التغذية الإجبارية

حجم الخط
0

يوم الأحد من هذا الاسبوع صادقت اللجنة الوزارية لشؤون التشريع على مسودة قانون وضعتها وزارة الامن الداخلي لتعديل أمر السجون (أضرار الاضراب عن الطعام). وحسب المسودة، يتاح للدولة الطلب من المحكمة المركزية الاذن بالاطعام الاكراهي للسجين، بما في ذلك استخدام القوة من جانب السجان. وهدف القانون هو التصدي لظواهر اضراب السجناء عن الطعام، والذي يشكل خطرا كبيرا على صحتهم أو حياتهم.
اليوم، حسب قانون حقوق المريض، الذي ينطبق على السجناء ايضا، لا يمكن اجبار السجين على الاكل خلافا لارادته، طالما كان يوجد في حالة وعي ويواظب على الرفض. هكذا ايضا قواعد اخلاقيات المهنة للاتحاد الطبي في اسرائيل ولمنظمة الاطباء العالمية التي تحظر على الطبيب التعاون مع اجراء الاطعام بالاكراه.
المبررات الاساسية التي اشير اليها في مذكرة القانون كانت التزام سلطة السجون بصحة السجين؛ اعتبارات الحفاظ على النظام والامن في السجون؛ وكذا اعتبارات حفظ أمن الدولة وسلامة الجمهور. وتعترف الشروحات في المذكرة بالمس بالحقوق الاساسية التي يحدثها التعديل، ولكن بالاساس بالحق في حرية التعبير. فالاضراب عن الطعام هو اداة في يد السجين للاعراب عن الاحتجاج ومحاولة نيل انجازات في الرأي العام واسكات هذه الاداة هو بالفعل مس بحرية التعبير لديه. غير أن المذكرة تتجاهل تقريبا الحق المركزي المتضرر ـ الحق في الكرامة الانسانية. كل علاج طبي مهما كان، يعطى بالاكراه وفي ظل استخدام القوة، يشكل مسا بالمعنى الاكثر اساسية لمفهوم ‘كرامة الانسان’. ولهذا فان المذكرة ملزمة بان تقف عند الشروط المتشددة التي يفرضها القانون الاساس: كرامة الانسان وحريته بالنسبة للقانون الذي يمس بشكل مباشر بكرامة الانسان.
القانون المقترح لا يستوفي شروط التوازن، لانه لا يوجد مبرر مناسب لمثل هذا المس الشديد بكرامة الانسان لدى الاسير. المبرر الاول الذي يعنى بواجب السجن تجاه حياة السجين يتجاهل ان كل التزام بصحته تخضع لقانون حقوق المريض. اما الحجج بشأن خرق النظام المحتمل والمس بامن الدولة فغير مقنعة. حقيقة أن الانسان هو سجين لا تسمح للدولة بان تفعل بجسده كما يحلو لها كي تمنع اناسا آخرين من خرق النظام. فالعقاب الذي فرض على السجين هو الحبس فقط، وطالما لا يدور الحديث عن خطر شخصي من جانبه فلا يمكن أن تفرض عليه قيود من أجل منع نتائج كهذه. هكذا ايضا بالنسبة للمعتقل المحتجز بسبب خطورته الشخصية.
فضلا عن ذلك، تختبىء بين السطور، برأيي، علة اخرى تنشأ عن الشروحات وهي بالذات العلة الحقيقية والمركزية التي تقبع خلف مسودة القانون.
يبدو أن الدولة تحاول عمليا أن تمنع عن المعتقلين ‘انجازا دعائيا سياسيا’. والاحساس هو أن الاضراب ينجح عمليا في ان يرفع الى جدول الاعمال مسائل اشكالية (مثل الاعتقال الاداري وتبريره) التي تسعى الدولة الى منع النقاش الجماهيري فيها والمبرر الاساس للاطعام الاكراهي ليس الخوف على حياة السجين او الاضطرابات بل الخوف على العلاقات العامة لدولة اسرائيل. محظور السماح بمثل هذا المس الخطير بكرامة الانسان فقط لاجل الاهتمام بالعلاقات العامة للدولة. المعركة الاعلامية تدار بالاعلام والحجج وليس من خلال الاطعام بالاكراه.

‘ باحث في المعهد الاسرائيلي للديمقراطية
معاريف ـ الاسبوع 21/5/2014

عمير فوكس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية