بعد سلسلة من النكسات في الملفات الداخلية والخارجية وبدور إماراتي وإسرائيلي
لندن -“القدس العربي”: أثارت الوساطة “المتأخرة و الشكلية” للسعودية بين إثيوبيا وإرتيريا العديد من التساؤلات، فبعد أن وقع رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد ورئيس إريتريا أسياس أفورقي إعلانًا حول السلام في يوليو/ تموز أنهى رسمياً عقدين من العداء، وبعد أن أعاد البلدان، الثلاثاء الماضي، فتح الحدود البرّية للمرة الأولى منذ 20 عامًا، و سبق ذلك استئناف الرحلات بين البلدين، وقّع زعيما البلدين في مدينة جدة السعودية، الأحد، اتفاقية سلام إضافية، بدا واضحاً، بحسب ملاحظين، أنها ظهرت شكلاً ومضمونا، وكأنها مناسبة استعراضية فقط لإبراز الدور السعودي.
وذهب مراقبون إلى تفسيرها على أنها محاولة من المملكة للبحث عن أي أنجاز لربط اسمها به في خضم سلسلة النكسات والفشل الذي يلاحقها في الملفات الداخلية مثل الاعتقالات المهينة التي لم يسلم منها حتى أمراء من الأسرة الحاكمة، وفي الملفات الخارجية مثل التورط في حرب اليمن، وحصار قطر.
ذهب مراقبون إلى تفسيرها على أنها محاولة من المملكة للبحث عن أي أنجاز لربط اسمها به في خضم سلسلة النكسات والفشل الذي يلاحقها في الملفات الداخلية والخارجية
وجرى التوقيع على “اتفاقية جدة للسلام” بحضور العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي قلد زعيمَي البلدين قلادة الملك عبد العزيز في تكريم كبير لهما. ويرى مراقبون أن زعيمي البلدين وبقبولهما الظهور في هذا التوقيع “الاستعراضي” يكونان قد استفادا بالتأكيد من مساعدات مالية سعودية سخية.
وحضر التوقيع كذلك ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ووزير خارجية الإمارات الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان. وبدا لافتاً هنا غياب ولي عهد أبوظبي، الشيخ محمد بن زايد، الذي يعتبر الحاكم الفعلي للإمارات، التي لعبت دوراً ماليا وسياسيا في إقناع إثيوبيا خاصة بالتقارب مع ارتيريا. وذكرت مصادر إعلامية أنها دفعت 3 مليارات دولار لأديس أبابا من أجل تقديم تنازلات والقبول بقرار للجنة التحكيم الدولية بإعادة أراض متنازع عليها لأرتيريا، التي استقلت عنها في بداية التسعينات.
واندلعت الحرب في وقت لاحق بسبب نزاع حدودي. وحاولت الأمم المتحدة ترسيم الحدود عام 2002 لتسوية النزاع نهائيًا، لكنّ أثيوبيا رفضت.
وبدأ التحوّل الاثيوبي في يونيو/ حزيران الماضي عندما أعلن رئيس الوزراء أبيي أنّ بلاده ستُعيد إلى إريتريا المناطق المتنازع عليها وضمنها مدينة بادمي حيث بدأت الحرب الحدودية.
وفي المقابل دفعت الإمارات حليفتها الوثيقة ارتيريا كذلك إلى تسهيل التقارب، وقد أنفقت الإمارات على مدى سنوات مليارات الدولارات لكسب ود إرتيريا ورئيسها أفورقي. وتملك الإمارات قاعدة عسكرية في ميناء عصب الاستراتيجي في إريتريا، في إطار سياسة استراتيجية الأمد للإمارات لتوسيع نفوذها في القرن الأفريقي.
أنفقت أبوظبي على مدى سنوات مليارات الدولارات لكسب ود إرتيريا ورئيسها أفورقي. وتملك الإمارات قاعدة عسكرية في ميناء عصب الاستراتيجي في إريتريا، في إطار سياسة استراتيجية الأمد للإمارات لتوسيع نفوذها في القرن الأفريقي
واللافت بحسب مراقبين أنه إذا كان للإمارات استراتيجية معلنة وخفية تحاول إظهار أنها تدور في فلك المصلحة المشتركة مع السعودية، بل وتحاول أن تعطي انطباعاً بأن الرياض هي من في القيادة، غير أن شواهد عدة تظهر أن الإمارات تلعب “لعبة مزدوجة” في تطويق السعودية في جميع الجبهات، فبرغم انها اسميا في تحالف واحد في اليمن، تقوده السعودية إلا أن لها أجندتها الخاصة الانفصالية في جنوب اليمن، فيما تركت السعودية كرة ملتهبة في الشمال مع الحوثيين. وفيما تتمدد الإمارات في البحر الأحمر، وتحاول لعب دور “القوة الجيواستراتيجية الكبرى” في الساحة الخلفية المفروض للرياض، يغرق ملك السعودية وولي عهده في المشاكل الداخلية والخارجية.
وإلى جانب الإمارات، تذهب مصادر مطلعة للقول إن إسرائيل الحليف الوثيق الآخر لرئيس ارتيريا أسياس أفورقي، لعبت دوراً في حثه على القبول بلعب هذا الدور في هذا “السيناريو الاستعراضي السعودي”.
ويزور رئيس إرتيريا بصفة منتظمة إسرائيل، حيث يتلقى العلاج في مستشفياتها.
من جهة أخرى أثيرت التساؤلات حول موقف مصر المعنية “استراتيجيا” بالأمر. وفيما اعتبر ملاحظون في مصر أن القاهرة وبالحسابات الوطنية الاستراتيجية لن تكون مرتاحة باتفاق جدة، وسترى فيه “طعنة في الظهر” وإضرارًا بأمنها القومي، فإن وزارة الخارجية المصرية، رحبت في بيان، اليوم، بالتوقيع على اتفاقية جدة للسلام”، مثمنة جهود السعودية في رعاية الاتفاق.
وأكد البيان، على أن “توقيع الاتفاق يمثل تطورا هاما في منطقة القرن الإفريقي والقارة بأكملها، لما ينطوي عليه من إنهاء وتسوية للنزاع بين البلدين الشقيقين، والذي امتد لسنوات طويلة”.
واعتبر ملاحظون ان هذا البيان ليس إلا “استرضاء ديبلوماسيا” من السيسي للسعودية.
الانجاز جزائرى بامتياز لانه انهى الحرب والفضل للمبتدا وان احسن المقتدى