من نـافذة قطــارٍ مُتمهّــلٍ

حجم الخط
0

من نـافذة قطــارٍ مُتمهّــلٍ

محمد أبو لبنمن نـافذة قطــارٍ مُتمهّــلٍتماماً عند حدّ الأفقتكاد أرضٌ تلامس سماءًكأنهما تسيران في هذا المساء الهادئالسماء سمينةٌ بغيمِ الشتاء المتلبّدوالأرض نحيلةٌ مُشَكَّلَةٌ بالبرد،تسيران علي هديِ أغنيةٍ حزينة.ثمّة ما يؤنسني استرجاعه في آخر هذا الشتاءتوهّج الحلم والخيالأمام ضيق العيشوقلّة الأملوالتشابه الممتد علي كل شيء…أمام حياةٍ لفرط قسوتها تكاد تتكسّر أمام عيني طفلٍلا يملك لسندها غير حلمٍ وخيالٍ متوهِّجين.ما الذي ستحمله المحطة القادمة؟تطير لهفتي نحو غيبٍ غائم الطرفِ بضِّ الملامح،غيبٌ لفرط هشاشته يكاد يذوي،يحمل رائحة أناسٍ انتظروه بلهفةٍ… ورحلوا.لقد رحلوا…وما قالوه من كلامٍ رسمَ ظلّهم الأخضروتركه معلّقاً خلف البابيرنّ في كل حين مُعلناً اقتراب المحطة القادمة.لقد رحلوا…وزمنهم المشغول بخرز الحلم والأمل والانتظاريأفل قد صار ما قالوه من كلامٍ ماءًأسقي به ذاك الغيب.سماءٌ وأرضٌ تسيران…هل كان هَديُ أغنيةٍ حزينةٍ ما سارتا عليه؟أم أنّه وقعُ صخبهم، قد سار بالحياة حتي حدها الأقصي!هو هكذا:لتلامسَ أرضٌ سماءً ليس لها إلا بلوغ حدٍ أقصي.ما الذي ستحمله المحطة القادمة؟مدريد كانون الثاني (يناير) 2005هناك… في دمشقأغنية بعيدة المنالفرحُكَ السرّي،غامضةٌ،لا يعكّرها وَقْعُ الأملوقد انكسر…جالساً علي عتبة البابمُسنداً ظل البيت بالانتظار،لا شيء يحدوكإنما:هدوء الشارع لحظة انقشاع الظل عن وجهكوعبور ابنة الجيران، لحظتها،أعطوا لقلبك سبباً للعمل.لستَ حزيناً صباح الجمعةطاش من نومك حلمٌفشجّ صحوكواختلط الزمان عليك:كأنه يومٌ انقضي!فالأشياء تشبه نفسها… كأنها قبل قليل!وكأنه بعد ما انجلي!الحياة جديدةٌ كلها… كأنْ لم تنكسرْ بمستحيل!لست حزيناً صباح الجمعة…لست حزيناً.شمس أول الصيفتلمّع رماديَّ المدينةوتُشعُّ في الغبارِ..غبارِ كل شيء،هباءٌ لأثرٍ بقي منه القليل…تصل متأخراً آخر المشوارفي الطريق صدفةً،أمسك حبٌ قديمٌ أذنكوهمس:تبدو أكبر من عمرك،حائراً أكثروودود!صرت كذلك؟أم أنني من جديدأرسمك حبيبي؟… في الطريق صدفةًانفرط منك عقد الكلام،دفقُ العاطفة،وعالمٌ بك ماد…لم لا يضيع طريق عودتك من الحلم مرةًفتمشي طريقاً لآخره!وطار قلبك.. طارحتي صار أغنيةً:أنا اسمي ما أُبصرُ من مديًيقصو بعد حدّ الخيالواسمي ما انقضي من زمنأو ما علقَ من أثر المُحالواسمي ما أَمسكتُ بحصوة الآنِالزّلقةِ سريعة الزوالِ…وكان سيلٌ من صخبٍ وفقرٍ وضجر…يطأ المدينة لحظتها،ولحظتها كان ألقٌيرتدي الغيم قبعةًويشدُّ الرحال…ہہہوهدةٌ بنهرٍ عجوزٍ وجبلتطيل النظرفي نفسها حيناً، وأحياناً في أثر المُنتَظَرفحيناً تُغرِّبُ في نفسهاوأحياناً تُشعل في الناس نجم السفر…شاعر من فلسطين يقيم في مدريد0

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية