هناك قول مأثور في قواميس أنجح الأندية الكروية في العالم: ‘لا يوجد لاعب أكبر من النادي’، والسبب معروف ومفهوم، فالنادي باق لا يزول في حين يتداور اللاعبون والنجوم مهما كبر حجمهم أو صغر، لكن الأهم في هذا القول ان لا يقع النادي رهينة طلبات وأوامر النجم الكروي.
اليوم نرى مثالاً حياً على عكس هذا القول، ان صحت التقارير التي أكدت شروط النجم الارجنتيني ليونيل ميسي لتجديد عقده مع برشلونة، ومنها جلب زميله سيرجيو أغويرو مهاجم مانشستر سيتي، وأيضاً تجديد عقد صديقه ذي القدرات المحدودة الحارس خوسيه بينتو، فهل كسر برشلونة هذه القاعدة؟ وهل أصبح ميسي أكبر من النادي الكتالوني؟
لا شك ان برشلونة مر بموسم استثنائي من الأزمات والخيبات والصراعات، لكنها تبقى مفهومة عندما تكون هذه الصراعات مع جهات خارجية، مثل الصراع مع محكمة الضرائب الاسبانية على خلفية صفقة نيمار، او مع الفيفا على خلفية ضم اللاعبين اليافعين، لكنها تؤرق وتدمي عندما تكون مع أبرز نجوم الفريق.
الصراع بين ميسي وادارة برشلونة لم يكن وليدة اللحظة، فالنجم الارجنتيني ينظر الى ضرورة رعايته وتحديث عقده في كل حين وآخر خصوصاً اذا جدد منافسوه عقودهم، وهو أمر مفهوم فعله كريستيانو رونالدو نفسه في ريال مدريد عندما أعلن للملأ انه ‘حزين’، فأشغل محبيه والعالم الكروي بحثاً عن سبب هذا الحزن، رغم انه من الوهلة الأولى لم يخرج هذا الحزن عن اطار المادة والمصلحة الشخصية.
ميسي لم يؤرقه صراعه مع كريستيانو بقدر ما أزعجه قدوم نيمار، الذي بدا للحظات انه قادم لسحب البساط من تحت أقدام الساحر الارجنتيني، فهنا بدا الانزعاج وبدت أيضا مطالبات ميسي الكثيرة، خصوصاً مع كشف حقائق عن قيمة صفقة النجم البرازيلي وراتبه ومكافآته، وهذا ما جعل ميسي يشعر بنوع من التهميش، والمطالبة باستعادة مرتبته ومقامه في ‘التدليل’.
ميسي تعود في كتالونيا ان يكون الرقم واحد، حتى ان برشلونة سخر كل مقوماته ليكون هذا الفتى الذي أنقذه من معاناته الصحية، الأبرز في العالم، فمدربه الأسبق غوارديولا تخلى عن نجوم وهدافين، مثل ايتو وابراهيموفيتش، كي يفسح المجال لميسي ليكون مركز التهديف، في حين سخر تشافي وانييستا وبوسكيتس وغيرهم كل قدراتهم للترويج لميسي وأحقيته بكل جوائز العالم، ومنها الكرة الذهبية، التي كانت واحدة منها على الاقل يستحقها أنييستا، الذي فاجأني بتصريح قبل أسابيع بانه يتمنى فوز ميسي بكأس العالم المقبلة. ماذا يريد ميسي الضبط؟ ربما ماذا يريد والده بالضبط؟ كونه وكيل أعماله ومديره، فاذا كان الهدف مادياً، ومنها الراتب والاعلانات، فان الشرط الاساسي ان يكون هو الأعلى في النادي، والا فان خورخي ميسي يعلم أندية أخرى على استعداد لدفع أضعاف ما قد سيحصل عليه ابنه في البارسا، واذا صح هذا الاستنتاج فانه من المؤسف ان يعبر ابنه عن رغبته وطلباته بعروض كروية باهتة وساكنة وهامدة في وقت الشدة والازمات لناد صنع منه أسطورة. فهل سيبقى البارسا ‘أكبر من لاعب’، أم تنكسر القاعدة أخيراً؟
خ . ش