البقاء في الابداع دائما.. للأفضل؟

حجم الخط
0

البقاء في الابداع دائما.. للأفضل؟

الشاعر الكويتي هشام محمد المغربي:حوار: محمد نجيمالبقاء في الابداع دائما.. للأفضل؟الشاعر الكويتي هشام محمد المغربي صوت من الأصوات الشعرية الشابة. وواحد من بين من يصنعون المشهد الشعري الحديث في الكويت. وقد أصدر ديوانه الاول الذي أطلق عليه: علي العتبات الأخيرة ، وأصدر بعده ديوان: وأخبئ وجهك فيّ وأغفو ، يستعد هذه الأيام لإصدار ديوانه الثالث الذي قرأ منه بعض القصائد في البحرين بدعوة من أسرة الكتاب والأدباء. حسب الشاعر الفرنسي الكبير بودلير الشعر طفولة أخري يجدها الشاعر ثانية . متي وجدت طفولتك الثانية؟ ومتي كانت القصيدة الأولي، وهل شاغبت فنونا أدبية أخري قبل أن تقرر الاستقرار في البيت الشعري؟ الشعر، هذا الأسطوري الممتد منذ ألواح كلكامش السومرية قبل سبعة آلاف سنة، ليس بمقدوري أن أحجم ماهيته بتعريفہ، تعريفه الوحيد أن تقرأ قصيدة حقة، فإذا قرأتها رأيت الشعر. لا أعرف إن كان الشعر طفولة أم كهولة! وأظنه الاثنين معا. فأنا منذ ان اصابني سهم الشعر لا انفك اكبر واحمل عبئا كونيا، ربما لا يحمله أقراني، ولكنه طفولة روح تميط عني غبار التعب اليومي وجمود مشاعر البشر وتبلدهم. قصيدتي الأولي، مجهولة الميلاد، ربما هي ما انتابني من نشوة عندما هدهدتني أمي أول مرة، ربما هي قلقلتي النزقة وأنا أردد الأذان خلف أبي، ربما هي اختلاج القبلة الأولي علي شفتي، ربما وربما. ولكنني بدأت بالنشر منذ ثلاث سنوات. أما بشأن مشاكسة الفنون الأخري، فنعم، لقد طرقت باب الموسيقي عزفا وتلحينا، إذ عزفت العود والكمان، ولحنت قصائد كثيرة. وكان هذا في بداياتي قبل ان اكتب شعرا. ثم سعيت للقصة القصيرة، فكتبت قصتين لا أكثر، ولكن لم تريا النور لعدم اقتناعي بهما. ولكن لا مانع لدي لخوض التجربة السردية في المستقبل إذا ارضتني. هل الكتابة لديك تعويض لشيء فقدته أو تفقده باستمرار أم أنك من خلال القصيدة تعيش حياة أخري، لا يمكن أن تعيشها؟ الكتابة حياة أعيشها رغم حصار الزمن والمكان والأناس. الكتابة إيغال في الذات لفهم أسرار الكون المطلق. هي معجزة البشر ورمز خلودهم. عندما أكتب أرمي عن جبيني كل شيء وأتحول إلي طائر يطير في السماء. هل يحس الشاعر بشيء من التهميش في الوطن العربي؟ وما رأيك في المقارنة بين شاعر هنا وشاعر في الغرب أو في أمريكا أو اليابان وبين شاعر مهم ومعروف في الوطن العربي، الأول يعيش بكرامة وتسلط عليه الأضواء وتدفع له المنح من أجل الإبتكار والتفرغ، والثاني يكاد يكسب رزقه لكن ليس من الكتابة في غالب الأحيان؟ كان الشعر عند العرب راية وشرعة، كان في صلب حياتهم. ولكن ما يحصل الآن لا أظنه تهميشا بقدر ما هو بعد عن الثقافة والفعل الثقافي بشكل عام، وعلي كل الأصعدة. فالشعب غير المثقف وغير مهتم أساسا باللغة العربية لا يحتفي بأي مظهر من مظاهرها. ولكن نزوح الشعراء في السنوات الأخيرة نحو التقوقع والتعمية زاد من الهوة بينهم وبين القراء. هل لك أن تحدثنا عن تجربة نشر ديوانك الأول، وكيف تلقته الساحة الأدبية، وهل وزع توزيعا أرضاك؟ الديوان الأول (علي العتبات الأخيرة) كان تجربة رائعة بكل المقاييس ورغم البداية الفنية وبساطة الإخراج، إذ جاء بعد عامين من الكتابة المتخصصة بالشعر، فقمت بطباعة افضل ما أنتجته فيهما. جاء بمجهود شخصي بحت، لم تساعدني فيه مؤسسة ولا أشخاص، وأحمد الله أنه ظهر كذلك دون وصاية. طبعته طبعةً خاصة (بلا دار نشر) ووزع توزيعا ممتازا، إذ نفدت جميع النسخ، وافكر في طباعته طبعة ثانية.هل تجاوب النقاد معه؟النقد في الوطن العربي يشكل أزمة حقة، فأغلب الكتابات هي انطباعية تفتقر إلي المنهجية والدراسة، وندرة النقاد الذين يعول عليهم في الوطن العربي ككل، ولكن تجاوب المتلقي (قراء ونقاداً) كان مرضيا لي إذا أخذنا بالاعتبار جدة التجربة. نحن في المغرب ما أن ينشر لأحد الشعراء ديوانه الشعري سواء كان الديوان الأول أو الديوان الثاني حتي تنظم له قراءات شعرية وحفلات لتوقيع ديوانه، لتقريبه من قرائه ومحبيه هل تفعلون ذلك في بلدكم؟ بالتأكيد. وتتم استضافة الشاعر أو الشاعرة إلي دول أخري من دول المجلس لقراءة شعره ويتعرف عليه نقاد وأدباء البلد المضيف. والدليل أنني حاليا أقرأ شعري في البحرين بدعوة من أسرة الكتاب والأدباء. ماذا أعطاك الشعر وماذا أخذ منك؟ أعطاني قوة روحية وفهما مغايرا للحياة ومعتزلا عن ضوضاء العصر وقربا من ذاتي، وأخذ مني احتراقي وتعبي وبعدي عن الجميع. لاحظت أنك تكتب دراسات نقدية تنشرها هنا وهناك هل تتصور أن تتخلي في يوم من الأيام عن القصيدة لصالح النقد؟ التخلي عن الشعر غير وارد، فهو دم في الشرايين. ولكن مسألة النقد مسألة ثانوية، فهي من صميم دراستي وتخصصي، زيادة علي ذلك أنني مولع باللغة وبالبحث اللغوي، مهووس بأسرار اللغة وسحرها الخرافي بكل المجالات، فهي شغلي الشاغل، فأنا أكتب النقد وأنشره بين الحين والآخر ولا أفكر في أن أكون ناقدا أبدا. هل للشعر مستقبل في الوطن العربي ومن سيكتب القصائد في ظل هذا التحول المرعب الذي يعيشه الفرد العربي المعرض للتدجين والاستلاب ومسح الهوية، وذلك من أجل إعداد إنسان معولم، يستهلك ولا ينتج، يشاهد ولا يفكر؟ طبعا له مستقبل، ولكنه مستقبل صعب جدا، فالمجتمع يمر في مأزق عصري حرج، لم نعد نكلم دواخلنا ولا نفكر في إيقاظها. السعي وراء المادة أمات الحس بداخلنا. ووسط صراعات الأمم والحضاراة والتشتت بين المعسكرات والأحزاب، وكل علي ليلاه يغني. يتطلب الأمر نهضة فكرية وثقافية كبري، لا تلك التي راجت أيام الشعارات التي عصفت بنا واعادتنا جهلة وعصابيين وسطحيين. حدثني عن أهم الأسماء التي تكتب الشعر في منطقة الخليج العربي وفي بلدك تحديدا، وهل هناك صوت من الأصوات سيكون له الدور البارز للريادة الشعرية مستقبلا؟ الكثير وهناك اسماء معروفة علي مستوي الوطن العربي أمثال قاسم حداد وسعدية مفرح. ولكن سأذكر أسماء قد لا تكون أخذت حقها برغم الموهبة الفذة. مثلا: البحرين هناك (علي الجلاوي هذا الدلموني الشاعر بكل ما تعنيه هذه الكلمة من تقلبات وجنون، وأحمد الستراوي برزانته وقوة قصائده، وحسين السماهيجي بعوالمه وصوفيته الشعرية). وفي الكويت هناك تجربة دخيل الخليفة وهو شاعر ممتاز ذو لغة رائعة، ونشمي مهنا بصوته الشعري المختلف، ومحمد جابر النبهان صاحب الصوت الاقوي في القصيدة، وإبراهيم الخالدي وحسن الفيلكاوي. وفي عمان (محمد الشحي ، ) وفي السعودية هناك (جاسم الصحيح، حامد بن عقيل، حسن الصلهبي، حمدان الحارثي) هل تؤمن بما يسمي صراع الأجيال في الشعر العربي؟ للأسف هذا واقع نعيشه، وسببه الأساس العقلية الشخصية، وليس تعاقب الأجيال. قصيدة النثر هذا الكائن الإشكالي الذي تبدع فيه وتخرج إلي القراء وإلي العالم من خلال ثقبه، ما رأيك فيه؟ للأسف، رغم هذا الانتشار الكبير للنثر، إلا أنني لا أستسيغها ولي تحفظ عليها. ولكن بشكل عام فإن ما يُكتب بصدق وبفنية عالية يصل. والبقاء للأفضل علي كل الأصعدة. الملاحق الأدبية الأسبوعية هل تواكب الحركة الثقافية وهل أنت راض عنها وما رأيك فيها وفي القائمين عليها؟ جيدة نسبيا، وطبعا أطمح إلي المزيد منها. وهذا لا يخفي أن بعضها تحكمه الشللية، بعضها الآخر تديره عقول مفكرة واعية. من أين ستشرق شمس القصيدة العربية القادمة؟ من بغداد طبعا. ففي هذا البلد أصوات ما تزال تحفر بعمق في جسد الشعر: عقيل علي، عدنان الصايغ، سلمان داوود محمد، علي الطائي، عبد الزهرة زكي وآخرون. أغلب الشعراء، لهم قصص حب عديدة، فهم بلا حب لا يستطيعون الكتابة فأين موقعك من هذه الخارطة الآن؟ بل بدون أن يملأني دفء العشق الجنوني، لا أستطيع أن أعيش أيضا. إنه قوت العمر، عندما أسكن في أنثي يكون الشعر أعمق والألم أرحب والتأريخ منفتحا أمام العين.أنا وسط قصة حب جميلة ولدت منذ ثلاث سنوات وتستمر حاليا مع شاعرة رائعة هي مي الشراد.الرُّؤي الثَّلاثُ وَ تَعْويذَةُ الشَّكِشعر: محمد هشام المغربيالرؤيا الأوليلَسْتُ أعْرِفُهُمْ.وَ لكني أراهُمْ يَحْمِلونَ اللَّيْلَ في أعْبابِهِمْ، يَمْشونَ مَخْفورينَ بالنَّجْوي وَ مُنْتَحِلينَ أسْماءَ النُّجومِ وَ يَفْتَحونَ الأُفْقَ. وَ الصَّلَواتُ تَحْرُسُهُمْ ؛ فأنّي يَغْفَلوا يُنْضَ الصِّياحْ.الرؤيا الثانيةلَسْتُ أعْرِفُهُمْ.سَيَجْتَمعونَ حَوْلَ الجُبِّ، يَسْتَلّونَ في دِعَةٍ صَبياًّ، يَجْمَعونَ الأرْضَ وَ الرُّؤيا لَهُ، وَ يُطَهِّرونَ الجُرْحَ، يَفْتَتِحونَ تاريخاً جَديداً لا قَميصَ يُقَدُّ مِنْ قُبُلٍ وَ لا دُبُرٍ بهِ. حَيْثُما تَبْرُقْ سَماءاتُ احْتِلامِ الطِّفْلِ يُذْكُوا نَفْسَهُمْ طِيباً وَ يَنْسَلّوا خِفافاً في الصَّباحْ…. وَ معذبينَ تَلوكُهُمْ إِغْماضَةُ الحَظِّ البَخيلِ، يَمُتُّهُمْ سَفَرٌ قَدِيمٌ نَحْوَ هاجِسَةِ المَسافاتِ العَظيمةِ. أمْسَكَتَهُمْ لَعْنَةُ الإِشْراقِ، لَفَّتْهُمْ بِحَبْلٍ مِنْ نَهارٍ، عَلَّمَتْهُمْ كَيْفَ يَغْشَوْنَ اليَتامي كَالمَصابيحِ الأَثيرَةِ. ساءَهمْ أنّا بأوْهِيةَِ اليَبابِ نَلوكُ أحْلاماً نُطَرِّزُها بأيْقوناتِ فَأْلٍ – نَلْعَنُ الأبَوَيْنِ مِنْهُ علي الكَراهَةِ – نَطْبُخُ السَّلْوي وَ نَلْتَحِفُ المُني وَ اللَّيْلُ مَرْقَدُنا. يَغورُ الضَّوْءُ مُنْتَحِراً بداخِلِنا عَميقاً حَيْثُ أقْبِيَةُ البُرودَةِ وَ السُّباتْ. الرؤيا الثالثةلَسْتُ أعْرِفُهُمْ.يَفُضّونَ القُصورَ، وَ يَحْرِقونَ اللَّيْلَ وَ الغُلْمانَ وَ الحُرّاسَ وَ الأبْوابَ، يَنْتَزِعونَ ذاك اللاّمِعَ البَرّاقَ مِنْ جَبْهاتِ كُلِّ المُتْرَفينَ وَ يُخْرِجون التبر مِنْ شُرْيانِهِمْ، وَ يُضَمِّدونَ النّاسَ – هذي النّاسُ جُرْحٌ – يَكْسِرونَ الفَقْرَ وَ القاماتِ، يَرْتَفِعونَ فينا للسَّما، وَ يُوَزِّعونَ النّورَ خُبْزاً – ذي بضاعَتُنا إِلَيْنا أٌرْجِعَتْ – وَ اللهُ يَكْتُبُ أنْ يَظَلّوا بَيْنَنا حَوْلاً.سَيَرْوونَ الحِكايَةَ مِنْ جَديدٍ – دونَ أغْلاطٍ – وَ يَخْتارونَ أدْواراً أَجَلَّ لِبُؤْسِنا. فَلَكَمْ سَرَبْنا في العُصورُ قَطيعَ أفْواهٍ مُلَجَّمَةٍِ، بُطونٍ خَاوِياتٍ، نَحْمِلُ الأسْيادَ تَحْتَ هَجيرِ شَقْوَتِنا، نَراهُمْ صاعِدينَ نَيازِكاً نَحْوَ الثُّريا حامِلينَ النّورَ وَ الياقوتَ وَ الأعمارَ وَ النسوانَ في شَرَهٍ صَفيقٍ. نحنُ… / ما نحنُ؟ اللُّهاثُ طَغي وَ ألْجَمَني انصِداعُ الأسْقُفِ الكبري وَ بَعْثَرَةُ الجِهاتْ.ہہہ- خَوْفي بأَنّا قَدْ نَزيغُ عَنِ الطَّريقِ؟ عَلَتْ مآقينا طلولُ الظَّنِّ.- هذا فَأْلُكُمْ. لا نَزْحَ عَنْهُ.فَقُلْتُ: يا نَجّامَتي، ماذا يَكونُ إِذا انْقَضي الحَوْلُ البَهِيُّ؟ أمُنْصَرونَ؟وَ لَمْ تُجِبْ! وَ رَجِعْتُ للباقينَ أُخْبِرُهُمْ بما قالَتْهُ مُنْتَقِصاً عِبارَتَها عَنْ الحَوْلِ . انتشي الباقونَ. كَلَّمْنا دواخلنا بلاءاتٍ مُعَمّاتٍ، أبِقْنا كُلُّنا، وَ علي أديمِ النَّشْوَةِ النامي انبَطَحْنا ناصِبين قُري مِنَ الفَرَحِ الفَقيرِ، مُمَدَّدينَ عَلي أرائِكَ مِنْ هَناءٍ شائِخٍ، غافينَ في التَّسْويفِ أعْضاءً مُمَغْنَطَةَ السُري وَ دَماً وَقيدْ.التعويذةهذا دَمُ الدّيكِ المُرَقَّطِ،ذا البَخورُ،وَ مَوْقِدٌ،هاتـانِ رِجْـلا قِطَّةٍ،وَ لِسانُ بومٍ.كُلُّها لَيْلاً جَمَعْتُ علي الْتِماسِكَ،صُبْغَتي خَوْفي: إِلهَ النَّجْمِ أدْرِكْ قافِلاتِ البّدْوِ – قالَتْها العَجوزُ،وَ أدْرَكَ السَّهْمُ الطَّريدْ.0

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية