تعالي أيتها الدولة ذات الشعبين

حجم الخط
0

إن اليهود والعرب يعيشون في دولة واحدة معا منذ 1948؛ ويعيش الاسرائيليون والفلسطينيون في دولة واحدة معا منذ 1967؛ وهذه الدولة يهودية وصهيونية لكنها ليست ديمقراطية مع الجميع. فالمواطنون العرب مظلومون والفلسطينيون في المناطق مسلوبون وبلا حقوق. بيد أن حل الدولة الواحدة أصبح قائما ومنذ زمن.
إنه حل لمواطنيها اليهود وكارثة على رعاياها الفلسطينيين. والذين يخيفهم كل الاسرائيليين تقريبا يتجاهلون أن الدولة الواحدة أصبحت موجودة منذ زمن. بيد أنهم لا يخشون سوى تغيير طبيعتها من دولة فصل عنصري واحتلال الى دولة مساواة؛ ومن دولة ذات شعبين في واقع الامر تظهر نفسها بمظهر الدولة القومية (الحاكمة)، الى دولة ذات شعبين بموجب القانون ايضا.
ومهما يكن الامر فان اليهود والفلسطينيين أصبحوا يعيشون في دولة واحدة منذ عمر جيلين على الأقل وإن كانوا منفصلين. ولا يمكن تجاهل ذلك.
إن العلاقات بين الشعبين في الدولة الواحدة عرفت تقلبات: فمن حكم عسكري على عرب اسرائيل الى إزالته؛ ومن فترات أكثر هدوءا وحرية في المناطق الى فترات عاصفة لارهاب فتاك واحتلال قاسٍ. وفي القدس وعكا ويافا والرملة واللد والجليل وغور عيرون، يحيا العرب واليهود وليست العلاقات بينهم غير ممكنة. وقد تغيرت ايضا العلاقات بالفلسطينيين في المناطق، لكننا في طول كل السنين تلك كنا نعيش في دولة واحدة وإن كان ذلك على سيفها.
واجه الاسرائيليين الذين يخشون تغيير طبيعة دولتهم مدة 47 سنة امكان الانسحاب من المناطق وأن تُخدم بذلك الصبغة اليهودية والديمقراطية المرجوة، لكنهم اختاروا ألا يفعلوا ذلك. وقد يكون ذلك حقهم وأشك في ذلك كثيرا لكن من الواجب عليهم أن يقترحوا حلا آخر. لكنهم انشأوا بدل ذلك مشروع الاستيطان الذي هدفه احباط التقسيم، وقد نجح هذا المشروع حتى أصبح لا رجعة عنه. والنجاح لا يُجادَل فلم يعد أحد يتحدث عن اجلاء أكثر من نصف مليون مستوطن، ولهذا لم يعد يتحدث أحد عن حل الدولتين العادل.
إن اقتراحات جون كيري التي تصد عددا كبيرا من الاسرائيليين ايضا، لا تضمن حلا عادلا ولهذا لا تضمن حلا.
إن ‘الكتل الاستيطانية’ ستبقى في مكانها، وقد أصبحت اريئيل في الداخل منذ زمن وقد يوجد ‘استئجار’ في عوفره وبيت إيل و’ترتيبات امنية’ في غور الاردن، وقد تبقى مستوطناته ايضا؛ وهناك رفض للعودة أو لحل مشكلة اللاجئين؛ ويلتزم رئيس الوزراء بألا ‘يُخلي أي يهودي’ ويقترح إبقاء المستوطنين تحت سيادة فلسطينية باعتبار ذلك حيلة دعائية معلنة.
وقد يمكن الذهاب مع هذا الى الحانوت وأن تصاغ بل أن يوقع على وثيقة اخرى (دون قصد الى تنفيذها) تشبه شبها عجيبا كل ما سبقها منذ كانت خطة روجرز مرورا بمخطط كلينتون ثم الى خريطة الطريق وكلها علاه الغبار موضوعا عميقا في الدروج. لكن لا يمكن حل الصراع بذلك. فاللاجئون والمستوطنون وقطاع غزة؛ وعدم النوايا الطيبة وعدم العدل كل ذلك سيبقى كما كان.
يجب على من يؤيد حل الدولتين أكثر الاسرائيليين في ظاهر الامر أن يقترح حلا حقيقيا. فاقتراحات كيري لا تبشر بذلك. وقد تستجيب اسرائيل لها كأنها يتخبطها المس لكن لتحافظ فقط على علاقاتها بالولايات المتحدة وبالعالم ولكي تحشر الفلسطينيين مرة أخرى الى الحائط؛ لا لانشاء سلام ولاحلال العدل، بيقين.
إن نعم تنشأ من مجموع لا: نعم لدولة واحدة. فاذا كان الاسرائيليون يريدون حقا الحفاظ على المستوطنات التي انشأوها، والبقاء في الغور وفي سفح الجبل وفي غوش عصيون ومعاليه ادوميم وفي شرقي القدس وفي بيت إيل فليحافظوا على ذلك لكن لن تكون دولتان آنذاك، واذا لم توجد دولتان فستوجد دولة واحدة فقط، واذا وجدت دولة واحدة فيجب تغيير الخطاب آنذاك بحيث تكون حقوق متساوية للجميع.
إن المشكلات مركبة وكثيرة ومثلها الحلول ايضا كالتقسيم الى مناطق واتحادات وسلطة مشتركة أو مُقسمة. لكنه لا يوجد هنا تغيير سكاني ـ لأن الدولة أصبحت ذات شعبين منذ زمن ـ بل يوجد فقط تغيير ديمقراطية وتغيير في الوعي. وآنئذ يُثار بكامل القوة سؤال لماذا من المخيف جدا العيش في دولة مساواة؟ أفليست الامكانات الباقية جميعا أكثر إخافة؟.

هآرتس 2/2/2014

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية