يمكن النزول عن غور الأردن

حجم الخط
0

تحينما صاغ يغئال ألون الخطة المسماة باسمه، بيّن فقال، ‘أرى أن سيطرتنا على غور الأردن ضرورة ينبغي عدم التخلي عنها’. ومر منذ ذلك الحين أكثر من أربعة عقود وزالت التهديدات التي كانت تقلق ألون، فقد انتقضت ‘الجبهة الشرقية’ وخطر حرب جيوش نظامية تهاجم من قبل أرض الأردن، لم يعد قائما. ولذلك لم تعد توجد أهمية لغور الأردن باعتباره حاجزا لغزو بري محتمل من الشرق.
في عصر أصبح التهديد المستقبلي المركزي من الشرق هو السلاح المائل المسار (الصواريخ البالستية والقذائف الصاروخية)، لم تعد توجد أية أهمية وأية فائدة من وجود قوات الجيش الإسرائيلي في غور الأردن. إن ادعاء مؤيدي السيطرة على الغور هو أنه لا يمكن في الشرق الأوسط توقع تطورات وتحولات لأنه قد يمكن في المستقبل هجوم عسكري بري من الشرق، ولهذا فإن وجود الجيش الإسرائيلي الدائم في غور الأردن ضرورة أمنية. لكن من الواضح أن قوة الجيش الإسرائيلي التي ستمكث على الدوام في غور الاردن ستكون محدودة المقدار بالضرورة، وستكون بسبب ظروف المكان في وضع سيء من جهة التضاريس مُعرضة للنيران من الشرق والغرب ومُعرضة لخطر التطويق الدائم.
حينما يقول وزير الدفاع موشيه يعلون وقت زيارته للغور، ‘أنا رجل استيطان… لا يوجد أمن في مكان لا يسكنه اليهود’، فإنه ينسى كما يبدو درس حرب يوم الغفران. فبلدات هضبة الجولان فضلا عن أنها لم تُهيئ ‘الأمن’، أصبحت عبئا واحتيج إلى اخلائها بسرعة.
واذا تحقق مع كل ذلك السيناريو الأقل احتمالات لهجوم عسكري من الشرق فإن الجيش الإسرائيلي يملك قدرة عملياتية ممتازة للقضاء على قوات متقدمة تقدما عميقا في أرض الأردن. واذا لم يتم القضاء على جزء من قوات العدو المتجهة غربا فسيدخل الجيش الإسرائيلي آنذاك الضفة الغربية من الشمال والجنوب ويستطيع بالطبع أن ينقل قوات في الجو ويُنزلها لإغلاق الشوارع الرئيسة القليلة التي يمكن التقدم فيها من الغور إلى الغرب.
‘وفي كل ما يتعلق بتهديد حرب العصابات وإرهاب المنظمات عرفنا من قبل أن أنجع طريقة للمواجهة هي التأليف بين الإستخبارات وعائق أمين بين إسرائيل وأراضي السلطة الفلسطينية (الجدار الأمني). وبعد أن تُقام الدولة الفلسطينية وبالإعتماد على الترتيبات الأمنية معها، ستكون مصلحة الفلسطينيين في منع بناء قاعدة إرهاب في أرضهم، وإحباط دخول إرهابيين من الأردن. وستمنع قوات الأمن الأردنية ذلك من الجهة الشرقية لنهر الأردن.
واذا تناولنا خطر تهريب وسائل قتالية إلى داخل الدولة الفلسطينية من الشرق، فإن من المناسب أن يتم تقوية عائق نهر الأردن مع نشاط الأردن وفلسطين لمنع التهريب، وأن يكون هناك وجود إسرائيلي في المعابر الحدودية، وينبغي أن يضاف إلى ذلك محطات الإنذار في باعل حتسور وجبل عيبال حيث سيكون وجود إسرائيلي أيضا. ينبغي عدم التخلي بالطبع في كل تسوية ستكون مع الفلسطينيين عن السيطرة الالكترو- مغناطيسية والجوية الإسرائيلية التي ستسهم في جمع المعلومات الاستخبارية أيضا.
ويتبين من كل ذلك أن قول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ‘سأوقع على تسوية دائمة اذا اشتملت فقط على بقاء إسرائيل في الغور’، هو قول سياسي لا يعتمد على تحليل عسكري مختص. يستطيع نتنياهو في الحقيقة أن يحاول احراز موافقة فلسطينية على وجود عسكري في الغور، بل إن فريق وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يساعده على ذلك، لكن يجب عليه أن يفهم أن للسيطرة على الغور فائدة أمنية هامشية قياسا بالمكسب الأمني الإستراتيجي الذي سنناله من التوقيع على اتفاق سلام مع الفلسطينيين.

هآرتس – 23/12/2013

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية