مارتن إندك تنقل بين رام الله وتل أبيب وكان ‘يشتري ولا يبيع الكلام’ وتدخل بطرح تساؤلات تمهيدا لعرض كيري ‘اتفاق الإطار’
29 - ديسمبر - 2013
حجم الخط
0
غزة ـ ‘القدس العربي’ من أشرف الهور: يؤكد مسؤولون فلسطينيون أن خطة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لإبرام ‘اتفاق إطار’، كمخرج يمنع فشل المفاوضات الجارية لا تزال ‘ضبابية’، إذ لم يقدم منسق المفاوضات مارتن إندك خلال لقاءات أجراها في الأيام الماضية مع مسؤولين في رام الله وتل أبيب ‘أشياء عينية’، فيما أعلن صائب عريقات أن العام المقبل سيكون عام الدولة الفلسطينية، في الوقت الذي كثرت فيه التحذيرات من انفجار الوضع حال أقرت إسرائيل مشروعات بناء جديدة في المستوطنات. ولم يشأ العديد من الساسة الفلسطينيين في مركز صنع القرار الحديث عن العملية التفاوضية وآخر ما وصلت إليه، خاصة في ظل عدم توفر أية معلومات ذات أهمية عن خطة ‘اتفاق الإطار’ الذي سيطرحه كيري خلال زيارته القادمة، لكن أحد المسؤولين وفضل عدم ذكر اسمه قال لـ ‘القدس العربي’ أإن مارتن إندك المساعد الأول للوزير الأمريكي، عقد سلسلة لقاءات بين مسؤولين فلسطينيين وإسرائيليين، وكان يتحرك بشكل نشط بين رام الله وتل أبيب، خلال الأيام الماضية، دون أن يقدم للطرفين الخطوط العريضة لـ’اتفاق الإطار’. ويشير المسؤول الفلسطيني إلى أن إندك كان خلال اللقاءات يستمع لوجهات النظر الفلسطينية حول حلول الدولة المنشودة، وتحديدا السيطرة على الحدود مع الأردن، ورحيل المستوطنات، وأنه كان يتدخل في كثير من الأوقات ويطرح تساؤلات على الجانب الفلسطيني، لمعرفة آرائهم حول بعض المواقف، ومنها مثلا الحدود، والتواجد في الأغوار، وفق ترتيب معين، دون أن يشير في ذات الوقت على أن ما يطرحه هو ما ترنوا إليه الخطة الأمريكية المقترحة، حيث فسر المسؤول الفلسطيني سلوك إندك في المثل الشعبي بأنه كان ‘يشتري ولا يبيع’. الدوائر الضيقة في السلطة الفلسطينية التي التقت بإندك، استشفت أن الخطة ربما تطرح وجودا إسرائيليا بترتيب معين مع الولايات المتحدة في الأغوار وعلى المعابر، لكي تحظى بالحد الأدنى من قبول الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، مع زيادة بسيطة في مساحة الأراضي القابلة للتبادل ضمن الحل النهائي. لكن المسؤول الفلسطيني قال لـ ‘القدس العربي’ أن كل ما جرى كان استنباطا، وأن الجميع ينتظر قدوم كيري لاستلام بنود الخطة الأمريكية للحل الإنتقالي المسمى بـ’اتفاق الإطار’، مشيرا إلى وعد أمريكي سابق بأن يكون هناك نص صريح على إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة على حدود العام 1967. وبحسب ما وصل ‘القدس العربي’ من معلومات فإن أعضاء من فريق إندك عقدوا جلسات أخرى مع مسؤولين أمنيين وعسكريين من الطرفين، ركزت في مجملها على بحث الترتيبات الأمنية خلال تطبيق ‘اتفاق الإطار’. وقال الدكتور صائب عريقات عضو اللجنة التنفيذية ورئيس طاقم المفاوضات إن العام المقبل سيكون ‘عام عودة فلسطين إلى الخارطة السياسية والجغرافية’. وأكد في تصريحات لإذاعة موطني أن السلام الذي تسعى إليه القيادة الفلسطينية ‘لن يكون بأي ثمن، ولن يتحقق إلا بدولة فلسطينية، وعاصمتها القدس الشرقية، وبحل قضية اللاجئين من كل جوانبها، وإطلاق حرية الأسرى’. وأضاف ‘نتوجه إلى شعبنا بالشتات ونقول لهم نحن 11 مليون فلسطيني لا تفرقنا هوية ولا بقعة جغرافية، ولم يولد أي منا إلا لتحرير فلسطين’. وتمارس الإدارة الأمريكية في هذه الأوقات ضغوطا على الطرفين خاصة الفلسطيني، للوصول إلى الاتفاق، في ظل تباعد وجهات النظر بينهما حول مواضيع الخلاف، خاصة في ظل الرفض الفلسطيني الذي عبر عنه الرئيس عباس لأي تواجد عسكري إسرائيلي على حدود الدولة. ولا تزال هذه النقطة هي جوهر خلاف الطرفين، ولا يعرف بعد كيف سيتم طرح هذه النقطة في ‘اتفاق الإطار’ الأمريكي. هذا وسيغادر الرئيس الفلسطيني لعقد اجتماع مع وزراء الخارجية العرب في مقر الجامعة العربية في القاهرة، لعرض الخطة الأمريكية الجديدة لأخذ رأيهم فيها، وكان معلومات أكدت وجود ضغط من دول عربية على عباس للقبول بمقترحات الإدارة الأمريكية وكانت الإذاعة العبرية نقلت قبل أيام تصريحا منسوبا للرئيس محمود عباس أثناء لقائه وفدا من معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، قال فيه إنه لا يرفض احتمال التوصل إلى اتفاق إطار خلال المفاوضات مع حكومة إسرائيل، مشترطا أن لا يتجاوز ذلك الثلاث سنوات ‘فترة انتقالية’ حتى التوصل إلى اتفاق نهائي. هذا ومن المقرر أن يعود كيري للمنطقة خلال أيام لإجراء محادثات سلام، سيطرح فيها خطته ‘اتفاق الإطار’ بشكل رسمي على الجانبين، خلال لقاءات يعقدها مع كل من عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وتسعى واشنطن للوصول لـ ‘اتفاق الإطار’ خشية من انهيار المفاوضات، ولكي يمهد الطريق أمام إبرام اتفاق نهائي، ضمن مفاوضات تستمر لعام آخر نهاية فترة التسعة شهور الحالية. ويشمل الإتفاق هذا بنود لحل الملفات العالقة الأخرى كالقدس واللاجئين والمياه. وفي إسرائيل ذكرت مصادر مسؤولة بأن وثيقة إعلان المبادئ التي من المتوقع أن يطرحها الوزير كيري على الجانبين ستتضمن إشارة مباشرة إلى خطوط عام 67 وفكرة تبادل الأراضي في إطار التسوية الدائمة. ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن تلك المصادر أن نتنياهو سيوافق كما يبدو على هذه الوثيقة لكي لا تتهَم إسرائيل بإفشال المفاوضات ومن أجل الحصول على موافقة الجانبين الفلسطيني والأمريكي على تمديد المباحثات بفترة عام آخر. وأشارت المصادر إلى أن نتنياهو كشف خلال مداولات مغلقة عن أن الوزير نفتالي بينت رئيس حزب ‘البيت اليهودي’ لمح بأنه لن ينسحب من الحكومة حتى إذا تبنت الحكومة الوثيقة الأمريكية، ورجحت المصادر المسؤولة أن تضيف إسرائيل ملاحظات على هذه الوثيقة، مما سيسمح لحزب ‘البيت اليهودي’ بالبقاء في صفوف الائتلاف الحكومي. لكن الإذاعة ذكرت أن الوزير الإسرائيلي بينت رفض التعقيب على هذه الأقوال. وبالتزامن مع ما كشف في تل أبيب، فقد وافقت حكومة نتنياهو على أسماء 26 أسير فلسطيني لإطلاق سراحهم ضمن الدفعة الثالثة من الأسرى الذين جرى الإتفاق على إخلاء سبيلهم ضمن تفاهمات عملية المفاوضات. وهؤلاء الأسرى ومجموعهم 104 أسير جرى اعتقالهم قبل اتفاق أوسلو، ويقضون محكوميات عالية في سجون الاحتلال، وأطلقت إسرائيل سراح دفعتين سابقتين، تضم كل واحدة 26 أسيرا، ومن المتوقع أن يطلق سراحهم بعد أن جرى نشر أسمائهم من قبل مصلحة السجون الإسرائيلية خلال الـ48 المقبلة، أي بحلول ليل الاثنين. وشملت القائمة لأول مرة ثلاثة أسرى من مدينة القدس، ويتضح من الأسماء التي وردت فيها أن أصحابها أمضوا محكوميات تراوحت بين 19 و 28 عاما. وقال بيان صدر عن مكتب نتنياهو أن هؤلاء الأسرى جرى اعتقالهم بسبب ارتكابهم هجمات أودت حياة إسرائيليين، قبل اتفاقية أوسلو في العام 1993. ومن المقرر أن يتم عقد استقبال شعبي ورسمي لهم يشارك فيه الرئيس عباس في مقر المقاطعة بمدينة رام الله. ووافقت إسرائيل على إطلاق هؤلاء الأسرى القدامى، في حين وافق الفلسطينيون على عدم التوجه للحصول على عضوية منظمات الأمم المتحدة، ضمن تفاهمات عملية المفاوضات. وعلى الرغم من أن الراعي الأمريكي يرى في خطوة إطلاق الأسرى ‘إيجابية’ إلا أن مجمل العملية السلمية مهدد حال وافقت إسرائيل على مشروع يقضي ببناء 1400 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية. فقد ذكرت تقارير إسرائيلية أن الحكومة ستعلن عن بناء 1400 وحدة سكنية في مستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية بالتزامن مع الإفراج عن الأسرى. وبحسب المخطط ستقيم 600 من هذه الوحدات السكنية في حي رامات شلومو الاستيطاني في القدس الشرقية. وسبق وأن انهارت المفاوضات السابقة في أكتوبر من العام 2010 بسبب رفض حكومة إسرائيل وقتها وقف أعمال البناء في المستوطنات، والتي يراها الفلسطينيون تغيير للواقع وفرضا للحقائق على الأرض، إذ يؤثر وجودها كثيرا على شكل الدولة الفلسطينية.