يوم النووي

حجم الخط
0

بعد ستة اشهر، وربما قبل ذلك، سيكون ممكنا القول اذا كان 20 كانون الثاني 2014 هو موعد تاريخي جدير بالاحياء بصفته ” الايراني أم انه مجرد صفحة اخرى في تاريخ العلاقات مخيبة الآمال بين ايران والغرب. ففي هذا اليوم على أي حال يدخل الى حيز التنفيذ الاتفاق الذي وقع في 24 تشرين الثاني 2014، وفي يبدأ اختبار التنفيذ.
ستكون ايران مطالبة بان تثبت بانها توقف تخصيب اليورانيوم الى مستوى 20 في المئة، والدول الغربية ستحرر في المرحلة الاولى نحو نصف مليار دولار من الاموال المودعة في البنوك. ولاحقا، مرحلة إثر اخرى، ستراقب الوكالة الدولية للطاقة الذرية تنفيذ باقي عناصر الاتفاق.
ووفقا لتقاريرها سيتحرر المزيد فالمزيد من الاموال، والتي سيصل حجمها حتى ثماني مليار دولار، حسب القوائم الحسابية، والى اكثر من 20 مليار دولار اذا أخذنا بالحسبان الاذن الذي اعطي لايران بمواصلة بيع النفط بالكميات الحالية واستيراد الذهب.
ليس النووي الايراني وازمة العقوبات وحدهما هم اللذين سيخضعان للاختبار. بل ان رقبتي، او مقعدتي، كما يقول الامريكيون، الرئيس حسن روحاني والزعيم الاعلى علي خمينئي ستكونان معلقتين هما ايضا بالتطورات حول الاتفاق، وكلاهما يبذلان الان الجهود لتهدئة خصومهما. قبل نحو اسبوعين افادت وسائل الاعلام الايرانية عن النية لتشكيل ‘لجنة رقابة لفحص شكل سلوك الفريق الايراني المفاوض امام ممثلي القوى العظمى، وستفحص باي قدر طبق هذا الفريق تعليمات خمينئي وتتأكد من أنه لم يقع خروج عن الخطوط الحمراء التي حددها. ولكن يبدو أن هذا البيان جاء لصد الانتقاد الذي طرح ولا سيما من جهة كبار رجالات الحرس الثوري على روحاني.
اما روحاني من جهته فيواصل نشر التصريحات الغامضة التي يعد فيها بان ‘شعبنا لن يتراجع قيد أنملة عن حقوقه المشروعة في كل ما يتعلق بالنووي وسيرد العدوان الصاع صاعين’. وضده يدعي عبدالله قبهي، ممثل خمينئي في الحرس الثوري بان الحفاظ على الخطوط الحمراء الاربعة التي وضعها خمينئي، بما فيها استمرار تخصيب اليورانيوم، الحفاظ على شرف الجمهورية الاسلامية، تراجع الاتفاق، وعدم اغلاق منشآت النووي الايرانية لم تنفذ بعناية في اثناء المفاوضات.
لب الخلاف هو التفسير لتلك الخطوط الحمراء. ويشير الفريق المفاوض الى أن تخصيب اليورانيوم مستمر كما قرر خمينئي وان كان مستواه خفض الى 5 في المئة، وان خمينئي لم يقرر سقف التخصيب.
كما أن منشآت النووي لم تغلق، وان كان عدد اجهزة الطرد المركزي الفاعلة انحصر وكذا ايضا تركيب اجهزة جديدة. اما الاتفاق فهو قابل للتراجع وتطبيقه منوط بايفاء الدول الغربية بالتزاماتها. ‘موافقة ايران على تجميد تخصيب اليورانيوم الى 20 في المئة هو طوعي ويمكن الغاؤه في كل وقت’، على حد قول عضو البرلمان الايراني اسماعيل قصواري. اما بالنسبة لحفظ الشرف الايراني، فيقول الناطقون بلسان النظام بان ايران نالت مكانة متساوية لمكانة القوى العظمى، ازالت عنها تهديد الهجوم العسكري بل وحسنت مكانتها في المنطقة كشريك محتمل في ادارة النزاعات الاقليمية ولا سيما الازمة في سوريا.
ويمتنع خمينئي حاليا عن المشاركة في تبادل الاتهامات العلني هذا، او المساهمة في تفسيره لها. يبدو أنه ينتظر اولا مرحلة تطبيق الاتفاق، ولا سيما تحرير الاموال الايرانية التي يمكنها أن تحرك الاقتصاد.
اما روحاني من جهته فلا ينتظر تحرير الاموال. ومن المتوقع له ان يلقي كلمة في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، ووزير خارجيته، جواد ظريف سيشارك في ندوة عن مستقبل الشرق الاوسط. وستكون هذه المرة الاولى منذ عقد من الزمان يشارك فيها رئيس ايراني في مؤتمر دافوس.
وهذه المرة لن يكتفي روحاني باعلانات سياسية. فهو يسعى الى وضع بنية تحتية لتعاون اقتصادي بين الدول الاوروبية وايران. مثل هذا التعاون بدأ ينشأ فور التوقيع على الاتفاق في تشرين الثاني حيث شاركت شركات اجنبية مثل رينو وبيجو الفرنسيتين في معرض صناعة السيارات في طهران في كانون الاول، وممثلو الشركات الالمانية يجرون منذ الان اتصالات للاستثمار في البنى التحتية. نائب روحاني، اسحق جهنجيري، قال في مقابلة صحفية لوكالة الانباء الفرنسية ان شركات النفط الكبرى في الغرب معنية بتطوير حقول نفط وأن ايران ستشترط كل عقد معها بشراء خدمات وعتاد من منتجين وموردين ايرانيين لزيادة العمالة في ايران. كما أن هذه بشرى طيبة لمعارضي روحاني في الحرس الثوري ممن يسيطرون على ثلث حجم الخدمات والصناعة في الاقتصاد الايراني.
ولم تمر سوى ستة اشهر منذ عين روحاني في منصب الرئيس. ولا يزال امامه ثلاث سنوات ونصف لانهاء الولاية الاولى، وحسب التقاليد السياسية في ايران فانه اذا لم يرتكب اخطاء جسيمة فيمكنه أن يتوقع ولاية اخرى من أربع سنوات.
في هذه الفترة القصيرة جدا نجح روحاني في تغيير صورة ايران، في التوقيع على اتفاق في الموضوع النووي وفي صد معظم المعارضة ضده. فترة الولاية الطويلة التي لا تزال امامه كفيلة بان تصبح بالتالي رافعة لفرصة لبناء منظومة علاقات جديدة بين ايران والغرب، ولا سيما بينها وبين الولايات المتحدة. مثل هذه العلاقات كفيلة بان تكون ضمانة اكيدة للغاية لكل اتفاق وكذلك بل وبالاساس ضد تهديد محتمل.

هآرتس 23 /1/2014

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية