‘نكتة شارون’

حجم الخط
0

وجوده عديدة كانت لاريك شارون، وكل من اتصل به تعرف على جانب ما من شخصيته. الزعيم العسكري، السياسي، رجل العائلة والصديق. وحس الدعابة لدى أريك كان أيضا من مزاياه الشهيرة، ولكن ما لا يعرفه كثيرون هو أن حس الدعابة هذا خدمه غير مرة كأداة عمل ايضا.
نلت شرف منصب المستشار السياسي لشارون عندما كان وزيرا للخارجية في حكومة نتنياهو. ومع تعيينه بدأت تنطلق اصوات عالية حول مدى التعاون الذي سيحظى به من زعماء العالم. لقد كان شارون يعتبر حتى ذلك الوقت في نظر الكثيرين شخصية غير مرغوب فيها.
رحلة أريك الاولى الى لقاءات سياسية في الخارج كانت الى الولايات المتحدة. وبدا الضغط ملموسا جيدا في الهواء. وكانت التعليمات هي الاستعداد لكل السيناريوهات. وخطط لشارون لقاء مع الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان في نيويورك. اعد موظفو وزارة الخارجية لاريك اوراق موقف في كل المواضيع على جدول الاعمال: بدء من المسيرة السلمية، عبر قوات الامم المتحدة على حدود اسرائيل وحتى الشكاوى الفلسطينية في مسائل مختلفة. ولكن لم تعد أي ورقة موقف شارون للكمين الذي اعده له الامين العام للامم المتحدة. فمع بداية الجلسة مع الامين العام للامم المتحدة توجه اليه عنان بالكلمات التالية: ‘سيدي وزير الخارجية. تلقيت هذا الصباح فاكسا عاجلا من رئيس وزراء لبنان (ولوح عنان بالفاكس) روى أن امس في الساعة الواحدة صباحا حطمت طائرات سلاح الجو فوق بيروت. كيف تعتقد أن الاطفال اللبنانيين، الذين استيقظوا على اصوات الانفجارات الفوق صوتية بفزع سيتعلمون العيش بسلام مع اسرائيل.
توجه فظ كهذا لوزير خارجية جديد كان اسوأ من كل اجلاس على كرسي منخفض. فليس الكياسة الدبلوماسية تغيب عن اقوال عنان لم تكن هنا أي كياسة على الاطلاق. كان واضحا بان عنان لا يقصد شارون نفسه، بل عناوين الصحف في الغد التي ستروي عن التوبيخ الذي تلقاه وزير الخارجية الاسرائيلي في زيارته الرسمية الاولى الى الامم المتحدة.
وساد الغرفة صمت مطبق. شارون فقط لم يفقد سكينته على الاطلاق. فقد انصت لعنان، واحتسى بعض الماء من كأس كان على الطاولة وأجاب بتلقائية، ونظرة بريئة على وجهه: |سيدي الامين العام، انا ابن نحو 70، واجدني ملزما بان اعترف باني بصعوبة جمة انجح في أن ابقى يقظا في ساعة متأخرة عن الساعة التاسعة ليلا. ليس عندي أي فكرة كيف يمكن للناس أن يؤدوا وظائفهم في الواحدة بعد منتصف الليل؟’ فانفجر طرفا الطاولة في ضحك صاخب. وما أن هدأ الضحك حتى قال الامين العام للامم المتحدة بابتسامة: ‘سيدي وزير الخارجية، سأقدر جدا اذا ما حرصت على ان تذهب طائرات سلاح الجو الاسرائيلية الى النوم هي الاخرى مبكرا في التاسعة ليلا’.
هذا ايضا كان شارون في عظمته. فقد فهم بالضبط الى اين يريد الامين العام ان يقود الجلسة. رأيت سياسيين خبراء ينفجرون بالاتهامات في مثل هذه اللحظة او بالاعتذارات. شارون لم يكن رجل اعتذار. ولكنه عرف ايضا بان’ المواجهة كانت ستخدم عنان. وفهم شارون الوضعية الصعبة، واختار لها الاداة المناسبة وخرج من الوضعية في افضل شكل ممكن. الهدوء الذي ميزه في ميدان المعركة ميزه أيضا في الجبهة السياسية. ‘
‘احد لا يقدر انحناء القامة’، درج اريك على القول. في حياته وفي موته، لم ينحني شارون.

‘ المستشار السياسي لاريك شارون في عهد ولايته كوزير للخارجية
معاريف 13/1/2014

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية