جعلها تدور في فلك السيطرة والهيمنة من قبل قوى العولمة المعاصرة.. ومن هنا نستشف الإنعكاسات الخطيرة لتلك الصراعات على مسيرة التنمية، ولعل الأكثر ايلاما العقوبات التي فُرِضت على العراق في 1990 والتي تسببت في تدهور الناتج المحلي الإجمالي العراقي بشكل درامي وصعدت من درجة التضخم إلى حد مخيف، يضاف الى هذا وذاك الخسائر الفادحة التي تكبدتها ليبيا نتيجة فرض حظر جوي وعسكري عليها بموجب قرار مجلس الأمن رقم 748منذ نيسان/ابريل 1992 وحتى 1999 مما أثر سلبا على ادائها الإقتصادي.
ونتيجة لكل هذا تأثرت القوة الإقتصادية العربية وتعطلت عن اللحاق بقطار العولمة بما جعل مشاركتها في النظام العالمي الجديد تقوم على الخضوع وليس الندية والتبعية وليس التعاون.
إننا الان، وهنا، وفي غياب وعي قومي يشخص جسامة المرحلة التي نمر بها نجد أنفسنا كما مهملا على هامش التاريخ تنهشنا سياسة ازدواجية المعايير في مناخ دولي يتسم باللاموضوعية والإنحياز حيال اشكال الصراع التي تحدث – هنا وهناك – في مناطق مختلفة من العالم أو حيال وضع نهاية عادلة وشاملة لأشكال الصراعات وعلى رأسها الصراع العربي -الإسرائيلي، كما ان سياسات التحجيم والتقزيم وإنتهاج القوة العسكرية، لا تزال تمارس ضدنا وضد الرافضين للنظام العالمي الجديد أو بالأحرى النظام الأمريكي، وحيث لم نكد نتخطى عتبة التخلف القليدي حتى وجدنا العالم من حولنا تحكمه آليات العولمة المعاصرة مثل: الخصخصة والثورات العلمية والتكنولوجية والإعلامية والتنافس في التجارة العالمية، وانبجست تبعا لذلك مقاييس وضوابط جديدة – للتخلف والتقدم – أصبحت تصاغ بمقتضاها معايير الإندماج في العولمة بما يناسب أهداف مجموعة صغيرة من الدول المتقدمة تحتكر لنفسها المردود الإيجابي للإقتصاد والسياسة على المستوى العالمي. ولذا بات لزاما على الإقتصاديين العرب – ونحن نحتفي بالربيع الثوري العربي – تعميق الوعي والمعرفة لدى الرأي العام العربي الذي يروم تحقيق اكبر قدر من السيطرة على موارده النفطية والطبيعية والمالية وتوظيفها توظيفا وطنيا يخدم قضايا التنمية العربية المستقلة ويكسر دائرة التخلف والتبعية والتجزئة التي طوقتنا عبر عهود السيطرة الإستعمارية الطويلة في ظل الصراعات العالمية وذلك دون مواربة أو خداع حتى نكتشف جميعا التناقضات والمطبات السياسية والإقتصادية التي تحكم الأوضاع الراهنة في ضوء تشخيص موضوعي لواقع الوحدات القطرية التي يتشكل منها الإقتصاد العربي في مجمله.
لقد غدا واضحا أن عددا من الأقطار العربية النفطية هي من الصغر بحيث يصعب عليها بناء صناعة متوازنة داخل حدودها القطرية او الإعتماد اساسا على السوق الداخلي للطلب على صناعاتها لكن المهم أيضا أن ندرك أن التعاون الوثيق مع الشركات الدولية واتخاذ دور التابع للرأسمالية الدولية ليس هو البديل الوحيد امام هذه الأقطار العربية التي تتمتع بفوائض مالية كبيرة بإمكانها استثمارها في تسريع عملية الوحدة العربية ورفع التحديات التي تواجهنا والمساعدة في بناء سوق عربية مشتركة يمكن لأقطارها النمو في إطارها، بما من شأنه ان يعيد بناء النظام العربي وفق اسس وقواعد تكفل التضامن والتكامل خلافا لواقع التفكك.
محمد المحسن
عضو بإتحاد الكتاب التونسيين
Email: [email protected]
وهل تعتقدون ان امريكا ستسمح للدول العربية بتكوين وحدة اقتصادية رغم انني درست عن الوحدة الاقتصادية في عام 73 في الجامعة باننا لدينا دول عربية تملك مالا ودول عربية لديها عمال ودول عربية لديها مساحات واسعة من الاراضي وتستطيع تكوين وحدة اقتصادية تعادل امريكا واوروبا ولكن للاسف الحكام ياءتمرون امريكا 0ويذكر ان مبارك لما زار السودان لتهنءة البشير طلب منه البشير ارسال ملايين لزراعة القمح اجابه مبارك باءن امريكا لا تسمح لنا بذلك مع العلم ان امريكا تصدر قمح لمصر لا يصلح للزراعة انما فقط للاكل ولما حاول المصريين تحسين زراعة القمح لم يسمح مبارك بذلك وظهر ايضا حينما كان يزرع القمح خلال عهد الرءيس مرسي كان عملاء امريكا يحاولون حرقه حتى لا تكتفي بالقمح وعدم الاستيراد ولهذا جرى الانقلاب على الشرعية لابقاء مصر تابعة لها وهذا مؤسف جدا 0