مقتل خاشقجي زلزال اهتز العالم كله بسببه وكشف الحقيقة يتيح للسعودية فرصة لتصحيح أخطائها

حسام عبد البصير
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: ما زالت روح جمال خاشقجي ومأساته تفرض نفسها على المصريين، لا فرق بين مثقف وعامي ما إن تطأ قدماك ناديا أو مصلحة حكومية إلا والدعاء للضحية حاضر على الألسنة، فيما اللعنات تجد طريقها بشجاعة نادرة، للعصابة التي خططت لقتله.

وأمس الخميس 25 أكتوبر/تشرين الأول كان المفكر حسن نافعة في كامل حضوره حينما أعلن «أعداء السعودية الحقيقيون هم من أمروا بتصفية خاشقجي، ومن قاموا بالتنفيذ داخل مبنى سعودي حكومي على أرض دولة أجنبية. أما أصدقاؤها الحقيقيون فهم من يصرون على كشف ومعاقبة المتورطين في تلك الجريمة البشعة». مضيفا: «كشف الحقيقة يتيح للسعودية فرصة لتصحيح أخطائها، أما التستر عليها فسيؤدي للتمادي فيها».
وربما كان سليمان الحكيم يقصد ولي العهد حينما صرخ أمس: «إنه الشخص الخطأ في الوقت الخطأ». الانطباع الواضح والبديهي الذي وصل جمال سلطان من تزلف محمد بن سلمان في كلمته لكل من أردوغان وقطر، «أنها نداءات استغاثة من شخص يغرق». أما سمير العركي فدافع عن أنقرة: «تركيا ليست على استعداد لخسارة رصيدها الأخلاقي، ولا مكانتها الإقليمية، والأيام المقبلة ستحمل في طياتها تطورات مهمة في ظل توالي الكشف عن أدلة جديدة». بدوره توقع أنور الهواري ما يلي: «سيندم.. كل من تسبب في إصابة إعلامنا بالسكتة الدماغية». أما أمين إسكندر فرّش مزيدا من الملح على جراح تنزف بغزارة: «سوف يظل السؤال اللغز معلقا وهائما يبحث عن إجابه عميقة، ما الذي حدث في هذا البلد؟ كيف وصل بنا الحال لهذه الدرجة من الضياع؟ كيف غرقنا في مستنقع التخلف والركود كيف وصلنا إلى هذا السجن الكبير الذي لا نجد فيه ما نقرأه ولا ما نشاهده ولا ما نسمعه ولا ما نعيشه؟».
ومن معارك أمس اشتعال الخلاف بين المحلل الرياضي الدكتور علاء صادق، ولاعب الزمالك ومنتخب مصر السابق أحمد حسام ميدو، الذي اتهمه علاء بأنه عميل للمخابرات المصرية. وقال صادق إن «دخول الذباب الإلكتروني بكثافة في صفحتي الآن، يؤكد أن ميدو عميل للمخابرات، ولجأ لهم». وأبرزت صحف القاهرة الصادرة أمس الخميس نشاط الرئيس عبدالفتاح السيسي أمس، بالإضافة إلى عدد من قضايا الشأن المحلي.. فتحت عنوان «الرئيس يشهد بيانا للرماية الصاروخية ويشيد بمستوى قوات الدفاع الجوي».

كلنا نعيش في جلبابه

البداية مؤلمة لكنه تمثل لحظة صدق يبوح بها يحيى حسين تلخص «المشهد» في بوابة «الشرق الإخبارية»: لا توجد في منطقتنا دُوَلٌ.. لا ممالك ولا جمهوريات، وإنما بنسلمانيات.. يُسلَخُ فيها الإنسان، وتُسلَخُ فيها الأرضُ.. وفقا لمشيئة حاكمٍ فرد، لا شريك له.. كلٌ منهم بن سلمان وإن تَسَّمَى بغير ذلك، فالجوهرُ واحدٌ والعِرقُ دساس. تُختزلُ في إرادته كل المؤسسات، هو الدستور والقانون والبرلمان، هو الخصم والحَكَم.. هو الدين والدنيا. يُحلل في الصباح ما حرَّمه في المساء، وحُكمه هو الشرع في الحالتين، ويحنث في المساء بما وعد به في الصباح. وليس أمامك إلا أن تُصَّدقه في الحالتين.. وهناك من يُسَّبِحُ بحمده في كل حال، إذا خطر بباله أن يَدُّكَ شعبا آمنا فلحكمةٍ لا يعلمها إلا هو.. وإن بعثر أموال بنسلمانيته في غير موضعها فلحكمةٍ أخرى لا يعلمها إلا هو، وإذا خالف المنطق وتحالف مع عدو الأمة الاستراتيجي فلحكمةٍ ثالثةٍ لا يعلمها أيضا إلا هو، فهو رأس الحكمة مهما بلغ حظه من التفاهة، وهو بحر العلم مهما بلغ حظه من الجهل وهو نموذج الشرف والطهارة مهما بلغ حظه من الفساد.. وهو أول التاريخ ومُنتهاه مهما كان قِدَمُ دولته وعُمق حضارتها. ليس في البنسلمانيات معارضة.. فكل بن سلمان هو ظِلُ الله في الأرض. وهل يُعارض اللّهَ إلا الشيطانُ؟ إذا عارضْتَه فقد أدنتَ نفسك بالكفر أو الخيانة، وهو الذي يحدد لك العقوبة المناسبة، فمزاجُه هو قانون العقوبات.. التقطيع بالمنشار، أو الإذابة في الحامض، أو الصعق بالكهرباء، أو التصفية كإرهابي، أو الحبس الانفرادي إلى ما لا نهاية، بل ليس في البنسلمانية قولٌ إلا ما ينطق به الحاكم. إذا قال إن البلد فقيرٌ فهو فقيرٌ، رغم ما تقول به الأرقامُ، وإلا فقد أسأتَ الأدبَ.. وليس لك أن تُسائله عن ذِمَّتِه ولا مِن أين له هذا، ألا تعرفُ أن (هذا) مِن فضل ربه؟».

نائم في العسل

وفقا لشهادة عبد الرحمن فهمي في «الوفد»: «فإنه في كل يوم لم يكن ينام عبدالناصر إلا بعد أن يتصل تليفونيا مع وزير التموين ليطمئن على مخزون القمح.. الاتصال نفسه كان لأنور السادات ثم حسني مبارك.. كان الخوف كل الخوف أن يكون هناك عجز في كمية القمح التي تغطي كل البلد، رغيف العيش هو غذاء كل الشعب، وهكذا تحولنا من «سلة قمح العالم» نصدر القمح لكل العالم، تحولنا إلى أكبر متسول قمح في العالم، وكان السبب هو ما سموه «الإصلاح الزراعي» وهو في الحقيقة «الإفساد الزراعي». تفتيت المزارع الكبيرة إلى قطع صغيرة خمسة أفدنة وتوزيعها على صغار الفلاحين أضاعت المحاصيل، الفلاح لم يصدق نفسه حينما أصبح صاحب ملك وله خمسة أفدنة. خلع الفلاح السروال والصديري ولبس البدلة والكرافتة وركب القطار لأول مرة في حياته، فرأى عالما غريبا ـ ورأى أيضا «جنسا بشريا» لم يره من قبل، قالوا له إنه الجنس اللطيف يعني أيه؟ السيدات والآنسات، أمال اللي عندنا أيه؟ وكان طبيعيا أن ينبهر بالراديو الذي أصبحت له صورة ويسمونه تلفزيون، اشتراه وأصبح يسهر طول الليل يشاهد ما لم يشاهده في حياته، ويسهر أيضا الأولاد ويتأخرون عن المدرسة.، وانخفض مستوى التعليم أيضا. هذه كانت بداية نكسة الغلاء الذي يعاني منه الشعب الآن، الإصلاح الزراعي أضاع الأراضي الزراعية التي تملكها الفلاحون الذين باعوا الأرض لشراء الكرافتة والتلفزيون ويتزوجون من الجنس اللطيف، وكانت هذه أول خطوة لضياع الأراضي، ثم أصبحت موضة اسمها البناء فوق الأراضي الزراعية التي انخفض ثمنها، وكانت الخطة الثانية القاتلة التي رفعت أسعار كل شيء، ليس نتاج الأرض فقط، بل ارتفعت أسعار اللحوم والأسماك والطيور وكل ما يأكله الشعب وهو ما تعاني منه كل البيوت الآن».

السودان في القلب

بمناسبة زيارة الرئيس السيسي للخرطوم احتفى محمد بركات في «الأخبار» بالعلاقات بين شعبي وادي النيل: «ما يربط مصر والسودان الشقيق، ليس مجرد علاقات طيبة تحتمها القواعد المتوافق عليها بين الجيران من الدول المتلاصقة جغرافيا، أو الدول المتشاركة في مياه نهر واحد، بل هناك ما هو أكبر من ذلك وأعمق. ولا مبالغة على الإطلاق في القول بأننا نؤمن بأن مصر والسودان بلد واحد وشعب واحد، ولسنا على الإطلاق شعبين لدولتين متجاورتين، هكذا كنا عبر التاريخ وعلى طول الزمن، وسنظل كذلك بإذن الله في المقبل من الزمان. من هنا يأتي الاقتناع الدائم والإيمان المستمر لدى شعبي وادي النيل، بأن ما بينهما أقوى وأشد صلابة مما يتخيله أو يظنه البعض من أصحاب القلوب المريضة والنوايا السيئة، ممن يسعون للتفريق بين الشعبين والدولتين. ومن هنا يأتي التأكيد على الأهمية البالغة للزيارة التي يقوم بها الرئيس السيسي للسودان الشقيق اليوم، ولقاءاته ومباحثاته المتوقعة مع أخيه الرئيس عمر البشير، التي تركز في أساسها وجوهرها على دعم وتقوية أواصر المحبة والتعاون المشترك والود القائم والدائم بين الأسرة المصرية السودانية الواحدة. ونحن نؤمن بأن اللقاء بين الرئيسين السيسي والبشير يأتي تأكيدا للرغبة الصادقة لدى القاهرة والخرطوم، على الانطلاق بالعلاقات الأخوية إلى آفاق أرحب وأقوى للتعاون المكثف والدائم في جميع المجالات، حتى تكون هذه العلاقات تعبيرا صادقا ومثالا جيدا للأخوة والمحبة القائمة بين أبناء الوطن الواحد في مصر والسودان».

في أحضان الفراعنة

أغضبت واقعة إقامة إحدى حفلات الزفاف في معبد الكرنك في الأقصر، الكثيرين من بينهم جلال عارف في «الأخبار»: «قالت وزارة الآثار إنها ستقدم بلاغا للشرطة والنيابة للتحقيق في ما وقع من تجاوزات، ولكن كان الغريب في الأمر أن من تم تكليفه بتقديم البلاغات للجهات الرسمية كان قد أعلن مسبقا أن كل شيء تم حسب اللائحة. وبالطبع لم نسمع شيئا بعد ذلك من الوزارة عما تم بشأن الواقعة. قبل أيام قرأت شهادة طريفة لخبير الآثار زاهي حواس الذي كتب في الزميلة «المصري اليوم» أنه زار الموقع وسأل وشاهد واستعلم، ثم قال إن الحكاية بسيطة، وإن الأمر كان خديعة من المأذون الذي فاجأ الجميع أثناء العشاء بأن وضع يد العريس على يد العروس وعقد القران، ولم يلاحظ مفتشو الآثار ذلك (يمكن بالطبع ترجمة ذلك الترجمة الصحيحة بأنهم كانوا مشغولين بغناء: وعملت روحي نايمة). في اليوم نفسه كانت الزميلة عبلة الرويني تذكرنا في مقالها اليومي «نهار» أنه تم في العام الماضي فقط سرقة 32 ألفا و638 قطعة أثرية من مخازن وزارة الآثار عندنا. وكانت الأخبار تتوارد عن حفل زفاف آخر في معبد فيلة في أسوان. والمشكلة – كما أظن – ليست فقط في العشوائية والفوضى والفساد الإداري، ولكن في أن البعض يتعامل مع الآثار على أنها ينبغي أن تكون مصدر ربح للوزارة، التي تتولى الإشراف عليها، وليست ثروة قومية وإنسانية – يجب الحفاظ عليها – ويجب أن يكون استثمارها على المستوى القومي ولمصلحة البلد كله. وبهذا المعنى.. تكون آثارنا العظيمة العامل الأول لجذب ملايين السياح، وتكون مصدر رزق لملايين المصريين، ومبعث حياة في مدن مثل أسوان والأقصر».

