اوباما وانتخابات العراق

يشهد العراق نهاية نيسان/ ابريل الجاري انتخابات مجلس النواب العراقي، في وقت يشهد الوضع الأمني وكذلك السياسي انهيارات كارثية، فعلى الصعيد الأمني هناك حرب حقيقية تجري على الأرض في محافظات عدة من العراق، تستخدم فيها الدبابات والطائرات والصواريخ ضد المدن وابنائها، في الانبار وديالى ونينوى وصلاح الدين وكركوك، يقوم بها جيش المالكي وميليشياته الطائفية المسلحة، من عصائب الحق الى قوات بدر والبطاط وفيلق القدس والحرس الثوري وحزب الله وغيرها، وما مجزرة بهرز القريبة إلا المثال الصارخ على ما تقوم به الميليشيات من قتل وتهجير واغتيال واعتقال باسم القانون وهي تقاتل مع الجيش وتستخدم زي الجيش وسياراته وسلاحه وأجهزته وغيرها، والآن تقوم هذه الميليشيات بتنفيذ جريمة أخرى اخطر في بغداد تتمثل بتهجير المسيحيين بعد الاستيلاء على أراضيهم وأملاكهم ودورهم (كما أوردته فضائيات حكومية ).
وفي الصعيد السياسي أصبح من الواضح جدا ان المالكي قد قطع جميع حبال الوصل وحرق كل المراكب مع شركائه في العملية السياسية وآخرهم مسعود البارزاني الذي هدده بإجراءات (غير متوقعة )، إذا استمر بممارسة ما سماه (تجويع الشعب الكردي وهو بمثابة إعلان الحرب عليه) بسبب الموازنة وغيرها، وقبلها كانت له مساجلات قاسية ومعركة إعلامية صاخبة مع مقتدى الصدر، والذي وصفه بالطاغوت والدكتاتور المتعطش للدماء والمال، فيما وصفه المالكي ( بالجهل السياسي والحديث عن السياسة ولا يفقه شيئا فيها )، وهكذا مع أسامة النجيفي والمجلس الإسلامي الأعلى. إذن المشهد العراق بأسوأ حالاته، بفضل فشل المالكي واستعدائه جميع مكونات الشعب بلا مبرر، سوى شهوة السلطة والثأر والانتقام من الخصوم بأية طريقة، حتى وان كانت بالقتل والتشريد والضرب بالطائرات والصواريخ والمدفعية الثقيلة. هذا الحال ونحن على ابواب انتخابات فكيف سيكون شكل المشهد ما بعد الانتخابات؟ بناء على المعطيات على الارض فمن المؤكد ان المشهد سيكون دمويا ومرعبا وكارثيا.
فكل دلائل وتحضيرات الانتخاب والمرشحين تؤكد ان الانتخابات ستكون (شبه صورية)، لحجم التزوير الذي سيرافقها، والذي تقوم به جهات متنفذة تستخدم المال العام وسيارات الحكومة وفضائيات الحكومة وأجهزة وجيش الحكومة ومع هيمنة كاملة على القضاء المسيس والمفوضية التابعة لسلطة وسطوة دولة القانون، الم تعترف مفوضية الانتخابات بالتزوير قبل الانتخابات عندما ( لاحظوا بالصــــدفة مليون ومئتي صوت للجيش مزور لصالح دولة القانون )، فقد أعطي الجيش بطاقتين، واحدة مدنية وأخرى عسكرية ينتخب بها العسكري في مكانين المدني والعسكري، ولكن في المقابل يعمل رؤساء الكتل السياسية بكل قوة لمنع تزوير الانتخابات وعلى إجرائها في موعدها المقررعلى عكس نوري المالكي الذي يحاول تأجيلها باستحداث قانون (السلامة الوطنية) بعد إحالته على مجلــــس النواب للتصويت عليه وهذا يعني إعلان الطوارئ في البلاد وتأجيل الانتخــــابات وإدخال البلاد في الحرب الأهلية المعلنة والمشرعنة نيابيا وكما تريد دولة القانون ورئيسها تماما، بعد ان أيقن ان جميع الكــــتل ستعمل بكل ما في وسعها على منع ترشحه لولاية ثالثة، وهذا ما أعلنه أكثر من رئيس كتلة مثل التيار الصدري والتحالف الكردستاني والوطنية.
هنا يبرز دور إدارة اوباما التي ما زالت لها اليد الطولى في العراق هي وإيران، فزيارة اوباما للمنطقة العربية وتحديدا المملكة العربية السعودية، قد أفصحت عن السيناريو القادم لإدارة اوباما في المنطقة، بعد القطيعة والتأزم مع المملكة السعودية بسبب الاتفاقية مع ايران حول برنامجها النووي وتدخلاتها في العراق وسوريا وإطلاق يدها العابثة في المنطقة كلها، وهكذا فان اوباما بزيارته قد طمأن الجانب السعودي بشأن الملف الأمني في العراق وسوريا وفي الخليج، وهذا مؤشر مهم وتحول كبير جاء في الوقت المناسب لانتصارات الجيش الحر والفصائل الإسلامية المسلحة المعتدلة في أكثر من جبهة في سوريا، بعد إعلان إدارة اوباما تزويد ودعم المعارضة السورية بالسلاح الحديث ومن (صواريخ ستنغير المضادة للطائرات).
هذا التحول الامريكي هو ليس من اجل عيون السعودية والعرب، ولكن اوباما يريد أن يستبق روسيا في تطوير وضمان علاقاتها مع العرب والسعودية تحديدا لثقلها السياسي والديني في المنطقة، لضمان مواقفها تجاه أزمة أوكرانيا التي تتفاعل بسرعة وتزداد توترا وتصعيدا أوروبيا ضد تطلعات روسيا في ضم جمهورية القرم الإستراتيجية إلى روسيا والى الأبد. زيارة اوباما حملت أكثر من ملف سياسي وعسكري كصفقات تسليح وغيرها، لذلك فان إدارة اوباما وضمن التوجه الجديد الى السعودية والعراق فإنها تعمل بكل جهدها على إعادة التوازن في العراق (وليس إجراء انتخابات وهذا الأهم لها ) فهي تريد إرضاء جميع الأطراف بمن فيهم (السنة المظلومين حسب قولها ) ولا تريد إزعاج الموالين لإيران والذين ينفذون توجيهات الخامنئي قبل اوباما، وعلى هذا الأساس إذا حصلت الانتخابات فستكون إدارة اوباما حاضرة بقوة فيها،ولعل تحركات السفير الامريكي اليومية في بغداد ولقائه مع رؤساء الكتل والشخصيات المؤثرة في المشهد السياسي والعشائري هي خير دليل على ذلك. فمن يقول ان أمريكا لا تتدخل نقول له هذا كذب ومن يقول إيران لا تتدخل نقول له تكذب، ومن يقول أن لا سطوة لهما على الانتخابات فهو واهم، لذلك ستجري الانتخابات برعاية أمريكية وإيرانية، وستنتج برلمانا تحت الطلب دون تغيير الوجوه إلا ما يتماشى مع المصالح والأجندات الأمريكية- الإيرانية. هذا هو شكل البرلمان العراقي القادم إذا تحقق، بمعنى ستظل الأوضاع الأمنية تنحدر نحو الحرب الأهلية وسيبقى الشعب العراقي مقهورا بسطوة حكومات تابعة للأجنبي.

‘ كاتب عراقي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ليوثي ألنعيمي أسدى ألحدباء:

    رؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤعه استاد

إشترك في قائمتنا البريدية