على ظهر البابا

حجم الخط
0

اذا كان يوجد شيء كريه الى الزعماء – كل الزعماء، من الهند الى اثيوبيا، ومن اليمين واليسار والمحافظين والاشتراكيين والمتدينين والعلمانيين – واذا كان يوجد شيء لا يحبونه كثيرا فهو المفاجآت، أعني تلك الاشياء غير المتوقعة التي تنجم في اثناء الجولات والزيارات واللقاءات.
واستطيع أن أقول من تجربتي الشخصية أن كل زيارة لشخصية مهمة يُخطط لها قبل ذلك باسابيع واشهر. وكل دقيقة وكل قول وكل كلمة بل كل طرفة عين – كل ذلك يُخطط له ويُحسب حسابه قبل ذلك. إن البابا فرنسيس شاذ بأنه اعتاد من آن لآخر أن يتجاوز البروتوكول الدقيق ويسخر من وراء ظهور منظمي الزيارات، لكن لهذه الاشياء الشاذة التي هي هامشية على نحو عام حدودا.
في زيارة البابا للشرق الاوسط تجاوز الطرفان المضيفان كل حد تقريبا، فقد تجاوز الفلسطينيون والاسرائيليون البرنامج الأصلي وأحدثا حرب حيل دعائية على ظهر زعيم الجمهور الكاثوليكي الذي يزيد عدده على مليار انسان في العالم كله. ومن المؤكد أن رجال الفاتيكان أصبحوا اليوم في روما يحللون ما حدث لرجلهم وكيف ستُقاس الزيارة الحساسة لمراكز الصراع في الشرق الاوسط. وإن كثيرين في العالم لا من الكاثوليك فقط، لا تُرضيهم الالعاب .
يمكن أن نقول من اجل العدل إن الفلسطينيين هزمونا في تجاوز قواعد اللعب وعدم الأدب. فاسرائيل تزعم أنه كان يمكن وقت الصلاة في بيت لحم بمشاركة فرنسيس أن تُشاهَد في الخلف صورة المسيح وعلى رأسه كوفية. إن الفلسطينيين أهانوا البابا المصلي لكن ذروة الذرى كانت بالطبع الصورة التي نشرت في كل أنحاء العالم وهي صورة فرنسيس واقفا قرب جدار الفصل الذي بُني لمنع العمليات الارهابية. يقول الفلسطينيون إنها كانت فكرة البابا نفسه أن يتجه الى السور ويلمسه، ولا يُجيز مصاحبوه ذلك ولا ينكرونه. ومهما يكن الامر فان الصورة التي نشرت أمس في أنحاء العالم خدمت الدعاية الفلسطينية.
يقيسون في مكتب رئيس الوزراء كما يبدو نجاحات بنيامين نتنياهو واخفاقاته بحسب الصور في التلفاز والصحف وهذا هو ما يهمهم في الأساس، ولهذا ثارت عندهم فكرة سامية تقول: هل عرض الفلسطينيون جدار الفصل على البابا؟ سنعرض اذا نصب ضحايا الارهاب. وأدرك فرنسيس فورا الحاجة الى «رد ملائم» ووافق على أن تلتقط له صورة بالقرب منه. وهكذا أُحرزت نتيجة تعادل في ظاهر الامر بين جهازي دعاية الطرفين. بيد أن النجاحات والاخفاقات في الميدان السياسي وفي العلاقات بالعالم لا تقاس للاسف الشديد بحسب كبر الصور في الصحف. فالعالم الذي يعطف على الفلسطينيين أشد حبا لصورة البابا قرب جدار الفصل الذي أصبح «الحائط الغربي» للفلسطينيين.
يمكن أن نقول بعد انقضاء الفعل أن الحفاظ على ضبط النفس كان أفضل. فهذا السلوك يُحدث انطباع ألعاب اولاد ولا يجوز لدولة اسرائيل أن تنجر وراء هذه الامور الشاذة. «لكن الفلسطينيين بدأوا»، قال أمس شخص في الحكومة ردا على سؤالنا. وهذه هي المسألة بالضبط، فنحن دائما نزعم أننا مختلفون وأفضل، فما الذي حدث في هذه المرة؟.

يديعوت 27/5/2014

ايتان هابر

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية