انتصار العقل

حجم الخط
0

الصفقة المتبلورة لتحرير جونثان بولارد في الايام القريبة القادمة مقابل تحرير عرب اسرائيليين مع الكثير من الدم على الايدي تثبت، وليس للمرة الاولى، بانه لا توجد مبادىء مقدسة ولا توجد مواعيد مقدسة تلزم أصحاب القرار بالتمسك بها بكل ثمن.
حتى الاسابيع الاخيرة درج الامريكيون على أن يردوا حتى النهاية كل طلب اسرائيلي لتحرير بولارد، بدعوى أنه يقضي عقوبة بالسجن منذ أن فرضتها عليه المؤسسات القضائية ولا يمكن خرقها. اما الان في ضوء احساس اليأس والتعطل من جانب جون كيري الذي فشل في مساعيه لحمل الاسرائيليين والفلسطينيين على الموافقة على صيغة للتسوية طرح الجاسوس الاسرائيلي على طاولة المباحثات.
هكذا ايضا الطرف الاسرائيلي، الذي صرح بانه لن يحرر عرب اسرائيليون ولن يكون استسلام لطلب الطرف الفلسطيني الذي يرى نفسه يمثل عرب اسرائيل ايضا. وها هو قبل لحظة من انهيار المسيرة، وجدوا في القدس الورقة المظفرة: تحرير بولارد، وصوله الى اسرائيل واحتفاله بعيد الفصح كانسان حر.
رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وزير الدفاع موشيه يعلون ووزير الخارجية افيغدور ليبرمان قادوا المفاوضات مع كيري ورجال طاقمه. وفي محيطهم القريب يصفون النتيجة المتوقعة كـ ‘حدث استراتيجي’ سيعزز اسرائيل في علاقاتها مع الادارة الامريكية.
لا شك أنه دون موافقة يعلون، ما كان لهذه الصفقة ان تخرج الى حيز التنفيذ. وتثني المحافل الامريكية على دور وزير الدفاع في بلورة الصيغة التي ستسمح باستمرار ما يشبه المفاوضات حتى بداية العام 2015.
يمكن الافتراض بان هبوط بولارد عندنا سيصبح احتفالا وطنيا يشحب أمامه استقبال جلعاد شاليت الذي احتج في اسر حماس لاكثر من خمس سنوات. ويجدر هنا تحذير نتنياهو من أن أول مَن مِن شأنه أن يشوش له الاحتفال سيكون بولارد نفسه، الذي لن يكتفي باقوال الشكر بل سيعرب عن رأيه في الصفقة الملوثة ‘ أنا مقابل قتلة’. في الماضي رفض بولارد امكانية ان يحظى بالحرية مقابل تحرير قتلة.
وفي حينه ايضا، في ذروة الاحتفالات، سيكون مجديا أن نتذكر بان بولارد يصل الى دولة استخدمته ضد حليفتها الاكبر، الولايات المتحدة، دليل على أنه من أجل المصلحة اللحظية نكون نحن مستعدين لان نغرس حربة حادة في وجه اصدقائنا الامريكيين.
وفي نهاية المطاف، فان من دفع الثمن الاكبر على هذه القضية البشعة هو بولارد نفسه الذي ذوى في السجن الامريكي لنحو 30 سنة نصف سنوات حياته. ومهما كانت آثار هذه الصفقة، فان اسرائيل ملتزمة بالرجل الذي عمل بتكليف منها.
رغبة الولايات المتحدة، اسرائيل والفلسطينيين في عدم تحطيم الاواني تشير الى وتجسد شراكة المصيرة بين اللاعبين الثلاثة والتي لا تسمح لهم بالنزول من العربة. غير أن هذه الصفقة تضع المفاوضات مع الفلسطينيين على أساس ضيق من المحادثات مقابل السجناء المحادثات التي لن تؤدي على ما يبدو الى اي مكان. ان العملة الاسرائيلية من الاف السجناء الفلسطينيين الذين سيتبقون في السجن بعد الصفقة ستمنح رئيس الوزراء زمنا لا نهاية له لمباحثات عقيمة.
مسألة واحدة تبقى مفتوحة: هل البيت اليهودي، الذي وعد بالانسحاب من الحكومة اذا ما تحرر سجناء عرب اسرائيليون واذا ما اتفق على تجميد البناء في المستوطنات، سينسحب بالفعل؟ أنا لست واثقا.

يديعوت 2/4/2014

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية