بيروت ـ ‘القدس العربي’ في وقت تحتدم فيه المعارك في طرابلس، فإن معركة رئاسة الجمهورية في لبنان بدأت طلائعها من دون أي تأكيدات بإمكان حصول انتخابات رئاسية توصل رئيساً الى قصر بعبدا خلفاً للرئيس الحالي العماد ميشال سليمان الذي أعلن أكثر من مرة أنه يرفض تمديد ولايته كما حصل لسلفه اميل لحود أو للرئيس الاسبق الياس الهراوي في عهد الوصاية السورية، مع العلم أن مثل هذا التمديد لسليمان يفترض تأييداً من فريق 8 و14 آذار، ويبدو حتى الساعة أن حزب الله لا يؤيد هذا التمديد بسبب مواقف سليمان من مشاركة سلاحه في سورية اضافة الى رفض العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية هذا التمديد ايضاً، ما يجعل الخوف من الفراغ أمراً غير مستبعد.
في غضون ذلك، فإن بورصة الاسماء المرشحة الى الرئاسة بدأت تسجّل رواجاً وفي طليعة هذه الاسماء أربعة أقوياء يتمتعون بحيثية شعبية مسيحية من دون أن تعني القوة حتمية انتخاب أي منهم وهذه الاسماء هي:
1 – رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل من فريق 14 آذار الذي يحافظ في خطابه على مسافة سياسية من معظم الافرقاء، لكنه وجّه انتقادات قاسية لحزب الله في عيد حزب الكتائب قبل حوالى عشرة ايام .لكن الجميّل ورغم ذلك يحافظ على خيوط متينة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وتناول العشاء الى مائدة السفير الايراني في بيروت غضنفر ركن أبادي قبل يومين وانتقل امس لزيارة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وخرج ليطالب ‘برئيس قوي وليس برئيس لا طعم له ولا لون’.
2- رئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون المتحالف مع حزب الله والذي يحاول في الفترة الاخيرة الانفتاح على خصومه السياسيين مثل تيار المستقبل وحزب الكتائب، وقد طلب وفد من قبله اجتماعاً قريباً مع نواب جبهة النضال الوطني التي يرأسها النائب وليد جنبلاط كذلك طلب موعداً مع خصمه المسيحي القوات اللبنانية.
3- رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع المتحالف مع تيار المستقبل بشكل أساسي والذي سبق للرئيس سعد الحريري أن رشّحه الى الرئاسة قبل أكثر من سنة قبل أن يقع الخلاف حول المشروع الاورثوذكسي للانتخابات.ويتميّز جعجع بصلابة مواقفه وعدم تبدّل خياراته وبخلافه المستحكم مع حزب الله.
4- رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية الذي يُعتبر المنافس الجدي للعماد عون انطلاقاً من متانة علاقاته سواء بالرئيس السوري بشار الاسد أو بحزب الله والرئيس نبيه بري. وقد تعكّرت أخيراً العلاقة بين فرنجية وعون قبل أن يعود الرجلان لعقد اجتماع مصالحة. وسبق لفرنجية أن رشّح عون للرئاسة مع علمه المسبق ربما أن لا حظوظ للجنرال وأن فريق 8 آذار اقرب الى دعم ترشيحه كزعيم زغرتاوي منه لدعم ترشيح عون. فإذا كان حزب الله وحلفاؤه فضلوا التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي وعدم تعيين صهر عون العميد شامل روكز قائداً للجيش فهل يقبلون بإنتخاب عون رئيسا؟.
وفي بورصة الأسماء المرشحة للرئاسة من خارج نادي القيادات المسيحية هناك قائد الجيش العماد جان قهوجي، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والوزير السابق جان عبيد الذي يعتبر المرشح المفضّل لدى الرئيس بري اضافة الى المرشحين التقليديين النائبين بطرس حرب وروبير غانم.
وإذا كان اختيار أحد الأسماء الاربعة أعلاه يفترض توافر ظروف داخلية واقليمية ملائمة، فإن أختيار أحد الأسماء الاخرى أو ما يشبهها يفترض توافر تسوية سياسية على قاعدة لا غالب ولا مغلوب بإستثناء النائب بطرس حرب الذي يعتبر في صلب فريق 14 آذار ولا يمكن قبول الفريق الآخر به رئيساً.
تزامناً، يستمر ‘التمريك’ بين عون وجعجع حول الترشيح للرئاسة. ولوحظ أن الجنرال عون وبما يشبه الاستهزاء بوضعية رئيس حزب القوات اللبنانية أعلن أنه يرشّحه للرئاسة.
ورداً على سؤال لـ’النهار’ عن اعلانه انه غير مرشح كما فعل رئيس حزب ‘القوات اللبنانية’ الدكتور سمير جعجع، أجاب عون ‘قال (جعجع) انه ضد ترشيحي. هو ونحن نريد رئيساً قوياً وهو يعتبر نفسه قوياً وأنا أرشحه’. وكرر عون انه ليس مرشحاً و’لكن اذا كان اصحاب القرار في هذا الموضوع يريدونني فأنا لا أتخلّى عن الواجب’.
وعن الخيار بين الفراغ الرئاسي والتمديد للرئيس الحالي قال ‘التمديد يعني الفراغ، نعيش في الفراغ ونخاف منه وبالتمديد سنمدد للفراغ’.
وشدد على ان ‘الحل بتأليف حكومة’، مضيفاً ‘ما في تأليف حكومة ما في انتخاب رئيس’.
وعلّق جعجع امس في حديث صحافي على إعلان عون دعم ترشيحه فقال ‘طبعًا سأترشّح، عندما أرى أنّ الظرف ملائم وأنّ هناك أكثريّة نيابيّة لديها الرغبة بذلك، طبعا، هذا الأمر لا حياء فيه. وأنا أشكر الجنرال عون لأنه رشّحني واعتبرني مرشّحاً قوّياً للرئاسة، طبعاً هذا أمر ليس بسيطاً أو سهلاً، وأنا أحتاج للتفكير بالموضوع وطرحه على الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية للتداول به، وأقرر على ضوء ذلك، وفي المقابل أنا أدعو العماد عون إلى تقديم ترشيحه الرسمي وأن يعلن برنامجه الانتخابي الرئاسي، وأن يحضّر معركته ويخوضها، لأن الطريق إلى رئيس جديد فعلي وقوي للجمهورية تمر عبر انتخابات رئاسية فعلية يكون فيها مرشحون واضحون بمشاريع سياسية واضحة، عندها نذهب جميعاً إلى المجلس النيابي في أول جلسة يدعو إليها الرئيس بري وننتخب أحد المرشحين المطروحين، ومن ينتصر بالمعركة الانتخابية داخل البرلمان نبارك له جميعنا، ونبدأ عهداً جديداً في لبنان بكل ما للكلمة من معنى’.