صواريخ صينية مضادة للدبابات وصلت للجيش الحر.. والجبهة الإسلامية تتفكك

حجم الخط
0

لندن ‘القدس العربي’ قالت صحيفة ‘التايمز’ البريطانية إن مقاتلي المعارضة السورية حصلوا على صواريخ متقدمة تعطيهم اليد العليا في الحرب ضد الرئيس بشار الأسد ونظامه.
وقالت إن الجماعات المعتدلة حصلت على شحنات من الأسلحة في وقت تنهار فيه الجماعات الإسلامية.
واستندت الصحيفة إلى أفلام أظهرت صواريخ مضادة للدبابات، حيث كان يقوم مقاتلو الجيش الحر بتفريغها من الشاحنات في منطقة القلمون القريبة من الحدود اللبنانية.
وتقول الصحيفة إن هذه الصور تقدم دليلا أوليا عن التقارير التي قالت الأسبوع الماضي إن شحنات من دول الخليج أرسلت لمقاتلي الجيش الحر في جنوب سوريا عبر الأردن.
وكانت الأسلحة في صناديق تم تمويهها بدهان أبيض. لكن تشارلس ليستر المحلل في الشؤون الأمنية في معهد بروكينغز قال إن اللون الأبيض يظهر أن هذه الأسلحة هي صناعة صينية ‘صواريخ أتش جي-8.
ويقول إن هذا النوع شوهد بأعداد لا تزيد عن مئة تم شحنها للمقاتلين ووصلت الربيع الماضي، وقيل إنها شحنت من السودان عبر وسيط يعمل مع الحكومة القطرية.
ويتزامن وصول الأسلحة المتقدمة للجيش الحر في وقت بدأت فيه الجبهة الإسلامية التي أعلن عنها تشرين الثاني/نوفمبر بدأت في التشرذم مع أنها تحدثت عن 70.000 مقاتل يعمل تحت لوائها. واعتبرت الجبهة واحدة من أهم القوى التي ظهرت على الساحة السورية في حينه، خاصة أن الجيش الحر كان يعاني من مشاكل داخلية، ولكنها الآن تعاني من مشاكل وتناحرات داخلية.
ونقلت الصحيفة عن منذر آقبيق، المتحدث باسم الجناح السياسي للجيش الحر قوله ‘ لم تعد الجبهة متماسكة أو مجموعة قوية من الفصائل’.
ويقول إن بعض الفصائل الأقل تشددا في الجبهة تقوم بمفاوضات للإنضمام مرة أخرى للجيش الحر.
ويقول ليستر ‘لم تعد الجبهة الإسلامية موحدة ومتحدة كما كانت عندما شكلت’. ويضيف أن السعودية التي كانت وراء تشكيل الجبهة يبدو أنها راغبة في العمل مع الولايات المتحدة أكثر من السابق ودعم الجماعات المعتدلة.

مصالحة في تل كلخ

وسيساعد السلاح على الحد من التراجعات التي أصابت صفوف المقاتلين ودفعت بعضهم لقبول اتفاقيات هدنة مع النظام.
وهنا يشير باتريك ماكدونيل من صحيفة ‘لوس أنجليس تايمز’ إلى التفاهمات التي جرت في عدد من المناطق التي حاصرها النظام ومنها تل كلخ التي قرر مقاتلون فيها تسليم أسلحتهم للنظام.
ويشير إلى حالة غسان عيد الذي قاطع ابنه خالد بعد تركه وظيفته في الشرطة وانضامه للمقاتلين. ويقول الأب الذي لم يتحدث مع ابنه مدة عام ‘شعرت بالخجل’، و’لم يعد إبني’، وقد تغير الوضع الآن في العلاقة بينهما حيث قرر خالد التخلي عن السلاح وبدأ الدراسة ليصبح محاميا.
وينقل عن خالد (31 عاما) ‘كنت مخطئا، فقد خدعني البعض’، ‘وعدت لنفسي اليوم’. ويضيف التقرير إن خالد هو واحد من بين عدد من المقاتلين السابقين في تل كلخ الذين قرروا التخلي عن القتال. وبحسب شروط الإتفاق يوافق المشاركون فيها على تسليم أسلحتهم ويعلنون الولاء للحكومة.
ومقابل هذا يسمح لهم المسؤولون بالعودة للحياة المدنية أو وحداتهم العسكرية التي فروا منها. وتقول الصحيفة إن عمليات المصالحة تتنوع في أشكالها ويضطر الكثير من المحاصرين للقبول بها. وتظل عمليات تحقيق الهدنة محفوفة بالمخاطر وأحيانا ما تفشل بسبب اتهامات متبادلة بين الطرفين بخرقها. ومع ذلك ترى الحكومة فيها بديلا عن محادثات جنيف التي فشلت الشهر الماضي.
ويرى المقاتلون الذين يواصلون الحرب ضد نظام الأسد والداعمون الدوليون لهم أن هذه ‘المصالحة’ لم تتم إلا بالإكراه ونتيجة القصف المتواصل على الأحياء والتجويع والإعتقالات الجماعية.
ويتهم الجيش بتراجعه عن وعوده واعتقال المشاركين فيها أو منع دخول المساعدات الإنسانية لبعض المناطق المحاصرة بعد توقيع الهدنة. ويتفق الطرفان على أن الهدنة عادة ما تفشل. وينقل عن إليا سمعان، مساعد لعلي حيدر الذي عينه الأسد كوزير للمصالحة الوطنية قوله ‘هذا وضع هش’ و ‘لا توجد ثقة بين الطرفين، وما نحتاجه هو بناء الثقة’.

تحقيق إنجازات سياسية

ويرى الكثير من المعارضين للنظام في ‘المصالحة’ محاولة من النظام للحصول على إنجازات سياسية وتحييد المقاتلين الذين يعودون للجيش أو ينضمون للميليشيات المؤيدة للنظام. ويرى علي دندشي، وهو معارض للحكومة في الخارج أن ما جرى في تل كلخ ليس مصالحة ولكن ‘احتلالا’، ويضيف ‘لا ألوم الناس على قبولهم العيش في ظل الإحتلال بعد تعرضهم للقصف والتجويع’ ويضيف إنها ليست نموذجا للسلام في سوريا.
وهناك من يرى أن البلاد التي تعيش حالة من الإنقسام بحاجة للخروج من الوضع السيء. فمع دخول الحرب الأهلية السورية عامها الرابع يرى هؤلاء في تل كلخ التي كانت حتى وقت قريب مركزا للتهريب لقربها من لبنان، نسخة مصغرة للصراع الذي تطور من تظاهرات سلمية إلى مواجهة عسكرية.
ويقول يعقوب الحلو ممثل الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في سوريا ‘الناس متعبون من الحرب’ وهم ‘يريدون السلام مرة أخرى’.
وكان الحلو قد ساهم في عملية خروج أكثر من 500 شخص تتراوح أعمارهم ما بين 15- 55 عاما من البلدة القديمة في حمص بعد حصار استمر لأكثر من عام. لكن الكثيرين ممن خرجوا أو وافقوا على المصالحة يتوقعون السجن أو المحاكمة بقضايا إرهاب، ومع ذلك يقولون إنهم تعبوا من الحرب ومن نقص الطعام والمصاعب التي واجهوها.
ويقول بلال (18 عاما) ‘لم نعد قادرين على التحمل’، ويضيف ‘لم يكن هناك أي معنى لمواصلة القتال، وفضلت انتهاز الفرصة والعودة لنوع من الحياة العادية، وقد انتهت الحرب بالنسبة لي’.

بداية الإنتفاضة

وتقول السلطات إن الهدنة التي عقدت في تل كلخ لا تزال صامدة منذ ثمانية أشهر، وتعتبر البلدة من المناطق الإستراتيجية الواقعة على الطريق السريع بين دمشق- حمص- طرطوس. ومع ذلك لا يزال الزائر يشعر بأن الحرب لم تغادرهاـ فنقاط التفتيش أقيمت على كل مدخل من مداخلها. ولم يبق من سكانها سوى النصف مع أن عددهم قبل الحرب كان حوالي 40.000 نسمة.
ولم يبق من المقاتلين أحد بعد أن كانوا يسيطرون عليها وعلى مداخلها. وبحسب حلاق في البلدة ‘كل شيء عاد لطبيعته’.
ويصف الكاتب البلدة أنها تشبه مدينة أشباح ومكان مهجور. وفي واحد من الأيام ظلت نسبة 80% من المحلات مغلقة. ودفعت شهور من الحرب معظم السكان للهروب إلى لبنان. ويصف البلدة أنها كانت مركزا لتهريب المواد الغذائية والوقود ثم تحولت إلى تهريب الأسلحة والمقاتلين بعد الثورة.
ويشير التقرير إلى الطريقة التي تطورت بها الأزمة في تل كلخ من تظاهرات غاضبة ضد الحكومة في نيسان/إبريل 2011 ثم تحولت لحرب طائفية ومسلحة لام كل طرف فيها الآخر على التصعيد. وتشير الصحيفة إلى أن السنة هم الأغلبية في تل كلخ، لكن يعيش علويون في القرى المجاورة لها، إضافة لأقلية مسيحية وكلاهما موالية للنظام.
ويقول السكان إن تاريخ سوريا هو عن التعايش والإجتماع حول فنجان قهوة. ويقول أكرم رشيد كاليش، وهو علوي من البلدة ‘عشنا معا جيلا بعد جيل بدون أي تمييز طائفي.
فيما يقول آخرون إن المشاعر ومظاهر الحنق ظلت تغلي تحت السطح، خاصة بين السنة الذين شعروا بالمرارة من إهمال الحكومة في دمشق لمطالبهم، وظلت تحابي العلويين في الوظائف.
وبدأت فكرة المصالحة بمبادرة من كبار البلدة الذين لم يكونوا يريدون أن يؤول مصير تل كلخ لما آلت إليه القصير التي دمرت بشكل شبه كامل في العام الماضي بعد أن ساعد حزب الله الجيش السوري على إخراج المقاتلين منها. ويقول وليد الزعبي، الذي أسهم في تحقيق الهدنة ‘لم نكن راغبين في رؤية بيوتنا مدمرة، وواجهنا خسارة كل شيء’.
وبدأت هدنة هشة في حزيران/يونيو العام الماضي عندما سلم 30 مقاتلا أنفسهم وأسلحتهم للحكومة، ويقول قائد ميداني في الجيش الحر سلم سلاحه ويطلق عليه أبو عدي أنه وافق على المصالحة وراض عنها مع أن البعض قال ‘إنني حصلت على 5 ملايين ليرة سورية’ ويقول أبو عدي ‘تمنيت لو كان هذا صحيحا’. ويواجه أبو عدي وآخرون تهديدات من زملائهم السابقين.
ويقول خالد عيد ‘يصفوننا بالخونة’. ولا يزال المقاتلون يقاتلون على حدود البلدة في قلعة الحصن الصليبية. لكن القتال في الوقت الحالي قد توقف في داخل البلدة وتراجع القتل قي داخل تل كلخ المحصنة من كل جانب بنقاط التفتيش.

عن الصورة

في موضوع مختلف، يتذكر جيرمي بوين، محرر شؤون الشرق الأوسط في هيئة الإذاعة البريطانية كيف عبر غضبه من عدم نشر’ بي بي سي’ صور الأطفال السوريين الذين ضربوا بغاز السارين في الغوطة الشرقية العام الماضي، وكيف قامت هيئة التحرير بحذف الصور من تقريره الذي أرسله من دمشق.
ويقول بوين في تصريحات لصحيفة ‘اندبندنت’ البريطانية ‘كانت لدينا نسخة تلفزيونية من تلك الصورة وأردت استخدامها ووضعناها من طرفنا ثم قاموا بتغييرها من طرفهم’ أي في النسخة الأخيرة.
وقال إنه تلقى العديد من الشكاوى من المشاهدين ل’بي بي سي’ في الشرق الأوسط الذي قالوا إن التقارير لا تظهر الجثث والقتلى ضحايا الصراع. ‘وقلت نحاول مراعاة مشاعر المشاهدين، ويقولون أنتم تقوموم بالتغطية على الحقيقة، والحقيقة هي أن الأطفال يقطعون أشلاء’.
ويقول بوين إنه قاتل معركة طويلة ضد ما سماه ‘هولودة’ (من هوليوود) الصورة حيث تظهر في الأفلام صور الحرب وإطلاق النار بدون الإنتباه لآثار الحرب وتداعياتها. ولكنه يقول ‘في بعض الأحيان تحتاج إلى عرض الجثث جثثت القتلى من الأطفال’.
ويناقش الصحافي الذي أصيب العام الماضي برصاصة في رأسه عندما يقوم بتغطية التظاهرات المعارضة للإنقلاب في مصر، وحاز على جائزة صحافي العام التي قدمتها له الجمعية الملكية للتلفزيون أنه يجب أن تكون هناك حدود على عرض صور القتلى. ويتذكر بوين المشاجرات المتعددة بينه وبين المحررين في التلفزيون، خاصة عندما أظهر جثثا لقتلى الإعصار الذي ضرب بنغلاديش عام 1991 وإن ظهرت الصور عن بعد، كما يتذكر جداله المستمر حول عدم إظهار صور القتلى في حرب البوسنة.
ويعتقد بوين إن مدخل ‘بي بي سي’ يتغير نتيجة لتغير مستوى العنف في العالم، مشيرا لاستخدام صورة قتل الجندي البريطاني لي ريغبي العام الماضي على يد متشددين إسلاميين. ويقول إن الظروف التي يعمل فيها الصحافيون ومنذ 2005 خطيرة، ومعادية للغرب خاصة في الشرق الأوسط.
ويتذكر كيف حاول اللجوء إلى مقهى شعبي في القاهرة عندما بدأ رواده يهاجمونه وفريقه ‘لقد تم استهدافنا لأننا أجانب’.
وفي سوريا يقول فالخطر أعظم لأن الأجنبي يعتبر هدفا ثمينا للإختطاف ‘الكثير من السوريين يتعرضون للإختطاف لكن الأجانب هم صيد ثمين’. ويضيف أن الصحافيين كانوا يعتبرون في الماضي غير مقاتلين ومحايدين أما الآن فهم عرضة لهجمات الغوغاء ومن جماعات اللوبي. ففي عام 2009 انتقد تحقيق داخلي في ‘بي بي سي’ بوين تقريرا أعده عن المستوطنات.
ويرى بوين أن النتائج التي توصل إليها التحقيق لم تكن صحيحة وكانت ناقصة، وجاءت بناء على نصيحة من مصدر اعتبر في حينه مستقلا لكنه عين لاحقا كسفير لإسرائيل في الأمم المتحدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية