صنعاء ‘ القدس العربي’ للقبائل اليمنية عادات متنوعة في طقوس الأعراس ابتداء من اختيار العروس- وحقها في رؤية الخاطب أو رؤيته بعد وصولها إلى بيت الزوجية- وليس انتهاء بالتنوع في عادات العرس. هذا التنوع يعود لأصول تتعارف عليها القبائل التي قد تكون متقاربة إلى حد ما في عادات الاعراس، وما يتبعها من ولائم وزيارات تلي اختيار العروس، حيث تبدأ الاستعدادات لاستضافة عضو جديد في أسرة الزوج، وعادة ما يتم تخصيص جناح أو غرفة للعضو الجديد.
وتتعارف القبائل على أن مهر العروس يُحدد تبعا لقرب العريس أو بعده عن الأسرة، فإذا كان العريس من قبيلة العروس كان المهر أقل (يتراوح من 200- 300 الف ريال يمني)، وأما إذا كان من قبيلة أخرى فربما يصل المهر إلى مليون أو أكثر.
بعد ذلك يتم الاتفاق على موعد الزفاف فتقوم أسرة العريس بتجهيز(الحطة) وفيها جميع مستلزمات العروس من ملابس وعطورات وأحذية يراعى فيها أن تكون متنوعة، وتوضع في حقيبتين أو أكثر.
أما أهل العروس فيشترون الذهب وأدوات المطبخ كاملة، وبعض أثاث البيت كدولاب للملابس أو للمطبخ، أو ملايات أو فرش، حسب ما تراه كل أسرة.
ثم تجهز (القلية) وهي عبارة عن مكسرات وزبيب وحلوى، وتملأ بكيس كبير(شوال) استعدادا ليوم الزفاف.
وبعد الانتهاء من الترتيبات، وقبل العرس بثلاثة أيام ترسل (الحطة) مع خروف أو أكثر إلى بيت العروس، وتبدأ احتفالية (الشرح)، حيث تجتمع نسوة القرية أو القبيلة إلى بيت أم العروس وتبدأ السهرة بدق الطبول والرقص حتى ساعة متأخرة من الليل. تتم هذه الاحتفاليات لتوديع العروس والفرح بها مدة ثلاثة أيام، حتى تنتهي بيوم العرس فيتم دعوة كل نساء القرية، أو القبيلة ويأتي وفد من بيت العريس ليحضر بعض ليالي (الشرح) التي يتم فيها نقش العروس بالحناء، وقد يستمر(الشرح) ثلاث ليال أو أسبوعاً حسب رغبة كل أسرة في توديع ابنتها.
أما يوم العرس فتبدأ الزفة من الثالثة عصرا وذلك استعدادا لوصول موكب من بيت العريس لاصطحابها قبيل المغرب، ويصطحب العروس في موكبها-عادة- وفد من رجال أسرة العريس برفقة أم أو أخت العريس أو مجموعة نساء لا يتجاوزن الخمس.
يحرص الموكب على حمل البنادق استعدادا لإطلاق رصاص في الجو إيذانا بالوصول واستعراضا لرجال القبيلة، هذا الموكب الذي يقابله جمع من رجال قبيلة العروس يحملون بنادقهم أيضا ويردون تحيتهم بإطلاق الرصاص ترحيبا بالوفد القادم.
أما في بيت العريس فتُنصب خيمة للرجال ويفد الضيوف لحضور مأدبة الغداء التي تقام في ظهر يوم العرس، وتفد كل قبيلة في صف من الرجال الذين ما إن ينزلون من سياراتهم حتى يبدأون في ترديد التهنئة وذكر محامد القبيلة، ويقابلهم صف من أهل العريس بزامل ترحيب(اهازيج شعبية)، ويتم ترديد الزوامل حتى الوصول إلى مقر الخيمة حيث يتناولون مأدبة الغداء .
وما إن ينتهي الحضور من تناول الطعام حتى يتجهون لأخذ أماكنهم لبدء (التخزينة) يبدأون أحاديثهم بعد مضغ أوراق القات التي يصاحبها الماء والقهوة أو المشروبات الغازية، ويستمر المجلس حتى ساعة متأخرة من الليل. أثناء ذلك وبعد العصر يتوجه أبو العريس أو أخوه مع موكب لأخذ العروس من بيت أبيها في موكب من السيارات، في حين يظل العريس في مجلس الرجال حت يصل الموكب، وهنا يتقدم أحد أقارب العريس ويبدأ بإطلاق الرصاص إشعارا بوصول الموكب.
تزف العروس إلى حجرة مجهزة لاستقبالها بين دق الطبول وغناء المغنيات، وتجلس العروس ملتحفة بغطاء منقوش يسمى (اللحفة) يغطي وجهها، وتحرص العادات على أن تظل العروس بغطاء وجهها حتى يكون زوجها هو أول من يرفع الغطاء عنها بعد وضع مبلغ من المال في يدها ـ وعادة ما يتم ذلك بعد ذهاب المدعوات من النساء وبقاء نساء أهل البيت.
في المساء تبدأ السهرة في الخيمة المعدة للاحتفالية (الشرح) الذي يختلف عما يدور في بيت العروس، فشعراء القبيلة والقبائل المجاورة يتنافسون في إلقاء مقطوعاتهم الشعرية التي تكرر وتعاد بالحان متعددة ويرقص على ألحانها بعض الشباب رقصة (الباله) وتكون هذه الرقصة بوقوف الشباب المشاركين في صفين متقابلين يرددون ما يلقيه عليهم شاعر كل قبيلة أو تستضيفه القبيلة من الشعراء لإحياء ليلة العرس.
وعادة تبدأ احتفالية الرجال بعد صلاة العشاء إلى قبيل الفجر.
في اليوم التالي تقام مأدبة كبيرة لرجال القبيلة وغيرهم ممن حضر ليلة الزفاف، وتتميز المأدبة بحضور كل من يريد فالدعوة يحضرها الجميع عدا أهل العروس؛ إذ تقتضي العادات أن أهل العروس لا يزورونها إلا في اليوم السابع أو الثامن من أيام العرس.
وعادة ما يُذبح (قعود) وعدد من الشياه والخرفان، بما يتناسب وعدد الحضور، وتقوم نساء القبيلة بعمل العصيد والخبز في حين يقوم الطباخون من الرجال بطهي اللحم والأرز، والطبيخ، والسلطة.
وتحرص أسرة العريس على أن جميع أهل القبيلة أو القرية وما جاورها يحضرون الوليمة ومن تعذر حضوره فيتم إرسال الطعام لبيته.
ولعل ما يميز عرس القبائل هو كرم الضيافة لكل من يحضر العرس، ودعوة جميع الناس دون حاجة لبطائق دعوة إضافة إلى إطلاق الرصاص ابتهاجا بالعرس أو ترحيبا بوصول المدعوين، فالرصاص علامة من علامات الفرح وعلى قدر الفرح يكون إطلاق الرصاص.