لقاءات السيسي مسجلة وبلا جمهور… واستعادة الداخلية أساليبها القديمة في التعذيب والقمع وتلفيق القضايا

حجم الخط
1

القاهرة ـ ‘القدس العربي’ من الاخبار التي نشرت في صحف السبت والاحد قرار النائب العام المستشار هشام بركات إحالة مئتين من أنصار جماعة بيت المقدس إلى محكمة الجنايات، وسرعة ضبط وإحضار ثمانية وتسعين هاربا منهم، والأهمية هنا ليست في الأعمال الإرهابية التي نفذوها، ولا في الطريقة والظروف التي مكنتهم من سرعة تشكيل خلاياهم، لأنه في نهاية الأمر سيتم القضاء عليهم وعلي جميع التنظيمات الإرهابية، لكن الأهمية هنا في أن قرار النيابة العامة وجه اتهامات مباشرة لحركة حماس وللإخوان بمساعدة ‘أنصار بيت المقدس’، ولو أثبتت المحكمة ذلك في حكم نهائي، أي بعد انتهاء مرحلة النقض، فإن جهازي المخابرات العامة والحربية والرئيس القادم سيجدون أمامهم مشكلة في منتهى الخطورة، وهي كيفية التعامل مع حماس، مع مصلحة مصر في الاحتفاظ بصلات قوية معها، وهو ما تحقق فيه المخابرات العامة والحربية. ونشرت الصحف ايضا خبر إصدار محكمة جنايات المنصورة حكما ببراءة خمسة وعشرين من الإخوان مع استمرار محاكمات لمئات منهم في أكثر من مدينة، واستمرار محاكمة مبارك ووزير الداخلية اللواء حبيب العادلي وستة من مساعديه في أحداث قتل المتظاهرين، ومحاكمة مرشد الإخوان.
ومن الاخبار التي اهتمت بها الصحف تغطية الحملات الانتخابية لمرشحي الرئاسة، واستمرار الحيرة في أيهما، السيسي أم حمدين الأقرب لخالد الذكر، لدرجة أن زميلنا رسام الكاريكاتير في ‘الوطن’ أخبرني أمس الأحد أنه ذهب لقراءة الفاتحة على قبر خالد الذكر فوجد رجلا حائرا يسأله.
– ناس تقول حمدين هو عبد الناصر وناس تقول السيسي.. هما فعلا شبهك ولا أيه دبرني يا ريس.
ونشرت الصحف اخبارا عن مظاهرات الإخوان يوم الجمعة واستمرار تناقص أعداد المشاركين فيها، وفشل طلاب جامعة الأزهر في تعطيل الامتحانات واستمرارها في الجامعات والمدارس واضطراب الجو وخسائر السيول في سيناء، واهتمام البعض بالبيان الذي أصدرته جماعة الإخوان عن استعدادها للمصالحة، ولم تذكر اسم مرسي ثم إصدارها بيانا آخر تتراجع فيه. كما ذكرت الصحف نزول قوات تدخل سريع، على سبيل التجربة، تجوب الشوارع، وهي عبارة عن مدرعة وسيارتين وضباط وجنود بملابس مميزة ولديهم تعليمات بإطلاق الرصاص الحي وفورا لدى تعرضهم لأي محاولة للاعتداء عليهم. وإعلان وزير الدفاع الفريق أول صدقي صبحي أن الجيش مستعد للمشاركة مع الشرطة في تأمين انتخابات الرئاسة. والى بعض مما عندنا…

الأمن الوطني أمن سياسي
واقتصادي واجتماعي وحقوقي

ونبدأ باستمرار المعارك حول المرشحين للرئاسة السيسي وحمدين وتداخلها بطريقة عجيبة، فقد رأينا زميلنا وصديقنا العزيز أسامة سرايا رئيس تحرير ‘الأهرام’ الأسبق في عهد مبارك، يقول يوم الثلاثاء في مقاله شرقيات بجريدة ‘الشرق’ التي تصدرها أسبوعيا شركة أونست للبناء والصحافة والتلفزيون ولها قناة تلفزيونية: ‘تولت تنفيذ مخططات العدو الواحدة تلو الأخرى بمنتهى الأريحية واليسر فأصبح ثلث مصر وأغلى أراضيها تحت سيطرة جماعات التطرف والإرهاب وميلشياته العسكرية تمهيدا لإقامة إمارة دينية مستقلة في سيناء أرض الأنبياء. ثم حدث تقسيم ديني داخل الطائفة السنية الأشعرية المصرية المعتدلة، بين مسلمين وسلف وصوفيين، ثم طائفة دينية حاكمة ومميزة على رأسها ريشة الحكم اجتمعت تحت مسمي الإخوان المسلمين، كل طائفة وأخرى مستعدة وتملك قوات وميلشيات لبدء الحرب الدينية العظمى بين المسلمين والمسيحيين، فأشعلوا نيرانها ولم يقصروا في زرع الفتن بين الشباب والشيوخ وبين المرأة والرجل بعد أن كرسوا حروبا لا تنتهي داخل البيت الواحد من الحكم الجديد والحكم القديم بين الناصريين والساداتيين والمباركين ومختلف العصور. أدركنا بوعي وبثقة أن الأمن الوطني ليس أمنا عسكريا فقط بل هو أمن سياسي واقتصادي واجتماعي وحقوقي وثقافي وإعلامي واخترنا قائدا ملهما لا يهتز أو يضعف أمام القرار الصعب ليقودنا في هذه العملية الحضارية الصعبة والقاسية، فلنقف جميعا معه ولا نضعف ولا نتردد في أداء واجبنا’.

نظام مبارك لن يعود ثانية

وفي اليوم التالي الأربعاء حذر زميلنا وصديقنا حلمي النمنم رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار الهلال السابق في مقاله في ‘المصري اليوم’ من الذين يلتفون حول السيسي من أنصار مبارك بقوله:’الآن ألمح بعض هؤلاء الذين يتقافزون حول حملة المشير السيسي بطرق وأساليب عديدة منها تعليق صور الرجل هنا وهناك، وإظهار التأييد المباشر أو محاولة النيل من منافسة حمدين صباحي، وحين يرى بعضنا ذلك يصرخ ويحذر من عودة النظام القديم. والحقيقة أن النظام القديم وإن شئنا الدقة اللانظام القديم سقط قبل 25 يناير/كانون الثاني 2011 ولن يعود ثانية، وهم يتحسسون الطرق تجاه حملة المشير السيسي وتصدر من الرجل إشارات غير مشجعة لهم، وتثبت أنه منتبه لما يقومون به لكن هؤلاء لا يكلون ولا يملون وهم حتى الآن لم يظهروا بثقلهم لأن المعركة الرئاسية لا تتيح لهم ذلك. ظهورهم الحقيقي والسافر سوف يكون على الأغلب في الانتخابات البرلمانية المقبلة، فماذا نحن فاعلون وهل استعدت الأحزاب والقوي البديلة لتلك اللحظة؟ يبدو أن هذا ما انتبه إليه اللواء مراد موافي وراح يؤسس حزبا’.

حمدين والسيسي مدركان
لقيمة من سبقوهما

ونفتح صفحات الخميس لنجد في ‘الوطن’ زميلتنا الجميلة سهير جودة ـ ناصرية ـ تقول:’صور عبد الناصر في أيدي الشعب المؤيد للسيسي، وصور عبد الناصر تتصدر الدعاية الانتخابية لصباحي.. وعبد الناصر كان رمزا في 25 يناير وفي 30 يونيو/حزيران. اللافت للنظر أن 25 يناير و30 يونيو كشفتا أن أغلبية المصريين تنحاز للمشروع الناصري، وأغلبية مصرية أيضا اعترفت بوطنية السادات، وكان حضور الزعيمين وتأثيرهما أكثر من أي شخصية أخرى وأكثر مصداقية وثقة. الناس تتلمس صفات أو مواقف قامت بها أي شخصية تظهر على الساحة وهذا معناه أنه لم تكن هناك إضافة أو إعطاء أو أفق أوسع، بعدما رأيناه مع عبد الناصر والسادات، رغم الأخطاء والسلبيات في كل تجربة، إلا أنه بعدهما لم يفتح أحد أفاق حياة مختلفة، أو أحلاما أرحب، أو طموحا أكبر وفكرا أعمق وأحدث. لم نر إضافة حقيقية من أي شخصية ظهرت على الساحة بمن فيها الشخصيات التي ظهرت منذ يناير/كانون الثاني وحتى الآن ممن قدموا أنفسهم باعتبارهم زعماء وأصحاب رؤى وأغلبهم مجرد أصفار ومدعي ثورية وطنية ومدعي قيم، وربما يكون السيسي وحمدين، المتنافسان الآن على موقع الرئيس، هما أفضل الشخصيات التي ظهرت في المشهد من حيث أنهما على الأقل مدركان لقيمة من سبقوهما، ويستدعيان بشكل أو بآخر قيمة ما لعبد الناصر والسادات. وإن كان الفارق المؤكد أن السيسي أنفع من أجل الوطن في لحظة فارقة من تاريخه، واستطاع إنقاذه من حافة هاوية عميقة كان ينتظر الوطن فيها الخونة وكل أشباح التقسيم والإرهاب بما يحمله من شر وخراب، بينما حمدين هو مجرد إعلان نوايا لم يصدقها عمل’.

جمال عبد الناصر الحاضر
الغائب في الانتخابات

وفي ‘الفجر’ ساهمت زميلتنا الجميلة والناصرية ورئيسة التحرير التنفيذية منال لاشين في المناقشات بقولها:’جمال عبد الناصر هو الحاضر الغائب في هذه الانتخابات بداية برفع صوره مع المرشح السيسي، مرورا بحرب التأييد التي بدأت مبكرا بين المرشحين، أسرة الزعيم عبد الناصر تؤيد السيسي وحمدين يرد، وأقطاب الناصرية في صور مؤيدة للسيسي، بل إن الحزب الوحيد الذي يحمل اسم عبد الناصر كان من أول المؤيدين، انتهاء بالبرامج والرؤى للمرشحين الاثنين أيهما أقرب لدولة عبد الناصر.
وبعد أن تحدث المرشحان السيسي وصباحي، فإن المفاجأة الكبرى أن رؤية السيسي هي الأكثر قربا من دولة عبد الناصر، وأن السيسي الذي صمت كثيرا يستعيد الآن بمنتهى الوضوح العناصر الرئيسية لدولة عبد الناصر في السياسة والاقتصاد، قائمة الأعداء والمخاطر وطريقة إدارة الدولة. في حين أن صباحي يبتعد برأيه وإجاباته عن بعض الملامح والسياسات المحورية في دولة زعيمة. وإذا كان حمدين قد حقق هدفا مهما وغاليا على منافسه السيسي، بزيارة الصعيد من ناحية، واقتراح وزارة للصعيد في برنامجه، فإن السيسي حقق هدفا مهما عندما أكد بكل قوة ووضوح أن دولته هي الدولة التي أسس لها جمال عبد الناصر، والدولة نفسها التي اشتاق إليها الملايين من المصريين وعبروا عن اشتياقهم لدولة الزعيم منذ ثورة 25 يناير. لقد أثبت السيسي بالكلام الواضح وهو يقدم نفسه أن عبد الناصر لا يسكن قلوب المصريين فقط، ولكن دولته محفورة في عقولهم وأحلامهم وأمانيهم وخططهم في السياسة والاقتصاد.

محاولات مستميتة لتقسيم
مصر وتحطيمها كدولة

ومن المساهمات في هذه القضية الحديث الذي نشرته ‘الجمهورية’ يوم السبت مع يونس مخيون رئيس حزب النور السلفي وأجراه معه زميلانا محمد عبد الجليل وعنتر سعيد ومما قاله فيه:’عندما قيمنا الوضع في مصر كحزب النور وجدنا أن أكبر خطر يهدد مصر حاليا هو خطر الانقسام والانهيار، وهو خطر حقيقي وليس مجرد أوهام، فكل الدلائل تؤكد أن هناك مخططا كبيرا لتقسيم الدول العربية لصالح إسرائيل كدويلات صغيرة متناحرة واضعافها، ثم تنفيذ المشروع الصهيو أمريكي لسيطرة إسرائيل على المنطقة بأكملها، وهذا المشروع نجح بجدارة في العراق، وتم بالفعل تقسيم العراق وسوريا والسودان واليمن، ونشاهد ما يحدث الآن في ليبيا على حدودنا الغربية، وهو أمر في منتهى الخطورة، حيث انتهت الدولة بكل مؤسساتها وأصبحت الميلشيات المسلحة هي التي تسيطر الآن على البلاد ولا توجد الآن دولة بالجوار الإسرائيلي الصهيوني إلا مصر، لذلك فهناك محاولات مستميتة لتقسيم مصر وتحطيمها كدولة، لذلك كان انحياز الرئيس إلى الدولة المصرية وبقائها ثم بعد ذلك يأتي الإصلاح تدريجيا، وإذا انهارت الدولة فعن أي إصلاح يمكن الحديث، ومن دون مقابلة المشير السيسي كان هناك الكثير من النقاط التي بدت واضحة ترجح كفة المشير السيسي، من هذه المؤشرات أن عجلة الدولة ستعاود الدوران وبسرعة لأنه خبير بالدولة وكان جزءا منها ويعلم كيف يدير هذه المؤسسات. والسبب الثاني أن له سابقة جيدة في الإدارة، حين تولى عدة مناصب إدارية ونجح فيها. ويضاف إلى مميزات السيسي أن العسكريين لديهم خبرة إستراتيجية كبيرة مما يؤثر ايجابيا على إدارة الدولة، وبالتأكيد لديهم فهم واستيعاب واضح للخريطة الإقليمية لمصر، خاصة من الناحية الأمنية، وهو أجدر الناس برعاية مصالحة وطنية بأي صورة من الصور لأنه عندما يتخذ قرارا في هذا الاتجاه فمؤسسات الدولة سوف تتجاوب معه سريعا. ونحن نتوقع أن تحدث مبادرات للم الشمل وإحداث توافق مجتمعي، وأنه في الفترة المقبلة بعد انتخاب الرئيس والبرلمان فإن الإخوان سوف يلجأون للحلول والتفاوض وهذا حدث في تاريخهم قبل ذلك، وأنا أعتقد بأنهم سوف يقبلون المصالحة بعد استقرار الدولة وقبول العالم الخارجي للوضع في مصر وسوف يقبل الإخوان الوضع والتصالح .
هذا أبرز ما قاله يونس مخيون ويؤكد هذا الرجل وغيره من بعض كبار حزب النور وجمعية الدعوة السلفية أنهم رجال سياسة بالفعل وعندما يتحدثون فيها أو يمارسونها نجدهم مجموعة ثعالب سياسية يفهمون واقعهم وحدود قوتهم وقوة غيرهم، كما يظهر مدى تفهمهم لشيء اسمه الوطنية والدولة وتماسكها، رغم أنهم لم يمارسوا السياسة إلا شهورا.

ضرورة تجاوز الفعل اللفظي
والاقتراب اليومي من الناس

وإلى أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة ورئيس حزب الحرية الدكتور عمرو حمزاوي يوم الثلاثاء في عموده اليومي بجريدة ‘الشروق’ هامش للديمقراطية الذي يقول فيه: ‘اليوم أدعو المجموعات المدافعة عن الديمقراطية والأصوات التي لم تتنازل عن إيمانها بأن المصريات والمصريين يستحقون حياة أفضل، إلا أن الكثير من الأصدقاء والزملاء الذين تداولت معهم بشأن أفكار لمبادرات محددة أشاروا إلى أهمية الإسهام في مواجهة الفقر والبطالة والرعاية الصحية الغائبة والأوضاع البيئية المتدهورة.
اليوم أعزائي القراء إن كنتم تؤيدون طرح المزج بين أجندة الديمقراطية والحقوق والحريات، وبين أجندة تنموية تشتبك مع القضايا الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، إن كنتم تتفقون مع ضرورة تجاوز الفعل اللفظي والاقتراب اليومي من الناس والكف عن انتظار سياسة أميتت والشروع الفوري في مبادرات شعبية وأهلية، أدعوكم إلى أن تتفاعلوا معي باقتراح أفكار لمبادرات محددة والإشارة إلى إمكانيات فرض آليات والدور الذي تستطيعون أنتم القيام به، أدعوكم إلي التفاعل عبر إرسال أفكاركم إلى مكتبي بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، أو إلى الجامعة الأمريكية أو إلى مقر جريدة ‘الشروق’ أو عبر الموقع الخاص بي على تويتر وصفحتي على الـ’فيسبوك’ أو عبر الوسائط الإلكترونية موقع جريدة الشروق، أدعوكم لأن تساعدونا على تجاوز محدودية الفعل اللفظي والحروب الكلامية، وعلى المزج بين مقاومة انتهاكات الحقوق والحريات وبين العمل التنموي والاشتباك مع الحياة مع حياتكم أنتم’.

عودة أبواق مبارك إلى
الظهور في المجال الإعلامي

ونبقى في ‘الشروق’ عدد امس الاحد ومع مقال الكاتب فهمي هويدي عن حلم الديمقراطية المؤجل الذي يقول فيه:’ هل كانت الثورة ضد توريث الابن أم أنها كانت ضد الأب ونظامه الذي ضاق الناس به؟ ليس هذا سؤالا فى التاريخ، ولكنه سؤال في صلب الرؤية السياسية للنظام الجديد. وإذ بدا أننا تجاوزناه بعد مضي أكثر من ثلاث سنوات على الثورة، فإن الكلام الأخير للمشير السيسي مع الصحافيين يعطي الانطباع بأن السؤال يحتاج إلى حسم، وأن الإجابة التي قدمها بحاجة إلى مراجعة وتصويب.
في النصين اللذين نشرا في جريدتي الأهرام والشروق يوم 8 مايو/ايار انه ‘كان منتهى الأمل قبل ثورة 25 يناير (عام 2011) ألا يتم التوريث، وقد وردت الجملة بهذه الصيغة في الصحيفتين، وهو ما أزعم أنه حكم ناقص الصياغة ويفتح الباب للالتباس وسوء الفهم. هو ناقص لأن إسقاط مشروع التوريث لم يكن غاية المراد، وإنما كان في أحسن فروضه أحد الأسباب التي أججت غضب الناس وأشعرت المجتمع المصري بالمهانة، ولا يشك احد في ان الجميع كانوا مدركين ان قضية التوريث فرع عن اصل تتمثل في سياسة مبارك وجماعة المنتفعين به ومنه، وفي فساد النظام واستبداده، الدليل الحاسم والمباشر على ذلك أن الثورة لم ترفع آنذاك شعار ‘لا للتوريث’، ولكنها ركزت على العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، ولأن المشهد لايزال حيا في الذاكرة فإن أحدا لا يستطيع ان يدعي بأن إسقاط التوريث كان المطلب الأساسي، بل أن إسقاط النظام كان الهدف وإقامة نظام جديد ينشر الحرية والكرامة ويحقق العدل الاجتماعي كان غاية المراد، ولأن الأمر كذلك فإنني أخشى ان تفتح العبارة التي نسبت الى السيسي في لقائه مع رؤساء تحرير الصحف الباب للتأويل وإساءة الظن، والادعاء بأن المشكلة كانت مع الوريث وليست مع النظام، ولست أشك في ان ذلك التأويل يمكن ان يتعزز بقرائن أخرى مشهودة في الوقت الراهن، منها عودة بعض رجال مبارك وأبواقه إلى الظهور في المجال العام والإعلامي منه بوجه أخص، ومنها استعادة الداخلية لأساليبها القديمة في التعذيب والقمع وتلفيق القضايا…
لم أفهم المقصود بالديمقراطية الكاملة التي علينا ان ننتظر عشرين عاما لكي نبلغها، أولا لأنه لا يوجد شيء اسمه ديمقراطية كاملة الأوصاف، لأنها كتجربة بشرية لها فضائلها ومفاسدها، والأولى اضعاف الثانية، ذلك اننا نتحدث عن مناخ للحرية يحميه القانون ولا يقيده، ونتحدث عن دولة تفصل بين السلطات وتديرها المؤسسات التي تحترم القانون والدستور، ونتحدث في المساواة بين المواطنين وعن حقهم في المشاركة والمساءلة وتداول السلطة. وهذه ليست اكتشافات جديدة، ولا هي أمور غريبة على مصر. ذلك ان بعضها عرفته الخبرة السياسية المصرية في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي.
ثم اننا ينبغى الا نفترض تعارضا بين الديمقراطية والفقر أو الأمن القـــومي أو مكافحة الارهاب. لأن السعى لاستكمال البنيان الديمقراطي يمــــكن ان يتم بالتوازي مع النضال على الجبهات الأخرى، ناهيك عن ان الديمقراطية يمكن ان تكون عنصرا مساعدا على تحقيق الانجاز على تلك الجهات الموازية، وثمة خبرات في ممارسات الديمقراطيات المعاصرة يمكن الإفادة منها في هذا الصدد…’.

القواعد تؤمن بأن المستقبل سيكون
أفضل عبر سيادة الإسلام السياسي

ولأننا مشغولون بالانتخابات الرئاسية، فنحن بالضرورة مشغولون بالمستقبل، أو على الأقل هذا ما يجب أن نفعله، هذا ما يكتب لنا عنه عمرو خفاجي الكاتب في جريدة ‘الشروق’ عدد امس الاحد:’ ليس معنى أن يكون لنا رئيس جديد، سوى تعهد واضح منه، أنه سيعمل على بناء مستقبل أفضل لنا، وهذا في الغالب ما تطمح له الشعوب التي تعرف الانتخابات منذ زمن، حتى الانحيازات الأيديولوجية فليست من باب الترف أو الأهواء، ولكن لأن قطاعا من الجماهير يؤمن بأن المستقبل الأفضل سيأتي عبر الأيديولوجية التي ينحازون لها، بما في ذلك جميع أفكار الإسلام السياسي، بغض النظر عن طريقة وأسلوب ونهج القيادات، فالقواعد تؤمن بأن المستقبل سيكون أفضل عبر سيادة الإسلام السياسي، وأنها ستطمئن أكثر إذا كان هو نظام الحكم، واختلاف القناعات بين فكرة وأخرى مسألة مفهومة، لكن في الوقت ذاته، لا يمكن تصور مستقبل أفضل لا يستهدف حداثة الدولة واستنادها الى العلم والتكنولوجيا، وربما كان ذلك من أهم الانتقادات الموجهة لأفكار الإسلام السياسي باعتبار الحداثة والعصرنة عدوها الواضح، وتصل بعض الأفكار المتطرفة داخل هذا التيار إلى فكرة تكفير العلم ذاته، أو حتى التعليم، مثل حركة ‘بوكو حرام في نيجيريا’ التي تعنى (التعليم حرام) وفقا لترجمة المصطلح من اللغة المحلية الدارجة للمنطقة النيجيرية التي تتمركز فيها الحركة، كما أن رفض العلم والحداثة، موجود وواضح عند الكثير من تيارات الإسلام السياسي، ومن المهم أن نذكر أن أوروبا مرت كثيرا وطويلا بمثل هذه المراحل، حيث كانت قيادات عصور سابقة تستهدف العلماء وكل من يدعو لمناهج تفكير علمية، وربما كانت تلك المعركة، هي المعركة التي أفضت لنهضة أوروبا الحديثة.
في واقعنا الحالي، الأمور أفضل كثيرا من أوروبا وتاريخها في هذا المجال، والانحياز للعلم والتكنولوجيا، ممكن بسهولة، حتى عند تيارات الإسلام السياسي، وإن كانت الأمور تتطلب بعض المراجعات الفكرية والنقاشات الواسعة بين عقول باردة وهادئة تنتمي لهذه الحركات، بعيدا عن الحركيين الذين يتعاملون عادة مع عناوين الفكرة، وما يعتقدون أنه جوهرها، وبالتالي ينخرطون في عمليات عنف بسهولة… أعتقد أن في اللحظة نفسها، التي ندعو فيها الرئيس القادم إلينا قريبا، بأخذ العلم وأسبابه في بناء مستقبلنا، وفي نقلنا من عصر بليد، إلى عصر جديد متنور مضاء باختراعات العصر وعلومه، يجب أن ندعو أيضا كل أصحاب الأفكار العنيفة التي ترفض الخضوع للمستقبل، ولا تنحاز للعلم، وتقاوم الحداثة وتعترض على التحديث، أن تراجع أفكارها بما يجعلها تقف على أعتاب العصر المقبل، فتجديد الفكر لديهم هو السبيل الوحيد للرشادة في تصحيح المسار، بدلا من الطرق المظلمة التي يسيرون فيها ويحطمون كل ما كان صالحا للنقاش، وقابلا للتعاطف قبل ثلاث سنوات فقط.. وصار الآن هدفا للنفي من الوجود والمحو من التاريخ’.

حمدين خسر الجدران
والمساحات الإعلانية على الطرق

وننتقل من ‘الشروق’ الى ‘المصريون’ ومقال رئيس التحرير التنفيذي فيها محمود سلطان:’ من الصعب أن تجد صورة واحدة للمرشح الرئاسي حمدين صباحي في شوارع القاهرة، أو على الطرق الصحراوية التي من المعتاد أن تلصق على جانبيها الإعلانات الدعائية. في الطريق من القاهرة إلى مدينة أكتوبر ـ على سبيل المثال ـ لا تجد إلا صور المرشح عبد الفتاح السيسي، واعلانات برامج يقدمها إعلاميون في الفضائيات المملوكة لنظام حكم مبارك.. بمعنى آخر لا يظهر على الإعلانات إلا المشير والإعلاميون الذين حاوروه في لقاءات بلا جمهور..”مسجلة! والأكثر دهشة.. أن صور الإعلاميين تفوقت”في عددها ـ على صورة المرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي، في واحدة من أكثر المفارقات دهشة في مصر.. وكان من المفترض أن تكون ـ ولو مؤقتا ـ صور المرشح هي الأكثر انتشارا على الطرق الصحراوية! صحيح أن عدد صور المشير متواضعة جدا، ولكن اختفت تماما صورة صباحي.. ويبدو لي أن الأول يتصرف بثقة لا تحمله على توسيع حملته الانتخابية، وربما يعتبر حملته بدأت في اليوم التالي للاطاحة بمرسي يوم 3 يوليو/تموز 2013، وأنه قبل الاستحقاق الرئاسي استنفدت طاقتها كاملة.. بل إن البعض كان يطالب باسناد منصب رئيس الجمهورية للسيسي بـ’التوقيعات’.. وليس عبر المنافسة مع مرشح آخر.. باعتباره حقا له لا يجوز أن ينازعه فيه أحد، وأنه لا يوجد في مصر من له حق أن يعلن .. مجرد الإعلان.. عن خوضه السباق الرئاسي، ولعلنا شاهدنا حفلات التعذيب اليومي لصباحي على كل منافذ الإعلام الأمني والميري، عقابا له على منافسة السيسي. المشير ليس مشغولا بالدعاية المعروفة، وربما اكتفى بالدعاية له بالوكالة عبر الإعلاميين الذين وفروا الغطاء الإعلامي لحراك 30 يونيو.. وحشدوا ضد مرسي، وأطاحوا به وهم قعود في فضائياتهم.. ولعل ذلك يفسر اختفاء صور السيسي الدعائية خلف الأعداد الضخمة من اللوحات الدعائية للبرامج التي يقدمها إعلاميو الدولة العميقة. صباحي ليس مشغولا بالصور.. ويبدو أنه اقتنع بأنه ليس له مكان على الجدران واللوحات التي خصصت بالكامل تقريبا لمنافسه أو للإعلاميين المشغولين بتليين عقول الناس واقناعهم بمرشح الضرورة.
حمدين خسر الجدران والمساحات الإعلانية على الطرق، وفضائيات الخدمة في بيوت السلطة.. ولم يعد أمامه إلا الانشغال’بالتحرك في الشوارع وبناء جسور التواصل وعلاقات الرحم الوطنية مع الناس. لن يكون لصباحي ـ كذلك ـ”نصيب في تنظــــيم حفلات الدعاية داخل القاعات المخملية في مدينة نصر.. لن يرفـــــل مؤيدوه بالدعاية ‘اللذيذة’.. ليس أمامهم إلا تكبد مشقة اقناع الرأي العام بأن مرشحهم المفضل ‘واحد مننا’ بالفعل.. وليس من النظام القديم الذي بات قاب قوسين أو أدنى من باب الاتحادية’.

حمدين يوجه انتقادات حادة لمنافسه

اما الكاتب طه خليفة في ‘المصريون’ فيتوقف عند الحوار الطويل للمرشح الرئاسي حمدين صباحي مع قناة ‘ cbc’:’ يُحسب لحمدين موافقته على أن يكون الحوار على الهواء مباشرة، وهذا يعكس الثقة بالنفس، وعدم القلق من مواجهة الجمهور، وهذا هو الطبيعي والمنتظر من صباحي الذي اعتاد على مواجهة الجمهور، وبرزت مواهبه في الحديث المباشر، ومواجهة المواقف الصعبة منذ كان طالبا بكلية الإعلام، حيث تحدث أمام الرئيس السادات بشجاعة وثقة بنفسه، رغم حداثة سنه وكونه في حضرة رئيس الدولة… تفوق حمدين في هذه النقطة على منافسه الذي يتم تسجيل حواراته ولقاءاته مع زواره ثم بثها، وليس هناك مؤشر حتى الآن على أنه ينوي مخاطبة الشعب مباشرة في مؤتمرات جماهيرية، أو حوارات جديدة، وهذا صار تحديا له لأن هناك تشكيكا في قدرته على المواجهة المباشرة وهو بذلك ربما يكرس من حيث لا يدري فكرة أنه صناعة إعلامية.
النقطة الثانية: يُحسب لحمدين أنه لم يعد في فمه ماء حيث بدأ يوجه انتقادات حادة لمنافسه.. وقد صار شخص السيسي مقدسا لا يمكن الاقتراب منه بأي حرف يُشتم منه القدح فيه، فهو البطل والمنقذ والهبة الإلهية والمرشح الضرورة. وانتقاد حمدين لمنافسه يأتي في أكثر النقاط حساسية، التي تتأسس عليها فكرة بطولة للسيسي بأنه لولاه ما كان الإخوان خرجوا من السلطة، وأنه حمل رأسه على كفه فيما فعله. وهذا كلام هدفه صنع تبريرات، وتأكيد فكرة التضحية بأنه عرض نفسه للخطر لإنقاذ الوطن… حمدين يهدم فكرة البطولة عندما يقول إنه لولا خروج المصريين ما كان استطاع السيسي أن يحرك جنديا واحدا، ولا قطعة واحدة، وأن الذين خرجوا للشارع هم من عرضوا أنفسهم للخطر، وهذا صحيح في جانب منه، ومبالغة في جانب آخر لأن المتظاهرين كانوا في حماية الشرطة والجيش والدولة. إذن صباحي ينسف القواعد المؤسسة لتمثال البطولة بوضعه بعض النقاط على الحروف…. النقطة الثالثة: نجح السيسي في سحب منافسه وراءه وجعله يزايد عليه، وهنا كان السيسي أذكى من حمدين، لأنه قال أولا أنه لا وجود لجماعة الإخوان في عهده، بينما صباحي قال لا وجود للجماعة وحزبها في عهده. الجماعة فعلا بلا سند قانوني، ولا شرعي، ولابد من الخلاص منها، ولو فعلها الإخوان بأنفسهم لكان أفضل، بل كان يجب أن يفعلوها بعد تأسيس حزبهم، أما الحزب فله شرعية وفق القانون وآليات وضوابط العمل السياسي لممارسة العمل المدني السلمي في النور. والسيسي عندما يتحدث عن عدم وجود للجماعة فقط فحديثه مرن – رغم أن التجربة التاريخية تثبت عمليا صعوبة القضاء عليها – وإذا كان صباحي كرر القول نفسه فيكون مرنا أيضا، لكنه بالغ في تعهده بالقضاء على الحزب لأن في ذلك تصادما مع القانون، إلا إذا كان سيستغل سلطاته كرئيس في فرض قرار قضائي. السيسي بذكاء يترك نافذة مفتوحة وهي الحزب فربما ينشأ حوار مع الإخوان لو توقف العنف كما صرح مرة، والحزب لم تقترب منه السلطة لليوم، رغم أنه عمليا معطل، لكن لم يتم حله بقرار إداري، والأمر متروك للقضاء، لكن حمدين يغلق كل النوافــــــذ، وهــــو يغلقها على نفسه، فربما كان الإخوان يخططون سرا للتصويت له نكاية في السيسي، أو لتضييق الفارق معه حتى لا يحــــقق فوزا كاسحا يعطــــيه قوة وشرعية شعبية واسعة داخليا وخارجيا، لكن حمدين يفقد أي رهان على أصوات الإخوان وحلفائهم، وهي ليست قليلة، رغم عدم وجود مؤشرات على كتل تصويتية مؤثرة تدعمه، بعكــس السيسي الذي يضمن تأييد كتل كثيفة عديدة.’

حسنين كروم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    جملة واحده
    اخوان اليوم غير اخوان الامس

    انا لاأعتقد انهم سوف يستسلمون للامر المفروض
    فهاهم عشرة اشهر لم يملوا ولم يكلوا

    اعتقد العسكر انها مغنم ولم يعرفوا انها مغرم

    ولا حول ولا قوة الا بالله

إشترك في قائمتنا البريدية