مشروع توشكي المصري يحيل الصحراء جنة لكن تصدير المحاصيل المزروعة فيه محدود للغاية
مشروع توشكي المصري يحيل الصحراء جنة لكن تصدير المحاصيل المزروعة فيه محدود للغايةتوشكي ـ من جوناثان رايت:الطماطم العضوية حمراء وغنية بالعصير، والبطاطا كبيرة وخالية من العيوب، لكنها قابعة علي جانب الطريق في الصحراء الغربية المصرية علي مسافة 250 كيلومترا من أقرب بلدة كبيرة وآلاف الكيلومترات من الاسواق الاوروبية حيث يمكن ان تباع بأعلي الاسعار في منتصف الشتاء.هذه هي باكورة انتاج مشروع توشكي المصري، أكبر خطة ري تنفذها البلاد منذ أن أحدث السد العالي في أسوان ثورة في نظام ادارة المياه القديم في الستينات. واستثمرت الحكومة المصرية نحو 1.5 مليار دولار في توشكي علي مدي الاعوام الثمانية الماضية منها 300 مليون دولار علي ما تقول انه أكبر محطة ضخ في العالم لزراعة الصحراء. لكن مع تدفق المياه واستكمال الكثير من مشروعات البنية الاساسية في المكان تجد الحكومة والاعمال الزراعية في توشكي ان التسويق والامداد والتموين من العوامل المهمة لتحقيق اكبر استفادة من 540 الف فدان متاحة للزراعة. وتحتاج مصر التي يقطنها 72 مليون نسمة يعيشون علي 8.3 مليون فدان من الارض الزراعية في وادي النيل والدلتا بشدة لتوسعة الاراضي الزراعية. وفي ظل غياب أمطار كافية يتعين أن تأتي أغلب مياه الري من النيل عبر قنوات. وترتفع التكاليف بشدة كلما طالت المسافة التي يتعين ان تقطعها المياه بعيدا عن الوادي. ومشروع توشكي الذي سانده بقوة الرئيس حسني مبارك هو أكبر عنصر في خطة شاملة لاضافة 3.4 مليون فدان للاراضي الزراعية بحلول عام 2017 بنسبة زيادة تصل الي 40 بالمئة. لكن حتي الان فان ذلك لم يحدث سوي أثر محدود جدا علي الميزان التجاري. وهذا الاثر جاء اساسا عن طريق زراعة العنب الذي يصدر لاوروبا جوا من مشروع يديره رجل الاعمال السعودي الامير الوليد بن طلال. وكما هو الحال في أجزاء أخري من البلاد تواجه الحكومة الاختيار بين زراعة الحبوب لخفض تكاليف واردات القمح أو التركيز علي زراعة المحاصيل التي تحقق اسعارا عالية في الخارج. وفي الوقت الراهن يقول المسؤولون ورجال الاعمال ان التصدير هو السبيل لانجاح توشكي. وقد يبدأ ذلك بالتحقق فور استكمال مصنع للتعليب وعقود مع مشترين ورحلات طيران منتظمة الي مطار ابوسمبل علي الضفة الغربية لبحيرة ناصر. وقال حسين العطفي وكيل وزارة الري الهدف هو تصدير 70 بالمئة من المحاصيل. لان هذه منطقة بعيدة والانتاج مكلف .وقال هادي فهمي الرئيس التنفيذي لشركة جنوب الوادي الحكومية التي استصلحت ستة آلاف فدان من 120 الف فدان في مشروعها في توشكي الجو بديع والتربة والمياه نظيفتان والفاكهة والخضروات تنضج قبل شهر أو اثنين من موعد نضوجها في أي مكان في المنطقة . وقال ابراهيم كامل رجل الاعمال البارز المهتم بالقطاع الزراعي انه كان يتشكك في مشروع توشكي في بادئ الامر علي أساس أن مصر لديها أولويات أهم من استصلاح الصحراء في هذه المنطقة النائية. لكنه قال للصحافيين انه بعد أن رأي المياه تتدفق فانه يسحب كلامه ويقول انه مقتنع وانه بعد استثمار كل هذه الاموال لم يعد هناك امكانية لتراجع. وقال كامل ان التربة قد تكون ممتازة لزراعة الزهور العطرية العضوية التي تستخدمها شركته كاتي اروماتيك. وأضاف أنه اذا اريد التحول الي الزراعة العضوية فان أفضل وسيلة هي البدء علي أرض بكر. في المقابل يقول منتقدو مشروع توشكي انهم يشكون في امكانية ان يحقق المشروع نتائج تذكر فيما يتعلق بتخفيف الضغط السكاني في وادي النيل وهي واحدة من أكثر المناطق الزراعية كثافة سكانية في العالم. لكن العطفي قال ان الخطة تشمل توطين مليوني شخص في توشكي بحلول عام 2017 بتوفير 700 الف فرصة عمل جديدة. ولم ينتقل سوي عدد محدود الي المدن الصحراوية المصرية الجديدة عندما بدأت في الظهور في السبعينات لكن الان بدأت بعض هذه المدن تزدهر صناعيا وكمناطق سكنية بها نفس الخدمات الموجودة في أي مكان اخر. وتوشكي التي كانت مهجورة تماما قبل عشر سنوات تضم بالفعل 15 الف شخص. واجتذب المشروع المزيد من السكان قرب أبو سمبل وهي منطقة نمت حول معابد فرعونية نقلت الي منطقة مرتفعة في الستينات لحمايتها من ارتفاع منسوب المياه في بحيرة ناصر. وقال ابراهيم اسماعيل (25عاما( وهو عامل فني من محافظة الشرقية في الدلتا انه قضي 81 شهرا في توشكي يعمل في اصلاح معدات الري بمرتب 500 جنيه في الشهر وهو أكثر مما يمكن أن يكسبه في بلدته. وهو يعيش حاليا في سكن العزاب ويعمل 30 يوما متصلة ثم يأخذ عطلة عشرة أيام. لكن اذا بنت الشركة سكنا للمتزوجين ومدرسة فانه سيفكر في الانتقال. وقال الحياة حلوة في توشكي .4