الرباط ـ ‘القدس العربي’ من محمود معروف: تتوجه الأنظار يوم غد الجمعة الى مدينة مراكش المغربية حيث تعقد الدورة الـ20 للجنة القدس الاسلامية برئاسة العاهل المغربي الملك محمد السادس وحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والتي تعقد على مستوى وزراء خارجية 16 دولة اسلامية لبحث الاوضاع بالمدينة المقدسة ودعم صمود سكانها وحماية الاماكن المقدسة في مواجهة سياسة التهويد الاسرائيلية.
ورغم أهمية القضايا المطروحة على جدول أعمال هذه الدورة التي تعقد بعد 12 عاما من انعقاد الدورة الـ19 ويحضرها لأول مرة محمود عباس (ابو مازن) رئيسا، فإن الحضورالايراني وتمثيليته، حظي باهتمام اعلامي مغربي بسبب العلاقات الدبلوماسية المقطوعة بين المغرب وايران منذ 2009 على خلفية الازمة الايرانية البحرينية ووقوف المغرب الى جانب البحرين واتهامه لايران بنشر التشيع بالمغرب.
وقد يكون قطع العلاقات الايرانية المغربية احد اسباب عدم عقد اجتماعات لجنة القدس خلال السنوات الماضية تحاشيا لأي احتكاك دبلوماسي مباشر بين البلدين، وان كانت الدعوات لحضور اجتماعات اللجنة التي تأسست 1979 باجتماع لوزارة خارجية الدول الاسلامية بفاس، من اختصاصات الامانة العامة لمنظمة التعاون الاسلامي، الا ان استقبال مسؤول ايراني بالمغرب، لا يمكن ان يتم دون اتصال مع مسؤولين مغاربة واشارة لرغبة بتحسين العلاقات لم تكن متوفرة.
وقد تكون مشاركة يوسف العمراني، الوزير المغربي السابق بالخارجية في اجتماع وزراء خارجية دول حركة عدم الانحياز، في 28 اب/ اغسطس 2011، بطهران اشارة لم تتواصل لهذه الرغبة بعد ان ارتفعت وتيرة توتر العلاقات الايرانية الامريكية وايضا مع دول الخليج العربية التي يساندها المغرب بالاصافة الى ان المشاركة بمؤتمر يضم اكثر من 40 دولة يختلف عن اجتماع يقتصر على 16 دولة.
ومرت العلاقات الإيرانية المغربية بحالة مد وجزر، إذ تميزت قبل انتصار ‘الثورة الإسلامية’ في إيران بنوع من التوافق السياسي بما يعنيه من تمثيل دبلوماسي، غير أن منح حق اللجوء السياسي للشاه بالمغرب بعد ‘الثورة’ أدى إلى القطيعة، واتخذ خلالها المغرب موقفا مناقضا للنظام الجديد هناك، وأثناء الحرب العراقية الإيرانية أبدى الملك الراحل الحسن الثاني في مؤتمر القمة العربية الثاني عشر المنعقد بفاس عام 1982 استعداده، إلى جانب باقي الدول العربية، تنفيذ التزاماته نحو العراق بموجب معاهدة الدفاع المشترك العربية في حالة استمرار إيران في الحرب.
غير أن سحب إيران اعترافها بالجمهورية الصحراوية التي تشكلها جبهة البوليساريو أدخل العلاقات في مرحلة من الانفراج السياسي، دون ان يدوم طويلا حيث قطعت العلاقات من جديد في 6 من اذار/ مارس سنة 2009 بعد تصاعد الخلاف الدبلوماسي الإيراني المغربي على خلفية موقف المغرب المتضامن مع البحرين بعد تصريحات مسؤولين إيرانيين عن أنها المحافظة الـ 14′
الوضع الايراني الآن يختلف نسبيا، ليس فقط لتغييرات في مستويات السلطة الايرانية وسياسة جديدة، بل ايضا لانفتاح امريكي غربي على طهران وتخفيف حالة التوتر مع دول الخليج، والاهم انه خلال السنوات الماضية لم تشهد العلاقات بين طهران والرباط تصعيدا بالتوتر واقتصارها على حملات اعلامية خلال اندلاع الازمة.
حتى الآن لم يعلن مستوى تمثيل ايران في اجتماعات مراكش للجنة القدس، ووزير خارجيتها محمد جواد ظريف غادر طهران منذ عدة ايام في جولة على عدد من العواصم العربية ولم يعلن رسميا ان مراكش ستكون ضمنها لكنها لم تستبعد وفي حال حضوره سيكون أول مسؤول إيراني رفيع المستوى يزور المغرب، منذ قطع العلاقات الدبلوماسية بين الرباط وطهران في ظل دعوات أكاديمية وسياسية مغربية رأت أن استئناف الرباط لعلاقتها مع طهران سيجلب منافع دبلوماسية أكثر منها مفاسد على البلدين.
واعتبر ادريس الكريني، أستاذ القانون العام والعلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش، ألا قطيعة تطبع في الأصل العلاقات الإيرانية-المغربية، ‘لأن أساس أي علاقات دولية هو المصلحة وتغيُّر الظروف الدولية والاقليمية تستدعي اتخاذ مبادرات ثنائية لعودة الدفء بين الرباط وطهران’، تنضاف إلى ذلك الأصوات السياسية والأكاديمية المغربية التي دعت مؤخرا إلى تجاوز تلك الخلافات ورأب الصدع ‘خاصة وأن إيران حققت العديد من المكتسبات الدولية في الآونة الأخيرة’.
ولفت الكريني وهو مدير مجموعة الأبحاث والدراسات الدولية حول إدارة الأزمات، حسب ما نقله موقع هسبريس، إلى غياب تصريحات عدائية من الطرف الإيراني صوب قضايا الوحدة الترابية والمذهبية للمغرب منذ أزمة تداعيات التضامن المغربي مع البحرين، ‘القطيعة التي حصلت منذ 2009 لم تتطور إلى صدامات أو تصريحات عدائية تؤدي إلى تأزيم الوضع بين الجانبين’، موضحا أن الأمر كان يتعلق ببعث رسائل مغربية تطالب باحترام سيادته الترابية والمذهبية.
وقال ان حضور إيران للقاء لجنة القدس سيكون عاديا لكن حضور تمثيلية وازنة من وزارة خارجيتها سيكون مؤشرا يؤكد التوجه السابق لرأب صدع العلاقات الثنائية، كون القضية الفلسطينية، في سياق انعقاد لجنة القدس الأسبوع القادم بمراكش، بحاجة إلى أن تكون الدول الإسلامية، بما فيها المغرب وإيران، في مستوى مخاطبة القوى الدولية الكبرى ‘للمرافعة على القضية والتكتل من أجل فرض احترام دولي’.