انتصار حماس لا يغير من الوضع شيئا والصراع سيبقي قائما لسنوات طويلة
باستثناء حقيقة أن العدو أصبح أكثر وضوحاانتصار حماس لا يغير من الوضع شيئا والصراع سيبقي قائما لسنوات طويلة في الايام الأخيرة يجري عندنا جدل جماهيري حول كون انتصار حماس جيدا لليهود أو عدمه. الكثيرون (خصوصا في اليمين ولكن ليس فيه وحده) يعتقدون أن ذلك سيء لأن حماس ترفع شعار تدمير الدولة الصهيونية، وهي المسؤولة عن اغلبية العمليات الانتحارية التي نفذت خلال سنوات الانتفاضة الاربع. وصول حماس الي السلطة يبدو مثل توسيع لقدرتها علي المس باسرائيل. البعض الآخر (خصوصا في اليسار ولكن ليس فيه وحده) يعتقدون أن حماس ستضطر الي التحلي بالمرونة وأن تكون براغماتية إثر تحمل المسؤولية الذي يلازم كل من يُمسك بدفة الحكم ويصبح مضطرا لتوفير الخبز والعمل لرعاياه.كلا الادعاءين قد يظهران كخاطئين. أولا، ما هو التهديد النابع من القوة الاضافية التي ستحصل عليها حماس من وجودها في الحكم؟ ماذا يمكنها أن تفعل من الامور التي لم تكن قادرة علي فعلها اليوم؟ من الممكن الادعاء أن قدرات حماس ستتوسع بسبب امكانية استخدامها لقوي السلطة الممأسسة. ولكن من المهم أن ندرك أن التهديد الذي تمثله هذه القوي أصغر بكثير من تهديد العمليات الانتحارية. علينا أن لا نعود الي تكرار الخطأ الذي ارتكب في مطلع الانتفاضة وإهدار وقت ثمين علي الحرب ضد قوي السلطة من دون الادراك بأن المشكلة ليست في اعمال الشغب أو السيطرة علي مفترق نتساريم، وانما تتمثل في تشويش الحياة الطبيعية للاسرائيليين بسبب العمليات الانتحارية. فقط بعد عملية مؤلمة وطويلة من التعلم استطعنا بناء سياسة مجابهة صحيحة أدت الي تقليص شديد في العمليات الانتحارية. هذه السياسة تضمنت اعمال دبلوماسية متشعبة وعزل العناصر الارهابية (خصوصا حماس والجهاد) والسيطرة علي الضفة الغربية والاعتقالات الواسعة والتصفيات الانتقائية لنشطاء الارهاب المركزيين (بمن فيهم الشيخ احمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي اللذان كانا علي رأس حماس) وبناء الجدار الفاصل وغيره. كل هذه الامور أفضت الي قرار حماس بايقاف اطلاق النار بصورة أحادية الجانب، ليس لانها اكتشفت النور الصهيوني وتأثرت به، وانما بسبب الضغوط الشديدة الممارسة عليها.ايضا الادعاء بأن حماس ستصبح أكثر اعتدالا هو مسألة خاطئة كما سيظهر. صحيح أن ذلك يبدو منطقيا وعمليا، إلا أن الفلسطينيين قد برهنوا عدة مرات في السابق (بدءا من مؤتمر بيل ومرورا بقرار الامم المتحدة حول التقسيم)، أنهم يختارون التسوية عندما يُطلب منهم الحسم بين الايديولوجيا المتطرفة والتسوية البراغماتية. انتصار حماس في الانتخابات الحرة لا يشكل تغييرا في موقف الفلسطينيين، ولا يعبر عن توجه متطرف. هذا الانتصار يكشف فقط عن مواقفهم الحقيقية ويرفعها الي مستوي السطح. من المهم أن ندرك، يمينا ويسارا، علي حد سواء أن هذا ما يريده اغلبية الفلسطينيين. هذا الادراك هام لأن المسألة تتعلق بصراع طويل سيمتد لسنوات كثيرة قادمة، وعدونا الأشد خطورة في هذا الصراع ليس الارهاب (يمكننا أن نتغلب عليه)، بل الخداع الذاتي. أخيرا نقول أن انتصار حماس لن يزيد الارهاب لأن منع هذا الارهاب يعتمد علي قوتنا وخطواتنا، وهذه عوامل لم تتغير. كما أن هذا الانتصار لن يؤدي الي اعتدال حماس. ما كان هو الذي سيكون. التغير الوحيد هو تسهيل قدرتنا علي قراءة الخصم. في هذا السياق، وربما فيه وحده، يعتبر انتصار حماس جيدا لليهود: لا مزيد من الحديث الفلسطيني بصوت يعقوب، ولا القيام بأعمال ارهابية بيد عيسو.البروفيسور اسحق بن يسرائيلجنرال (احتياط) ورئيس برنامج دراسات في جامعة تل ابيب(يديعوت احرونوت) 9/2/2006