‘كيف يمكن القتال للقضاء على ظاهرة ‘شارة الثمن’ بالتوازي مع اتخاذ سياسة مشابهة تجاه مواطنين عاديين؟ هل تتخذ هذه السياسة، على سبيل الخلاف، تجاه اعدائنا العرب… وهل عندهم ايضا تهدم المنازل غير القانونية كعقاب على الارهاب الذي يقومون به؟’ بالفعل، هذه التساؤلات طرحتها سكرتارية مستوطنة يتسهار في رسالة علنية بعثت بها الى وزير الدفاع. اساسها ليس المطالبة بالمساواة في الوحشية التي يمارسها الجيش الاسرائيلي تجاه اليهود والعرب، بل منح مكانة قانونية لاعمال شارة الثمن. وكما يذكر فانه طالما يتبنى الجيش الاسرائيلي طريقة الارهاب للمستوطنين، فليس فقط لا توجد امكانية للقضاء على الظاهرة بل ان الجيش الاسرائيلي يمنحها الشرعية. ‘معادلة يتسهار’ تقضي بان هدم المنازل غير القانونية الذي أمر به موشيه يعلون هو عمل عقابي على ثقب دواليب سيارات ضباط الجيش الاسرائيلي. وعلى عملية رد كهذه مسموح الرد بـ ‘شارة ثمن’. الجزء المشوق في هذا الحوار يكمن في النقاش العملية الذي يجري في يتسهار في مسألة اذا ما وفي أي ظروف مسموح المس بالجيش الاسرائيلي. ولا يزال البحث لم يحسم ومشكوك أن يحسم وهو بالتأكيد لا يتعلق فقط بيتسهار. هذا مفهوم شامل يشارك فيه مستوطنون كثيرون، وبموجبه يستخدم الجيش من قبل حكومة مستعدة لان تتخلى عن المناطق، تخرق الاوامر الالهية وتذعن للضغوط الامريكية. وبصفتها هذه فانها حكومة طغاة، غير جديرة بان تحتفظ بالاحتكار على وسائل العنف. حسب فكرهم، فان القيادة عديمة القيم، لا تعمل دوما بشكل ديمقراطي، متورطة جنائيا وتقوم بالمناورات. من ناحيتهم، القيادة تعمل بشكل غير ديمقراطي كي تخرجهم من اراضيهم بشكل ‘غير مناسب وضار’، هكذا وصف رئيس المخابرات، يورام كوهين، قبل سنتين، أساس معتقد ‘الجمهور الايماني’. في محاضرة في شباط 2012 وجه اصبعا دقيقة عندما تحدث عن مجموعة مستوطنين فقدت الثقة بالدولة: ‘يدور الحديث عن مجموعة متطرفة تضم بضع عشرات من النشطاء، توجد اساسا في يتسهار… قرروا العمل بطريقة الارهاب وفرض الرعب والذعر على حكومة اسرائيل. ولما كانوا لا يستطيعون المس بالحكومة وبالجيش الاسرائيلي، فانهم يمسون بالعرب والمقدسات الدينية. ونحن نتعامل مع هذا كارهاب… عموم الجمهور في المناطق يحترم القانون ولا يمارس العنف’. الخطأ الاساس في اقوال كوهين هو الاعتقاد الذي تبدد بان ‘هم’ لا يمكنهم ان يمسوا بالحكومة وبالجيش؛ الخطأ الثاني هو الاعتقاد بان الوباء لا يوجد الا في اوساط بضع عشرات من المستوطنين في يتسهار؛ والخطأ الثالث يتعلق بتعريف عملهم كارهاب. فاضرار المستوطنين بجنود الجيش الاسرائيلي يعود عهده الى عهد بداية الاستيطان. فالحاخام موشيه لفينغر لم يتردد في البصق على الجنود والضباط. زوجته صفعت الضابط على وجهه والمستوطنون ثقبوا عجلات السيارات وهددوا حياة القادة العسكريين. ولم يحصل في اي حالة ان اتهم المنفذون (هذا اذا اعتقلوا اصلا) باستخدام العنف وحتى زعران شارة الثمن ليسوا ارهابيين. ورفض رئيس الوزراء طلب المخابرات تعريفهم كمنظمة ارهاب واكتفى بتعبير أرق بكثير تجمع غير مسموح به. ما حصل في يتسهار، وما سيحصل في اماكن اخرى ليس ارهابا بل حملة لخلق ميزان رعب وردع بين ما هو مخول لممارسة العنف وبين من يشكك بمجرد قانونية هذه الصلاحية. إذ ان القبض على المشاغبين، وهؤلاء ليسوا فقط ثاقبي العجلات وممزقي خيام الجنود، بل وايضا كل من سارع الى حمايتهم. فالجيش الذي يستخدم تكتيك ‘شارة الثمن’ ليس جيشا شرعيا. والادق هو أن هذا هو جيش عصابات وزعران. وكبديل، من يرى في مثل هذا الجيش جسما شرعيا يسوغ على اي حال بذلك اعمال شارة الثمن. في الحالتين، تتحول ‘شارة الثمن’ من عملية ارهاب الى مقياس للشرعية تهدد صلاحية الجيش الاسرائيلي ومكانته كصاحب السيادة في المناطق. هذه هي التوراة التي تخرج من يتسهار، ولكنها لن تتوقف في بواباتها. وهي ستزحق وتستولي على كل المستوطنات. للجيش الاسرائيلي توجد قوة هائلة، يمكنه أن يعمل ضد ايران وضد حماس، ولكن في المعركة على الشرعية انتصر المشاغبون.