رئيس على صورتنا

حجم الخط
0

لا يمكن أن يكون رئيس يمثل صورة اسرائيل أكثر من بنيامين نتنياهو الذي يفكر في إلغاء مؤسسة الرئاسة من يمكنه أن يدخل رجل في الحذاء الكبير لشمعون بيرس مثلما جاء في الحديث الهستيري، التاريخي الحماسي الذي ربط بين مقر الرئيس في القدس وبين ديفيد بلاط؟ من، بعد بيرس، سيهنىء رياضيي اسرائيل بانتصاراتهم العظيمة في المستقبل؟ أو صورة من بين المتنافسين لمنصب الرئاسة سنرغب في أن نراها ذات يوم على الورقة المالية؟ هل يمكننا ان نتصور فؤاد على ورقة الخمسين شيكل، او سلفان شالوم على العشرين؟ او روبي ريفلين؟ هذه ايضا وسيلة لان نقرر من يكون الرئيس القادم.
يبدو زائدا؟ بالعكس. الرئيس في اسرائيل هو مثابة نافذة العرض اللامع، التي تعطي وهم الدولة المتنورة. وهو مطلوب ‘لتوحيد الشعب’، ولكن لكره العرب، لاظهار ثقافة واسعة ومعمقة، ولكن لمعرفة المزاح مع بايونيسا، ليكون ليبراليا محبا للحرية ولكنه لا يرى تناقض بين الاحتلال والديمقراطية، واحدا ساهم للدولة، ولكنه حرص ايضا في الوقت المناسب وبهدوء على كرسيه الخاص. باختصار، احد ما ينظف الاوساخ ويتحمل بجرأة متطلبات السير على رأس مسيرة السخافة.
ليس شخصية تمثيلية هي التي ستنتخب في 10 حزيران بل رئيس على صورة وشكل الدولة. سياسي ميزته الاساسية تكمن في حقيقة أنه المرشح الذي يكرهه رئيس الوزراء بالقدر الاقل. احد ما اجتاز بنجاح اختبار المتوسط بين ليبرمان، بينيت، لبيد ونتنياهو. إذ في الواقع، الاختيار ليس بين الاكثر مناسبا بل بين المتصارعين الاكثر عنفا؛ المرشح الذي مجرد انتخابه يمنح نقاط استحقاق لمن أعطاه الرعاية وليس للدولة. ولكن يمكن ايضا خلاف ذلك. بدلا من ان تنتهي العاب القوة بجائزة متواضعة للمنتصر رئيس بالاجمال فلماذا لا ننتقل الى نظام رئاسي حقيقي؟ لا ليس لا سمح الله مثل الولايات المتحدة حيث منظومة التوازنات والكوابح التي تراقب سلوك الرئيس والجمهور يحاسبه عندما يخطيء بل مثلما هو الحال لدى الجيران. في مصر مثلا، الرئيس هو القائد الاعلى للجيش هو الذي يقرر مباديء الميزانية، يوجه السياسة الخارجية ويرسم حدود حرية التعبير. رئيس وزراء تركيا، رجب طيب اردوغان، فهم منذ الان مزايا مثل هذا النظام الرئاسي وهو يسعى لان يكون رئيسا حقيقيا، مثلما في مصر. يمكن ايضا أن نجد أمثلة مناسبة في الشيشان، في اذربيجان وفي تركمانستان، دول مستقيمة وصادقة مع نفسها لا ترى اي حاجة لشخصية تمثيلية تشكل غطاء يلطف وحشية السلطة. دول الرئيس فيها هو الدولة.
الحقيقة ان في اسرائيل يوجد مثل هذا الرئيس. وهو يسمى رئيس وزراء. إذ عندما يكون رئيس الوزراء هو المبادر الرئيس للتشريع، ورئيس الوزراء يمكنه أن يمنع، يلغي، او يسرع مبادرات تشريعية، فان مكانته تشبه مكانة كل رئيس في رابطة الشعوب. عندما يطيعه المشرعون فانهم يصممون طبيعة الديمقراطية الاسرائيلية ويقلصون حسب ذوقه وذوقهم حرية التعبير وعندما يكبل بارادته مجال حرية مناورة دولته فانه لا يختلف عن الجنرال عبدالفتاح السيسي الذي يهتم دوما بالتشديد على أنه ‘استجاب لارادة الشعب’. عندما يملي رئيس الوزراء الرواية الوطنية، يثبت الذاكرة الجماعية حسب فكره السياسي ويحبس حقوق الانسان في قفص ايديولوجي، فانه يسير منذ الان في المسار الذي يشقه لنفسه اردوغان وهيأه الرؤساء الاسد، مبارك، ونيوزوف، الرئيس الراحل لتركمانستان.
لا يمكن أن يكون رئيس يمثل صورة اسرائيل أكثر من بنيامين نتنياهو. صحيح أنه ينبغي التغلب على موضوع دستوري بسيط وتغيير طريقة نظام الحكم، ولكن هذه مهامة سهلة بالنسبة لمن يفكر على اي حال بان مؤسسة الرئاسة يجب ان تلغى. إذ تستحق اسرائيل زعيما اعلى، زعيما كل شيء يتم بكلمته. زعيما يمكن اقتباسه بالقول ‘حاكم اسرائيل أعلن…’، ‘زعيم اسرائيل حذر…’، ربما، مع حلول الوقت، عندما تكون الدولة تمثيلية سيكون بوسعنا أن نسمح لانفسنا ايضا برئيس تمثيلي.

هآرتس 21/5/2014

تسفي برئيل

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية