خطت الحكومة المصرية خطوة خطيرة يوم الأربعاء الماضي باعلانها جماعة الاخوان المسلمين ‘تنظيما ارهابيا’ وذلك بعد هجوم استهدف فجر الثلاثاء مقر مديرية أمن الدقهلية في مدينة المنصورة أوقع 15 قتيلا معظمهم من رجال الشرطة.
بقرارها هذا، تكون الحكومة المصرية، قد أدخلت البلاد في حلقة مهلكة ستستنزف طاقاتها، وتعيد تأسيس الدولة الأمنية العميقة القائمة على حلف الفساد والاستبداد.
يتنكّر هذا القرار لبديهيات العمل الأمني الحقيقي الذي يستهدف حماية البلاد وحقوق المواطنين وكراماتهم، فهو يحاكم ويحكم دون انتظار لنتائج تحقيق تتثبّت فيه الجهة (أو الجهات) المسؤولة عن العملية، وهو أمر لم يكن يحصل في كوارث أكبر بكثير مثل غرق المئات في عبّارة او قطار او حريق، فحينها كانت آليات التحقيق والنيابة والقضاء تعمل بحكمة النمل وبطئه بحيث تسمح للفاعلين، وغالباً ما يكونون مرتبطين بشبكات الفساد والأمن نفسها، بأخذ الحيطة والهروب او المحاكمة – لو اضطر الأمر – غيابياً، لتخرج في النهاية بأحكام مخففة أو بصفقة مع أرباب الحكم الذين يديرون البلاد من وراء الكواليس.
يتنكر هذا القرار أيضاً لبديهيات العمل السياسي، فهو باعلانه الإخوان المسلمين تنظيماً إرهابياً يقوم عملياً بمحاولة مستحيلة فإقصاء اتجاه الاسلام السياسي أمر لا يمكن لآليات العمل الديمقراطي أن تتمكن منه إلا اذا حطمت العملية السياسية برمّتها.
بذلك تفقد الحكومة المصرية، وهي حكومة انتقالية بالتعريف، آخر ظلال الشرعية الثورية التي تزعم امتلاكها، لكن الأهم من ذلك أنها باقصائها للاخوان فانها تقصي نفسها عن القرار في مصر لتصبح مجرّد ذراع شكليّة لأجهزة الأمن التي صدمتها الثورة المصرية في 25 كانون الثاني/يناير وكانت تعدّ العدة منذ ذلك الحين لتعود لاستلام مقاليد الأمور.
كان قرار ازاحة الرئيس المصري في 3 تموز/يوليو 2013، محاولة هذه الأجهزة الأمنية لاعادة الدولة المصرية العميقة التي تقوم على تحالف العسكر – الأمن ورجال الأعمال. وقد حاولت المؤسسة العسكرية، الاستناد في هذا القرار إلى تراجع في شعبية الإخوان المسلمين الذي ساهمت فيه أخطاء سياسية لهم، والتي قام إعلام رجال الأعمال والمال السياسي العربي بتضخيمها والمبالغة فيها.
بقبولها لاقصاء الاخوان وازاحتهم بهذه الطريقة وبتحالفها مع المؤسسة العسكرية، قامت النخبة السياسية المصرية المعادية للإخوان، ناصرية وليبرالية ويسارية، بدكّ الأسس التي قامت عليها الثورة المصرية، وفتحت بذلك سكّة اضطهادها اللاحق، أو استتباعها الذيليّ مقابل فتات الكعكة السلطوية.
واذا كان قرار ازاحة الرئيس مرسي تدشيناً لمرحلة عودة الدولة الدكتاتورية المموّهة، فان استمرار فعاليات الحراك المدني المضاد للحكم المصري وتوسعها الى فئات جديدة لا ترتبط بالاخوان المسلمين جعل أركان الحلول الأمنية يقررون فتح النار على التيار السياسي بأكمله واستعادة الدولة الأمنية الصريحة.
اضافة الى اعلانها الحرب على الإخوان في مصر، فإن قرار الحكومة المصرية هو إعلان لحرب عربية عربية، ستضيف جروحاً جديدة على الجسد العربي المنهك، وتسيء لدول تحترم التداول الديمقراطي ولحركات الاسلام السياسي وزن نافذ فيها مثل تونس والمغرب وليبيا والأردن والجزائر وغيرها.
يتجاهل القرار بشكل مقصود الفارق بين تيار الإخوان، والاتجاهات الراديكالية الاسلامية المسلحة، دافعاً بعنفه وقسوته نحو تحويل الجماعة (أو أطراف منها) الى العنف ليتمّ التعامل معها بالحديد والنار، وبذلك تعود سدّة القرار لقادة الأجهزة الأمنية لا للسياسيين، وهي المعادلة نفسها التي استخدمتها الأنظمة الدكتاتورية شرقاً وغرباً.
بعد العراق الذي قام الاحتلال ووكلاؤه بهدمه وتحويله الى مذبحة مستمرة، وسوريا التي يقود فيها الدكتاتور الحرب على شعبه، يفتح قرار الحكم الجديد في مصر الباب لحرب أهليّة مستعرّة، بما يجعل ثلاثة بلدان عربية ساهمت في تأسيس حضارة العالم، خارج التاريخ، تاركاً المنطقة نهباً لقوّتين عسكريتين إقليميتين مندفعتين تدوران في فلك قوتين عالميتين: اسرائيل – أمريكا وايران – روسيا.
الاستبداد، مرّة أخرى، يقسم بلده ليحافظ على مصالحه، ويتحالف مع الخارج ليشرعن قتل شعبه!
مقال واقعي يبين خطورة القرار الذي اتخذته السلطة الفاشلة الانقلابية والقمعية. تحالف الجنرالات ورجال الاعمال الفاسدين سيقود مصر الى ظلام ومصير لا يحمد عقباه. الان مصر في انقسام خطير وفوضى ستؤثر على الشعب وتقود الساحة المصرية الى عدم الاستقرار. السلطة الحاكمة الان ارهابية بمعنى الكلمة حيث القتل والسجون الملاء بشباب مصر ورجالها بالإضافة الى التضليل والكذب المكشوف والسموم التي تبثها فضائيات الفساد والتحريض بين الشعب المصري لتزيد الفرقة والانتقام فيما بينها. السلطة تتخبط مما يدل على فشلها ولا تدري كيف تتصرف. اين الحكماء في مصر للمساعدة على الخروج من ازمتها فهم يخافون من قول كلمة حق لمعرفتهم بان مصيرهم القتل او السجن!!!!