فضحهم حيا وميتا

من بين أكثر الكتاب ألما على رحيل خاشقجي جمال سلطان في «المصريون»: «لو أن أقصى خيال هيمن على تفكير شهيد الكلمة الراحل جمال خاشقجي، لما كان له أن يتصور أن يكون رحيله أشبه بالزلزال الذي يهتز العالم كله بسببه، ولا يجول بخاطره أن يكون اسمه وصورته هي المهيمنة على الصفحات الأولى لـ«الواشنطن بوست» و«النيويورك تايمز» ومعظم صحف العالم الكبرى، وشاشات الفضائيات في كبريات القنوات العالمية من أمريكا إلى استراليا، وعلى مدار أسابيع وليس ساعات، مثيرة لأوسع حملة شهدتها الصحافة في تاريخها عن حادثة مقتل صحافي، ناهيك عن أن يكون هذا الصحافي من العالم الثالث. بينما كان العالم كله يتحدث عن جمال خاشقجي، ويبحث عن مصيره، قبل اعتراف المملكة العربية السعودية بمقتله داخل قنصليتها في إسطنبول، كان القطاع الأوسع من المثقفين العرب والصحافيين العرب غارقين في ظلام الضمير، يبحثون عن مهرب من التعليق أو الكتابة، أو حتى السؤال، أو حتى الترحم على خاشقجي، كان مذهلا المشهد الصحافي والثقافي العربي، خاصة في المشرق، إذ تدير كل هذه الأصوات، ظهورهم لضمائرهم ويتجاهلون عمدا حتى ذكر اسم جمال خاشقجي، وهو ما اعتبر على نطاق واسع بأنه فضيحة أخلاقية وإنسانية يصعب أن تمحى في مدى قصير، بينما كان العالم كله يبحث عن جمال خاشقجي المختفي بعد دخوله للقنصلية السعودية في إسطنبول، كانت أقلام صحافيين ومثقفين عرب من مصر والشام ولبنان والأردن والخليج، مشغولة بالأحاديث الفخمة الضخمة عن المؤامرة الكونية على السعودية».

يرقص على السلم

«بلهجة دبلوماسية طالب العاهل السعودي بتقبل محاكمة المتهمين في إسطنبول؛ حيث جرت الجريمة، وهو يعرف أن طلبه، كما يؤكد عبد الله السناوي في «الشروق»، لن يجاب، وألمح إلى تحقيق دولي شفاف يدخل القضية في مسار آخر، وهذا سيناريو غير مستبعد بالنظر إلى حجم الضغوطات الدولية المتصاعدة، كأنه يذكر بما يحتفظ به من أوراق. بدرجة أخرى من البراغماتية، تشوبها عشوائية ظاهرة بدت الأزمة اختبارا قاسيا على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فتصريحاته وتدويناته تناقض بعضها. وصف خطاب أردوغان، الذي بدا مريحا إلى حد ما للسعودية، بأنه «كان قاسيا جدا عليها». بالجملة نفسها وصف المعالجة السعودية بأنها «أسوأ تستر على الإطلاق». اضطراب تصريحات ترامب، انعكاس لحجم الضغوطات الصحافية والإعلامية والسياسية عليه، خاصة من دوائر مؤيديه داخل الكونغرس الأمريكي، التي تدخل في أسبابها خشية خسارة انتخابات التجديد النصفي، التي اقتربت مواعيدها. ترامب كأردوغان لا تعنيه قضية حرية الصحافة، لكن الولايات المتحدة ليست تركيا. تحت ضغط الصحافة جرى بناء موقف إنساني لا يمكن تحديه. هكذا وجد ترامب نفسه أمام معضلة، فهو لا يريد أن يبدو كمن يتستر على جريمة تناثرت بشأنها تسريبات بشعة، كما لا يريد أن يخسر رهانه على استثمارات وصفقات سلاح مع السعودية تصل ـ كما صرح مرة بعد أخرى ـ (450) مليار دولار. أمام معضلته ارتبكت تصريحاته، لكن الخط العام احتفظ بقوامه الرئيسي وهو تطويق الأزمة عند مستوى لا تتجاوزه، يجيب على الأسئلة المعلقة بقدر ما هو ممكن، بدون أن يقلب قواعد اللعبة. تحاول السعودية أن تماشي أجواء الأسئلة، وأن تؤكد بصيغ متعددة تعهدها بمحاسبة المتورطين كائنا من كان».

يعرف ماذا يفعل

«حسب تعبير الكاتب الروسي نازاروف، الذي يستشهد به عمادالدين حسين في «الشروق»، فإن أردوغان لم يضغط على الزناد المصوب بعناية إلى ترامب وبن سلمان، لكنه يريد منهما أن يرتديا حزاما ناسفا ويضعا زر التفجير تحت يده مباشرة، حتى تكون كل أوراق اللعب في يده. هو يدرك كتاجر محنك ــ كما يقول المحلل الروسي ــ أن ذلك لن يحدث؛ ولذلك يريد أن يرفع سعر البضاعة قدر المستطاع، بعد أن عرضها على الزبائن بكل إمكانياتها، ومن كل زواياها. والسؤال الذي يطرحه نازاروف هو: ما هي الصفقة التي يريدها أردوغان وكم يبلغ ثمنها؟ الرئيس التركي لديه يقين بأن أوروبا حرمت بلاده من عضوية الاتحاد الأوروبي، وأنها تآمرت في محاولة الانقلاب ضده في منتصف يوليو/تموز 2015، وأن ترامب تعمد إهانته، وحاول ضرب اقتصاد بلاده قبل أسابيع، على خلفية اعتقال القس أندرو برانسون، في حين أن محمد بن سلمان يتزعم عملية عزل قطر ومواجهة جماعة الإخوان، وهما الجناحان الرئيسيان في محاولات التمدد التركي في المنطقة. انتهى هنا كلام نازاروف، وبالتالي وخلافا لكل التوقعات، فإن أكثر شخص استفاد من عملية مقتل خاشقجي هو الرئيس التركي ولا أحد غيره. الرجل وجد هدية من السماء تهبط عليه في وقت صعب جدا. هو يعلم كما يقول نازاروف أنه إذا كان الغرب قد حاصر روسيا على خلفية مزاعمه بأنها حاولت تسميم الجاسوس السابق سكريبال في بريطانيا، وأنه إذا كان مقتل صحافي يحصل على 9 من عشر درجات، بالمقاييس الغربية، فإن مقتل صحافي على يد دبلوماسيين وبالطريقة البشعة التي تمت بها يحصل على 15 من عشر درجات، بسبب أهمية الصحافة وحرية الرأي للغرب. من أجل كل ذلك وكما يقول نازاروف في مقال آخر بعنوان «أردوغان ولذة الانتقام» نشره مساء يوم 22 أكتوبر/تشرين الأول الحالي في المكان نفسه، فإن أردوغان لا يريد كما يعتقد الكثيرون المطالبة بنقود ودولارات سعودية فقط، للتغلب على أزمته الاقتصادية الطاحنة، هو يريد أكثر من ذلك بكثير».

عصا أردوغان تهتز

نبقى مع خطاب أردوغان الذي اهتم به عماد أديب في «الوطن»: «حاول رجب طيب أردوغان أن يقدم للعالم، أعظم مشاهده السياسية في مؤتمر الحزب الحاكم، تعقيبا على واقعة مقتل الزميل جمال خاشقجي، رحمه الله. والذي يعنيني هنا ليس كلام أردوغان في هذا الخطاب عن القضية أو التعليق على الحدث في حد ذاته، ولكن الذي استوقفني هو كيف عبَّر هذا الموقف عن التركيب النفسي والسلوك الإنساني وركائز الأسلوب السياسي، التي يدير بها أردوغان شؤونه وشؤون الحكم. أول الأمور أن الرجل دخل إلى قاعة المؤتمر تصاحبه عاصفة من التصفيق والهتاف من أنصاره وعلى وجهه ابتسامة عريضة رافعا يديه في الهواء، محييا الجماهير، وكل أدائه الحركى فيه شعور بالنشوة، وكأن لديه فائض قوة لا يعرف كيف يتصرف فيه. ثانيا: تأخّر أردوغان عن موعد إلقاء الخطاب 40 دقيقة، ما يؤكد التسريبات التي خرجت من أنقرة عن لقاء سبق الخطاب مع رئيسة جهاز الاستخبارات الأمريكية. ثالثا: استقطع الرجل أول عشر دقائق من الخطاب الذي ألقاه بالتركية والمنقول على الهواء في معظم القنوات العالمية، في الحديث عن الزيارات والمشروعات والأنشطة التي قام بها في الآونة الأخيرة، وهو ما يعكس فكره الأساسي وهو أنه «رجل بيزنس يمارس السياسة تحت مظلة مشروع إسلامي يسوِّقه للغرب الليبرالي». جاء الخطاب ذاته حول التحقيقات ليضعه في مأزق الاضطرار إلى دغدغة أطراف متعددة ذات مصالح متناقضة يسعى إلى الاحتفاظ بها، والتربح بها جميعا في آن. هذا الموقف أدى به إلى حد عدم إرضاء أي طرف بالكامل. في خطابه لم يقُم بالإدانة حتى النهاية للرياض أراد أردوغان ألا يمسك العصا من الوسط هذه المرة».

حرمة القنصلية

هل حصانة المقار القنصلية محدودة أم مطلقة؟ يجيب الدكتور أيمن سلامة في «المصري اليوم»، البعثة القنصلية تبعثها الدولة إلى دولة أخرى من أجل تسهيل أعمال وشؤون مواطنيها المقيمين في الدولة المضيفة، وتنمية كافة العلاقات التجارية والاقتصادية والثقافية وغيرها، وإصدار جوازات ووثائق السفر والتأشيرات والمستندات لرعايا الدولة الموفدة. وتتخذ البعثة مقرا في الدولة المضيفة من أجل القيام بهذه الوظائف الإدارية غير التمثيلية في طبيعتها، مقارنة بمهام البعثة الدبلوماسية للدولة. ولا تستمد مقار البعثات القنصلية حرمتها وحصانتها آليا من الاتفاقية المشار إليها، ولكن بعد إبرام اتفاقية ثنائية بهذا الخصوص بين الدولة الموفدة لهذه البعثة، والدولة الموفدة إليها البعثة القنصلية، فضلا عن التشريعات الوطنية للدولة المضيفة في ذلك الصدد، التي تعين نطاق الحصانات والامتيازات والإعفاءات التي تتمتع بها البعثة والموظفون القنصليون المعتمدون من الدولة المضيفة، وكل ما سبق يشير إلى ما أكدت عليه الاتفاقية المشار إليها من الالتزامات القانونية للبعثة القنصلية والقنصليين تجاه الدولة المضيفة. فالمادة 55 من اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لعام 1963 تنص: «على جميع المتمتعين بالامتيازات والحصانات القنصلية احترام قوانين الدولة المضيفة وأنظمتها، وعليهم كذلك عدم التدخل في شؤونها الداخلية». وتنص الفقرة الثانية: «لن تُستخدم دور البعثات بطريقة لا تتفق مع ممارسة الوظائف القنصلية». وعلى عكس الموظفين الدبلوماسيين الذين يتمتعون بحصانة قضائية كاملة بالنسبة لجميع أعمالهم الوظيفية والشخصية، ويستثنون بالتالي من تطبيق قوانين الإجراءات الوطنية في الدولة المضيفة، فإن الموظفين القنصليين يتمتعون- فقط – بحصانة قضائية محصورة بأعمالهم الوظيفية التي يخرج بالطبع عنها ارتكاب الجرائم داخل هذه المقار القنصلية. وهنا يكون للدولة المضيفة ومحاكمها الحق في تحديد طبيعة الأعمال المشكو منها ومدى تعلقها بالمهام الرسمية لهؤلاء، ويجوز لمحاكم الدولة المضيفة أن تطلب من القنصل العام للقنصلية إثبات الصفة العامة للفعل».

وداعا سوار

وجد الراحل سوار الذهب الكثيرين ممن نعوه من بينهم مي عزام في «المصري اليوم»: «أنعي إليكم وفاة زاهد في السلطة في زمن تتكالب الأغلبية عليها. أنعي إليكم وفاة من صدق وعده في زمن كثر فيه خونة العهود. أنعي إليكم وفاة المشير عبدالرحمن سوار الذهب. أفلام الجرائم الغامضة تجذب المشاهدين بأحداثها المتلاحقة السريعة، التي يتخللها العنف والإثارة وتترك للخيال العنان، على عكس أفلام السيرة الذاتية للعظماء؛ حيث تلتزم بالواقع الضيق مهما كان رحبا. السينما تعكس الواقع. ما يحدث على الشاشة حدث بالفعل مع الاختفاء الغامض للكاتب الصحافي السعودي جمال خاشقجي، إثر دخوله قنصلية بلاده في إسطنبول. مصيره ظل محل شائعات، حتى صدر بيان للنائب العام السعودي، الذي أكد مقتله على يد عدد من أبناء جلدته في مقر القنصلية، ولكنه لم يجِب عن مصير جثته، كان هناك خبر وفاة آخر، لم يهتمّ به الإعلام العربي الاهتمام المستحق، رغم عظمة المتوفى، وهو المشير عبدالرحمن سوار الذهب الذي وافته المنية في المستشفى العسكري في الرياض، ونقل بطائرة خاصة ليدفن في المدينة المنورة، بناء على وصيته. هذا الرجل نموذج نادر في عالمنا العربي، لم يتمسك بالسلطة، حين أتته طواعية، ولم يتراجع عن وعده بتسليمها لأول حكومة منتخبة بعد عام من رئاسته للمجلس العسكري، الذي حكم السودان بعد الانقلاب على الرئيس السوداني الأسبق جعفر نميري عام 1985. في تصريحات للمشير سوار الدهب قال، إن القرار الذي اتخذه عندما كان قائدا للجيش، بإقصاء الرئيس السوداني نميري، في الرابع من أبريل/نيسان 1985، توصل إليه بعد أن تأكد له كوزير للدفاع وقائد عام للقوات المسلحة، بأن نميري بات لا يملك شعبية، ولأجل حقن دم السودانيين».

كيد النساء

حمدي رزق قرر عبر «اليوم السابع» الانضمام لدعوة ضد المنقبات: «متضامن بالكلية وأبصم بالعشرة مع النائبة غادة عجمي، عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب في سعيها الحميد لإقامة تحالف برلماني للضغط على حكومة المهندس مصطفى مدبولي، لاتخاذ قرار بمنع العاملات من ارتداء النقاب في أماكن العمل الحكومية، والوزارات والإدارات الحكومية. عجمي لا تزيد ولا تزايد ولا تغالي، ومنطوقها سليم، ومقترحها رشيد، وذهبت إليه حكومة الجزائر أخيرا، يقينا أن الظروف الأمنية التي تمر بها مصر، تعجل بمثل هذه القرارات الجريئة، في ظل محاولات استهداف مؤسسات الدولة، وزياة معدلات الجريمة الجنائية والإرهابية من تحت النقاب، حيث أصبحت سلبيات النقاب لا تعد ولا تحصى مقارنة بأي إيجابيات. تطالب النائبة بشجاعة لافتة بإعادة تطبيق قرار الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة السابق، بشأن منع التدريس بالنقاب وخلع النقاب داخل المحاضرات، وعلى المدرجات والقاعات والمعامل، وتطالب بتطبيق هذا القرار على كل الجامعات الحكومية وأيضا الخاصة. «أسمعت لو ناديت حيا/ ولكن لا حياة لمن تنادي». أخشى أن النائبة الشجاعة تنفخ في رماد «ولو نار نفخت بها أضاءت/ ولكن أنت تنفخ في رماد». وللأسف غيرها ينفخ في زبادي، يؤثرون السلامة، ويتجنبون المواجهة، ويبتعدون بمسافة آمنة عن خط التماس مع النقاب، وشعارهم إبعد عن النقاب.. وغنيله».

حرية التعبير

«إهانة الرموز التاريخية»، مشروع قانون من المقرر أن يرى النور، وهو الأمر الذي أصاب علاء عريبي في «الوفد» بالدهشة: «البرلماني الذي تقدم بالقانون يشعر بالغيرة على الرموز التاريخية، ويتأذى نفسيّا عندما يقوم أحد المواطنين بذكرهم بالسوء، لهذا جلس وفكر في قطع لسان كل من يذكر رمزا من رموزه بالسوء، وانتهى به تفكيره إلى تقديم مشروع قانون يجرم من يسئ إليهم. بالطبع نحن لم نطلع على مشروع القانون، ولم نسمع عنه من قبل، ربما سمعنا لكننا لم نتوقف أمامه، ولم نتخذه على محمل الجد، لأنه اقترحه، والله أعلم، خلال تجاوز البعض في حق بعض الشخصيات التاريخية، وربما اعتقدنا أيامها ما يقوم به العضو بأنه حماسة وقتية، وبعد أيام سيهدأ. للإنصاف أقر بأنني لست مع التجاوز إلى حد الإهانة بوقاحة لأي شخص كان من الرموز أو من غيرها، وأتذكر أنني عندما استمعت إلى التجاوزات في حق بعض الشخصيات التاريخية والفقهية تأذيت نفسيّا، ووصفت هذا التجاوز بالوقاحة، وبررتها بمحاولة لفت الانتباه والظهور في دائرة الضوء بعد انحساره عن هذه الشخصيات لإفلاسهم. وأتذكر أيضا أن هذه الوقائع الوقحة والفجة طرحت أيامها بعض الأسئلة المهامة، وعلى وجه التحديد سؤالا كان من المفترض الإجابة عنه آنذاك، وبسبب إصرار معالي البرلماني على مشروع قانونه، وتمسكه بتجريم من يهين الرموز التاريخية، يجب أن نستدعى هذا السؤال ومناقشته: السؤال ببساطة شديدة جدا: كيف نواجه هذه الوقاحة؟ بصياغة أخرى: كيف نوقف هذه الوقاحات؟ هل بالزج بمن يتواقح على الغير إلى السجن؟ هل بمنعه من الظهور إعلاميا؟ هل بمعاقبة الإعلامي الذي يعطيه الفرصة للتواقح؟ للأسف القضية شائكة وحساسة لأنها تمس ما نسميه بحرية التعبير، البعض يرى ما يقال مجرد رأي، صحيح يتضمن وقاحة، لكنه في النهاية يصنف في خانة الرأي».

أوهام مبارك

من معارك أمس الخميس، الهجوم على مبارك على يد أحمد عبد التواب في «الأهرام»: «باع نظام مبارك الأوهام عامدا متعمدا، عارفا بزيف خطابه السياسي وبكذب دعايته، التي كان أول مهامها تجميل صورة النظام والعائلة الحاكمة في الخارج. أما في الداخل فكان أهم ما تستهدفه إيهام الرأي العام بأن الأمور رائعة وأن المقبل أروع. ومن الشواهد المتعددة، التي ينبغي للمصلحة العامة، أن يُناط بدراستها باحثون جادون ملتزمون بالمنهج العلمي، بدون انحيازات سياسية. إن خبراء النظام كانوا يتحدثون عن خطط استراتيجية لجذب الاستثمار، خاصة الخارجي، ويزعمون أن مؤشرات النجاح مؤكدة، وأنها تُبشِّر بتكالب أكبر المستثمرين في العالم ومعهم مئات المليارات التي سيغرق المصريون في نعيمها، إلخ. والغريب أن هؤلاء الخبراء كانوا يعلمون عن يقين أكثر من غيرهم، استحالة أن يتحقق حتى القليل مما يُقال، لأن الأسس الأولى لجذب الاستثمار لم تكن متوافرة، بل على العكس، فإن المخاطر التي يخشاها المستثمرون تفشت إلى أقصى حد مثلا، فإن القوانين الخاصة بالاستثمار كانت ترتاب في المستثمر، فإذا أثبت براءته والتزم بالمطلوب وحصل على التراخيص، فكان يصطدم بندرة العمالة الماهرة، وبعجز الكهرباء والبنزين والسولار وأدوات الاتصال الحديثة عن الوفاء بما يلزم لتدوير مشروعه، ولم تكن هناك طرق وسكك حديدية وموانئ لنقل منتجاته إلى السوق المحلية وإلى الخارج. أما النظام المصرفي، وبفرض النجاح في جذب أموال المستثمرين، فإن قنواته المتاحة والإجراءات المفروضة لا تسمح له بالعمل الكفء الضروري لاستقبال الأموال الضخمة وتسهيل احتياجات أصحابها، وتحقيق أرباح للبنوك، إضافة إلى ازدواج سعر العملة. كما لم يكن هناك نظام ضريبي رشيد يضمن حقوق الدولة ويوفِّر حوافز استمرار الاستثمار وتوسعة مشروعاته العاملة، وجذب المستثمرين المحتملين».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية