السيارات العمومية الفلسطينية صالونات سياسية متنقلة علي الطرق
السيارات العمومية الفلسطينية صالونات سياسية متنقلة علي الطرق رام الله ـ القدس العربي ـ من وليد عوض: تحولت السيارات العمومية الفلسطينية الي صالات متنقلة تشهد مناقشات سياسية حادة بين المواطنين الفلسطينيين علي خلفية الانتخابات التشريعية التي فازت فيها حركة المقاومة الاسلامية حماس بـ 74 مقعدا من اصل 132، والعجز المالي الذي تعاني منه السلطة الفلسطينية. فما ان تستقل احدي تلك المركبات ذات اللون البرتقالي المرخصة لحمل 7ركاب اضافة الي السائق وتنطلق علي احد الشوارع الفلسطينية، حتي يثار الحديث المفضل من هنا او هناك، وتبدأ النقاشات السياسية بين الركاب.ومن يتنقل في تلك المركبات العاملة ما بين المدن الفلسطينية وقراها ومخيماتها يشعر بانها تحولت الي صالونات سياسية حية يناقش فيها المواطنون الاوضاع السياسية التي يعيشونها محللين الاسباب والنتائج لفوز حماس وخسارة فتح في الانتخابات التشريعية اضافة الي بحث انعكاسات ذلك علي المستقبل الفلسطيني.ومن اللافت بان تلك السيارات وخاصة العاملة بين المدن والتي تسير لمسافات طويلة تجمع جميع شرائح المجتمع الفلسطيني، خاصة وان قوات الاحتلال الاسرائيلي لا تسمح بتنقل الفلسطينيين بين المدن بسياراتهم الخاصة وانما في وسائل النقل العام، ولذلك يتواجد في تلك المركبات الفقير والغني والطبيب والمدرس والعامل والتاجر وغيرهم من المواطنين.وهذا التعدد الثقافي والتعليمي بين هؤلاء الركاب يعطي مناقشاتهم طابعا خاصا فمنهم من يبدأ بخلط الامور وفق متابعاته السياسية ومنهم من يصحح هذه المعلومة او تلك لهذا المحاور او ذاك.وفي كثير من الحالات يتسم النقاش بالهدوء، خصوصا اذا ما كان هناك انسجام في تحليل الامور الفلسطينية في ذلك الصالون السياسي الذي يسير علي احدي الطرق الفلسطينية ولكن الصورة قد تختلف اذا ما كان الركاب ينتمون الي تيارات سياسية فلسطينية مختلفة وانقسموا حول وجهات نظر مختلفة.وقد تشهد تلك المركبات نقاشات حادة حول هذه القضية او تلك، الا ان المواطنين يحرصون عند الوصول الي مبتغاهم علي دعوة بعضهم البعض الي المسامحة اذا كانت هناك اساءة او سوء فهم حول القضية التي تمت مناقشتها.وتشهد تلك السيارات اتهام بعض المواطنين للمسؤولين الفلسطينيين بانهم حرامية ويجب تغييرهم ومحاسبتهم، ولكن تلك الاتهامات قد لا تمر مرور الكرام اذا كان في تلك السيارات مساعد مسؤول او احد اقاربه او حراسه او مرافقيه فعندها تأخذ النقاشات منحي اخر يصل حد التهديد والتوعد، او الاعتذار وسحب تلك التهم اذا ما كان مطلقها غير متأكد منها او غـير مسنود سواء بعائلته او بغيرها.اما النقاشات التي تتعلق بميزانية السلطة ووقف الدعم الغربي بسبب فوز حماس في الانتخابات التشريعية فتتفاوت الاراء بشأنها، ولكن المعظم يجمع علي ان الحرة تموت ولا تأكل بثدييها في اشارة الي رفض الفلسطينيين الخضوع الي شروط المانحين.وتقول احدي المواطنات التي كانت بجواري في احدي المركبات إن التهديد بقطع المساعدات وغيرها من التهديدات لا يمكن أنْ تؤثّر علي عمل الحكومة الفلسطينية القادمة، والسبب أنّ الفلسطينيّين يناضلون منذ أربعين عاماً بدون مساعدات أمريكية واوروبية ، واضافت أنها انتخبت حركة حماس بناءً علي ثوابتها ومبادئها ولن تتغير هذه الثوابت ولن يؤثر فيها قطع المساعدات أو غيرها. ورد عليها احد الركاب قائلا ان قطع المساعدات شيء تافه أمام صمود هذا الشعب، وهذا الشعب الذي يتعرّض يومياً للقتل والتدمير والتخريب لا يهمه قطع المساعدات .فيما يقاطعهم متحدث اخر قائلا خلينا انشوف حماس ماذا ستعمل لنا، والله خايف نبكي علي الايام الماضية ، فيضيف آخر قائلا المرحلة القادمة ستكون صعبة للغاية فضلاً عن أنّه لا يمكن إيقاف حركة حماس عن عملها، فهي كانت تعمل واستطاعت بناء المؤسسات التعليمية والصحية والخيرية وإغاثة الفقراء والمنكوبين، واضاف لا أعتقد أنّ قطع المساعدات سيؤثّر علي عملها .وقد تصل الامور مع هؤلاء الركاب الي بحث الميزانية العامة للسلطة ومناقشتها واوجه الصرف فيها الامر الذي يشعرك بان الفلسطينيين عندهم استعداد للتدخل في كل شأن يخص السلطة سواء من باب الانتقاد او التأييد. والملفت للنظر بان الكبار في السن او الصغار يشاركون في تلك النقاشات بغض النظر عن وعيهم بتلك القضايا، مستغنين بذلك عن الاستماع الي الاغاني من اجل التسلية في تلك الطريق التي تحتاج الي بعض الوقت من اجل اجتيازها. ولا يفوت ركاب السيارة العمومية بحث وضع المرشحين المستقلين الذين تركوا وظائفهم وخرجوا إلي لعبة لم يعرفوا نتـــائجها والتي كانت سلبية عليهم، خاصـــة وان لسان حال بعض من فشل في الانتـــخابات التشريعية الفلسطينية بعد أن دخلـــها كمستقل يقول ليس من الســـهل العـــودة للوظيفة الحكومية إلا من وراء القـــانون وبالواسطة وبعضهم لا يعارض بأن تستخدمه الحكومة المقبلة كمستشار أو استشاري أو ان ينافس علي ذات الوظيفة في حال عرضت مرة أخري علي جمهور الطالبين لها. واذا كانت السيارات العمومية تشهد مثل هذه النقاشات المكثفة، فلأن النقاش الشعبي للهموم الفلسطينية انتشر في كل مكان، سواء في السيارات او في اماكن العمل او حتي في المطاعم.