الإستسلام للأرهاب

حجم الخط
0

تبحث لجنة الدستوروالقانون والقضاء في مشروع قانون مكافحة الارهاب. واذا ما اقر المشروع، الذي يتضمن أكثر من مئة مادة، ويصبح قانونا، فانه سيمنح سلطات التحقيق والادعاء في اسرائيل صلاحيات بعيدة الاثر في سياق المعالجة الجنائية للارهاب؛ من شأنها أن تضرب بشدة بشرعية القانون الجنائي في اسرائيل بالنسبة للجرائم الامنية.
مشروع القانون واسع لدرجة انه يقصر اليراع عن تفصيل كل المشاكل والتشويهات التي سيخلقها اذا ما اقر، والتناقضات بينه وبين أمر التشريع المناسب في دولة ديمقراطية. باختصار مشروع القانون لا يستهدف فقط خلق قانون جديد، معدل وحديث، كما يقدم في بعض الاحيان، بل يتضمن اصلاحات، ان لم نقل ثورات حقيقية. فمشروع القانون سيوسع ويعزز الصلاحيات القائمة لدى سلطات انفاذ القانون، دون مبرر حقيقي ويقوض بشكل حاد الحماية لحقوق المشبوهين والمتهمين بمخالفات امنية في اجراء قانوني نزيه ومناسب.
ان الكفاح القضائي للارهاب محق بما لا مثيل له. ومع ذلك، فان توسيع هذا الكفاح الى هوامش الظاهرة، مثل ادانة ‘منظمات الغلاف’ (من خلال اعلان من وزير الدفاع) والتي قد تكون منظمات اجتماعية، كمنظمات ارهاب بكل معنى الكلمة يمس بواجب الدولة تجاه القيم الديمقراطية الاساس. وهو يمس بشكل القضاء الجنائي الذي يستهدف معالجة الظواهر المناهضة للمجتمع على نحو صريح.
ان توسيع الكفاح من خلال ادانة بعيدة الاثر يبث ايضا اثره على مركز الظاهرة الاجرامية ـ فهو يقوض الشرعية الواضح للكفاح القانوني ضد الارهاب الحقيقي. فالقاء المسؤولية الجنائية على سلوك الجماهير، والذي لا يعتبر كمناهض للمجتمع في نظر المراقب الموضوعي يقوض نجاعة الكفاح ضد الارهاب وكذا جودة كتاب القوانين لدينا ونوعيته.
في المكان الذي يخرج فيه القانون الجنائي عن الصف الى مجالات ليست له فليس فقط لا امل في أن يحترم، بل وسيكون موضع هزء. وتطبيقه عمليا قد يعتبر كظلم قضائي. وسيتضرر بهذا الكفاح ضد الارهاب وكذا صورة الدولة كدولة قانون. من الصعب الاقتناع بان هذه المحظورات، في سياقاتها الاشكالية، ضرورية حقا وانه يوجد فيها ما يدفع الى الامام الكفاح ضد الارهاب.
كما أن مشروع القانون يفوت فرصة نادرة للالغاء التام لكل أنظمة الطوارىء الانتدابية اياه التي بقيت سارية المفعول وتوجد قيد استخدام سلطات الامن في اسرائيل. تلك الانظمة التي قال عنها مناحم بيغن في خطاب له في الكنيست في العام 1962 ان مجرد وجودها ‘يطرح علامة استفهام على الحقوق الاساس لكل مواطن في اسرائيل.
فالحرية المستقطعة ليست حرية… كان ينبغي منذ زمن بعيد الغاؤها كرمز لاستعبادنا مثلما تتحرر كل أمة من ظلم الاجنبي في الفترة الاولى ما بعد تحررها فتلغي رموز استعبادها’.
كلما تآكلت شرعية القانون الجنائي والرد الاجتماعي من الدولة الديمقراطية على الارهاب فان الدولة تفقد تفوقها الاخلاقي، الذي يسمح باجراء نزيه ومحاكمة عادلة. وبهذا المفهوم فان اقرار القانون سيكون بمثابة استسلام للارهاب.

هآرتس 17/2/2014

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية