خاص: بـ’القدس العربي’: قال جمال معروف قائد جبهة ثوار سوريا في حديث خاص لـ’القدس العربي’ حول مشاركته كممثل وحيد لفصائل المعارضة في مؤتمر جنيف2، أنه لم يشارك شخصيا لكنه أرسل ممثلا عن جبهة ثوار سوريا إلى مؤتمر جنيف ضمن الوفد الذي ترأسه الجربا، مضيفا أن ‘مؤتمر جنيف كان فرض عين، كان النظام سيقول للعالم انظروا لم يأت هؤلاء الإرهابيين لأنهم لا يريدون الحل السلمي فكان من الضروري أن نذهب إلى جنيف ونفضح جرائم النظام’.
وسألت ‘القدس العربي’ معروف، ألم تكن مشاركتكم بطلب سعودي مباشر؟ ليجيب: ‘حتى لو طلب منا المشاركة فالمشاركة في جنيف2 من مصلحتنا’.
ويؤكد معروف أن القطريين حاولوا الضغط على الفصائل المقربة منهم في جبهة ثوار سوريا لحثهم على المشاركة في المؤتمر لكنهم فشلوا في إقناع الجبهة الإسلامية بالمشاركة.
وهنا عادت ‘القدس العربي’ لسؤاله: أليس ذلك دليل على استقلالية قرار فصائل الجبهة الإسلامية عن القطريين وامتلاكها لرؤيتها الخاصة واحترام القطريين لهم؟ فيرد معروف ‘نحن أيضا طلبنا توفر شروط للمشاركة في جنيف وكنا نريد تنحي الأسد ومحاسبة أركان النظام على الجرائم، لقد أردت أن اقول للعالم في جنيف إننا لسنا إرهابيين، إني أؤكد أننا مع الحل السلمي لكن بشرط تنحي بشار ومحاسبة أركانه’.
وحول تصور معروف لشكل الدولة التي يريدها في حال سقوط النظام؟ وما الفرق بين جبهة ثوار سوريا والجبهة الإسلامية التي أعلنت أنها تريد إقامة دولة إسلامية مستقبلا؟ يبين معروف أنهم لم يطلقوا على جبهتهم كلمة الإسلامية حتى إذا حدث ووقعوا في خطأ لا يحملوا أخطاءهم للإسلام، إن أخطأنا فجبهة ثوار سوريا هي التي أخطأت وليس الإسلام، ويضيف ‘أنظر إلى أولئك اللذين يضعون كلمة الإسلام في أسماء أحزابهم، لقد شوهوا صورة الإسلام، وأصبح المسلم نفسه يخاف من إسلامهم، هل يقتنع مسلم بإسلام داعش!؟ للأسف كثيرون ممن شوهوا الإسلام هم من أبناء الإسلام.
وهنا يقفز إلى ذهننا التساؤلات التي تطرح حول مشروع الفصائل الإسلامية السلفية وإشكالية تعاطيها مع الديمقراطية، إذ تصر على فرض نموذج إسلامي في الحكم دون الرجوع إلى قرار الشعب نزولا عند رؤية أصولية تضع ‘حاكمية الشريعة الإسلامية فوق رأي الشعب’.
وسألت ‘القدس العربي’ جمال معروف عن رأيه في هذا الشأن، فقال ‘أنا رأيي الشخصي أن الشريعة الإسلامية يجب أن تحكم لكن هذا رأيي وهناك 23 مليون سوري غيري قد لا يتفقون معي، كمسلم يجب الإحتكام إلى دستور إسلامي من القرآن والشريعة لكن اختيار السلطة والحاكم يجوز شرعا أن يكون عن طريق الإقتراع’.
وهنا سألته ‘القدس العربي’ عن أي تفسير للشريعة الإسلامية يريد فـ’داعش’ لها تفسيرها والسلفية الجهادية لها تفسيراتها والأخوان المسلمون لهم تفسيراتهم والمدارس الإسلامية الفقهية من الصوفية وغيرها اختلفت في التعاطي السياسي مع الشريعة، كما أن الشيعة لهم ايضا تفسيرهم للشريعة الإسلامية والآن هم في حرب أهلية مفتوحة مع المسلمين السنة، ألا تلاحظ أن المسلمين لديهم نفس مصادر التشريع من القران والسنة ورغم ذلك لم تتوقف الصراعات الدموية بينهم على السلطة منذ أكثر من ألف عام؟
فيجيب ‘كلامك صحيح لكنني أؤمن بشريعة القرآن بمفهوم سلف الأمة’.
وفي هذه الأثناء يتلقى معروف اتصالا من شيخ أراد التوسط لديه من أجل قيادي من ‘داعش’ كان معتقلا في سجون جمال معروف، فيرد عليه معروف صارخا ‘لقد خدعنا.. قال لنا إنه لم يعد مؤمنا بأفكار داعش وإنه لم يعد ينتمي لهم، وسمحنا لأصدقائه بزيارته 3 مرات في السجن لكنهم جاؤوا في المرة الرابعة ليلا وتسللوا للسجن وقاموا بتهريبه، وها قد خرج وأعلن بيعته مجددا لداعش الآن وانضم إلى مجموعات الدولة الإسلامية في شاعر في ريف حماة حيث تسيطر داعش على بئر من النفط’.
وكان معروف يتحدث عن أمير محلي سوري لداعش يدعى ابو عبد الله من قرية معر دبسا، اعتقل في قرية منس من قبل مجموعة تابعة لجبهة ثوار سوريا خلال الحملة التي شنتها الفصائل المعارضة لطرد داعش من مقراتها في ريف حماه وإدلب وحلب.
جمال معروف الذي حاورته ‘القدس العربي’ هو قائد التكتل الثاني لفصائل المعارضة المسلحة ‘جبهة ثوار سوريا’ ويوصف هذا التكتل أنه أكثر اعتدالا وأقل راديكالية من تكتل الجبهة الإسلامية الذي يضم كبرى الفصائل الإسلامية في سوريا ويغلب عليها الطابع السلفي وتطالب بإقامة دولة إسلامية ولديها موقف ملتبس بخصوص العملية الديمقراطية في سوريا ما بعد الأسد.
ومنذ بدايات الثورة السورية انخرط معروف في الحراك الثوري وترك عمله في مقاولات البناء وهي المهنة التي زاولها في لبنان لسبع سنوات، وكغيره من قيادات الفصائل الذين لم يكن لهم علاقة بالعمل السياسي أدخلت الثورة معروف للسياسة كمعارض للنظام بل وللعمل المسلح.
وربما ساعدت شخصية معروف في جمع المؤيدين حوله من بلدات جبل الزاوية، فهو يتمتع بحضور بارز وبقدرة خطابية مميزة، كما أن قناعاته الإسلامية التي يقول إنها تمثل مرجعيته الفكرية أسهمت في ترسيخ شرعيته كزعيم محلي في إدلب حيث ينتمي مجتمع القرى في غالبيته للتيار الإسلامي المحافظ.
وأسس معروف في بلدته في جبل الزاوية في ريف إدلب فصيلا مسلحا هو ‘كتائب شهداء سوريا’ نجح مع فصائل أخرى في الجبل بطرد قوات النظام وجعله أول المناطق المحررة في سوريا من جيش النظام.
وبدأ فصيل معروف يتلقى دعما من المخابرات السعودية بشكل خاص وهو ما يعتبره جمال معروف في حديثه لـ’القدس العربي’ دليلا على الرعاية المادية والمعنوية التي تقدمها السعودية ‘الداعم الأكبر للثورة السورية’ حسب معروف.
وجبل الزاوية هو أيضا موطن قائد التكتل المنافس لمعروف.. أبو عيسى الشيخ مؤسس صقور الشام وقائد الجبهة الإسلامية، والذي يختلف عن معروف بتاريخ عائلته الحافل في معارضة النظام، فأبو عيسى الشيخ فقد من عائلته الكثير من الضحايا منذ الثمانينات عندما كان أفراد من عائلته منخرطين في تنظيم الأخوان المسلمين.
وفقد مؤخرا ثلاثة من أخوته في المعارك مع النظام، مما جعل أهالي جبل الزاوية يطلقون على والدته الخنساء، والجبهة الإسلامية التي يقود أبو عيسى الشيخ مجلس الشورى فيها ارتبطت فصائلها بالقطريين على عكس تكتل معروف، ففصائل الجبهة الإسلامية كأحرار الشام ولواء التوحيد وصقور الشام تلقت دعما من الدوحة بينما اتسمت علاقتها بالسعودية بالبرود في أفضل توصيف.
وشكلت جبهة ثوار سوريا كردة فعل على تشكيل الجبهة الإسلامية التي لم تضم فصيل معروف، وأعلن عن تشكيل الجبهة الإسلامية بعد أيام من مقتل قائد لواء التوحيد عبد القادر صالح الحاج مارع وهو أكثر الشخصيات العسكرية شعبية وحضورا من بين الفصائل المعارضة في المناطق المحررة، وكان العقل المؤسس لفكرة الجبهة الإسلامية مع زهران علوش قائد لواء الإسلام وأبو عيسى الشيخ قائد صقور الشام وحسان عبود القيادي في أحرار الشام.
ويلمح معروف إلى منافسيه في الجبهة الإسلامية الذين كاد أن يصطدم معهم عسكريا قبل أسابيع عندما سيطرت حركة أحرار الشام وحلفاؤها في الجبهة الإسلامية على مقرات الجيش الحر في باب الهوى وطردت أنصار معروف من معبر باب الهوى الحدودي قبل أن يعقد اتفاق مصالحة بين الجبهتين اللتين انخرطتا سوية في حرب دامية مع تنظيم داعش في إدلب وحلب والرقة.
ويوضح أن مشكلة باب الهوى حصلت بسبب إصرار الجبهة الإسلامية على ‘احتلال المعبر’ وهو معبر خاص باللاجئين السوريين كما سيطروا على مقرات الأركان ويضيف منتقدا ‘في ذلك الوقت كانت الجبهة توجه قواتها نحو معبر باب الهوى بينما لواء الإسلام بقيادة زهران علوش يخسر النبك بريف دمشق، أليس من الأولى الإهتمام بتحرير النبك بدلا من إحتلال معبر باب الهوى’.
وينهي حديثه عن أزمة باب الهوى مع الجبهة الإسلامية بالقول إننا تجاوزنا الأزمة وعلاقتنا جيدة مع كل الفصائل وهناك محاكم شرعية بيننا وبين الجبهة الإسلامية لحسم بعض القضايا العالقة.
وبينما نحن نجري لقاءنا مع معروف أخبرنا قائد كتائب شهداء إدلب الذي كان معنا في الجلسة إن جبهة ثوار سوريا بالتعاون مع جبهة النصرة تمكنت من تحرير بلدة المسطومة الإستراتيجية، وأن قوات النظام تراجعت الى المعسكر في المسطومة، ويرد شاب آخر يدعى ‘عبقرينو’ قائلا ‘لكن المهم هو المعسكر! المعسكر ما زال مع النظام ويجب تحريره’. و’عبقرينو’ هو مقاتل إسلامي، وديع الملامح وقد أطلق لحيته ويبدو قريبا من التيار السلفي في أفكاره، وهو مقرب من قائده جمال معروف وخبير في صناعة المتفجرات،
وفي الختام وعندما شككت ‘القدس العربي’ في إمكانية نجاح الفصائل المسلحة في هزيمة نظام الأسد وسألته: ألا تعتقدون أنكم تخوضون حربا للإستمرار وليس الإنتصار؟ يجيب معروف أن مجرد استمرار الثورة السورية هو انتصار فلم نسمع عن إنشقاق كتائب من الثوار وانضمامهم للأسد لكن العكس يحصل.
ونعاود السؤال: ولكن سياسة المصالحات والهدن التي اتبعها النظام في أكثر من منطقة محررة قد تؤدي في النهاية لتحييد كل الفصائل المعارضة وسيطرة النظام شيئا فشيئا حتى لو استمرت هذه الأزمة لسنوات.. ألا تعتقد أن هذه الحرب ستطول لسنوات؟ يجيب معروف: ‘حكمنا آل الأسد 40 عاما وليس لدينا مشكلة أن نقاومهم لـ 40 عاما أخرى’.