واشنطن ـ «القدس العربي»: حاول الرئيس الامريكي باراك اوباما الدفاع عن رؤيته للسياسة الخارجية الامريكية في خطاب شامل القاه في « ويست بوينت « ردا على الانتقادات المتزايدة ولكنه لم يتمكن من اخماد المقولة السائدة عند اعضاء الحزب الجمهوري بان « الامبراطور اوباما «، في اشارة الى كثرة قراراته الانفرادية، زعيم فاشل غير قادرة على قيادة العالم الحر بعد خمس سنوات ونصف من دخوله البيت الابيض .
وعزز خطاب اوباما الاخير بوجود نقص في القيادة مع رؤية باهتة للسياسة الخارجية، وفي كثير من الاحيان كانت عباراته دفاعية للغاية، ويعتقد الجمهوريون بان اوباما لم يفعل شيئا يذكر لتهدئة المخاوف المتزايدة و سوءا في الداخل او الخارج، بان القيادة الامريكية في تراجع على الساحة العالمية وهم يعتقدون بان اوباما استسلم على مايبدو لهاجس الصورة والتصور العام عن الولايات المتحدة بدلا من تقوية السياسة الخارجية والامنية للبلاد على المدى الطويل .
ويتهم المنتقدون اوباما بقصر النظر لانه قرر التخلى عن افغانستان في عام 2016 مما يضع « طالبان « على أهبة الاستعداد لاستعادة السلطة تما مثلما حدث في العراق عندما انسحبت القوات الامريكية في عام 2011 حيث ترفرف الان بعد عامين ونصف من مغادرة الجنود لبغداد اعلام تنظيم القاعدة في مدينة الفلوجة .
وفشل اوباما، مرة اخرى، في رسم خطوط عريضة لاستراتيجية متماسكة قادرة على مواجهة التحديات على الساحة الدولية، وتفاخر اوباما بطريقة تعامله مع الازمة الاوكرانية رغم تصاعد العدوان الروسي في اوروبا الشرقية مدعيا بان ادارته قد حشدت ائتلاف من الدول لادانة روسيا ولكنه لم يشر الى حقيقة ان القوات الروسية تحتل شبه جزيرة القرم، الان، وان هناك قوات اخرى للرئيس الروسي فلادمير بوتين على الحدود مع شرق اوكرانيا مستعدة للانقضاض، ولم يوضح اوباما استراتيجيته الطويلة المدى، اذا كان هنالك استراتيجية، للتعامل مع الدب الروسي ومتى ستتوقف سياسة التخبط .
واعلن اوباما في خطابه مبادرة شراكة جديدة مع الحلفاء في الشرق الاوسط ولكن هذه الخطوة تاتى بعد فوات الاوان حيث عزز الديكتاتور السوري بشار الاسد من قوته وطغيانه بعد 3 سنوات من الثورة وتمكن الجناح المتطرف من بسط سيطرته على حركة التمرد المتعثرة .
وتميز الخطاب بالقصر في السياسة وبطول الكلمات المتكلفة وعبارات تهنئة النفس ولم يقدم اوباما اي شئ لطمأنة حلفاء الولايات المتحدة في اوروبا واسيا والشرق الاوسط وعوضا عن تناول القضايا بعمق وجدية كان هناك شعور متزايد بان الخطاب مصاغ بطريقة صالحة للدغات « تويتر «
ويؤمن المنتقدون بان اوباما يقود الولايات المتحدة حاليا من الخلف بطريقة تؤكد انحدار « الامريكية « وعملية الانسحاب من العالم بدلا من تبنى مشروع جرئ واثق وحازم مثل سياسة رونالد ريغان الذي فهم على النقيض من اوباما أهمية بناء دفاعات امريكا والوقوف مع الاصدقاء والحلفاء .
ولكن اذا اتجهنا للطرف الاخر فان الانتقادات ستنقلب راسا على عقب بحيث نصل الى نتيجة متناقضة تقول بان اعضاء الحزب الجمهوري واليمين بشكل عام يعانون من فشل ذريع لان استراتيجيتهم قائمة فقط على ضغط زر « لا « على اى شئ يقوله اوباما .
ويقول المتعاطفون مع سياسة اوباما الخارجية ان مغامرة امريكا العسكرية في العراق أنشأت حفرة عملاقة داخل وجدان الجنود الجرحى كما انها كانت اكبر اهدار مالي في تاريخ الولايات المتحدة ورغم ذلك ما تزال مجموعة من الجمهورين تثرثر بعتب حول تقليص الفترة الزمنية لاطول حرب امريكية.
ولا يمر يوم لا ينتحب فيه جمهوري على تراجع سيادة امريكا في العالم بسبب اوباما مع كلمات رثاء تقول بان الولايات المتحدة اصبحت قوة عظمى سابقة مثل فرنسا ولكن الادلة على هذه الرؤية غير موجودة على ارض الواقع حيث لا توجد ظروف موضوعية تمنع وصف الولايات المتحدة بانها القوة العظمى الوحيدة في العالم.
ويوضح الموالون لسياسة اوباما الخارجية بما في ذلك سطور خطاب « الصورة الكاملة « الذي القاه اوباما في « ويست بوينت « ان الولايات المتحدة تبدو اليوم بعد سنوات من من انتخاب اوباما كأهم قوة عسكرية في العالم ورغم كل الحديث عن نهضة الصين الا ان واشنطن احاطت بكين بسلسلة من الحلفاء بحيث اصبحت قادرة على خلق حرب متعددة الجبهات في البر الرئيسي الصيني ناهيك عن امتلاك واشنطن لمنصات بحرية فائقة القدرة وغواصات قاتلة .
ووصف الجمهوريون الرئيس الروسي بوتين بانه زعيم قوي على النقيض من اوباما « الضعيف « وحذروا من عودة الامبراطورية السوفياتية الا ان مشروع بوتين المتهور لاحياء امجاد الماضي قد ادى في الحقيقة الى انخفاض قيمة العملة وتقلص النمو الاقتصادي كما تم نبذ موسكو عبر الكثير من العقوبات بحيث اصبحت رقعة اقتصادية هائلة محتلة بحالة من عدم اليقين .
وتمكن بوتين من ضم شبه جزيرة القرم ولكنه مواقفه ترنحت امام فرصة الاستيلاء على شرق اوكرانيا بعد ان نجح اوباما في جمع الاصول العسكرية الامريكية مع جميع أعضاء حلف الاطلسي ودول البلطيق على الحدود مع روسيا من البحر الاسود الى بحر البلطيق .
وقد يكون بوتين جرئيا الى حد كبير ولكنه ليس من الغباء بحيث يخاطر في حرب شاملة مع الولايات المتحدة وحلفائها، وفي الواقع، ادت تحركات بوتين الى ايقاظ الدول الاوروبية من خطأ سياسة نزع السلاح من طرف واحد والبدء في مناقشة زيادة النفقات العسكرية .
اما دول الشرق الاوسط التى تعاتب حاليا اوباما على سياسة الانكفاء فعليها الاقرار بان الولايات المتحدة حاولت، وفقا للمؤيدين لسياسة اوباما، الحفاظ على بعض مظاهر الاستقرار في المنطقة كما ضمن تواجدها العسكري المهيمن في الخليج العربي حرية تدفق النفط لاكثر من 60 عاما، اما في سوريا فان ازالة 90 في المئة من مخزون الاسلحة الكيمائية يعد نصرا كما ان واشنطن لديها اليوم اكثر من اى وقت مضى خيارات اكثر على الطاولة.
رائد صالحة