يتبنى جون كيري المنطق الاسرائيلي بيــــــهودية الدولة وتبادل الاراضي والسكان في مشروعه لعملية السلام، وفي رحلاته المكوكية الاخــــيرة في المنطقة. نتنياهو يتمنى ان يحل دحلان محل عباس في قيادة الشعب الفلسطيني، ودحلان يقدم نفسه على انه من تستطيع اسرائيل وامريكا التفاوض والتحاور معه ـ لتقديم التنازلات. ليبرمان يريد ان يستقطب 3.5 مليون مهاجــر يهودي الى فلسطين حتى يربح المعركة الديموغرافية مع الفلسطينيين.
أمير سعودي بارز يشيد بتسيبي ليفني وهي ترد التحية بأحسن منها. الحكومة الاردنية ظاهريا تعارض مصادرة اراضي الاغوار الفلسطينية من قبل اسرائيل، ولكن يهمها ايضا تأمين حدودها مع جيرانها من أي مخاطر محتملة مستقبلا. كل هذه المؤشرات، كما يبدو للمتشائمين غير مبشّرة وقد لا تدل على خير قادم.
الفلسطينيون من اكثر الشعوب خصوبة، كانوا ما يقارب ثلاثة ارباع المليون في عام النكبة، ولم يبق منهم في فلسطين وقتها سوى مئتي الف، تكاثروا حتى زادوا على مليون ونصف المليون الان، معظمهم في الجليل والشمال، حيفا وعكا والنقب. اما الفلسطينيون الذين بقوا في الضفة وقطاع غزة والذين شردوا فتكاثروا ايضا، وقد اصبح مجمل الفلسطينيين، في الداخل والخارج الان، يزيد عن احد عشر مليونا. يشكل هذا الرقم كابوسا لاسرائيل. اسرائيل عاجزة عن استقطاب اعداد كثيرة من اليهود الى فلسطين، اللهم الا اليهود الافارقة الذين سيشكلون عبئا اقتصاديا على اسرائيل. اما يهود امريكا واوروبا فيتمتعون بحياة كريمة في بلدانهم ولا تغريهم الحياة في اسرائيل ومشاكلها الامنية. الاستثناء الوحيد هم اليهود المتدينون جدا الذين يتوقون للهجرة الى اسرائيل، وهؤلاء قلة، لحسن الحظ، بالتالي فان الفلسطينيين مرشحون لكسب المعركة الديموغرافية.
فليتمنى نتنياهو كيفما شاء فيمن سيتولى قيادة السلطة الفلسطينية. دحلان ليست له قاعدة جماهيرية واسعة عند الفلسطينيين، بالتأكيد حماس لا تريده، كما أن معظم قيادات فتح تتوجس منه ومن تقربه الواضح من الاسرائيليين، لذا فانه من المستبعد ان تستطيع اي قوى اقليمية فرضه على الفلسطينيين. السلطة ادركت ان ثمة خيوطا تحاك في الظلام فسارعت الى التقرب من حماس، وفتحت حماس ذراعيها مرحبة بالخطوة التصالحية، فقد التقت المصالح، خاصة بعد ان فقدت حماس الحليف المصري واصبحت علاقاتها مع دمشق مقطوعة، ومع حزب الله وايران فاترة جدا جراء موقفها الشجاع من الثورة السورية، اذ لم يكن جديرا من حركة مقاومة ان تصطف الى جانب نظام قمعي يقصف شعبه ليلا ونهارا بالبراميل المتفجرة.
الوضع العربي الراهن اقل ما يمكن ان يوصف به انه مزر، من العراق الذي لم يذق طعم الاستقرار منذ اكثر من ثلاثة عقود، ابتداء من الحرب العراقية الايرانية ثم غزو الكويت، ثم الحرب الامريكية على العراق، الاولى ثم الثانية، ثم الحرب الطائفية الآن. سوريا دمرت’ومصر في ازمة يصعب الخروج منها بسلام. من المنطقي ان هذا الوضع ينعكس على الفلسطينيين سلبا وتزيد الضغوط عليهم لتقديم التنازلات، كما حصل ايام اوسلو وتشرذم الوضع العربي بعد الحرب الامريكية الاولى على العراق،
لا بد ان الفلسطينيين تعلموا من درس اوسلو الكثير، لا تنازلات، ولا لغة مبهمة، ولا تأجيلا لامور مهمة كحق العودة للمجهول. ان ظهرهم للحائط كما كان في اوسلو وليس لهم ان يعّولوا الا على وحدتهم الوطنية، وتمسكهم بالثوابت، وقد ادركوا هذه الحقيقة اخيرا، لا بأس.
اليهود يتهمون الفلسطينيين بانهم يزورون التاريخ. الكاتب الاسرائيلي نداف شرغاي في مقالته في ‘اسرائيل اليوم’ يحاول ان يقول ان الفلسطينيين اليوم ليسوا من سلالات الكنعانيين واليبوسيين والفلسطينيين القدماء والعمالقة، اي ان الفلسطينيين سكنوا فلسطين فقط بعد الفتح الاسلامي (على يد عمر بن الخطاب) وان معظم اصولهم تعود لمصر والحجاز وسوريا واليمن، وكأن عمر دخل فلسطين وقد كانت خاوية على عروشها من السكان، وأتى بالسكان معه! يقول شرغاي ان اصحاب الارض الحقيقيين هم اليهود الذين سكنوها قبل ثلاثة الآف عام، وغاب عن ذهنه سؤال بسيط هل اندثر وانقرض اصحاب الارض الحقيقيين كليا عن بكرة ابيهم، واذا كان اليهود سكنوها قبل 3000 عام فكيف يفسر حضرته ان في احصاءات فلسطين الرسمية قبل وعد بلفور، لم يشكل اليهود سوى 5 بالمئة من سكان فلسطين ولم يملكوا من اراضيها سوى 5 بالمئة فقط. وهل وجود بني اسرائيل في فلسطين قبل 3000 عام يعطيهم الحق في احتلالها والهجرة اليها من شتى بقاع الارض وطرد سكانها الاصلييين، الفلسطينيين، ومنعهم من العودة اليها حتى ان كانت اصولهم عربية، وليست فلسطينية، كما يدّعي؟
ليحلم ويتمنى نتنياهو كيفما شاء. وليزّور شرغاي التاريخ ويتهمنا بذلك كيفما شاء،’ولتكن الضغوطات العربية والامريكية على الفلسطينيين مكثفة جدا لان الوضع العربي سيئ جدا بعد الثورات التي اتت بما لا تشتهي السفن. كل هذا لا يهم ما دام الفلسطينيون متمسكين بحقوقهم وثوابتهم، والأهم وحدتهم.، والكثير من الفلسطينيين يقولون لا للدولة أصلا، لا لدولة اسرائيل على أي ذرة من التراب الفلسطيني، ولا لدولة فلسطينية ان لم تكن على كامل التراب الفلسطيني. قد يبدو هذا المنطق غير متماش مع الواقع الرديء، فليكن، وقد لا يعجب هذا نتنياهو وكيري وشرغاي وكثيرا من العرب وحتى الكثير من الفلسطينيين، ولكن منذ متى كانت مسيرة التاريخ تحدد بالسنين، بل حتى العقود. الماضي والجغرافيا والتاريخ معنا، ولذا سيكون المستقبل، غير المنظور، كذلك حتما.
‘ كاتب فلسطيني
لا ليهودية الدولة. كلام جميل جدا، الكل ينادى به، حتى الرئيس الفلسطينى قاله هو ووفد المفاوضات برئاسة عريقات، ولكن والمصيبة فى ولكن، من يضمن عباس عدم العودة عن كلامه، تقول تسيبى ليفنى، ماذا لو إعترف الفلسطينيون بيهودية الدولة؟ أليس كلام ليفنى ينم ‘ن أن لديها معلومات …