نواكشوط ـ ‘القدس العربي’ من:عبد الله مولود لم تتمكن أطراف المشهد السياسي الموريتاني حتى الآن من التوافق حول صيغة تؤمن تنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة في الواحد والعشرين من حزيران/ يونيو المقبل بشكل يضمن مشاركة الجميع، مع أن اللجنة المستقلة للانتخابات التي لا تعترف بها المعارضة، تواصل تحضيراتها لهذا الاستحقاق.
فقد مددت هذه اللجنة الأجل المخصص لمراجعة اللائحة الانتخابية حتى السابع من أيار/ مايو الجاري لزيادة أعداد المسجلين على القائمة التي شهدت ضمن المراجعة الحالية تسجيل 80 ألف ناخب إضافي.
وتتبادل الحكومة والمعارضة منذ أسبوع الاتهامات بخصوص تعطيل الحوار الذي يفترض أن يفضي لوفاق حول ظروف تنظيم الانتخابات.
وفي هذا الإطار أكد وزير الاتصال والعلاقات مع البرلمان الموريتاني سيدي محمد ولد محم أمس في مؤتمره الصحافي الأسبوعي ‘أن الأغلبية مستعدة للحوار بدون شروط’، داعيا ‘المعارضة للدخول فورا في هذا الحوار’.
وأضاف ‘.. من أجل إنجاح الحوار يجب على كل طرف أن يتنازل عن جزء من طلباته واشتراطاته، وهذا ما فعلته الأغلبية لكنها لم تجد من الطرف الآخر يدا ممدودة للحوار حتى الآن’ .
وأكد ولد محم الذي يرأس الوفد الحكومي في الحوار’أن الأغلبية وافقت على جميع الطلبات التي تقدمت بها المعارضة بما في ذلك إطالة مدة الحوار والالتزام بتنفيذ كل ما يصدر عن هذا الحوار من نتائج’.
وقال ‘لقد وافقنا، كما طلبت المعارضة، على ألا تكون هناك أية خطوط حمراء في هذا الحوار’، مضيفا ‘..لكن نحن لا نفهم أسباب تلكؤ ممثلي المعارضة في الدخول في حوار جدي معنا، ليحكموا على جدية الأغلبية من خلال الحوار المباشر’ .
وحول إصدار مرسوم استدعاء هيئة الناخبين الذي تعتبره المعارضة عائقا أمام الحوار، قال وزير الاتصال الموريتاني ‘لا علاقة للمرسوم بالحوار، والحكومة لم تصدر المرسوم للتأثير على الحوار، فالمرسوم يصدر تبعا لترتيبات دستورية لا بد من التعامل معها من الناحية القانونية’ .
وشدد ولد محم التأكيد على ‘أن قضيتي تأجيل الانتخابات والحكومة التوافقية يجب ألا يطلب جواب فيهما الآن، لأنهما من ضمن الموضوعات المدرجة في جدول أعمال الحوار’. .
ومن جانب المعارضة فقد مددت ليوم غد السبت، المهلة التي كانت قد منحتها للجميع قبل يومين للتفكير في مئالات الحوار قبل أن تتخذ قرارها النهائي بخصوص الانتخابات.
وجددت الأحزاب المكونة لمنتدى المعارضة في بيانات أمس تمسكها بوحدة المنتدى وبوحدة الموقف من الانتخابات، وذلك في رد على ما أشيع في اليومين الأخيرين، من أن المعارضة مهزوزة من الداخل وأن أطرافا فيها تحضر من تحت الأرض للمشاركة في الانتخابات خارج شروط المنتدى.
وتعتمد تلك الإشاعات على أمور منها قيام كان حاميدو بابا الذي يرأس أحد أحزاب المنتدى المعارض بجمع توقيعات لتحضير ملف ترشحه، ومنها قيام زعيم المعارضة أحمد ولد داداه هو وحرمه الأربعاء بالتسجيل في القائمة الانتخابية التي لا تعترف المعارضة بها.
هذا وكانت المعارضة قد أوضحت في آخر بياناتها أمس ‘أن النظام الموريتاني يجمع بين متناقضات مثل استعداده غير الجاد للحوار والاستمرار في أجندته الأحادية وإصراره على عدم إعطاء أي ضمانات من أجل تنفيذ مخرجات الحوار’.
وأكدت المعارضة ‘أن تلك الأجندة الأحادية التى يتمسك بها النظام لا يمكن أن توفر الظروف المناسبة لإجراء انتخابات شفافة حرة ونزيهة كما يريدها الجميع’.
وأبرز المنتدى ‘حرصه على حوار جاد وشامل بين مختلف مكونات الطيف الوطني، من شأنه أن يخرج البلاد من أزمتها الحالية، وذلك رغم أنه لحد الآن لم يلمس الجدية تللازمة لذلك من طرف النظام’.
وفيما تشتعل حرب التصريحات والبيانات ينتظر الشعب الموريتاني بفارغ صبر ما ستسفر عنه المباريات السياسية الحالية بين النظام والمعارضة؛ فالنظام يعد نفسه لخوض الانتخابات بالمعارضة وبدونها، وحسبه أنه أظهر استعداده للحوار أمام الرأي العام الوطني والدولي وأن المعارضة هي الطرف الرافض، والمعارضة تسعى للتحكم في تنظيم الانتخابات وإظهار أن النظام هو من يرفض التفاهم حول ذلك.
وإذا كان النظام يستفيد في معركته السياسية هذه من عامل الوقت الذي هو لصالحه بالطبع ومن تغييرات محتملة في التحالفات السياسية الخاصة بالاستحقاق المقبل، فإن للمعارضة سلاحها وهو مقاطعة الانتخابات، الذي سيحرم ولد عبد العزيز من كسب رهان مهم هو تشريع نفسه في انتخابات حقيقية لكونه وصل للسلطة عام 2008 بانقلاب عسكري على رئيس منتخب، ثم انتخب عام 2009 في اقتراع أحاطت به شكوك كثيرة.
والذي يؤكده الكثيرون هو أن موريتانيا مقبلة على انتخابات مشابهة من حيث افتقادها للتنافس الجاد ومن حيث تحكم الطرف الحكومي فيها وبالنظر لمقاطعة المعارضة الجادة لها، للانتخابات التي وضعت أوزارها للتو في الجزائر.