يا سيادة المشير… الشعب خرج لإسقاط نظام جعل دولته فاشلة نخر سوس الفساد في جذورها وفروعها وثمارها

حجم الخط
0

القاهرة ـ ‘القدس العربي’ أبرز ما في صحف أمس الثلاثاء 13 مايو/ايار لقاء وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم مع الصحافيين في مؤتمر استعرض فيه النتائج التي حققها الأمن في ضبط العناصر والخلايا الاخوانية وجماعات أنصار بيت المقدس وأجناد مصر وأحرار الشام.
وكانت دلائل الفخر بادية عليه وهو يعلن تحقيق تقدم كبير في تحطيم الشبكات الإرهابية، رغم أن ما يخفيه مهم ولا يريد الكشف عنه الآن إلى أن تسنح الظروف الأمنية به. وأشار الوزير إلى إلقاء القبض على زعيم جماعة أنصار بيت المقدس أسامة كامل، وعلى خلية أجناد مصر وخلية أخرى اسمها أحرار الشام، بقيادة عبد الله هشام محمود حسين. وفي الحقيقة فإن هذه المعلومات وتعدد التنظيمات سوف تحتاج إلى أدلة، وعلى العموم فالذي يمكن تأكيده هو ان ما لم يتم الكشف عنه حتى الآن هو الأهم والأخطر. أما أبرز ما قاله فهو نفيه لوجود جيش مصري حر في ليبيا بالمعنى المفهوم لكلمة جيش إذ قال بالنص: ‘علمت أن هناك محاولات لإنشاء الجيش المصري الحر في الجانب الليبي، وقد تم ضبط عدد من جماعة الإخوان هناك لكن هذه الأمر تحت بصر المخابرات العامة وكل الأمور مرصودة واعتقد أنه من المستحيل أن نصل لجيش مصري حر لأننا مش زى البلاد المجاورة. وهكذا ألقي بالكرة في هذه المعلومات إلى الجهة المختصة وهي المخابرات العامة لا جهاز الأمن الوطني.
ونشرت أخبار تحركات المرشحين للرئاسة السيسي وحمدين ومقابلاتهما، ولا تزال الصحف القومية والتلفزيون الحكومي ملتزمين الحياد، ومما نشرته الصحف رفض دار الإفتاء فتوى الشيخ يوسف القرضاوي بمقاطعة الانتخابات. واستمرت امتحانات الجامعات والمدارس وقرار لجنة حصر أموال جماعة الإخوان بالتحفظ على أموال وممتلكات ثلاثين من قياداتهم واثنتي عشرة جمعية وخمس شركات مملوكة لها. كما استمرت محكمة جنايات القاهرة في محاكمة مبارك وحبيب العادلي في قضية قتل المتظاهرين ومحاكمة مرسي. والى بعض مما عندنا…

الواقع يصنعه الحلم دائما

وعن توالي ردود الأفعال على تصريحات السيسي وحمدين نتوجه إلى جريدة ‘التحرير’ عدد يوم الأحد لنجد صاحبنا محمد الخولي يشيد بحمدين قائلا عنه:’عندما يتحدث حمدين صباحي عن انحيازه للفقراء لابد أن أصدقه، فهو المعتقل عام 1997 بسبب مشاركته في فعاليات رفض قانون العلاقة بين المالك والمستأجر رقم 92 لسنة 1996. عندما يتحدث حمدين عن الحرية فلابد أن أصدقه إنه أقسم أمام مصر عابدين في 2010 لن نورث أو نستعبد بعد اليوم. عندما يتحدث حمدين عن الثورة لابد أن أصدقه فهو من قال عام 2002 نحن قادرون، كما فعلها ثوار يوليو/تموز 1952 التغير الثوري القادم لن يتم بالضباط الأحرار وإنما بالمواطنين الأحرار.
قد يفعلها حمدين ويحقق الفوز، فالواقع يصنعه الحلم دائما، لم يكن يتوقع أحد أن تنزل الجماهير تهتف ضد حسني مبارك وتصر على إسقاطه ورحيله، كان حلما لكنه تحقق وتحول إلى واقع، لولا ترشح حمدين الآن لما سمعنا ذكرا لثورة 25 يناير في تلك الانتخابات. ولو خسر حمدين في تلك الجولة من المعركة فقد خلق قوة ضغط على السلطة الجديدة وسيتذكر الرئيس القادم أن هناك ملايين كانوا مع المرشح المنافس فيراعي تلك الملايين في كل قراراته، وإن تجاهلها فإنه بذلك يكون قد حجز لنفسه عنبرا في سجن طره بجوار سابقيه’.

محمد حبيب: السيسي رجل
دولة مصري الهوية عروبي الهوى

ولا زلنا في يوم الأحد ولكن بعد أن انتقلنا إلى ‘المصري اليوم’ لنكون مع صديقنا العزيز الأستاذ بجامعة أسيوط الدكتور محمد حبيب، النائب الأول لمرشد الإخوان السابق خفيف الظل محمد مهدي عاكف والمسجون حاليا والمريض في مستشفى المعادي، فقد قال عن حديث السيسي الذي لم يعجب هويدي:’الحديث عن العلاقات مع الدول العربية وأمريكا وأوروبا وروسيا والدول الأفريقية ودول حوض النيل واثيوبيا، إضافة إلى السودان كعمق استراتيجي لمصر كان سياسيا بامتياز، والتأكيد على خصوصية العلاقة مع السعودية والإمارات كان دافئا. كما ان النظرة للقضية الفلسطينية وضرورة الفصل بينها وبين النظرة لحماس كان لافتا، الإشارة الواضحة على الالتزام بمعاهدة السلام وعدم إمكانية استقباله لرئيس وزراء إسرائيل أو زيارته لها في المستقبل ما لم يرتبط بدولة فلسطينية عاصمتها القدس، تدل على أن المشير السيسي رجل دولة مصري الهوية عروبي الهوى’.

السيسي اختار إعلاميين يحظيان
بنسبة عالية من الإنتقاد

لكن في اليوم التالي الاثنين قام زميلنا رئيس مجلس إدارة وتحرير جريدة ‘المصريون’ الأسبوعية المستقلة جمال سلطان بمهاجمة حديث السيسي ووصفه بطريقة تقترب من وصفات الأكلات والمطاعم قال: ‘في تقديري الشخصي أن الحوار الذي أجراه المشير السيسي مع إبراهيم عيسى ولميس الحديدي كان نمطيا جدا ومعلبا وأشبه بالطبيخ البايت، كما يقولون، كما أن الأداء الصحافي للاثنين زاد الطين بله، حيث أديا ما يشبه دور السنيد في أفلام المقاولات التي تعتمد علي النجم الواحد. ان السيسي كان يمتلك الاختيار من بين إعلاميين آخريين في مصر لهم احترام وقبول ومصداقية كافية لتقديمه للرأي العام، إلا أنه اختار في النهاية شخصيتين تحظيان بمستوى عال من الكراهية والانتقاد والاستخفاف من قبل الرأي العام’.

… وأكد ثقته في قدراتنا
على مجابهة التحدي معه

لكن حظ سلطان السيئ أن الرد جاءه أسرع من البرق من زميلنا في ‘الشروق’ عماد الغزالي وفي اليوم نفسه عن حديث السيسي الذي اعتبره طبيخا ممتازا وله رائحة طشة الملوخية بالأرانب ولذلك أقبل عليه قائلا:’لم يدغدغ مشاعرنا بأن أحوالنا ستنصلح فور انتخابه، لم يداعب طموحاتنا التواقة إلى الرفاهة والدعة بعد ثلاث سنوات من الثورة بادعاء قدرته على تحقيقها لو جاء رئيسا، في مئة يوم أو حتى في ثلاثمئة يوم، بل طالبنا بمزيد من العمل والجهد والتفاني وإنكار الذات.. وأكد ثقته في قدراتنا على مجابهة التحدي معه، واعتبرنا ـ نحن المصريين ـ عصاه السحرية. لم يتعامل معنا على طريقة ما يطلبه المستمعون، عبر عن التدين كما يفهمه ويحبه المصريون، التدين الوسطي المستنير الذي يعلي قيم التسامح والمحبة واحترام عقائد الآخرين، وانتقد الخطاب الذي قدم الإسلام باعتباره دين عنف وإرهاب، خطابنا الديني الذي أفقد الإسلام إنسانيته. كان حازما حين أعلن أنه لا عودة للوراء لا مكان للحزب الوطني بفساده وانتهازيته ولا عودة للإخوان بإرهابهم ومخططاتهم التي تستهدف الدولة الوطنية لحساب دولة الجماعة، من دون أن يعني ذلك إقصاء من لم يمارس فسادا أو تتلوث يداه بدماء المصريين عن مشاركة في العمل العام على النحو الذي ينظمه الدستور والقانون.على العكس مما ردد خصومه أيضا أبدى انحيازا واضحا للفقراء وأكد أنه سيوجه جهده كله لمحاربة العوز ومواجهة المشكلات التي تنغص حياة المصريين وتعوق تطورهم في الصحة والتعليم والإسكان وغيرها وتحدث عن آليات موازية لمواجهة جشع التجار وعمليات الاحتكار ورفع الأسعار.سأنتخب السيسي لأنه يصدقنا مهما كانت الحقائق مؤلمة ولا يبيعنا شعارات وأوهام غير قابلة للتحقيق’ .

صباحي سينال تعاطف الكثير
من الناخبين المصريين

وعن ذكاء صباحي السياسي الذي تمثل في قدرته على تحويل نقاط ضعفه إلى عناصر قوة، وضعف إمكاناته المادية إلى قوة معنوية وسياسية ودعائية كبيرة يكتب لنا عمرو الشوبكي في ‘المصري اليوم’ قائلا:’حين يكون حجم الأموال التي يمتلكها حمدين صباحي للإنفاق على حملته الرئاسية هي كما قال 218 ألف جنيه مصري، وحين تختفي حتى الآن أي لوحات كبيرة تحمل صورته، وتعنون شعاراته في الميادين والشوارع المختلفة مثلما حدث مع منافسه، نصبح أمام ظاهرة تحتاج للتأمل ومناقشه دلالتها وتأثيرها. الإجابة التلقائية هي أن حملة السيسي إمكانياتها المادية أكبر، وحجم المساهمين فيها أكثر، وفي كل الأحوال لا شخصية الرجل ولا منسق حملته أو مستشاره القانوني يمكن لهم أن يسمحوا بأي تجاوز للسقف القانوني المسموح به للإنفاق على الانتخابات، وهو 20 مليون جنيه، وقد لا تحتاج الحملة من الأصل إلى استنفادها كلها. في حين أن غياب اللوحات الكبيرة و’البنرات الفخمة’ وقلة أعداد الصور والملصقات الخاصة بالمرشح حمدين صباحي لن يكون له فى كل الأحوال- وكما يتصور البعض – تأثير سلبي على الناخبين، إنما سينال تعاطف قطاع ليس بالقليل من الناخبين المصريين، خاصة الشباب الذين سيعتبرون ضعف إمكانات حملته سببا في دعمه وتأييده.
المفارقة أن قوة السيسي ليست في دعايته مهما كان حجمها، إنما في دوره في 3 يوليو/تموز وقدرته على الوصول إلى قطاع واسع من المصريين ببساطته وصدقه، وستصبح المبالغة في دعايته الانتخابية خصما من رصيده، خاصة أن منافسه لا يمتلك ربع إمكانات حملته الانتخابية… صحيح أن اللحظة الحالية دفعت قطاعاً غالباً من الشعب المصري إلى الإيمان بشكل تلقائي ومن دون الحاجة إلى أي دعاية بأن البلد في حاجة إلى مرشح من داخل الدولة ومن خلفية عسكرية لكي يقود البلاد بعد حالة الفوضى والاستباحة التي عرفتها طوال السنوات الثلاث الماضية…
قوة حمدين في ‘ضعفه’، إن جاز التعبير، لأنه دخل المعركة والكل يقول له إنه المرشح الأقل حظا، والأقل في إمكاناته المالية والدعائية، ومعظم مؤسسات ورموز القوة في المجتمع ليست معه، وهو ما بث حالة كفاحية وسط أنصاره جعلتهم يتحركون في كل مكان بروح عالية، من دون أن يعني ذلك أن حملته خالية من المشاكل وأوجه القصور.
مستقبل مصر السياسي واستقرارها سيبدأ أولاً حين يتزايد عدد المرشحين لانتخابات الرئاسة، وسينتهى ثانياً حين تتساوى إمكانات الجميع، وحين تكون هناك مؤسسات حزبية قادرة على أن تقدم أكثر من مرشح لانتخابات الرئاسة بدعاية مماثلة وربما تفوق أي مرشح قادم من الدولة’.

الديمقراطية هي الضامن
لمنع انهيار الدولة

اما طارق الغزالي حرب فيقول للسيسي في مقاله الذي نشره في جريدة ‘المصري اليوم’ يوم الاحد الماضي: ‘الديمقراطية تحافظ على الدولة يا سيادة المشير:’ أحاول أن أقرأ بعناية شديدة كل ما يُكتب عن لقاءات السيد المشير المتقاعد عبدالفتاح السيسي، بعد أن رشح نفسه لرئاسة الجمهورية، بل إنني أحاول أن أنفذ إلى ما بين السطور من ألفاظ ومعانٍ، خاصة أن ما يُكتب في الصحف وما يظهر على الشاشات هو دائماً مقتطفات مما قاله بعد أن يمر بعمليات انتقاء ومونتاج، وليست أقواله على سجيته. لفت نظري من سطور كثيرة نشرتها صحيفة ‘الأهرام’ عن لقاء السيسي مع رؤساء تحرير الصحف، الذين بدا عليهم أنهم كانوا يشعرون بأنهم في حضرة الرئيس لا المُرشح- سؤاله للسادة الحضور، بعد استعراضه الموقف الاقتصادي المُتدهور: لمن تكون الأولوية الآن حتى تعود مصر أعز وأكرم، الحفاظ على الدولة أم الديمقراطية؟ بادئ ذي بدء إنني لا أعلم هل رد أحد على سؤاله من السادة المحترمين الذين طالما كتبوا، وتحدثوا عن الديمقراطية وقيمها وأهميتها، ولكن لديّ شعور- قد أكون مخطئاً فيه- أن أحداً منهم لم يفتح فمه بكلمة للرد على هذا السؤال، الذي أعتقد أنه المؤشر على مفتاح شخصية السيد السيسي. وثانياً، انني لا أعرف أيضاً ما هو مفهوم الدولة بالنسبة له، هل هو الشعب المتوطن على هذه المساحة من الأرض، أم النظام ومؤسساته؟ ومما يزيد الأمر التباساً أن سيادته قال عند حديثه عن الفساد والتطهير في مؤسسات الدولة بالنص، كما جاء في ‘الأهرام’ ‘أنه لن يستطيع القيام بإجراءات حادة ضد البعض في مؤسسات الدولة لاعتبارات قانونية وإنسانية’، وشدد على أنه في حالة انتخابه رئيساً فليس له خيار سوى التعامل مع مؤسسات الدولة القائمة!
نعلم جميعاً أن الشعب المصري قد خرج على بكرة أبيه في ثورة يناير/كانون الثاني العظيمة، ليس كما قال المُرشح السيسي في نفس اللقاء، ومنتهى أمله هو إنهاء مشروع التوريث، بل خرج في مواجهة إحدى مؤسسات الدولة الباطشة في ذلك الوقت، وهي وزارة الداخلية وأجهزتها القمعية التي كانت مُسخرة لحماية الحاكم ومشروعه، منادياً بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.. خرج لإسقاط نظام جعل دولته فاشلة وفاسدة بامتياز بمؤسساتها التي نخر سوس الفساد في جذورها وفروعها وثمارها. ومن هنا كان، مثلا، الحديث الذي بدأ في أعقاب الثورة عن إعادة هيكلة وتطهير الداخلية وتغيير عقيدة أفرادها ومراجعة الدور القذر الذي كان من مهام أفراد من جهاز أمن الدولة تجاه الأحزاب السياسية والمعارضين، بالنسبة للبعض ممن كانوا يعملون في خدمة هذا الجهاز، ويتقاضون المقابل أموالا أو مناصب- هو إسقاط الدولة.. والحديث عن ميزانية القوات المسلحة ونشاطاتها المدنية وضرورة مراقبتها وإخضاعها للقانون هو إضرار بالأمن القومي ومحاولة لإسقاط الدولة!
وعلينا هنا أن نرجع إلى تصريحات الرجل المحترم المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، لندرك حجم تكلفة الفساد. الدولة، يا سادة، هي الشعب، والشعب هو الدولة، والديمقراطية بأعمدتها وأسسها الثابتة التي تشمل، ضمن ما تشمل، الشفافية والرقابة والمحاسبة- هي سلاحه، وهي الضامن لمنع انهيار الدولة.. وتذكروا ما حدث عام 1967 حينما غابت الديمقراطية، وطغت المؤسسة العسكرية على ما عداها بلا حسيب أو رقيب، فانتكست الأمة، وكادت الدولة تضيع لولا أن حماها الشعب العظيم.. إنه الأساس، وهو الدولة’.

الرئيس القادم هو المسؤول الأول
عن نجاح حكومته أو فشلها

وعن دور الحكومة في البرنامج الرئاسي يكتب لنا نادر بكار في ‘الشروق’ عدد امس الثلاثاء قائلا: ‘حتى لحظة كتابة هذه السطور يمكن الجزم بأن مرشحي الرئاسة لم يتعرضا لدور الحكومة سلبا أو إيجابا، في تنفيذ وعودهما الانتخابية ــ التي لم تصل رتبة البرنامج المتكامل بعد ــ رغم أن الصلاحيات الممنوحة لرئيس الوزراء في الدستور ــ حتى بعد التعديل ــ تجعل مساحة تأثير هذا الدور أكبر من أن تغفل.
البرلمان المقبل هو نقطة البدء، لأنه هو المنوط به ــ نظريا ــ مهمة تشكيل حكومة جديدة أو حتى تجديد الثقة في الحكومة الحالية، ومازلت أكرر الحاجة إلى توافق التيارات السياسية المختلفة على الحد الأدنى المشترك اقتصاديا وسياسيا المستهدف تحقيقه كناتج كلي من البرلمان المقبل حتى لا يفقد المواطن البسيط آخر أمل تبقى له في برلمان يغير أوضاعه إلى الأفضل.
ولا أعتقد أن أحدا يريد تكرار تجربة (مرسي ــ قنديل) مرة أخرى، لذا فمن الضروري أن يسلط كل من السيسي وصباحي الضوء على رؤيتهما لشكل الحكومة المساندة في تطبيق رؤيتهما، بافتراض توافر أو تعذر التوافق والانسجام مع رئيس الوزراء القادم وحكومته.
مرشحا الرئاسة إذن مطالبان بالإفصاح عن فلسفة كل منهما في التعامل مع الحكومة في أوقات الاتفاق والاختلاف؛ لاسيما أن فكرة التضحية برئيس الوزراء وقت استصدار قرارات سياسية أو اقتصادية صادمة لعاطفة الجماهير لم تعد تجدي، فالرئيس القادم هو المسؤول الأول عن نجاح حكومته أو فشلها. ما مصير عشرات الخطط بعيدة المدى ومئات الخطط الجزئية التى تراكمت عبر عشرين سنة على الأقل، هذا فضلا عن وجود وزارة كاملة للتخطيط أعتقد أن مهمتها تفوق بكثير مجرد تسيير الأعمال، والذي أعرفه عن تلك الوزارة أنها أعدت في عهد السيدة فايزة أبو النجا رؤية تنموية شاملة تعتمد على رفع الواقع المصري بصورة دقيقة، فهل ستأتي خطة الرئيس القادم لتتكامل مع تلك الخطط أو على الأقل لتستفيد بما يصلح منها وتدمجه في الخطة الرئيسية، أم سنشهد حلقات جديدة من الجهود والطاقات المهدرة؟’.

سيدخل الرئيس جنة الأرض
ويترك الشعب في نارها

ونخرج من ‘الشروق’ الى بوابتها لنتعرف على علامات الرئاسة التي كتب عنها يوم الاربعاء الماضي مصطفى امير قائلا:’زيت وسكر، دقيق وعيش، مجاملات أفراح وجنازات، مساهمات في بناء المساجد والكنائس، استخراج شهادة الميلاد.. كله موجود عزيزي المواطن لا تقلق.. إنها علامات يوم الرئاسة.
حطيت إيدك على الجرح، هكذا يفعل المرشحون كما اعتدنا منذ دخولنا معترك الصناديق، لا فرق بين انتخابات رئاسية أو برلمانية، فكلتاهما تشبه الأخرى في علاماتها ومقدماتها، وللفقراء النصيب الأكبر من ‘نفحات’ المرشحين.
النظرة إلى المصريين في أيام الانتخابات تختلف عن غيرها من الطرفين ‘الناخب والمرشح’، الأول يراها فرصة كبيرة لتحقيق جزء كبير من احتياجاته، ويتمنى لو أن العام كله انتخابات، والثاني يراها مرحلة قصيرة وما دفعه ‘فضة’ سيجنيه ‘ذهبا’.
رغم مرور السنين وتغير الحال من حين لآخر إلا أن العلامات واحدة، والمرشحون أيضًا يشبهون بعضهم بعضا، لكن شيئًا واحدًا لم ولن يتغير، اليقين أن ما يهم المواطن هو لقمة العيش والكسوة و’الستر’.
كثيرًا ما شاهدنا وكتبت عنه الصحف وأبرزته وسائل الإعلام الانتخاب بـ’زجاجة زيت وسكر وأرز ومستلزمات تموينية’، وهذه العلامة الأبرز لقدوم الانتخابات التي اعتادها المصريون، خاصة أصحاب الدخل المعدوم، ولم تفرّق هذه العلامات والأفعال بين الكاذبين على الشعب أو المتاجرين بالدين فالجميع يلعب سياسية.
الحاجة نعيمة سيدة تجاوز عمرها الـ60 سنة تسكن بين 4 جدران، وترعى نجل ابنتها الوحيد الذي فقد والديه بمنزل أقل ما يوصف به أنه ‘هش’ في جنوب الصعيد، كلما مررت عليها أيام الانتخابات سألتها: ‘بتوع الانتخابات عدّوا عليكي’ وكل مرة أعرّفها بنفسي، وترد ‘أيوة عدّوا علينا وخدت منهم كيس فيه حوايج البيت ربنا ينجح مقاصدهم’. هكذا كانت دعوتها لأي من أصحاب الدعاية الانتخابية الذين كانوا يمنّون عليها جميعًا حتى إن تأكدوا أن لا صوت لها أو أنها لن تذهب إلى الصناديق من الأساس، إلا أنه عمل خيري أمام أهل الدايرة.
إحدى المرات وكانت في عام وصول الإخوان للحكم سألتها كالعادة فردت بلهجتها المصون ‘بتوع الانتخابات عملوا لي كارتة وصوّرني’ وكانت تقصد بطاقة الرقم القومي. وفي كل مرة لم أسألها من هو صاحب المنّة. إلا أنهم وضعوا أيديهم على الجرح ونقطة ضعف الملايين من المصريين الذين يعتبرون هذه الأيام بمثابة العلامات المبشرة بقدوم الانتخابات.
أما العلامات هذا العام وإن كنت لم أتحقق من أمور توزيع السلع التموينية إلا أن المجاملات لا تزال مستمرة، فأحد المرشحين قطع مشوارًا منذ أيام لحضور حفل تأبين شيخ المدّاحين أحمد التـــوني في أسيوط، بينما لم يحضر جنازته من الأساس يوم وفاته، حيث لم يكن قد أعلن ترشحه.
وخرج علينا آخر في لفتة جديدة جذبت إليها الأنظار، حيث كان يركب دراجته ويجوب بعض الشوارع في إشارة إلى أنه من الناس، وليس متكبرًا كما قال عنه البعض، ووقف متحدثًا مع بعض البسطاء في الشارع، وأيقن الجميع أنها علامة من علامات الانتخابات الرئاسية، قبل التفاف الحرس الجمهوري حول أي منهما حال فوزه بالانتخابات وانقطاعه عن المجاملات وحضور المناسبات أو التجول بدراجته، فأي منهما لن يفعل ذلك حال فوزه وكله لأن ‘المنصب يحكم’.
وقد ظهرت علامة مشتركة لمرشحيّ الرئاسة هذا العام وهي ‘هاشتاج’ والتواصل عبر الإنترنت، وكأن الشعب كله وُلد وخلف ظهره ‘آي باد’، إلا أنها علامات ومقدمات جديدة قبل الانتخابات الرئاسية، لعل الهدف منها هو الشباب، لتأكدهما أن ما بقي من الشعب من كبار السن صوته مضمون.
هناك علامات أخرى من مقدمات يوم الانتخابات وغيرها، معظمها ملحوظ في الشارع بين المواطنين، أما أهوالها فقد اعتدنا عليها ‘سيدخل الرئيس جنة الأرض وقصر الاتحادية ويترك الشعب في نارها.

البعض يغسل سمعته
مما علق بها من فساد

اما بوابة ‘الشروق’ ففتحت امامنا الطريق لدخول ‘المصريون’ للاطلاع على مقال المستشار احمد الخطيب عن الانتخابات الرئاسية التي يقول عنها:’ اننا مقبلون على انتخابات رئاسية باتت تلوح في الافق السياسي نتائجها بصورة مبكرة، الامر الذي انعكس بدورة على بورصة المراهنات والمزايدات السياسية على الجواد الرابح في ذلك الماراثون، الذي اصبح قاب قوسين او ادنى ان يكون محسوما ومع الاعتراف الكامل بحق كل مواطن في اختيار مرشحه المفضل بارادته الحرة المستقلة، إعمالا لمفاهيم العملية الديمقراطية من دون تشكيك’او مزايدة في اختياراته او ترتيب اولوياته على النحو الذي يستقر معه بقناعة انه الافضل لتحقيق مصلحة الوطن وتلبية طموحاته.
الا ان البعض اتخذ من ارتفاع اسهم احد المرشحين في ذلك السباق الرئاسي فرصة ذهبية واجبة الاقتناص لغسيل سمعته مما علق بها من فساد، واعادة تدوير تاريخة السيئ بالترويج لنفسه في ذلك المهرجان الدعائي، مستغلا الربط بينه وبين ذلك المرشح سعيا في الحصول على مغانم سياسية وشعبية زائفة تمكنه من الوثوب مستقبلا على مقاعد مجلس النواب، او تكليفه باحد المناصب التنفيذية ذات النفوذ الواسع، او الادعاء بالقرب من مراكز اتخاذ القرار واهل النفوذ العالي بما يفتح له الباب لتحقيق طموحاته السياسية والاقتصادية.
وقد اصبحت لغة النفاق وتقديم القرابين والشعارات الزائفة ووصلات المديح والاطراء اهم مناسك الدعاية في الانتخابات الرئاسية، في ظل تصور واهم بان الرئيس المنتظر والشعب سوف تنطلي عليهم تلك الحيل والالاعيب الشيطانية، وان ماضيهم الملوث قد تم محوه واعادة تسطيره باغنية او لافتة او زيارة خاطفة لمقر الحملة الانتخابية والتقاط بعض الصور التذكارية او الوثوب في الفضائيات والتنقل بين برنامج واخر في محاولة لفرض الوصاية على الشعب المصري من دون تفويض او وكالة من احد، معتقدين ان الانتخابات الرئاسية قد تحولات الى الهيئة العامة للنظافة والتجميل من ترهلات الزمن وما التصق بهم من تاريخ حافل بالخطايا والذنوب، وان بمقدورها اعادة تحسين صورتهم واعادة تقديمهم في ثبات الوطنية والطهارة، الامر الذي يلقي بدورة بعبء كبير على الرئيس القادم لاجراء عملية فرز وتجنيب دقيقة لكافة العناصر المحيطة به التي تسللت الى صدارة المشهد السياسي والاعلامي والتصدي لمخططاتها النفعية حتى لا تحسب عليه او يحاسب عليها. ان موضوعية التعامل مع تلك الخلايا السرطانية التي عاودت’الانتشار مرة اخرى في جسد الوطن تعتبر من اهم اولويات الرئيس القادم اذ يلزم لبناء مصر الجديدة الاعتماد على معايير الكفاءة وحسن السمعة باعتبارها صمام الامان لحماية الرئيس والنظام والوطن من تحديات اصحاب المصالح الخاصة والانطلاق نحو مستقبل افضل يحدوة الامل ويلبي طموحات المصريين’. ‘

‘عايزين كلنا نشد الحزام’

وننهي جولتنا مع الصحافة المصرية لهذا اليوم مع الكاتب الساخر محمد حلمي في ‘المصريون’ وعموده صباحك عسل:
ــ المذيعة لمواطن: الاقتصاد تعبان،والديون الخارجية والداخلية وصلت 242مليار دولار.
ـ المواطن: ماشي بس حضرتك بتقوليلي الكلام دا’ ليه؟
ــ المذيعة: وعايزة اقول لك برضه اننا بنستورد القمح، وعندنا أزمات وقود وكهربا، والدعم سايح ومابيكفيش.
ـ المواطن: ماشي بس حضرتك عايزة مني إيه؟ أو إيه اللي اقدر اعمله بالضبط؟
ــ المذيعة: عايزين كلنا نشد الحزام. ‘ ‘
ـ المواطن وهو يهم بالانصراف: طب عن إذنك اروح اتحَزِّم واجيللك ‘ ‘ ‘ ‘ ‘ ‘ ‘ ‘ ‘ ”

حسنين كروم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية