فجر تونسي
فجرٌ يتمطّط في هدوء؛
المدينة تُزيحُ عن أوراكها لحافاً رماديّاً.
بيْن محطّتين،
تمرُّ حافلةٌ،
فيها رجلٌ وحيد،
تعوّدَ ملاحقةَ الحياةِ من النّافذة.
برعشةٍ عابرة،
يرْتفع مُواءٌ من دخانٍ، خلّفتْه الحافلة.
وكعادته يمُدّ الصباحُ أصابعَه متثائباً،
ينْسج للمساء قبّعةً من غبار،
يفركُ إسمنتَ الرّصيف على عجَل،
… فيما الحافلةُ تغيب في الضباب الكثيف
شمس
لا حديثَ بيْني وبيْن شمْس في قيْظ العيْش
سوى أنّها قرْص ملتهبٌ
يجلس القرفصاء على سورٍ مكتظّ
يمكر بطفل يقْضم أظافره
عن أبٍ ضيّعته الذّاكرة
عن خطاف دسّ منقاره في عُشّ عالق بزاوية
عن عناق ذابل تحت غصن دالية
لاحديث بيني وبيْن شمس في قيظ العيْش
سوى حديث عن أكُفّ كادحة
فوق شوْك المسارب
عن إبر تُدقّ في جباه مجعّدة
تفْتُل خيوطا من عرق،
من وجع،
من رعْشة قدم
هناك، تنْشغل نملة بجرّ حبّات أرز الى حفرة
فيما الحياة تنسج لها فصلها الأخير
تفاجئها رعود الخريف
ولحظة هطول على الحافّة
تأخدها، وما تبقّى، الى الهاوية
لاحديث بيني وبين شمس في قيظ العيّ
لا حديث
‘ شاعرة تونسية