لندن ـ ‘القدس العربي’: عن دار المنى في السويد، صدرت الترجمة العربية للرواية السويدية الأكثر مبيعاً ‘المئوي الذي هبط من النافذة واختفى’. الرواية من تأليف الكاتب السويدي يوناس يونسون، وبترجمة الكاتب والمترجم الأردني علاء الدين أبو زينة.
وقد حققت الرواية أرقام مبيعات وضعتها بين أكثر الكتب مبيعاً في السويد وفي مختلف أسواق الكتب العالمية بعد ظهورها مترجمة إلى اللغات المختلفة. وقامت دار المنى بنقلها الى العربية في إطار سعيها إلى تعريف القارئ العربي بالأدب الاسكندنافي غير المعروف كثيراً للقارئ العربي.
تنتمي رواية ‘المئوي الذي هبط من النافذة واختفى’ إلى ضرب الكوميديا السوداء، ويصنفها بعض النقاد ضمن ما يدعى ‘رواية الطريق’ التي تحكي خبرة تشرد الشخصية وما تصادفه في الترحال. وتحمل الرواية القارئ في خط قص مليء بالأحداث والمفارقات التي تبقيه مشدوداً إلى الحكاية ومندهشاً كل الوقت. وتبدأ الرواية بقرار بطلها، ألَن كارلسون، الهرب من بيت المسنين الذي يقيم فيه في نفس يوم عيد ميلاده المئة. ومنذ اللحظة التي يهبط منها من نافذة غرفته تبدأ سلسلة من الأحداث الغريبة والمثيرة، حيث يلتقي بأشخاص طريفين، ويشتبك مع رجال عصابات وشرطة غير أكفياء. لكنّ خط قصّ آخر يواكب الحدث الراهن الغنيّ في حد ذاته، ويتعقب حياة ألَن كارلسون طوال المائة عام التي عاشها قبل أن ينتهي به المطاف إلى بيت المسنين. وفي هذا الخط، يتعقب الكاتب أبرز أحداث القرن العشرين، من اكتشاف القنبلة الذرية، إلى الصراع السوفياتي الأميركي، والثورة الإيرانية والحرب الكورية إلى الحرب الباردة. وبطريقة فريدة شديدة الإقناع، يسرد الكاتب كيف أن ألَن كارلسون نفسه كان وراء جملة من الأحداث التي غيّرت وجه القرن. وعلى سبيل المثال، كان هو الذي حلّ معضلة الكتلة الحرجة في القنبلة الذرية، وهو الذي أنقذ حياة الجنرال فرانكو في الحرب الإسبانية، وهو الذي أنقذ تشرشل من الاغتيال في إيران، وتسبب بموت ستالين، وكان السبب وراء منع قيام الحرب بين أميركا والاتحاد السوفياتي ودفهما إلى انتهاج سياسة نزع الأسلحة النووية ومنع الانتشار، وغير ذلك من السمات التي ميزت القرن الحادي والعشرين بأكمله.
في سؤال عن سبب اختياره رجلاً في المائة من عمره ليكون بطل روايته، يقول الكاتب يوناس يونسون: ‘كانت القصة بين عشرين واحدة أخرى تدور في ذهني على الأقل. وقد بدأت بعنوان الكتاب، وسرعان ما وقعت في حبه بمجرد أن ابتكرته. قلت لنفسي أنني أريد أن أقرأ كتاباً بهذا العنوان؛ لكن عليّ أن أكتبه أولاً. كنت أحتاج أيضاً إلى أن تكون الشخصية الرئيسية في المائة من العمر، لتكون قد عاشت ما يكفي من الأحداث خلال كامل القرن، لاستخدامها كدليل في خط قص يوازي رحلة الطريق في السويد اليوم’. لكن هناك رسالة أخرى يتحدث عنها الكاتب في الإجابة عن سؤال آخر، هي فكرة ‘الهبوط من النافذة’ في حد ذاتها، بمعنى اختيار الإنسان كسر إسار القدرية ومحاولة تغيير مسارات حياته والانطلاق بإرادته في طرق أكثر رحابة. يقول يونسون: ‘أعتقد أن على الكثير من الناس أن يتأملوا حقاً إمكانية الهبوط من نوافذهم. إن منظوري هو أن الناس يعيشون حياتهم مرة واحدة. لا يمكن أن أكون متأكداً، لكن هذا هو ما أظنه. أظن أنك إذا سألت نفسك ذات مرة: هي ينبغي أن أفعل…’ فإن الإجابة ينبغي أن تكون: ‘نعم’ بغير ذلك، كيف يمكنك أن تعرف أبداً ما لم يكن يجب أن تفعله؟’.
بمجرد ظهور ترجماتها في الأسواق الغربية، حظيت رواية يونسون بحفاوة ملفتة، فوصفتها مجلة ‘دير شبيغل’ الألمانية بأنها عمل ‘من الطراز الأول’، وكتبت صحيفة إن دي آر كولتور الألمانية أنها ‘خليط من فيلم الطريق ورواية المتشردين، مغلفة بقالب حداثي. قراءتها متعة حقيقية’. ووصفتها إلمندو الإسبانية بأنها ‘الظاهرة العالمية الجديدة.. التي تفيض بالمرح،’ وقالت عنها صحيفة كورييري ديلا سيرا الإيطالية انها ‘رواية جذلة… ظاهرة في عالم النشر،’ وكتب المعلق الأدبي في دابلايت النرويجية: ‘ساحرة بشكل لا يصدق، محكيّة ببساطة مبهجة’.
بعض المراجعات رأت أن فهم خط القص الموازي المتعلق بأحداث القرن العشرين سيتطلب معرفة القارئ بخلفيات الأحداث المهمة للقرن، وهو ما قد يشكل صعوبة بالنسبة للقراء الأصغر سناً. لكن مراجعات أخرى ترى أن ذلك قد يدفع القارئ إلى بعض الاستقصاء، إضافة إلى إمكانية قراءة الحدث في إطاره الحكائي المنسجم، في معزل عن الخلفيات التاريخية، ولو أن ذلك سيقلل من قوة الدلالات.
النسخة العربية جاءت في 375 صفحة من القطع المتوسط، بغلاف ورقي.