نيويورك – «القدس العربي»: حث التقرير السنوي لمنظمة العمل الدولية المتعلق بوضع عمال الأراضي العربية المحتلة على استئناف المفاوضات ورفع القيود لتحسين أوضاع العمال وأصحاب المشاريع الفلسطينيين. وقال المدير العام لمنظمة العمل الدولية غاي رايدر، في مقدمته للتقرير، إن «التزام منظمة العمل الدولية في بناء دولة فلسطينية ذات سيادة يبقى أكثر قوة من أي وقت مضى».
ويقول التقرير إن نسبة البطالة إرتفعت في كل من الضفة الغربية وغزة بينما شهد معدل النمو الفلسطيني مزيداً من التراجع خلال الاثني عشر شهراً الماضية. كما أن الأوضاع في قطاع غزة مأساوية بسبب الحصار الذي شلّ معظم النشاط الاقتصادي وأدى إلى اعتماد 80٪ من السكان على المساعدات الدولية. وحسب ما جاء في التقرير، فقد إرتفع عدد العاطلين عن العمل في الضفة الغربية وقطاع غزة من 256,000 عام 2012 إلى 270,000 عام 2013، أي بزيادة قدرها 5.6 في المئة.
ويوضح التقرير المقدم إلى مؤتمر العمل الدولي تفاصيل القيود الكثيرة المفروضة على النشاط الاقتصادي بسبب الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية والقدس الشرقية. كما يُذكر بأن محادثات السلام التي تقودها الولايات المتحدة كان من المقرر أن تتناول قضايا سياسية وأمنية واقتصادية. إلا أن عدم إحراز تقدم في المفاوضات يبقى الاقتصاد الفلسطيني رهن قيود كثيرة مفروضة، وإذا «لم تجر إزالة هذه القيود، فمن غير الممكن توقع أي تحسن مستدام في وضع العمال وأصحاب المشاريع الفلسطينيين».
ويتحدث التقرير عن تزايد خطر استغلال العمال الفلسطينيين على يد السماسرة وأصحاب العمل عديمي الضمير في إسرائيل والمستوطنات بسبب الأوضاع المعيشية. وقد ازداد عدد الفلسطينيين العاملين في المجال الاقتصادي الإسرائيلي بنسبة 19.6٪. ولأن ذلك يتجاوز بالتأكيد عدد تراخيص العمل الممنوحة والمستخدمة في عام 2013، فإن عدد الفلسطينيين الذين يعملون بدون تراخيص نظامية زاد بشكل كبير، وهم لهذا السبب فإنهم لا يتمتعون سوى بقدر قليل من الحماية من ممارسات الاستخدام التعسفية.
ويواجه الشباب الباحثون عن عمل، بوجه خاص، تحدياً أكثر خطورة، حيث بلغ معدل البطالة بين الشباب نحو 40 ٪ في عام 2013. وبلغ معدل البطالة بين الشبان 36.9 ٪ في حين كان بين الشابات أعلى بكثير إذ بلغ 64.7 ٪.
ويصف التقرير غزة بأنها «برميل بارود حيث يمكن لشرارة واحدة أن تشعل ناراً سوف يكون من العسير جداً احتواؤها». ويدعو التقرير إلى اتخاذ تدابير ملحة للسماح بانتقال الأشخاص والبضائع وتقديم العون إلى سكان غزة حيث «يعتمد أربعة أخماس سكانها على المساعدات الإنسانية، ونشاطها الاقتصادي مشلول، وحلم تحقيق العمل اللائق فيها تحول أكثر فأكثر إلى سراب».
وكان نحو ثلث (32.5 ٪) المشاركين في القوى العاملة في غزة عاطلين عن العمل في عام 2013. فبينما بلغ معدل بطالة الشبان 51.8٪ بينما بلغت بطالة الشابات معدلاً استثنائياً وصل إلى 86.3 ٪ في الفئة العمرية 15-24 عاماً. ويتحدث التقرير عن «شغل شاغل» يتمثل في انخفاض معدل مشاركة المرأة في القوى العاملة الفلسطينية وتراجع تمثيلها في هيئات صنع القرار.
ويشير التقرير إلى التشاؤم الناجم عن قلة النتائج التي خرجت بها جولة المفاوضات الأخيرة لعملية السلام. وبدلاً من تحقيق الانفراج، باتت هذه العملية الآن مهددة بالانهيار، وبالتالي استمرار تدهور وضع العمال الفلسطينيين والاقتصاد الفلسطيني. ويشير التقرير إلى أنه خلال إجراء المحادثات، تكثف النشاط الاستيطاني الإسرائيلي، وزادت أعمال العنف المرتبطة بالمستوطنين، وبقيت الوعود بتحقيق تقدم اقتصادي حبراً على ورق.
لن يكون النمو وشيكاً في ظل الظروف الراهنة، كما يقول التقرير، وذلك بسبب انعدام فرص وصول الفلسطينيين إلى الموارد بما فيها الأرض والمياه. ومما يعقد الوضع، وجود عقبات رئيسية أمام حرية حركة السلع والخدمات واستثمارات القطاع الخاص
ويخلص التقرير إلى أنه: «إذا كان الاحتلال لا يستمر في إحكام قبضته فحسب، بل يتوسع في الواقع من خلال المستوطنات … فإن احتمالات قيام دولة فلسطينية ذات سيادة وسيطرة كاملة على النشاط الاقتصادي والعمالة والسياسة الاجتماعية وأبسط الحقوق الأساسية لمواطنيها ستكون معرضة للخطر على نحو جسيم».
عبد الحميد صيام