الصحافة الفرنسية تصعد حملتها ضد الرموز الإسلامية باسم حرية التعبير ووزير الداخلية ينتقد مواقف المسلمين
الصحافة الفرنسية تصعد حملتها ضد الرموز الإسلامية باسم حرية التعبير ووزير الداخلية ينتقد مواقف المسلمينباريس ـ القدس العربي ـ من شوقي أمين:أشعلت الصحافة الفرنسية نار الفتنة بتبنيها استراتيجية التصعيد في الاستمرار في نشر الرسوم الكاريكاتورية المهينة لسيد الخلق محمد صلي الله عليه وسلم، ولقد قررت صحيفة ليبراسيون الفرنسية من اليسار نشر رسمين من الـ 12 رسما بعد نقاش طويل دام ساعات في قاعة التحرير.ونشرت الصحيفة ملفا كاملا حول موضوع الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للمسلمين ورموزهم المقدسة مع نية واضحة في تغليب ما أسموه حق حرية التعبير المقدس أكثر من قداسة أي دين أو معتقد.وفي تبريرها لإعادة نشر تلك الرسوم قالت الصحيفة إن الخيار الذي قامت به الصحيفة، إنما ينطلق من حرصنا علي فهم وتأكيد مبدأ وقيم تضررت بسبب افتعال أزمة مبالغ فيها بالنظر الي موضوع النقاش المطروح في عملية استخفاف واضحة بمشاعر المسلمين.وتجنبت ليبيراسيون نشر الرسم الذي يظهر شخصا تمثيليا للرسول الكريم معتمرا عمامة عليها قنبلة لأن ذلك من شأنه حسبها أن يؤسس للبس وغموض غير مقبول بين المسلمين والإرهابيين .أما مجلة لونوفال أوبسارفاتور فلقد اختارت التطرف في إعادة نشرها لكل الرسوم علي موقعها الالكتروني مع نية الاستفزاز و التأكيد علي مساندتها وتآزرها مع المجلة الدنماركية جيلاندس بوستن، وفي محاولة منها أيضا لتوسيع رقعة التضامن للدفاع عن الثقافة التي تجمع الدول الغربية وعن القيم المشتركة الضامنة لحرية التعبير والإعلام.من جهتها لم تتردد أسبوعية كورييه أنترانسيونال في إعادة نشر الرسوم الـ 12 كاملة في موقعها الالكتروني مع التبجح بقيم الحرية والديمقراطية في شكل مهاترة يشتم منها رائحة المزايدة علي ما قيل ونشر لحد الآن في حق الرسول الكريم والمسلمين، وباسم حرية التعبير أيضا كتبت الأسبوعية أنه علاوة علي النقاش الدائر حول حرية التعبير واحترام القناعات الدينية، فإن المناسبة كانت سانحة للمصطادين في المياه العكرة من كل فج وصوب للاستحواذ علي الموضوع في إشارة الي الأصوات المسلمة التي نددت بالإساءة الي الرسول صلي اله عليه وسلم، وأضافت الأسبوعية إليكم الـ 12 رسما التي نشرتها (جيلاندس بوستن) الدنماركية في 30 من أيلول (سبتمبر)، هل تستحق هذه الرسوم كل هذه الضجة؟ انتهي تعليق الأسبوعية.وفي سياق هذا الموضوع، اكتفت يومية لوموند بإعطاء مساحة من التعبير الي ثمانية رسامين فرنسيين متخصصين في الكاريكاتير أجمعوا كلهم أن ثمة إشكالية كبيرة تحيط بتناول المسألة الدينية في المجال الإعلامي عموما والرسم الكاريكاتيري علي وجه الخصوص، وندد الكاريكاتيري المشهور (بلونتو) في رسم له الجمعة بالصاعقة التي نزلت علي رسامي الكاريكاتيري في الصحافة والهزلييين في انتقاد مبطن الي الموقف الإسلامي الذي استهجن رسوم الإهانة في حق نبي الإسلام، وأفاد بلونتو في افتتاحيته بصحيفة لوموند تحت عنوان كاريكاتير حر ، إننا لا نقدر الي أي حد أصبح انتقاد الديانات مستحيلا ، ففي رأيه أن الديمقراطية لا يمكنها أن تنشأ شرطة لمراقبة الرأي الحر ما عدا تلك التي تمس بحقوق الإنسان ، ولكن بلونتو لم يتساءل أبدا عن جدوي التهكم علي مقدسات المسلمين في وقت عصيب باتت تمر بها العلاقات الدولية خاصة في علاقة الغرب مع المجتمعات الإسلامية بعد الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) المشهود، كما أنه تجاهل معركة المفاهيم الحضارية والثقافية التي لم تحسم بعد سواء في هذا الخندق أو ذاك، فبالأمس فقط دعت الأسرة الدولية الي تقديم تعريف واضح للإرهاب نتيجة الخلط الواضح فيما هو مقاومة شريفة ومشروعة مثلما هو الحال في العراق المحتل وفيما هو إرهاب تستعمله تنظيمات مارقة لأغراض مختلفة، بالإضافة الي أن أية مقاربة لمسألة حرية التعبير يجب أن لا تتحول الي فكر معلب علي خلفية إيديولوجية الهدف من ورائها هو تغليب ثقافة علي أخري.وانضمت يومية لوفيغارو الي كتلة الصحف المدافعة علي حرية التعبير من منظورها مكتفية بنشر رسم واحد فقط أقل إثارة واقل تهكما من شخص الرسول صلي الله عليه وسلم، مع فارق جوهري يتمثل في الإشارة الي مخاطر الإفراط في التذرع بشعار حرية التعبير، وفي هذا المنحي كتب إيف تريارد في افتتاحيته الجمعة ان ممارسة الرقابة الذاتية قد تكون مفيدة في بعض الأحيان فهو يري أن ما يبيحه القانون يمنعه الضمير الأخلاقي في بعض الأحيان مضيفا إننا نستطيع أيضا أن نقوم باستعمال سيئ لحرية الصحافة .ساركوزي ينضم الي المبشرين بحرية التعبيركعادته، خرج وزير الداخلية ووزير الديانات نيكولا ساركوزي عن اللياقة الدبلوماسية التي تقتضيها مثل هذه الظروف وواجب التحفظ علي مسألة علي قدر كبير من الأهمية والخطورة علي علاقة باعتقادات الناس ودياناتهم، خاصة وأن الظروف الدولية الحالية مشحونة بالتشنج والتوتر وأن أي انزلاق في التعبير أو التوصيف من شأنه أن يؤجج مشاعر الغضب والنقمة، ويبدو أن ساركوزي لم يعتبر بعد من ثقل الكلمات التي نستعملها فلقد كادت فرنسا تحترق بسبب نعته شباب الضواحي الفرنسية من أصول مهاجرة بالحثالات والرعاع، ففي لقاء أجرته معه قناة إل سي يي ، (خاصة) أكد ساركوزي أنه يفضل الإفراط في استعمال الكاريكاتير بدل الإفراط في الرقابة، منتقدا في ذات السياق حملة الانتقادات التي وجهتها الدول الإسلامية ضد الدنمارك اني عندما أري تلك الفتاوي الصادرة ضد الدنماركيين شعبا وجنودا فإن ذلك أمر في غاية الإزعاج وحسب وزير الديانات فإن رفض المسلمين السخرية بمعتقداتهم يري فيه إيحاء بوجود خلل كبير في هضم المفاهيم الديمقراطية عند البعض في إشارة ضمنية الي بعض الدول الإسلامية.وبالنسبة لساركوزي فإن المحاكم هي من تقاضي فيما إذا ثبتت تجاوزات في كاريكاتير ما، وليس السلطات الدينية، وليس حكومات الدول الإسلامية ، مشددا علي تمسكه المطلق بحرية التعبير مفضلا المغامرة في جرح مشاعر الأشخاص بدل المغامرة في ممارسة الرقابة ، وفي تعريفه للديمقراطية أوضح ساركوزي أنها تعني له إمكانية الانتقاد وتبادل الحجج وأيضا الكاريكاتير خاصة عن طريق الرسم مفيدا في نفس السياق أن هذه هي الديمقراطية وهي ليست قابلة للتفاوض . وعلي عكس ساركوزي، تبني قائد الدبلوماسية الفرنسية فيليب دوست بلازي سياسة التهدئة ملحا في معرض تعليقه علي موضوع رسوم الكاريكاتير التي أساءت الي الرسول صلي الله عليه وسلم، بأن احترام الديانات هي من صلب مبدأ العلمانية المعمول به في بلادنا .