يحدث اني، لحسن حظي طبعاً، أجمع معظم الصفات المشبوهة في أيامنا هذه: لبنانية، شيعية المذهب، وكما يدل اسم العائلة (والكلام هنا موجه لخبراء الجغرافيا الطائفية في لبنان) من جنوب لبنان، وتحديدا من قرية خربة سلم. أضف إلى ذلك، توجد في بيتنا صورة لامين عام حزب الله، السيد حسن نصرالله.
مكنت هذه الصفات خلال الأعوام القليلة الماضية الكثير من الناس من إطلاق الأحكام المسبقة على قراءتي الشخصية للأحداث السياسية والأمنية، حرمتني فرصة التعبير عن قيمي الإنسانية ومبادئي الشخصية وآرائي مما يجري.
أصبحت صفاتي الشخصية تشكل عند البعض خارطة طريق ملغومة بالاتهامات، اتهامات تفرض نفسها عليّ وتقيدني قبل أن تتحول إلى اسئلة لا أعرف جوابا لها.
كيف لي أن أدخل حواراً بفكري ومنطقي مجردة من أي شيء؟ كيف لي أن أفعل ذلك وكل ما أدعيه باطل، طالما أني متورطة بكل الصفات المذكورة في الأعلى؟
أشهد كل يوم كيف تتغير صورتي أمام المحيط الذي أعيش فيه بفعل تطورات الأحداث في سورية ولبنان، ذلك أن المذهب الديني أصبح، لدى الكثير، عبارة عن تعصب سياسي وهوية مغلقة مجردة من أي قيمة أخلاقية أو إنسانية.
حب الإمام الحسين أصبح تهمة، طريقة الصلاة، التي يختلف اداؤها اختلافاً بسيطاً عن أهل السنة، أصبحت تحدد الموقف السياسي من الرئيس السوري بشار الأسد، التشديد على أن إسرائيل هي العدو الأكبر للمسلمين والعرب لم يعد مقبولاً، ما لم تسبقه اتهامات أكبر للمقاومة اللبنانية والداعمين لها.
اكتب عن ثورة البحرين، كما كتبت من قبلها عن ثورات سورية ومصر واليمن، فيقال اني انحاز إلى حقوق الشيعة ”غير المشروعة” بفعل أني انتمي إلى المذهب نفسه. اتحدث عن دعمي لثورة سورية عندما كانت تنبض بنفس احتجاجات الشارع لا قذائف الإرهاب، فلا أجد كلامي مقبولاً أو مرحباً به. أدافع عن حبي للمقاومة اللبنانية التي هزمت عدو العرب الأكبر في 2006، فأرى الوجوه من حولي وقد تحولت ملامحها إلى رصاص صامت، يصيبني ثم يتركني أمضي بسلام حاملة معي خيبات أمل وكثيراً من كلام أوفره لحوار أفضل.
أفكر كم أصبح هذا الأمر البسيط صعباً: أريد أن أكون قادرة على محاورة من اختلف معهم في الرأي، من دون أن أكون متلبسة بأحكام مسبقة، ومن دون توظيف مكان سكني والبيئة التي نشأت فيها ومعتقداتي الدينية في الحوار. أريد حواراً مبنيا على المنطق والدلائل والمعطيات، موقفا إنسانيا ينصر الإنسان فينا، موقفا يبنى بالاستناد إلى دروس التاريخ التي تكرر نفسها فيما نحن نتبادل الاتهامات ونقتل بعضنا بعضا.
أصبحت هذه الرغبة شبه مستحيلة، فبفعل الصراع الطائفي والمذهبي الذي يتغذى من الأزمات السياسية والتحريض الإعلامي، يتم زج الشيعة والسنة في الصراع السياسي بصورة نمطية، مع العلم أن’كثيراً منهم لا يدعمون النظام ولا المعارضة والجماعات المسلحة، لا بل يتلقون الشتائم على شاشات التلفزيون من قبل شيوخ ورجال دين يفترض أن تكون مهامهم تقريب البعد المذهبي وتحقيق الوحدة بين المسلمين، الذين فاق عدد من مات منهم على أيدي مسلمين عدد من قتل بأيدي إسرائيل.
هذا الخوف من المد الشيعي ليس ظاهرة جديدة، فقد تطور مع اندلاع الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، ومن ثم الانفجار الطائفي الدموي في العراق، بعد الغزو الأمريكي عام 2003 حتى انفجر انفجارا مدويا مع أحداث الربيع العربي.
ومع اندلاع الثورات العربية، التي كان من المفترض أن تكون أول اهدافها محاربة الفتن الطائفية والمذهبية التي يزرعها الغرب في حقول وسائل الإعلام العربية، احتدم الصراع الشيعي – السني وانتشرت لغة الكراهية في شبكات التواصل الاجتماعي وفي المساجد والمحاضرات والتقارير الإخبارية الملغومة بلغة طائفية بشعة، وتسجيلات مصورة على الإنترنت تظهر فيها مشاهد دامية تمس مشاعر الشيعة والسنة، وإن كان يفترض أن نقول انها تمس الإنسان بغض النظر عن مذهبه، كقيام مقاتلين بنبش قبور احد رموز الشيعة بالقرب من دمشق وتمزيق قلب جندي من القوات النظامية، ومذابح لا حصر لها يُقتل فيها مدنيون أبرياء من المذهب السني.
لا شك أن الاحداث في سورية اججت الانقسام المذهبي بين السنة والشيعة، لكن الاستثمار السياسي والاعلامي كانت له الحصة الأكبر في تغذية هذا الصراع، فالاعلام يحمّل ابسط حدث طابعا مذهبيا، في حين أن الصراع هو صراع سياسي وليس صراعا على من كان يستحق تولي الخلافة الإسلامية.
من المؤسف اننا سمحنا للإرهابيين بأن يركبوا هذه الموجة ويشحنوا أبناء المسلمين بهذا الحقد المذهبي، فإن أبرز ما يمكن أن يثمره الربيع العربي هو فرصة تاريخية للمصالحة مع الذات ومع الغير، عبر خلق فضاء من الحرية’يسع الجميع، بما في ذلك توحيد السنة والشيعة من دون خوف من الاضطهاد، أو تنازل عن الخصوصية الفكرية والفقهية.
إعلامية وصحافية لبنانية
Twitter: @RimaCherri
شكرا للكاتبة الجميلة على هذه المقالة الرائعة فعلا أنت فخر لهذه الأمة و دمت و دام رجال المقاومة بألف خير, أنا مسلم أصنف بأني سني و لكنني أرفض هذا الأمر مطلقا بالرغم من أني أضطر لتذكير البعض في مواقف معينة بأنني سني حتى أفهمهم بأنني مع المقاومة لأنها مقاومة شريفة و ليس لأنها شيعية المذهب..و أظن أن هذا نفس موقف الأخت الكريمة أم وليد فأنا أتابع تعليقاتها و أعرف جيدا بأنها مع وحدة المسلمين بكل طوائفهم و ترفض تصنيفهم بالسنة و الشيعة و لكني أظن بأنها اضطرت هي الأخرى بتعريف نفسها بالسنية لأن بعض المعلقين ( من بينهم سامح من الامارات) ‘اتهموها’ بأنها شيعية لدفاعها الواضح عن حزب الله
تحية طيبة لك أم ولييد و لahmad Alramthawi و أحمد الربيعي-العراق و دامت أمتنا المفجوعة بخير
بسم الله الرحمن الرحيم
ثقوب رؤيتك في مقالك-التهمة شيعية – ضعضت النفوس الغامضة في مراوغة المذاهب المجزأة في عبادة الخالق وأمنحتهم البلسم الكافي في الفهم الصحيح علي درب الصراط المستقيم, جزاك الله ألف خير.
اسمحوا لي أن أقول، مع بالغ الاحترام لإخواني في الله ، سنة وشيعة، ما أتفه بعض المواقف !!! أليس من الذكاء أن يقبل كل منا بوجود الآخر ويحترمه في صمت ! أليس مضيعة للوقت ودعما لمواقف أعداء المسلمين أن يخصص الشيعي وقته لذم كذا وكذا من رموز السنة ؟؟.. أليس هدرا للطاقات أن يضيع السني وقته في التأليب على كذا وكذا من الشيعة ؟ هذا التخلف بعينه، هذا إجرام في حق الإسلام والمسلمين !! لينصرفْ كل منا إلى تحسين حاله ويحترم آراء الآخرين !
صراع شيعة سيدنا علي لحقه في الخلافة هو أيضاً صراع سياسي
حياك الله أخي سليم بن يوسف.. فعلا ما قلته صحيح و أشكرك على موقفك…نحن كلنا مسلمين و لغة “سنة و شيعة” يجب أن تختفي من قاموسنا و كل همنا يجب أن ينصب على خدمة أمتنا جمعاء و انقاذها من هذا التشردم المشين …شكرا
اختي كلامج حلو مافي اي غبار عليه، نحن نحب الشيعه وقبل 4 سنوات مافي حد يقول انت شيعي وانت سني، نحن نكره الي تابعين للوليه الفقيه كل الي يستوي عندنا يزيد الكره له ، يغرون الشباب (ضعيفي الايمان) بالمال و زواج….! لا اود ان اكمل وهالشي معروف وتعرفين الازمه الي استوت مع المغرب وايران ، سيدنا الحسين سيد شباب اهل الجنه وكلنا نحبه، نحن نحب حزب الله إذا وجه بوصلته لاسرائيل بس نكره حزب الله إذا وجه سلاحه إلى السوريين، يعني اخوض حرب مع اسرائيل عشان عقب احارب اي حد غيرهم ويكون بمثابه مبرر واي حد يواجهني اقول انك عميل اسرائيلي ، واقع غير مبرر.
بداية دعونا نتفق اقصد انا والكاتبة الجميلة قلبا وقالبا
حب الامام الحسين ليس بتهمة وكذلك الخلفاء الاربعه ابو بكر وعمر وعثمان وعلى ليس ايضا تهمة دون استثناء الامام على
حب امهات المسلمين ايضا ليس بتهمة واحترامهم احترام الام واجب على كل مسلم
ان اتفقنا على على هذة البديهيات (المسلم بها ) فلا خلاف
ثم من الشيعة ؟
هم من ناصروا الامام ونحن كمسلمين لا نختلف معهم
اختلافنا مع الروافض وهم ليسوا كل الشيعة انما فصيل ضل كما ضل فصيل من اهل السنه
ثم الصلاة ؟؟
هى خمس مفروضة اما عن وضع يدى اين فذلك ليس بيت خلاف … النية هى لله
لا بد من نظرو جديدة للدين الاسلامي. وقبل ذبك لا بد من الغاء الطائفية…وهنا الاحتكام الى القران الكريم ضرورة ملحة..وكل ما خالف القران الكرم يجب ازالته من الحياة الاسلامية
الكاتبة لم تبين رأيها بالثورة السورية و أحداثها و لكن استخدمت اسلوب المواربة و جعل نفسها ” ضحية”. بدل من هذا الكلام الذي لا طائل منه قلتقل ما تعتقد بحزب الله و الثورة السورية صراحة و بين أعداء هذه الثورة سُنة و شيعة و علويين و مسيحيين و غيرهم. إن كانت تدافع عن حزب الله لأي سبب كان, و هو يرتكب أشنع الجرائم في سوريا فهنا موطن الخلاف أما ما تؤمن به و كيف تصلي أو لا تصلي فلا يهم أحدا. كلامها غير صحيح و يشهد عليه استقبال السوريين المساكين لضحايا عدوان 2006 و مساندتهم في الماضي للمقاومة الزائفة؛ لم ينظروا يوما إلى مذهب أو دين. هذا الأسلوب لم يعد يستدر عطف أحد بعد أن أصبحنا غير قادرين على عد شهداءنا.