الأردن: مخالب بيروقراطية لوزارة النسور وتفويض ملكي بخطة إقتصادية و’ضيق’ من تسييس المساعدات العربية وإصغاء لشكاوى المستثمرين

عمان ـ ‘القدس العربي’ تكليف رئيس الوزراء الأردني الدكتورعبدالله النسور مجددا بوضع ‘قواعد’ لخطة إقتصادية شاملة مدتها عشر سنوات لا ينطوي فقط على ‘اعتراف’ مرجعي بعقلية الرجل الإقتصادية بقدر ما يؤشر على أن حكومة النسور لا زالت تتمتع بالثقة الملكية ولديها برنامج عمل.
طوال الأسبوعين الماضيين إنشغل خصوم النسور ومناكفيه بتوقع رحيل حكومته الوشيك بعد فترة وجيزة من حصولهاعلى ثقة ثانية من البرلمان في قضية الشهيد القاضي رائد زعيتر حيث أدار النسور بكفاءة المعركة مع شحنات الإنفعال العاطفية التي نتجت عن الجريمة الإسرائيلية وهي شحنات حاولت التسلل إلى مواقع ومواقف المؤسسات السياسية والشعبية.
كثيرون خططوا لقراءة ثقة البرلمان الثانية باعتبارها الجسر الذي سينتهي بسقوط الحكومة إلى أن عكست رسالة ملكية تلقاها الرجل مساء السبت وتختص بالملف الإقتصادي مزاجا مختلفا عند صاحب القرار المرجعي يوحي أولا بأن عمر الحكومة قد لا يكون قصيرا إلى الحد الذي يتوقعه البعض .
وثانيا أن النسور حتى وإن رحل فهو الرجل الذي سيكلف بـ ‘هندسة’ قواعد أساسية في المجال الإقتصادي .
رسالة الملك التكليفية الجديدة تتحدث عن العديد من الأفكار لكن أبرزها ثلاثة تكليفات أساسية تتعلق حصريا بإشراك ‘القطاع الخاص’ وتأسيس ‘شراكات’ مع السلطة التشريعية وثالثا والأهم بناء خطط إقتصادية تعزز استقلالية الخيار السياسي وتركز على ‘ الإعتماد على الذات’.
هذه أفكار كبيرة ومهمة حسب كل الخبراء وهي سياسية بإمتياز حتى وإن كان غلافها إقتصادي الهوية فمسألة جذب القطاع الخاص والشراكة معه ومع البرلمان بتفويض ملكي توفر لوزارة النسور ‘مخالب بيروقراطية’ تعزز حصة النفوذ الحكومي في كل المؤسسات في أجهزة الدولة وتمنح رئيس الوزراء مساحة حرة أكثر من التسلل والعبور لكل الملفات بما في ذلك الملفات الأمنية والسياسية خصوصا عندما يتعلق الأمر بجذب أو حتى ‘توطين’ رأس المال.
أما التوصية الملكية المتعلقة بوضع قواعد للإعتماد على الذات فهي تعكس عمليا مستوى ‘الضيق’ الذي يربك المؤسسة السياسية الأردنية عندما يتعلق الأمر بالأجندات السياسية التي يتم ربطها دوما بالمساعدات وخصوصا العربية حيث أبلغ النسور في وقت سابق ‘القدس العربي’ أن مساعدات الأشقاء مشكورين لا تعالج المشكلات الأساسية التي تواجهها أزمة العجز في الميزانية .
الرسالة تعني أن القصر الملكي لا يلتفت لتلك الدعوات الجانبية التي تصدر عن نخب تناكف النسور وكان آخرها دعوة الوزير والنائب السابق أيمن المجالي لتشكيل حكومة ‘ إنقاذ وطني’.
لذلك نظر وزراء في طاقم النسور إلى رسالة القواعد الإقتصادية باعتبارها تفويض جديد يساهم في تثبيت أقدام الحكومة وسط الضجيج العام خصوصا وأن وضع خطة إقتصادية شاملة لعشر سنوات ليس مهمة سهلة بكل الأحوال وتسمح للحكومة بالتمدد في العديد من المساحات بما في ذلك إعادة مراجعة وإنتاج ‘التشريعات’ الناظمة لمجمل العملية الإقتصادية .
بالتأكيد وكما تفيد معلومات خاصة حصلت عليها ‘القدس العربي’ لدى النسور خطة خاصة ليس للبقاء بل للإقامة مطولا في مؤسسة القرار ومن المرجح أنها خطة تتماهى أو تنسجم مع التفويض الجديد في المسألة الإقتصادية .
وهو تفويض يعالج مسائل وتفاصيل في غاية الأهمية ويعكس طموح مؤسسة القصر الملكي بالوصول إلى محطة تتعزز فيها إمكانية إدارة الملف المالي بشكل متحرر ولو نسبيا عن ‘تسييس’ المساعدات وتؤدي إلى معالجة الإشكالات التي تمنع جذب الإستثمارات وتوطين إستثمارات الأردنيين .
المسافة المتعلقة بمعيقات استثمار الأردنيين في وطنهم سبق أن اهتم بها وتحدث عنها رئيس مجلس النواب المهندس عاطف طراونة وسبق للملك مباشرة أن استمع لتقييمات إقتصادية مثيرة وشكاوى من صناعيين ومستثمرين أردنيين تتحرش بهم أو تطردهم أو تبتزهم بعض الأجنحة البيروقراطية مما يعني ضمنيا أن قواعد العمل الإقتصادي التي أمر بها القصر الملكي يفترض أن تعزز مخالب الحكومة البيروقراطية وأذرعها في مواجهة مشكلات داخل مؤسسات النظام والدولة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية