عرب سيئون من النقب

حجم الخط
0

كان رد رئيس الوزراء على واقعتين في نهاية الاسبوع مثيرا. فقد رد نتنياهو على الواقعة التي رُفض فيها دخول ثلاثة جنود دروز من الجيش الاسرائيلي الى قرية البحث الذري في ديمونة في اطار تدريب حراسة، بقوله إن الدروز من لحمنا ويجب أن يُعاملوا باعتبارهم مواطنين يتمتعون بكامل حقوق المواطنة. أما البدو الذين احتجوا على قانون برافر فسماهم ‘أقلية صارخة عنيفة’ لن يُظهر أي شيء من التسامح معهم.
ماذا يمكن أن نفهم من ذلك؟ هل أن نتنياهو يرى أن الدروز ‘عرب صالحون’ أما البدو فهم ‘عرب سيئون’ ومتوحشون ومخالفون للقانون وأعداء للدولة؟ أو ربما في الصراع على الارض تكون كل هذه التنويعات غير مهمة والذي يستطيع أن يستعمل قوة أكبر لن يحجم عن تهديد نشطاء واستعمال القنابل الصادمة والغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي؟ إن مشاهد الفرسان وقوات الشرطة الخاصة وهي تواجه شبابا يرمون الحجارة تمحو الخط الاخضر مرة اخرى، وأما الخط الاحمر فما زال سيالا. فاذا هاجت النفوس قليلا بعد فهل يمكن أن يتم تجاوز الخط الاحمر كما حدث في يوم ارض آخر؟.
حينما يكون الحديث عن ارض فانهم يعودون الى الخلف بصورة عمياء ويتجاهلون مبدأ المساواة المدنية الذي تم استيعابه من جهة صورية على الأقل. إن مخطط برافر الذي يعني نقلا قسريا للبدو وتجميعهم في اماكن لا يهتمون بالسكن فيها، يناقض روح قرارات المحكمة العليا وروح تقارير مراقبي الدولة. وإن تصريحات نتنياهو تعيدنا الى ايام اريئيل شارون والدورية الخضراء وتشير بصورة سافرة الى أن السكان البدو الذين كانوا يعيشون في النقب منذ القدم ما زالوا يُرون عاملا اجنبيا غير مرغوب فيه. والى ذلك فان احتجاجات البدو تثير من جديد السؤال المقلق الذي قد حُسم في ظاهر الامر وهو لمن هذه الارض. إن الجواب المعروف قد صيغ بصورة حسنة في اقتراح القانون ولا حاجة الى علم قانوني لندرك أن مخطط برافر يفوض الى الدولة في واقع الامر أن تطرد البدو وتنهبهم مرة اخرى برعاية القانون في هذه المرة.
‘ ينبغي أن نفرض أن اقتراح القانون لن يحظى فقط بتأييد اليمين بل بتأييد يوجد مستقبل والحركة وهما حزبان صنفا أنفسهما بأنهما تقدميان، لكنهما لن يحجما عن ضم صوتيهما الى صوت افيغدور ليبرمان الذي يقول على رؤوس الأشهاد إن البدو ناهبو اراض وإن اراضيهم كلها ملك للشعب اليهودي. بل إن وزير الخارجية هدد بأنه اذا لم يرفع البدو علما أبيض فسيقترح طردهم دون أي تعويض. وإن ليبرمان خبير بابراز النص الخفي في حين أن نتنياهو خبير بالطمس عليه. وهما معا يلتفان على جيوش البدو وقد يهزمانها ايضا.
‘ لكن النص نفسه ايضا غير مُغرٍ. فالذي يقرأ مذكرة اقتراح القانون يمكن أن يفهم منه أن ‘تنظيم’ الاستيطان في النقب سيكون ممكنا بمساعدة أوامر ادارية خاصة على هيئة قوانين طواريء. ومعنى ذلك أن البدو لن يستطيعوا الحصول على مساعدة من المحكمة التي ستُمنع من التدخل. وهكذا تستطيع الدولة أن تنقل الى ملكيتها اراضي كثيرة تبلغ نحوا من 400 ألف دونم من 600 ألف الدونم التي يملكها البدو اليوم وأن تبدأ عملية عاجلة لتهويد النقب.
‘ إن الذراع التي ستُسكن اليهود في اراضي البدو وهي قسم الاستيطان في الهستدروت الصهيونية، وهي جسم خارج الدولة يمثل الشعب اليهودي، هي نفس الذراع التي تُسكن اليهود في السامرة وتخطط لبناء مراقِب اخرى في الجليل. وقد نُهبت أكثر اراضي العرب في شمال البلاد وضمت الدولة في الضفة في واقع الامر ‘كتلا’ أسكنت اليهود فيها. وسيُمكّن القانون الجديد من ضم ‘كتلة’ اخرى في النقب هذه المرة. وفي الفترة التي يزداد فيها الضغط الدولي للتوصل الى تسوية في الضفة، وأصبح الاوروبيون قد حددوا الحدود، قد يتحقق التعويض في صورة احتلال في الداخل هو المرحلة الثانية من احتلال النقب.

هآرتس 3/12/2013

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية