مشكلة العالم الإسلامي أنه لا يريد أن يتغير

حجم الخط
25

توجه الامير السعودي تركي فيصل بشكل مباشر الى وزيرة العدل الاسرائيلية تسيبي لفني، واطلق نحوها ثناء فذبنا جميعا كالزبدة. يا للروعة. ما أذابنا إعجاباً ليس فقط توجهه المباشر إلى الوزيرة، بل وكونه توجه إلى امرأة، واو، هذا أمر عظيم، والشرق الأوسط الجديد الذي أرداناه حصلنا عليه. الحدث، انعطافة تاريخية بكل معنى الكلمة، وقعت قبل نحو اسبوعين.
مرت بضعة ايام، وطالبة في الجامعة السعودية الاهم، ‘الملك سعود’ في مدينة الرياض، احتاجت سيارة اسعاف، في اعقاب نوبة قلبية. وصل طاقم الاسعاف. ولكنه تأخر في الدخول، لان الحديث يدور عن امرأة، محظور على الرجال معالجتها. مر الزمن. وانتقلت الطالبة الى العالم الآخر. على اي حال الى جنة عدن، لان الرجال لم يتمكنوا من معالجة جسدها الطاهر. قبل 12 سنة من ذلك، كما ينبغي لنا ان نتذكر، ماتت 15 فتاة حرقاً، لان شرطة الاداب منعتهن من الهرب من الموت. لم يكن لهن اللباس المناسب. هن ايضا ارسلن الى جنة عدن، نقيات وبريئات، دون أن تراهن عين رجل.
هكذا بحيث يجدر بنا أن نهدأ. بادرة الامير السعودي لا تعني تغير السعودية. فقد كانت هذه ولا تزال احدى الدول الاكثر ظلامية في العالم. يحتمل أن يكون هناك لقاء مصالح بين اسرائيل وقسم من دول النفط، بما فيها السعودية، بسبب ايران. يحتمل ألا يكون مفر من اتصالات كهذه او تلك، بل وربما تنسيق امني. فثمة مصالح ايضا. ولكن لا توجد اي حاجة الى الاوهام. السعودية هي مصدر السلفية. السعودية هي على ما يبدو الدولة التي تدعم قسما من منظمات الجهاد التي من شأنها ان تسيطر على سوريا. السعودية هي الدولة التي صدرت مدرسة الوهابية لكل مكان في العالم كان مستعدا لان يحظى بالمال السعودي. مساجد في الغرب ينشر فيها السم اللاسامي تعمل بشكل عام بتمويل سعودي.
مشكلة العالم العربي والاسلامي ليست الراسمالية والا الاستعمار وبالتأكيد لا اسرائيل ولا الصهيونية. المشكلة أن هذا العالم يصعب عليه ان يتغير. وعندما يتغير في هذه الاثناء هذا اساسا الى الاسوأ. يمكن الحماسة للدستور الجديد في تونس، الذي يقرر بان الاسلام هو دين الدولة، ويمكن الحماية لمصر، حيث الجيش العلماني يخرج الى صراع ضد الاسلام. ولكن يجب أن نتذكر بان في هذين المكانين، تونس ومصر، فاز الاخوان المسلمون فيهما بالاغلبية. وفي المناطق الفلسطينية ايضا اصبحت حماس، المتماثلة مع الاخوان، الحزب الاكبر. هكذا بحيث ان مؤشرات التغيير بعيدة عن الازدهار. العكس هو الصحيح. العالم الاسلامي يتملكه هوسان مركزيان مكانة المرأة وكراهية اسرائيل والتي هي بشكل عام كراهية اليهود ايضا. وصحيح حتى الان، لا تغيير في هذين المجالين، ومع كل الاحترام للانظمة التي تحافظ على الاتفاق مع اسرائيل، في مصر وفي الاردن، فان الشعوب نفسها بعيدة عن التغيير.
يوجد العالم الاسلامي الان في احدى نقاطه الادنى. فلاكثر من ثلاث سنوات بعد أن بدأ ما سمي بـ ‘الربيع العربي’، فان الوضع يتدهور فقط. مصر على شفا حرب أهلية. العراق مع اعداد متزايدة من القتلى. طالبان تلاحق افغانستان وتواصل العمليات دون توقف في الباكستان ايضا. سوريا اصبحت المختبر الاكبر للجرائم ضد الانسانية. الكل يقتل الكل. والنزيف يتسرب الى لبنان ايضا. في نيجيريا يواصل ‘بوكو حرام’ ارتكاب المجازر والصومال لا تكف عن التفكك. واجزاء من اليمن توجد منذ الان تحت سيطرة القاعدة. يمكن لنا أن نواصل. يوجد المزيد.
ولكن الامير السعودي الفيصل، الذي جاء من دولة ماتت فيها طالبة كي لا يعالجها رجال، ابتسم لوزيرة الخارجية الاسرائيلية. نحن يجب أن نذكر انفسا بان العالم ليس ‘دافوس’ حيث الاغنياء وزعماء العالم يصلون كي يبتسموا ايضا. فحياتهم جميلة. العالم هو ايضا التطرف المتواصل في العالم الاسلامي. العالم هو ايضا الاف الاوروبيين الذين وصلوا الى سوريا كي ينضموا الى الجهاد. العالم هو حمام الدماء والعمليات التي لا يصل معظمها الى النشر في وسائل الاعلام العالمية والاسرائيلية.
كي نذكر انفسنا أين نعيش لا كي نيأس. بل العكس. كي نعرف بان العالم الاسلامي يغرق في مشاكله دون اي صلة باسرائيل او بالفلسطينيين.

بن ـ درور يميني
معاريف 12/2/2014

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول larbi:

    إن التغيير الذي ينشده الغرب النصراني ، اليهودي هو الانسلاخ من الهوية الاسلامية و الأصالة العربية . وهذا حلم لن يتحقق حتى يلج الجمل في سم الايرة …

  2. يقول تيم عثمان من الجزائر:

    بالعكس تماما مشكلة العالم العربي والاسلامي لاتكمن في مكانة المراة ولا الصهيونية واليهود على وجه الدقة، وعليه فانا ارى ان المعضلة هي في الكيان الذي استوطن نفسه بنفسه او بمساعدة قوى عالمية وبتواطو اممي هو الذي خلق هذا الوضع الهش في العالم العربي ، فموجة الارهاب والخلافات العربية العربية انما مردها الى هذا الدخيل والكيان الغاصب الذي نفذ الى كافة شرايين الحياة العربية والاسلامية

  3. يقول أ.د. خالد فهمي - تورونتو - كندا:

    يا سيد بن دورور …. العالم الاسلامي ليس لديه ” مشكلة في التغيير” ولايحتاج لهذا التغييرأصلاً كما تتمنون أنتم…فكتاب الله المجيد و سنة حبيبه المصطفى (صلى الله عليه و سلم) باقية الى قيام االساعة واسرائيل واليهود والصهيونية العالمية هي الزائلة من الارض المباركة: فلسطين يوم الحق…لا محالة فهذا وعد الله تبارك و تعالى لبني أسرائيل في القراَن الكريم في خواتم سورة الاسراء (الاية 104):

    وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا

  4. يقول Dr. abufahd UK:

    عزيزي بن يميني / تقول “مشكلة العالم العربي والاسلامي ليست الراسمالية والا الاستعمار وبالتأكيد لا اسرائيل ولا الصهيونية. المشكلة أن هذا العالم يصعب عليه ان يتغير. وعندما يتغير في هذه الاثناء هذا اساسا الى الاسوأ.” و سؤالنا لكم هو: وهل من السهل على العالم الصليبي أو العالم اليهودي أن يتغير ؟ من تعريفات العالم الصليبي حاليا هو أن الإسلام = الإرهاب و كل مسلم إرهابي و كذلك من تعريفات العالم اليهودي وخاصة من أصحاب الضفائر الطويلة أن العربي الجيد هو العربي الميت و أن شعب الله المختار الآري هو أعلي قمة و قيمة من شعب الله المحتار . حقيقة نحن لا ندري كيف تريد اسرائيل أن تعيش وسط العالم المتخلف فى الشرق الأوسط ولكنها فى نفس الوقت تتمني أن تصبح دولة اوروبية فى الإتحاد الأوربي أو الولاية ال 51 من الولايات المتحدة الأمريكية ؟

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية