لا سامية إسرائيل

حجم الخط
0

إقرأوا ببطء الجملة التالية: بشكل نسبي، في اسرائيل توجد أحداث كراهية ضد العرب أكثر مما في فرنسا ضد اليهود. ينبغي قراءة هذه الجملة مرتين كي نفهم معناها الباعث على الصدمة. وحتى عندها، فان الميل الطبيعي هو التشكيك في المعطيات، الكبت، التجاهل. المعنى كثيف جدا. ولا سيما بالنسبة لنا، أبناء وبنات الشعب الذي كان ضحية ظاهرة الكراهية الاكثر رعبا في التاريخ البشري. معنى المعطيات المقارنة عسير على الهضم، ولكن النفي اكثر خطورة.
545 حادثة لا سامية سجلت في أرجاء العالم في العام 2013، كما يفيد تقرير شامل لمركز كنتور في جامعة تل أبيب. وتشير المعطيات الى انخفاض ما مقارنة بالسنة الماضية، ولكن لا تزال اللاسامية ليس فقط لم تنصرف عن مسرح التاريخ، بل في اماكن معينة هي لاعب أساسي. قد لا تكون لاعبة رئيسة، ولكنها لاعبة طابع. موجودة، قائمة، حاضرة فوق وتحت السطح. ولكن هل يمكن ان نندد باللا سامية بشكل قاطع، واضح، لا لبس فيه كما يجدر بها دون أن نوجه نظرة الى ما يجري في ساحتنا الخلفية؟
19 حادثة كراهية ضد العرب سجلت في اسرائيل في العام 2013. الاولى وقعت في القدس في كانون الثاني، حين افسد مسجد النبي داود بالشعارات المضادة، والاخيرة في اليوم الاخير للسنة في قرية دورا القرع. ثلاث سيارات احرقت، وشعارات مضادة لم تترك مجالا للشك: شارة الثمن.
عند مراجعة هذه الاعداد بشجاعة، تبدأ الارض بالاهتزاز. 8 مليون نسمة يسكنون في اسرائيل. ويدور الحديث، بالمتوسط، عن حادثة لا سامية واحدة لكل اربعمائة الف نسمة. في روسيا، مثلا، حيث يعيش 142 مليون نسمة، سجلت في نفس السنة 15 حادثة لا سامية، حادثة واحدة لكل 9.5 مليون نسمة. في المانيا، حيث يعيش 81 مليون، سجلت 36 حادثة، أي واحدة لكل 2 مليون نسمة. وحتى في فرنسا، صاحبة الرقم القياسي في الاحداث اللا سامية في العام 2013، سجلت 116 حادثة. بالنسبة لـ 66 مليون نسمة في فرنسا، فان الحديث يدور عن حادثة واحدة لكل 600 الف نسمة.
الى أين يؤدي بنا هذا العار؟ سؤال جيد. محظور الانجرار الى الجدال السياسي المعروف جدا. هذا ليس موضوع يسار ويمين، ولا حتى موضوع تحدٍ سياسي من النوع العادي. فقد حصل شيء في اسرائيل.
التقاليد اليهودية متعددة الوجوه. فمن يرغب في أن يجد فيها اساسا للمفاهيم العنصرية يمكنه على ما يبدو أن يفعل ذلك، ولكن من يسعى الى ان يستمد منها مضمونا اخلاقيا انسانيا سيخرج دوما ويده هي الاعلى. عندما طلب من الشيخ هيلل ان يوجز القاعدة الواحدة التي تقف عليها التوراة كلها، قال: ‘ما تكرهه لا تفعله لغيرك’. لقد منحنا هيلل قاعدة اساسية واسعة النطاق وتتجاوز الاجيال في كل تردد أخلاقي وقانوني، شخصي وعام.
اللا سامية هي لا سامية هي لا سامية. وهي مشابهة في دوافعها وفي مرضها في كل اللغات. والتوقع الطبيعي من كل انسان هو أن يشعر بالثورة الداخلية، الجسدية حقا، عندما يصطدم بها. فما بالك اذا كان يهوديا. نعم، على اليهود واجب زائد في كل ما يتعلق بالعنصرية، فأظافر العنصرية حزت هذا الواجب على أذرعنا. علينا جميعا أن نشعر بالعار الكبير في ضوء جرائم الكراهية هذه التي تقع تقريبا كل يوم مؤخرا ويقوم بها زعران ملثمون وغليظو القلب، ممن يسعون للاحتفال بتفوق الشعب اليهودي في بلاد أبائه واجداده من خلال تحقير واهانة الآخر. فقط اذا ما لفظنا هذا الامر الشائن من أوساطنا سيكون بوسعنا باستقامة ان نضع مرآة امام أمم العالم.

‘ محامي مدير عام الحركة التقليدية، العضو في منتدى ‘شارة إنارة- نور بدل ارهاب’
يديعوت 8/5/2014

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية