عذابات نتنياهو

حجم الخط
0

”1. ها هي كلمة طيبة بل وربما كلمتين عن بنيامين نتنياهو: رئيس الوزراء يكافح. هذا ليس بسيطا. نتنياهو يقف أمام جملة ضغوط هائلة، من جانب وزير الخارجية كيري، مسنودا بالرئيس اوباما، ومن جانب اعضاء حزبه الذين لا يسمحوا له بالحراك حتى ولو شاء. هذه ظروف عمل متعذرة. يتعين على نتنياهو أن يكون يقظا كل الوقت، في ذروة الأهلية، وألا يكبو، ألا يتعهد بأمور من شأنه أن يندم عليها، ألا يأخذ قرارات متسرعة، واذا ما سبق أن أخذ كهذه، مثل تحرير السجناء، فعندها أن يتعذب أمام عشرات العائلات الثكلى التي تتظاهر تحت نافذة بيته وتناشده ألا يسير نحو نبضة التحرير التالية.
‘نتنياهو لم يأت من ‘السلام الآن’. فلديه، وربما خلافا لسلفه، مذهب متبلور وحرص حقيقي على الدولة وليس فقط على نفسه. هذه سنته الثامنة كرئيس وزراء وهو يضطر الى أن يصد بلا انقطاع سياسة فُرضت عليه، سياسة لم يؤمن بها أبدا. هذه تراجيديا غير بسيطة. يمكن الاعتقاد بأنه صادق مع نفسه حين قال أمس في جلسة الحكومة: ‘الأساس هو الاعتراف بدولة يهودية. كيف يمكن أن نقول خلاف ذلك؟’. نتنياهو لم يتحدث من الورقة. فقد رفع صوته وتحرك من جهة الى اخرى ولهذا فقد بدا حقيقيا بل وربما يمس شغاف القلب.
‘إن محاولة نتنياهو الامساك بكل مبرر كي يمتنع عن التقدم نحو ما يبدو له مصيبة سياسية، جديرة بالتقدير. فذات مرة طالبنا من القيادة الفلسطينية أن تكافح الارهاب. أما اليوم فنحن نطالب بوقف التحريض. شتاينيتس، الذي يتعين عليه أن يعاني معه ايضا، جلب أمس الى جلسة الحكومة عرضا عن التعليم الفلسطيني الفاسد. يدور الحديث عن موضوع هام، يمكن أن نجد له لأسفنا موازيا في الطرف الاسرائيلي ايضا. المشكلة هي أن هذا يعتبر لدى الامريكيين مثابة ‘مصادر ازعاج يومية’ في الطريق الى الحل التاريخي الكبير للدولتين، والذي سيمنح الطرفين فضائل هائلة اخرى.
‘نتنياهو، باختصار، دُحر الى الخلف من قبل قوى أكبر منه، هنا وهناك يترنح، ولكنه لا يزال يحافظ بعناد على ما يبدو له هاما. هذا جهد هائل له ثمن. وفي هذه الايام يعاني نتنياهو من التهاب في الجيوب الأنفية، ما يسميه بدعابة مريرة ‘حمى الكهوف’. وحتى لو لم تكن تفكر مثله، فيمكن لك أن تتماثل مع الرجل الذي يكلفه منصبه حقا بصحته.
‘2.’ وزير الخارجية افيغدور ليبرمان قال أمس: ‘سياسة الخارجية مبنية على العلاقات مع الولايات المتحدة’. وفي سياق الكلمة التي ألقاها أمام سفرائنا في الخارج أعلن ليبرمان: ‘توجد فرصة سياسية بسبب الوضع في العالم العربي ويجب استغلالها’.
‘ماذا حصل؟ فقبل سنتين فقط أو ثلاثة، في ولايته السابقة، أعلن ليبرمان بأنه سيبحث لنا عن حلفاء جدد في العالم، بديل الولايات المتحدة، وبعد أن اصبح شخصية غير مرغوب فيها في واشنطن وفي عواصم اوروبية اخرى أعلن ليبرمان بأنه لن يجلس في المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين لأن له مصلحة شخصية إذ أنه يسكن في مستوطنة نوكديم. أما اليوم، بالمناسبة، فانه يفعل كل شيء كي يدخل الى المحادثات.
‘ماذا نفيد نحن من هذا التذبذب؟ أولا، أن وزير الخارجية عرف دوما بأنه لا يوجد أي معنى للنزهات التي يقوم بها في جنوب امريكا وفي افريقيا كي يستبدل لنا الامريكيين. كل شيء كان نوعا من الاستعراض المحرج، مثل العذر الصبياني على تغيبه عن المحادثات السياسية.
‘ثانيا، يُشخص الامريكيون ضعفه. فليبرمان 2013 هو رجل شبع اخفاقات. الوحدة التي عقدها مع الليكود في الانتخابات فشلت، والخطة للسيطرة على بلدية القدس انهارت، ومحاولة الارتباط بحزبه مع الليكود رُدت، وفي الاستطلاعات حزبه ‘اسرائيل بيتنا’ يحصل على 5 6 مقاعد فقط. وحتى المحاكمة التي جرت ضده في قضية السفير لم تُضف له نقاطا في الجمهور، رغم أنه خرج بريئا. وهكذا، بعد بضع محادثات مع كيري يخرج وزير الخارجية ليبرمان فجأة مُحبا للسلام والتسوية السياسية. الامريكيون يبتسمون. فقد دفعوا به الى الفرن وحصلوا على خبزا جديدا. إن لم يكن بطعم ألذ فعلى الأقل أطرى.

معاريف 6/1/2014

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية