غزة ـ ‘القدس العربي’: الإقتراب من موعد انتهاء المفاوضات وفق ما خططت الإدارة الأمريكية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، لا يعني بالمطلق للطرف الأول (الفلسطيني) أن الأمور ستسير بشكل أكثر إيجابية، كونه سيبرهن للمجتمع الدولي ولواشنطن أن حكومة إسرائيل هي من تتهرب من استحقاقات السلام، فالأمور يراها الكثيرون من المسؤولين الفلسطينيين، انها ربما تسير نحو ‘نفق مظلم’، إذا ما عوقبت السلطة الفلسطينية على أخطاء تل أبيب، لذلك تدرس اللجنة المختصة بخطة ما بعد التسعة شهور العديد من الخطط، في ظل طرح البعض للمخطط السابق بالكونفدرالية مع الأردن.
في أروقة مؤسسات القرار الفلسطيني والمقصود بها مؤسستي الرئاسة واللجنتين التنفيذية والمركزية لحركة فتح، كثيرة هي الأسئلة التي تطرح هذه الأيام، فالجميع يتوقع فشل مهمة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، حتى في التوصل إلى ‘اتفاق إطار’، لتنتهي المفاوضات بنتيجة صفر كبير، حال لم يتوصل الفريقان خاصة الجانب الفلسطيني إلى قرار آخر يقضي بالتمديد لعام آخر، في ظل دعوات الرفض لهذه الفكرة الأمريكية. أربعة وستون مؤسسة دولية سيكون للفلسطينيين الحق في الإنتساب لها، في اليوم الثاني من انقضاء مدة التسعة شهور، لكن أي هذه المؤسسات سيتم التوجه إليها أولا، هو لب مناقشات صانعي القرار، فاللجنة السياسية في اللجنة التنفيذية، اجتمعت الأسبوع الماضي وبحث أعضاؤها برئاسة ياسر عبد ربه خطط الإلتحاق بمؤسسات الأمم المتحدة، وبينها وأهمها بالنسبة للفلسطينيين محكمة الجنايات الدولية.
المعلومات التي يتحدث عنها مسؤولون كبار من أعضاء التنفيذية تفيد أن الخطة التي سترفعها قريبا اللجنة السياسية، ستحدد للقيادة خطوات ومتطلبات الإلتحاق، وأي المؤسسات التي سيتم البدء فيها، والظروف الدولية المحيطة بالملف، في ظل اعتراض عدة بلدان مؤثرة لهذه الخطوات، وأبرزها أمريكا وحلفاؤها.
في الجانب الآخر لا يغفل صناع القرار في قيادة السلطة والمنظمة التخوفات الأردنية التي عبر عنها أكثر من مرة في رسائل متبادلة، ولقاءات ثنائية، والتي تريد في مجملها إجابات على اتجاه الأمور حال فشلت المفاوضات، وفي حال نجاحها أيضا، وتأثير ذلك على المملكة، في ظل نشاط محموم لإحياء فكرة ‘الكونفدرالية’ من بعض الجهات، حال جرى إعلان الدولة الفلسطينية المستقلة، وفقا لتفاهمات الراحلين الملك الحسين بن طلال، والرئيس ياسر عرفات.
الأردنيون في أكثر من مناسبة طلبوا توضيحات أكثر من الفلسطينيين عن موقفهم من أفكار الوزير كيري، بخصوص ترتيبات الأمن ضمن اتفاق السلام، على مناطق الحدود والمعابر، فكلا الطرفين الأردني والفلسطيني الشركاء في حدود طويلة تمتد في منطقة الأغوار، متخوفين من الطرح الأمريكي والتفكير الإسرائيلي، علاوة عن ملف اللاجئين الذي يمثل المعضلة الأكبر بالنسبة للمملكة التي تحتضن العدد الأكبر من لاجئي فلسطين.
مبعوثو الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذين زاروا الأردن في الأسابيع الماضية، عملوا على تقديم إجابات طمأنة للمؤسسات الأردنية، وأظهر كثر المبعوثين عن الرضا الأردني على ما يدور من المفاوضات، فهناك من التفاصيل الدقيقة التي عرضها كيري الكثير الذي لم يطلع عليها الأردنيون.
في الأردن هناك حالة تخوف كشف عنها مسؤولون فلسطينيون كبار عقدوا في عمان ‘لقاءات الطمأنة’، من أي اتفاق سري بين الفلسطينيين والإسرائيليين، يظهر للعلن دون مقدمات، وبدون إحاطة الأردن، ويشمل حلا لقضايا اللاجئين والحدود في الأغوار.
وبشكل أوحى بأن ملك الأردن يريد الوصول لاستفسارات أكبر حول ما يدور في أروقة عملية السلام، طلب من بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي للقدوم لعمان لعقد لقاء، فاجتمعا قبل عشرة أيام في لقاء وصف بـ’الغريب’، تم بدون أي مقدمات وبعد غياب طويل، وبحثا أفق عملية السلام وتفاصيل خطة كيري، وترتيبات الحدود واللاجئين، ودور الأردن في عملية السلام.
وخلال الأيام الماضية لم تتوقف التحليلات عن الحديث عن نصيب المملكة الأردنية من حصة تعويض اللاجئين الفلسطينيين، ضمن اتفاق الحل النهائي، بما يشير إلى بدء الحديث عن فتح صندوق التعويضات للاجئين الفلسطينيين، وكيفية توطينهم أو عودتهم، خاصة في ظل الدور الكبير الذي ستلعبه كندا، في هذه المسألة وإمكانية تخفيف عدد لاجئي فلسطين في الأردن، بنقلهم إلى أراضيها، فحرص رئيس وزرائها خلال زيارته للمنطقة الأسبوع الماضي على لقاء نتنياهو وعباس والملك عبد الله. في رام الله أكد رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر أنه طلب من بلاده قبول عدد من اللاجئين الفلسطينيين، وأن كندا من إحدى الدول المسؤولة عن ملف اللاجئين، ودورها ربما يأتي لاحقا.
كذلك يخشى الأردن كغيره من دول الجوار من حدوث انفجار في الأراضي الفلسطينية، إذا ما انتهت عملية السلام بدون نتائج، على غرار انتفاضة الأقصى بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد، وقد تصل هذه الأحداث لحد اندلاع انتفاضة ثالثة، وقد تؤثر على المنطقة، فعندها سيكون الأردنيون أمام خيارات صعبة، لو فكرت تل أبيب في إنهاء وجود السلطة الفلسطينية، عندها سيعاد طرح تساؤل ‘من سيحكم الضفة الغربية’، وتأثير ذلك على المملكة.
تخوفات عمان هذه تأتي في ظل وصول رسائل فلسطينية تؤكد أن القيادة سترفض مقترحات كيري لاتفاق السلام والإطار، وهو ما عبر عنه عضو اللجنة المركزية لحركة فتح توفيق الطيراوي حين استبعد قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة حتى 20 عاما، مقللا من أهمية المفاوضات، ومن إمكانية أن تثمر عن شيء.
لكن لم يكن هذا كل شيء عن الطيراوي فقد دعا الرجل للعودة للمقاومة بكل أشكالها، وفق خطة من الفصائل تقر أي نوع من المقاومة هو المناسب للمرحلة المقبلة، دون أن يستبعد الخيار المسلح، إذ قال أن حركة فتح لم تسقط أي خيار من خيارات المقاومة ومنها الكفاح المسلح.
الطيراوي نقل عنه أيضا أنه قال أإن ‘اتفاق الإطار’ الذي يروج له كيري سوف يرفض فلسطينيا، بالقول ‘لو أعلن وزير الخارجية الأمريكي أن هناك اتفاق إطار في شهر نيسان/ابريل المقبل فإنه سيرفض فلسطينيا لأنه وحسب ما هو مطروح أمريكيا لن يكون مقبولا’.
وترافق إعلان المسؤول الفتحاوي مع تسريبات أكدت أن كيري ينوي طرح اتفاق الإطار على الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني في غضون بضعة أسابيع، بحسث يتضمن مبادئ لحل مجمل القضايا الجوهرية العالقة بين الطرفين، كونه سيشكل أساسا للمراحل القادمة من المفاوضات.
ولا يمكن هنا فهم تصريحات الطيراوي الذي شارك في مناقشات اللجنة المركزية الأخيرة لعملية السلام، إلا أنها تأتي في سياق مناقشة هذا الأمر من قبل في الغرف المغلقة للقيادة الفلسطينية، خاصة وأن تسريبات سابقة لعزام الأحمد أحد موفدي عباس لعمان، كشف فيها أن أبو مازن طلب من الفلسطينيين النزول للشارع رفضا لخطة كيري.
ولا يمكن أيضا أن يتم تجاهل تصريحات وزيرة العدل الإسرائيلية ورئيسة الطاقم الإسرائيلي المفاوض تسيبي ليفني الأخيرة على أنها رسالة تهديد، حين قالت أول أمس إنه إذا ما واصل الرئيس عباس التمسك برفضه الإعتراف بيهودية الدولة ومواقفه غير المقبولة إسرائيلياً ودولياً فإنه سيدفع ثمن ذلك’.