..حضور بغير دعوة
..حضور بغير دعوةفي نفق ظلمة ليل، بشتاء بارد وسط شارع طويل، ينطفئ بعض نوره. يسير في وقت متأخر وجو بارد كجو هذه الليلة. بحاله المقزز وبثياب رثة متسخة عفنة، ولحية كثة مهملة مغبرة، وشعر أشعث مقمل. عجلات أيامه مسرعة تدور. دورانها يراقبه كما عقارب ساعة قديمة، تربط علي معصمه. يحاول تحديد من الأسرع من الآخر؟ أ أيامه أم عقارب ساعته؟ علي أرصفة الشوارع، كلاب شاردة، تجمعت حول بقايا طعام، تبحث قرب وفي حاويات النفاية. أهملت في بعض زوايا الشارع. إنــــه تائه في ليل بارد. ضائع بين أعمدة نور باهت. يتفوه بكلمات ساقطة، كلما سمع صدي اســـمه يتردد في فضاء آخر الشارع.. عباس أيها السكير ارم بالكأس. (فروسو) كان يحلو له أن يلقبوه بذلك. يبيح كل شيء لنفسه، سرقة. زنا. شرب الخمر. تدخين الكيف والحشيش. برودة الجو تلف المكان. بخار التنفس ينطبع علي زجاج نوافذ وأبواب المقاهي المغلقة. يحجب رؤية ما بالداخل. صفعات حذائه للأرض، مرة بعد أخري إيقاع أغنية يرددها مع نفسه. يتمايل. يسقط علي الأرض. نوافذ يحجبها الظلام، يسطع نور من إحداها، تقابل مكان سقوطه، يفتح بابه ثم يندفع رأس مطلا إلي الشارع جهته. يحاول الرأس أن يستطلع أمر الرجل الساقط علي الأرض. إنه رأس نزيهة. اعتادت في مثل هذه الليلة أن تحدث مفاجآت. ليلة ينكسر سكونها علي إيقاع الحفلات. حفلات راقصة. حفلة عرس داخل قاعة للأفراح، في الشارع الخلفي. زغاريد نسوة. تطبيل وتزمير.يتوزع المدعوون، داخل قاعة للأفراح، يرشفون كؤوس الشاي المنعنع والمعطر بماء الزهر. يتناولون الحلويات. بعضهم يتتبع الرقص والآخرون منهمكون فيه. تفتح نزيهة نافذة غرفتها المطلة علي الشارع المظلم بدفتيها. إنها تحب هذه اللحظة. كان الليل يرخي بسكونه. أبت جفون عيونها أن تطبق ثانية. لقد استيقظت من حلم مزعج علي نغمات موسيقي الحفل. في صور ما زالت عالقة بذهنها. في ذكري أيام تهاوت، فاندثـــرت معها ذكريات جميلة. مصطفي الذي وعدها بالزواج. مغامرته القاتلة. ضيع أملا في حياتها. حين انقطعت أخباره عنها. جعل من تلك اللحظات سرابا وذكري مؤلمة. ضاع كل شيء في دوامة الحياة. في رحي زمن غادر. محمد بروحوالمغرب6